حديث: لا تَحْسِبَنَّ أنا إنما ذبحناها لك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن التكلف للضيف

عن لقيط بن صبرة قال أتيت النبي ﷺ فذبح لنا شاة وقال: لا تَحْسِبَنَّ - ولم يقل: لا تَحْسَبَنَّ - أنا إنما ذبحناها لك، ولكن لنا غنم فإذا بلغت مائة ذبحنا شاة.

صحيح: رواه أحمد (١٦٣٨٢) عن وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، فذكره.

عن لقيط بن صبرة قال أتيت النبي ﷺ فذبح لنا شاة وقال: لا تَحْسِبَنَّ - ولم يقل: لا تَحْسَبَنَّ - أنا إنما ذبحناها لك، ولكن لنا غنم فإذا بلغت مائة ذبحنا شاة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديثٌ عظيمٌ فيه درسٌ في التواضع ونبذ الكبر، وإليك شرحه الوافي على النحو المطلوب:


الحديث بلفظه الصحيح:


عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَذَبَحَ لَنَا شَاةً، فَقَالَ: «لَا تَحْسِبَنَّ - وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ - أَنَّا إِنَّمَا ذَبَحْنَاهَا لَكَ، وَلَكِنْ لَنَا غَنَمٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً، ذَبَحْنَا شَاةً».
(رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وهو حسن في "صحيح الجامع")


1. شرح المفردات:


● لَا تَحْسِبَنَّ: (بكسر الحاء وتشديد النون) أصلها "لا تَحْسِبَنْ" ولكن دخلت عليها نون التوكيد الثقيلة فشُدِّدَت. وهي أبلغ من "لا تَحْسَبَنَّ" (بفتح الحاء) التي لم يقلها النبي ﷺ. والمعنى: لا تظنن ظنًا جازمًا.
● أَنَّا إِنَّمَا ذَبَحْنَاهَا لَكَ: أي لا تظن أن سبب الذبح هو مجرد قدومك وكرامتك.
● لَنَا غَنَمٌ: أي لدينا قطعان من الغنم.
● فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً: أي عندما يصل عددها إلى مائة رأس.
● ذَبَحْنَا شَاةً: أي نذبح شاةً فرحًا ببركة وزيادة الرزق.


2. شرح الحديث:


