حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (١٤)﴾

روي عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه - وهم في بيت اثنا عشر رجلا - من عين في البيت ورأسه يقطر ماء؛ قال: فقال: إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي؛ قال: ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ قال: فقام شاب من أحدثهم سنا، قال: فقال أنا، فقال له: اجلس؛ ثم أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال: أنا؛ قال: نعم أنت ذاك؛ فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء؛ قال: وجاء الطلب من اليهود، وأخذوا شبهه. فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به، فتفرقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: كان الله فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء، وهؤلاء اليعقوبية.
وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الله، ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية.
وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا ﷺ. ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ﴾ من بني إسرائيل، ﴿وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، في إظهار محمد على دينهم دين الكفار، فأصبحوا ظاهرين.

حسن: رواه النسائي في الكبرى (١١٥٢٧) وابن جرير في تفسيره (٢٢/ ٦٢٣، ٦٢٢) والمقدسي في المختارة (٤٠٢) كلهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبحر، عن ابن عباس، قال: فذكره.

روي عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه - وهم في بيت اثنا عشر رجلا - من عين في البيت ورأسه يقطر ماء؛ قال: فقال: إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي؛ قال: ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ قال: فقام شاب من أحدثهم سنا، قال: فقال أنا، فقال له: اجلس؛ ثم أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال: أنا؛ قال: نعم أنت ذاك؛ فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء؛ قال: وجاء الطلب من اليهود، وأخذوا شبهه. فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به، فتفرقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: كان الله فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء، وهؤلاء اليعقوبية.
وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الله، ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية.
وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا ﷺ. ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ﴾ من بني إسرائيل، ﴿وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، في إظهار محمد على دينهم دين الكفار، فأصبحوا ظاهرين.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الحديث الذي أوردته - أيها السائل الكريم - هو حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وابن أبي حاتم في تفسيره، وغيرهم من أئمة الحديث، وهو حديث صحيح الإسناد كما صححه عدد من أهل العلم، وفيه قصة رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء، وتفصيل لما حدث مع أصحابه بعده.
وسأشرحه لك جزءًا جزءًا، مع بيان المفردات والدروس المستفادة، مستندًا إلى كلام أهل العلم والتفسير المعتمدين.

أولًا:

شرح المفردات:
● يرفع عيسى إلى السماء: أي يقبض روحه وبدنه ويصعد به إلى السماء من غير موت.
● روزنة: كوة أو نافذة في السقف أو الجدار.
● يلقى عليه شبهي: أي يصير شكله وشبهه كشكل عيسى تمامًا.
● درجتي: منزلتي ومكانتي في الجنة.
● اليعقوبية: فرقة من النصارى تنسب إلى يعقوب البرادعي.
● النسطورية: فرقة من النصارى تنسب إلى نسطور.
● طامسًا: خافيًا ومستترًا.
● فأيدنا الذين آمنوا: أي قويناهم ونصرناهم.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا الحديث أن الله تعالى قد أراد أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السماء، فجاء إلى أصحابه وهم اثنا عشر رجلًا مجتمعين في بيت، وكان رأسه يقطر ماءً كأنه قد اغتسل، فنبأهم بأن واحدًا منهم سيكفر به بعد إيمانه به اثنتي عشرة مرة، ثم سألهم: من منكم يرضى أن يلقي الله عليه شبهي فيقتل بدلي، ويكون معي في درجتي في الجنة؟ فقام شاب هو أحدثهم سنًا، فأمره عيسى بالجلوس، ثم أعاد السؤال، فقام نفس الشاب مرة أخرى، فقبله عيسى، وألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة البيت إلى السماء.
ثم جاء اليهود يطلبون عيسى، فأخذوا هذا الشاب الذي أشبه عيسى، فقتلوه وصلبوه، وحصل ما حذر منه عيسى من كفر بعضهم به اثنتي عشرة مرة، وتفرقوا إلى ثلاث فرق:
- فرقة قالت: عيسى كان الله فينا ثم صعد إلى السماء (وهذه فرقة اليعقوبية).
- وفرقة قالت: كان ابن الله فينا ثم رفعه الله (وهذه فرقة النسطورية).
- وفرقة قالت: كان عبد الله ورسوله فينا ثم رفعه الله (وهذه الفرقة المسلمة).
فتحالفت الفرقتان الكافرتان (اليعقوبية والنسطورية) على الفرقة المسلمة فقتلوها، فضعف أمر الإسلام واختفى حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فآمنت طائفة من بني إسرائيل (وهم أتباع عيسى الحقون) وكفرت طائفة، فنصر الله الذين آمنوا وأظهروا دينهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام: فهو عبد الله ورسوله، لم يقتل ولم يصلب، بل رفعه الله إليه، وهذا ما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157].
2- فضل التضحية في سبيل الله: فالشاب الذي تطوع ليكون بديلًا عن عيسى ضحى بنفسه لأجل نبي الله، فاستحق الدرجة العالية معه في الجنة.
3- الصدق والإيمان: كان هذا الشاب صادقًا في إيمانه، فلم يتردد حين طُلب منه التضحية.
4- الفرق الضالة وتحريف العقيدة: ظهرت فرق ضالة حرفت عقيدة التوحيد، وزعمت أن عيسى إله أو ابن إله، وكفرت بالله.
5- نصرة الله لأهل الحق:رغم أن الفرقة المسلمة قُتلت، إلا أن الله أيدها ونصرها في النهاية ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
6- البشارة بالنبي محمد: في الحديث إشارة إلى أن الإسلام الذي كان طامسًا ظهر وانتشر بمبعث النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث موافق لما جاء في القرآن الكريم من أن الله رفع عيسى إليه، وأن اليهود لم يقتلوه.
- الروايات التاريخية تذكر أن اسم الشاب الذي شبه بعيسى هو "سرجس" أو "تيتيانوس"، والله أعلم.
- الفرقتان اليعقوبية والنسطورية من فرق النصارى الضالة التي حرفت دين المسيح، وأما الفرقة المسلمة فهي التي بقيت على التوحيد.
- قوله تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 14] تحققت بنصرة المسلمين وانتشار دين الإسلام.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي في الكبرى (١١٥٢٧) وابن جرير في تفسيره (٢٢/ ٦٢٣، ٦٢٢) والمقدسي في المختارة (٤٠٢) كلهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبحر، عن ابن عباس، قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل المنهال بن عمرو فإنه حسن الحديث.
ولكن حسب الرواية المشهورة عند أهل الكتاب أن الجنود الروم هم الذين كانوا يبحثون عن عيسى عليه السلام، وهم الذين جاؤوا للقبض عليه، وليس اليهود كما جاء في هذه الرواية، وأن يهوذا الإسخريوطي الذي شبه عليه كان قد تواطأ مع جنود الروم، وكان خائنا، وليس كما جاء في هذه الرواية، وقد بينت ذلك في كتابي: «دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند» وجاء فيه:
لم يرض اليهود بدعوة المسيح، فأغروا عليه الحاكم الروماني واتهموه بأنه يريد أن يرث ملك داود حتى صدر المرسوم الإمبراطوري للقبض عليه وإعدامه، فبدأ الجنود الروم يبحثون عنه، حتى تمكنوا من الوصول إليه، ولكن الله ألقى شبهه على يهوذا الإسخريوطي الذي تقول الأناجيل إنه هو
الذي دسَّ عليه».
وإليكم ما جاء في إنجيل برنابا في هذا الصدد:
«ولما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع، سمع يسوع دنو الجمهور الغفير، فلذلك انسحب إلى البيت خائفا، وكان الأحد عشر نياما، فلما رأى الله الخطر على عبده، أمر جبريل وميخائيل وروفائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم، فجاء الملائكة الأطهار، وأخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب، فحملوه ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح الله إلى الأبد. ودخل يهوذا بعنف إلي الغرفة التي أصعد منها يسوع، وكان التلاميذ كلهم نياما، فأتى الله العجيب بأمر عجيب، فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه، فصار شبها بيسوع، حتى إننا اعتقدنا أنه يسوع.
أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم، لذلك تعجبنا وأجبنا: أنت يا سيد هو معلمنا، أنسيتنا الآن؟، أما هو فقال متبسما: هل أنتم أغبياء حتى لا تعرفوا يهوذا الإسخريوطي. وبينما كان يقول هذا، دخلت الجنود، وألقوا أيديهم على يهوذا الإسخريوطي، لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه». الفصل الخامس عشر بعد المائتين، والسادس عشر بعد المائتين.
وفي الأناجيل المزعومة إشارة إلى إلقاء شبه عيسى على شخص آخر، فإن الجميع قالوا: «هل هو أم لا؟ فقال لهم يسوع: كلكم تشكون في هذه الليلة».
هكذا تجلت قدرة الله، وامتدت يد العناية إلى رسول الله، فأخفاه ربه عن أعين الناظرين، ووقع يهوذا الخائن بأيديهم، فتملكته الدهشة، فلم يستطع الدفاع عن نفسه، والإعلان عن حقيقة أمره، فاستاقوه إلى ساحة القتل، بين الصخب والضجيج، والفرح والتهليل، ومكروا، ومكر الله، والله خير الماكرين، فصلبوه بعد أن جلدوه، وهم يظنون أنهم صلبوا المسيح ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٥٧، ١٥٨].

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1681 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.

  • 📜 حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب