تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

حديث: تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

عن حميد الساعدي، قال: أتيت النبي ﷺ بقدح لبن من النقيع ليس مخمرا، فقال: «ألا خمرته ولو تعرض عليه عودا».
قال أبو حميد: إنما أمر بالأسقية أن توكأ ليلا، وبالأبواب أن تغلق ليلا.

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (٢٠١٠) من طريق الضحاك أبي عاصم، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني أبو حميد الساعدي، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، وسأشرحه لك بفضل الله تعالى وفق النقاط المطلوبة.

الحديث بلفظ آخر أوضح:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكِئُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ». (رواه مسلم)

1. شرح المفردات:

● أتيت النبي ﷺ بقدح لبن: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإناء (كوب أو وعاء) فيه لبن.
● من النقيع: النقيع هو اسم مكان، وقيل هو موضع قرب المدينة المنورة.
● ليس مخمراً: أي ليس مغطى. (التخمير: التغطية).
● ألا خمرته: ألا غطيته.
● ولو تعرض عليه عوداً: ولو أن تضع across فوهة الإناء غصناً من الشجر (أي أي شيء ولو بسيطاً للتغطية).
● توكأ: تُربط فوهتها وتُشد بخيط أو غيره. (الوكاء: هو الرباط الذي يربط به فم السقاء).
● تُغلق: تُسد وتُؤمن.

2. شرح الحديث:

الحديث يروي قصة صحابي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن ليس مغطى، فنبهه النبي ﷺ إلى ضرورة تغطيته، ولو كان الغطاء مجرد غصن يوضع على فتحة الإناء. ثم علق أبو حميد (الراوي) على هذا الأمر النبوي بأنه جزء من تعليمات عامة أمر بها النبي ﷺ بتغطية الأواني وإغلاق الأبواب ليلاً.
المعنى الإجمالي:
أن النبي ﷺ أمر بتغطية جميع الأوعية التي تحتوي على طعام أو شراب (كاللبن في هذا المثال)، وكذلك ربط فوهة القرب (السقاء) التي تخزن فيها السوائل، وإغلاق الأبواب عند حلول الليل. وهذا الأمر له حكمتان عظيمتان: حماية صحية ووقاية شرعية.

3. الدروس المستفادة منه:

1- الحرص على النظافة والسلامة العامة: الأمر بتغطية الطعام والشراب يحفظه من تلوثه بالغبار أو الحشرات أو غيرها، مما يضمن سلامة الصحة. وهذا من الإعجاز العلمي في السنة النبوية.
2- الوقاية من الشرور والأذى: في رواية مسلم السابقة الذكر، بيّن النبي ﷺ أن في السنة ليلة ينزل فيها وباء (أي داء أو شر عام)، قد يصيب الأواني المكشوفة. وهذا تحذير من أذى قد لا نراه (كالجنان والشياطين أو الميكروبات التي لا تُرى بالعين).
3- التيسير ورفع الحرج: قوله ﷺ: «ولو تعرض عليه عودا» يدل على أن المطلوب هو تحقيق المقصود ولو بأبسط الوسائل، فلا يشق على المرء، فالتغطية لا تستدعي دائماً غطاءً محكماً، بل يكفي ما يمنع وصول القاذورات أو الأذى.
4- الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله: الإسلام يدعو إلى الأخذ بجميع الأسباب المادية الظاهرة مع الاعتقاد الجازم أن النفع والضرر بيد الله وحده. فتغطية الإناء وسد السقاء وإغلاق الباب كلها أسباب نأخذ بها ثم نتوكل على الله.
5- الاهتمام بآداب الطعام والشراب: من الآداب التي غفل عنها الكثيرون اليوم تغطية أواني الطعام والشراب، وهي سنة نبوية تحقق المنفعة وتتبع الهدي النبوي.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● الحكمة من التخصيص بالليل: لأن الليل هو وقت انتشار الكثير من الحشرات والهوام (كالعقارب والثعابين) التي قد تدخل البيوت، وكذلك هو وقت خروج الجن والشياطين، كما جاء في بعض الآثار. قال تعالى: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]، والغاسق هو الليل ومفزعاته.
● الفرق بين التخمير والوكاء:
● التخمير: يكون للأواني والقدور (كالأكواب والصحون) ويكون بالغطاء.
● الوكاء: يكون للقرب والأوعية الجلدية أو التي لها فم صغير (كالقارورة) ويكون بربط فمها.
● تطبيق حديثي في العصر الحديث: يشمل هذا الأمر تغطية جميع أوعية الطعام في الثلاجة، وإغلاق عبوات المياه والمشروبات، وإحكام إغلاق أبواب المنزل والسيارة ليلاً، وعدم ترك النوافذ مفتوحة بدون حماية.
● هذا من كمال الشريعة: فها هو النبي ﷺ يوجه أمته إلى أدق细节يات حياتهم اليومية التي تحفظ لهم دينهم وأنفسهم وأموالهم وعقولهم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (٢٠١٠) من طريق الضحاك أبي عاصم، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني أبو حميد الساعدي، قال: فذكره.
قوله: «ليس مخمرا» أي ليس مغطى، والتخمير هو التغطية.
وأما قول أبي حميد بأن الأسقية توكأ ليلا: فليس هذا التخصيص موجودا في الحديث، ولذا قال النووي في شرح مسلم: «والمختار عند الأكثر من الأصوليين وهو مذهب الشافعي وغيره أن تفسير الصحابي إذا كان خلاف ظاهر اللفظ ليس بحجة، ولا يلزم غيره من المجتهدين موافقته
على تفسيره».
والأمر بتغطية الإناء عام، فلا يقبل تخصيصه بمذهب الراوي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 526 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

📜 حديث: تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تغطية الاناء ولو بعود عند النوم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية