حديث: صم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب إن لزورك عليك حقا

عن عبد الله بن عمرو، قال: دخل علي رسول الله ﷺ فقال: «ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار» قلت: بلى، قال: «فلا تفعل، قم ونم، وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإنك عسى أن يطول بك عمر، وإن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن بكل حسنة عشر أمثالها، فذلك الدهر كله» قال: فشددت فشدد علي، فقلت: فإني أطيق غير ذلك، قال: «فصم من كل جمعة ثلاثة أيام» قال: فشددت فشدد علي، قلت: أطيق غير ذلك، قال: «فصم صوم نبي الله داود» قلت: وما صوم نبي الله داود؟ قال: «نصف الدهر».

متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (٦١٣٤) عن إسحاق بن منصور، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا حسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، قال: فذكره.

عن عبد الله بن عمرو، قال: دخل علي رسول الله ﷺ فقال: «ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار» قلت: بلى، قال: «فلا تفعل، قم ونم، وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإنك عسى أن يطول بك عمر، وإن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن بكل حسنة عشر أمثالها، فذلك الدهر كله» قال: فشددت فشدد علي، فقلت: فإني أطيق غير ذلك، قال: «فصم من كل جمعة ثلاثة أيام» قال: فشددت فشدد علي، قلت: أطيق غير ذلك، قال: «فصم صوم نبي الله داود» قلت: وما صوم نبي الله داود؟ قال: «نصف الدهر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث العظيم الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهو من الأحاديث الصحيحة التي رواها الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، يحمل كنوزاً من الحكمة والتوجيه النبوي الرشيد في باب العبادة والتوازن في الحياة.

أولاً. شرح المفردات:


● "دخل علي رسول الله ﷺ": أي دخل النبي ﷺ على عبد الله بن عمرو في بيته.
● "ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار": استفهام تقريري، أي: بلغني أنك تواظب على قيام الليل كله وصيام النهار كله.
● "فلا تفعل": نهي رحيم عن المبالغة في العبادة.
● "قم ونم": اعمل وارتح، توازن بين العبادة والراحة.
● "صم وأفطر": صم بعض الأيام وأفطر في أخرى.
● "فإن لجسدك عليك حقا": فجسدك له حق الراحة والطعام والشراب.
● "وإن لعينك عليك حقا": عينك لها حق النوم والراحة من السهر.
● "وإن لزورك عليك حقا": "الزور" هم الأهل والأقارب والضيوف، لهم حق الزيارة والتواصل.
● "وإن لزوجك عليك حقا": زوجتك لها حق المعاشرة والصحبة.
● "وإنك عسى أن يطول بك عمر": قد تعيش طويلاً، فاحرص على عبادة تستطيع المداومة عليها.
● "وإن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام": يكفيك ويحسب لك أجراً عظيماً صوم ثلاثة أيام في الشهر.
● "فذلك الدهر كله": لأن الحسنة بعشر أمثالها، فصوم 3 أيام = 30 يوماً (أجراً)، أي كصوم الشهر كله.
● "فشددت فشدد علي": كلما طلبت زيادة في العبادة، زاد النبي ﷺ في التخفيف والتيسير.
● "صم صوم نبي الله داود": وهو أفضل الصوم بعد الفريضة.
● "نصف الدهر": كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، فكأنه صام نصف عمره.

ثانياً. شرح الحديث:


يصور لنا هذا الحديث المشهد النبوي الرائع، حيث يزور النبي ﷺ تلميذه المجتهد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، الذي كان شاباً قوياً نشيطاً، فأراد أن يجتهد في العبادة فصار يقيم الليل كله ويصوم النهار كله.
فجاءه النبي ﷺ ناصحاً ومرشداً، لا ليمنعه من العبادة، ولكن ليرشده إلى الطريقة المثلى للعبادة التي ترضي الله ولا تُتعب العبد، وتُصلح القلب ولا تُهلك الجسد.
فبدأ النبي ﷺ بنهيه عن هذا المنهج الشاق، وأمره بالتوازن بين العبادة وحقوق البدن والنفس والأهل، ثم بين له أن الصوم المطلوب ليس الإفراط فيه، بل المداومة على قدر يستطيعه الإنسان دون مشقة.
ولما رأى منه حرصاً على الزيادة، خيره بين عدة options، من الأسهل إلى الأفضل، انتهاءً بصوم داود عليه السلام وهو صوم الدهر (يوماً صوماً ويوماً فطراً)، وهو أفضل الصيام بعد صوم رمضان.

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:


1- التوازن في العبادة: الإسلام دين الوسطية، يرفض الغلو والتطرف حتى في العبادة.
2- مراعاة حقوق الخلق: للجسد حق، وللأهل حق، وللزوجة حق، فلا تُضيع حقاً بحجة إقامة حق.
3- أهمية النية والمداومة: العبادة القليلة الدائمة خير من العبادة الكثير المنقطعة.
4- الحكمة في التربية: النبي ﷺ لم ينهه عن العبادة جملة، بل ناقشه ورشده واختار له الأنسب.
5- التيسير ورفع الحرج: الإسلام يسر لا عسر، وهذا من رحمة الله بعباده.
6- فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر: وهي الأيام البيض (13، 14، 15) أو الاثنين والخميس، وأجرها عظيم.
7- فضل صوم داود: وهو صوم يوم وإفطار يوم، وهو أفضل التطوع في الصيام.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في باب القصد في العبادة واجتناب التنطع.
- يستحب صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وقد كان النبي ﷺ يفعلها.
- صوم يوم وإفطار يوم يسمى صوم داود، وهو من أفضل الصيام.
- ينبغي للمسلم أن يوازن بين العبادات، فلا يفرط في نوع على حساب آخر.
- من حكمة الله أن جعل العبادة على مراحل، ففرضها ثم ندب إليها، ليكون العبد في عبادة دائمة.
أسأل الله أن يجعلنا من المقبولين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأدب (٦١٣٤) عن إسحاق بن منصور، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا حسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، قال: فذكره.
وروا مسلم في الصيام (١١٥٩: ١٨٣) عن زهير بن حرب، حدثنا روح بن عبادة به إلا أنه لم يذكر لفظه كاملا، بل ذكر ما يفترق فيه عن اللفظ المذكور قبله ومما قال: ولم يقل «إن لزورك عليك حقا» ولكن قال: «وإن لولدك عليك حقا».
وأكثر مسلم من ذكر طرقه وألفاظه، وكثير منها مذكور في كتاب الصيام.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 547 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا

  • 📜 حديث: صم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صم وأفطر فإن لجسدك عليك حقا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب