حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (١٤)﴾
وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الله، ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية.
وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا ﷺ. ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ﴾ من بني إسرائيل، ﴿وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، في إظهار محمد على دينهم دين الكفار، فأصبحوا ظاهرين.
حسن: رواه النسائي في الكبرى (١١٥٢٧) وابن جرير في تفسيره (٢٢/ ٦٢٣، ٦٢٢) والمقدسي في المختارة (٤٠٢) كلهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبحر، عن ابن عباس، قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فإن الحديث الذي أوردته - أيها السائل الكريم - هو حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وابن أبي حاتم في تفسيره، وغيرهم من أئمة الحديث، وهو حديث صحيح الإسناد كما صححه عدد من أهل العلم، وفيه قصة رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء، وتفصيل لما حدث مع أصحابه بعده.
وسأشرحه لك جزءًا جزءًا، مع بيان المفردات والدروس المستفادة، مستندًا إلى كلام أهل العلم والتفسير المعتمدين.
أولًا:
شرح المفردات:● يرفع عيسى إلى السماء: أي يقبض روحه وبدنه ويصعد به إلى السماء من غير موت.
● روزنة: كوة أو نافذة في السقف أو الجدار.
● يلقى عليه شبهي: أي يصير شكله وشبهه كشكل عيسى تمامًا.
● درجتي: منزلتي ومكانتي في الجنة.
● اليعقوبية: فرقة من النصارى تنسب إلى يعقوب البرادعي.
● النسطورية: فرقة من النصارى تنسب إلى نسطور.
● طامسًا: خافيًا ومستترًا.
● فأيدنا الذين آمنوا: أي قويناهم ونصرناهم.
ثانيًا. شرح الحديث:
يخبرنا الحديث أن الله تعالى قد أراد أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السماء، فجاء إلى أصحابه وهم اثنا عشر رجلًا مجتمعين في بيت، وكان رأسه يقطر ماءً كأنه قد اغتسل، فنبأهم بأن واحدًا منهم سيكفر به بعد إيمانه به اثنتي عشرة مرة، ثم سألهم: من منكم يرضى أن يلقي الله عليه شبهي فيقتل بدلي، ويكون معي في درجتي في الجنة؟ فقام شاب هو أحدثهم سنًا، فأمره عيسى بالجلوس، ثم أعاد السؤال، فقام نفس الشاب مرة أخرى، فقبله عيسى، وألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة البيت إلى السماء.
ثم جاء اليهود يطلبون عيسى، فأخذوا هذا الشاب الذي أشبه عيسى، فقتلوه وصلبوه، وحصل ما حذر منه عيسى من كفر بعضهم به اثنتي عشرة مرة، وتفرقوا إلى ثلاث فرق:
- فرقة قالت: عيسى كان الله فينا ثم صعد إلى السماء (وهذه فرقة اليعقوبية).
- وفرقة قالت: كان ابن الله فينا ثم رفعه الله (وهذه فرقة النسطورية).
- وفرقة قالت: كان عبد الله ورسوله فينا ثم رفعه الله (وهذه الفرقة المسلمة).
فتحالفت الفرقتان الكافرتان (اليعقوبية والنسطورية) على الفرقة المسلمة فقتلوها، فضعف أمر الإسلام واختفى حتى بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فآمنت طائفة من بني إسرائيل (وهم أتباع عيسى الحقون) وكفرت طائفة، فنصر الله الذين آمنوا وأظهروا دينهم.
ثالثًا. الدروس المستفادة:
1- عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام: فهو عبد الله ورسوله، لم يقتل ولم يصلب، بل رفعه الله إليه، وهذا ما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157].
2- فضل التضحية في سبيل الله: فالشاب الذي تطوع ليكون بديلًا عن عيسى ضحى بنفسه لأجل نبي الله، فاستحق الدرجة العالية معه في الجنة.
3- الصدق والإيمان: كان هذا الشاب صادقًا في إيمانه، فلم يتردد حين طُلب منه التضحية.
4- الفرق الضالة وتحريف العقيدة: ظهرت فرق ضالة حرفت عقيدة التوحيد، وزعمت أن عيسى إله أو ابن إله، وكفرت بالله.
5- نصرة الله لأهل الحق:رغم أن الفرقة المسلمة قُتلت، إلا أن الله أيدها ونصرها في النهاية ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
6- البشارة بالنبي محمد: في الحديث إشارة إلى أن الإسلام الذي كان طامسًا ظهر وانتشر بمبعث النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث موافق لما جاء في القرآن الكريم من أن الله رفع عيسى إليه، وأن اليهود لم يقتلوه.
- الروايات التاريخية تذكر أن اسم الشاب الذي شبه بعيسى هو "سرجس" أو "تيتيانوس"، والله أعلم.
- الفرقتان اليعقوبية والنسطورية من فرق النصارى الضالة التي حرفت دين المسيح، وأما الفرقة المسلمة فهي التي بقيت على التوحيد.
- قوله تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 14] تحققت بنصرة المسلمين وانتشار دين الإسلام.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل المنهال بن عمرو فإنه حسن الحديث.
ولكن حسب الرواية المشهورة عند أهل الكتاب أن الجنود الروم هم الذين كانوا يبحثون عن عيسى عليه السلام، وهم الذين جاؤوا للقبض عليه، وليس اليهود كما جاء في هذه الرواية، وأن يهوذا الإسخريوطي الذي شبه عليه كان قد تواطأ مع جنود الروم، وكان خائنا، وليس كما جاء في هذه الرواية، وقد بينت ذلك في كتابي: «دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند» وجاء فيه:
لم يرض اليهود بدعوة المسيح، فأغروا عليه الحاكم الروماني واتهموه بأنه يريد أن يرث ملك داود حتى صدر المرسوم الإمبراطوري للقبض عليه وإعدامه، فبدأ الجنود الروم يبحثون عنه، حتى تمكنوا من الوصول إليه، ولكن الله ألقى شبهه على يهوذا الإسخريوطي الذي تقول الأناجيل إنه هو
الذي دسَّ عليه».
وإليكم ما جاء في إنجيل برنابا في هذا الصدد:
«ولما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع، سمع يسوع دنو الجمهور الغفير، فلذلك انسحب إلى البيت خائفا، وكان الأحد عشر نياما، فلما رأى الله الخطر على عبده، أمر جبريل وميخائيل وروفائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم، فجاء الملائكة الأطهار، وأخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب، فحملوه ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح الله إلى الأبد. ودخل يهوذا بعنف إلي الغرفة التي أصعد منها يسوع، وكان التلاميذ كلهم نياما، فأتى الله العجيب بأمر عجيب، فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه، فصار شبها بيسوع، حتى إننا اعتقدنا أنه يسوع.
أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم، لذلك تعجبنا وأجبنا: أنت يا سيد هو معلمنا، أنسيتنا الآن؟، أما هو فقال متبسما: هل أنتم أغبياء حتى لا تعرفوا يهوذا الإسخريوطي. وبينما كان يقول هذا، دخلت الجنود، وألقوا أيديهم على يهوذا الإسخريوطي، لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه». الفصل الخامس عشر بعد المائتين، والسادس عشر بعد المائتين.
وفي الأناجيل المزعومة إشارة إلى إلقاء شبه عيسى على شخص آخر، فإن الجميع قالوا: «هل هو أم لا؟ فقال لهم يسوع: كلكم تشكون في هذه الليلة».
هكذا تجلت قدرة الله، وامتدت يد العناية إلى رسول الله، فأخفاه ربه عن أعين الناظرين، ووقع يهوذا الخائن بأيديهم، فتملكته الدهشة، فلم يستطع الدفاع عن نفسه، والإعلان عن حقيقة أمره، فاستاقوه إلى ساحة القتل، بين الصخب والضجيج، والفرح والتهليل، ومكروا، ومكر الله، والله خير الماكرين، فصلبوه بعد أن جلدوه، وهم يظنون أنهم صلبوا المسيح ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٥٧، ١٥٨].
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1681 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1656 بعث النبي ﷺ عليا والزبير والمقداد لأخذ كتاب من ظعينة
- 1657 من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه
- 1658 النبي ﷺ ينادي قريش على الصفا: إني نذير لكم بين...
- 1659 لقاء إبراهيم أباه آزر يوم القيامة
- 1660 إن أبي وأباك في النار
- 1661 آصلها؟ قال: نعم
- 1662 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما...
- 1663 المؤمنات يبايعن النبي ولا تمس يده يد امرأة
- 1664 صلاة العيد قبل الخطبة ثم يخطب بعدها
- 1665 بايعنا النبي ﷺ فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا
- 1666 أخذ علينا النبي عند البيعة أن لا ننوح فما وفت...
- 1667 من أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له
- 1668 بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا...
- 1669 البيعة على ترك الكبائر والوفاء بالعهد
- 1670 عن ابن عباس في قوله تعالى: ولا يعصينك في معروف
- 1671 أي الأعمال أحب إلى الله
- 1672 إذا حدَّث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا وعد أخلف
- 1673 إذا اؤتمن خان
- 1674 ثلاثة يضحك الله إليهم
- 1675 ثلاثة يحبهم الله: رجل أعطى سرا لا يعلم بعطيته إلا...
- 1676 آثر النبي أناسًا في القسمة يوم حنين
- 1677 دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى
- 1678 النجاشي يقول: أشهد أنه رسول الله
- 1679 أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي...
- 1680 أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة
- 1681 رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
- 1682 قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة
- 1683 قرأ أبو هريرة سورتين يوم الجمعة سمعها من النبي.
- 1684 ما كان يقرأ رسول الله يوم الجمعة سوى سورة الجمعة؟
- 1685 وضع النبي ﷺ يده على سلمان
- 1686 رجل من فارس يذهب بالدين لو كان عند الثريا
- 1687 يدخلون الجنة بغير حساب
- 1688 لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا
- 1689 نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من...
- 1690 فضل يوم الجمعة وفضائله العظيمة
- 1691 وجوب الاغتسال لصلاة الجمعة
- 1692 المسلم يتطهر ويمشي إلى المسجد وينصت حتى يقضي الإمام صلاته
- 1693 إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون
- 1694 إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة
- 1695 يوم الجمعة انفض الناس إلى التجارة وتركوا النبي قائما
- 1696 كعب بن عجرة يعاتب من يخطب قاعدا ويستشهد بآية من...
- 1697 لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
- 1698 كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار
- 1699 ابن آدم يقول: أتصدق وأنى أوان الصدقة؟
- 1700 الحسن والحسين يمشيان ويعثران فنزل النبي من المنبر
- 1701 هل لك من ولد
- 1702 ثمرة القلوب وقرة العين
- 1703 ينزل الله في السماء الدنيا لشطر الليل
- 1704 ليطلقها طاهرا قبل أن يمسها
- 1705 طلاق المرأة الحائض وأمر النبي بردها
معلومات عن حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
📜 حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رفع عيسى إلى السماء وإلقاء شبهه على شاب.
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