يخبر الصحابي الجليل لقيط بن صبرة رضي الله عنه أنه قدم على النبي ﷺ، فقام النبي ﷺ بإكرامه وإطعامه بذبح شاة. ولكن النبي ﷺ، وفي قمة التواضع والخلق الرفيع، يبادره بهذا القول لئلا يخطر ببال ضيفه أن هذا الذبح كان من أجله بشكل خاص، فيشعر بعظمة أو تكبر.
فبيَّن له ﷺ أن هذا ليس أمرًا استثنائيًا، بل هو من عادتهم وسنتهم الحميدة: أنه كلما بلغت غنيمهم مائة رأس، ذبحوا شاة شكرًا لله على نعمته وبركته، واستبشارًا بزيادة الرزق. فكان قدوم الضيف تزامنًا مع بلوغ الغنم المائة، فذُبحت الشاة لهذه المناسبة وليس لمجرد قدوم الضيف.
واللفظ الذي أكده النبي ﷺ (لَا تَحْسِبَنَّ بالكسر والتشديد) فيه تأكيد على منع هذا الظن من الأساس، وقطعٌ لأي احتمال قد يخطر بالضيف.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التواضع وعدم الإعجاب بالنفس: النبي ﷺ وهو سيد الخلق، يحرص على ألا يظن به ضيفه مظنة الكبر أو الترفع بإكرامه.
2- التأدب مع الضيف: وإكرامه، ولكن مع عدم تحميله شعورًا بالثقل أو الدَّيْن.
3- الشكر على النعم: فذبح الشاة عند بلوغ المائة هو من سنن الشكر على نعمة المال وبركته.
4- الحرص على تطييب خواطر الناس: وعدم تركهم لوساوس النفس أو الظنون غير الصحيحة.
5- فقه الدعوة: حيث يستغل النبي ﷺ موقف إكرام الضيف ليعلمه سنّة حسنة في الإنفاق والشكر.
6- دقة الرواة: حيث نقل الراوي صيغة الحديث بدقة (وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ) مما يدل على العناية الفائقة بنقل ألفاظ النبي ﷺ كما هي.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم الذبح للضيف: هو من سنن الكرم والضيافة المستحبة، ولكن ليس واجبًا على الموسر إلا إذا نزل به ضيف بغتة دون طعام، فيجب عليه أن يقريه.
● هل هذه السنّة (ذبح شاة عند بلوغ المائة) ملزمة؟: لا، بل هي من السنن والعادات الحسنة التي كان يفعلها النبي ﷺ لشكر الله، ويمكن للمسلم أن يتخذ لنفسه عادات حسنة في الإنفاق عند بلوغ رزقه مقدارًا معينًا.
● الفارق اللغوي بين (تَحْسِبَنَّ) و(تَحْسَبَنَّ): الأولى (بالكسر) من "حَسِبَ" التي تدل على الظن والاعتقاد، وهي الأنسب في هذا المقام. بينما الثانية (بالفتح) من "حَسَبَ" التي قد تدل على الحساب العددي أحيانًا. فكان اختيار اللفظ دقيقًا جدًا.
أسأل الله أن يفقهنا في سنن نبيه، وأن يجعلنا ممن يتخلق بأخلاقه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٦٣٨٢) عن وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، فذكره. وإسناده صحيح.
وفي الحديث قصة وهي ما رواه أحمد (١٦٣٨٤) عن عبد الرزاق، وهو في مصنفه (٨٠)، والطبراني في الكبير (١٩/ ٢١٥) قال: أخبرنا ابن جريج، قال: حدثنا إسماعيل بن كثير أبو هاشم المكي، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه وافد بني المنتفق قال: انطلقت أنا وصاحب لي حتى انتهينا إلى رسول الله ﷺ فلم نجده، فأطعمتنا عائشة تمرا، وعصدت لنا عصيدة، إذ جاء النبي ﷺ ينقلع، فقال: هل أطعمتم من شيء؟، قلنا: نعم يا رسول الله! فبينا نحن كذلك دفع راعي الغنم في المراح على يده سخلة، قال: هل ولدت؟ قال: نعم قال: فاذبح لنا شاة، ثم أقبل علينا، فقال: لا تحسِبن - ولم يقل لا تحسَبن - أنا ذبحنا الشاة من أجلكما لنا غنم مائة، لا نريد أن تزيد عليها، فإذا ولد الراعي بهمة أمرناه بذبح شاة، فقال: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء؟ قال: إذا
توضأت فأسبغ وخلل الأصابع، وإذا استنثرت فأبلغ إلا أن تكون صائما قال: يا رسول الله! إن لي امرأة فذكر من طول لسانها وإيذائها فقال: طلقها، قال: يا رسول الله! إنها ذات صحبة وولد قال: فأمسكها وأمرها، فإن يك فيها خير فستفعل، ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك.
وإسناده صحيح، ولا يضر شك عبد الرزاق، فقد رواه يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: حدثني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط، عن أبيه (بدون شك).
وفي القصة زيادة ونقصان وذلك يعود على راوي الحديث فإنه يجمع مرة، ويفرق مرة أخرى، وبعض فقرات الحديث تمّ تخريجها في مواضعها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 558 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تَحْسِبَنَّ أنا إنما ذبحناها لك

  • 📜 حديث: لا تَحْسِبَنَّ أنا إنما ذبحناها لك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تَحْسِبَنَّ أنا إنما ذبحناها لك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تَحْسِبَنَّ أنا إنما ذبحناها لك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تَحْسِبَنَّ أنا إنما ذبحناها لك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب