نهى رسول الله عن التكلف

حديث: نهى رسول الله عن التكلف

عن شقيق بن سلمة قال: ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان الفارسي، فقال سلمان: لولا أن رسول الله نهانا عن التكلف لتكلفت لك، ثم جاء بخبز ولحم، قال صاحبي: لو كان في ملحنا صعتر، فبعث سلمان بمطهرته فرهنها، ثم جاء بصعتر، فلما أكلنا، قال صاحبي: الحمد لله الذي متعنا بما رزقنا، فقال سلمان: لو قنعت بما رزقك الله لم تكن مطهرتي مرهونة.

حسن: رواه الطبراني في الكبير (٦/ ٢٨٨) عن محمد بن عبدوس بن كامل السراج، ثنا محمد بن منصور الطوسي، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديثٌ عظيمٌ يحمل دروسًا قيمة في القناعة والزهد وعدم التكلف، وسأشرحه لكم وفق الخطوات المطلوبة:

1. شرح المفردات:

● التكلف: التصنع والتعبُّد بما لا يُطاق، أو تحمُّل المشقة في الشيء.
● مطهرته: إناء صغير يُتوضأ منه، أو يُغسل به اليد بعد الطعام.
● رهنها: جعلها ضمانًا عند الدائن حتى يُسدَّد الدين.
● صعتر: نبات عطري يُستعمل كبهار للطعام (الزعتر).
● قنعت: اكتفيت ورضيت.

2. شرح الحديث:

يُخبرنا الصحابي شقيق بن سلمة أنه ذهب هو وصاحب له لزيارة سلمان الفارسي رضي الله عنه، فاستقبلهما سلمان ترحيبًا حارًا، ولكنه اعتذر بأنه لو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد نَهى عن التكلف، لَتَكَلَّفَ لهما من الطعام ما هو أفضل مما عنده. ثم جاءهما بخبز ولحم، وهو طعام جيد وكافٍ، لكن صاحب شقيق تمنى لو كان مع الطعام "صعتر" (زعتر) ليكمل به طعمه. فما كان من سلمان إلا أن أخذ مطهرته (إناء الوضوء أو الغسل) ورهنها عند أحد الناس، وأحضر لهم الزعتر. بعد أن أكلا، حمد صاحب شقيق الله على ما رزقهما، لكن سلمان نبهه بلطف قائلاً: لو أنك قنعت بما رزقك الله من الطعام الأساسي (الخبز واللحم) ولم تطلب زيادة، لما اضطررت لرهن مطهرتي.

3. الدروس المستفادة منه:

● تحريم التكلف والتصنع: النهي عن تحمُّل المشقة أو التعبُّد بما لم يأمر به الشرع، أو المبالغة في إكرام الضيف بما يُشق على المضيف.
● القناعة كنز لا يفنى: الرضا بما قسم الله من الرزق، وعدم الطمع في الزيادة إلا إذا كانت متاحة بدون مشقة.
● حسن الضيافة within limits: يُستحب إكرام الضيف، ولكن دون إضرار بالنفس أو المال، أو مخالفة للشرع.
● التواضع والزهد: سلمان الفارسي كان من كبار الصحابة، ومع ذلك لم يتردد في رهن إناء بسيط من أجل ضيفه، لكنه في الوقت نفسه نبه على أهمية القناعة.
● التنبيه بلطف وحكمة: لم يوبخ سلمانُ الضيفَ توبيخًا قاسيًا، بل نصحه بطريقة غير مباشرة بعد انتهاء الطعام.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● سلمان الفارسي: هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المشهورين، وكان فارسي الأصل، وأسلم على يديه الكثير، وعُرف بالزهد والحكمة والعلم.
● الحديث يدل على تواضع الصحابة: فسلمان لم يتردد في رهن إناء بسيط من أجل إرضاء ضيفه، لكنه في الوقت نفسه التزم بحدود الشرع.
● النهي عن التكلف وارد في أحاديث أخرى: مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَا يَتَعَاطَى بِهِ الْعِبَادُ إِلَى الْجَنَّةِ تَعَاطِياً رَفِيقاً، وَيَكْرَهُ مَا تَكَلَّفَ لَهُمْ" (رواه البيهقي، وهو حسن).
أسأل الله أن يجعلنا من القانعين الراضين، وأن يوفقنا للاقتداء بسيرة النبي وصحابته الكرام. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (٦/ ٢٨٨) عن محمد بن عبدوس بن كامل السراج، ثنا محمد بن منصور الطوسي، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، قال: فذكره.
ورواه الحاكم (٤/ ١٣٢) وعنه البيهقي في شعب الإيمان (٩١٥٣)، وفي الآداب (٩١) من طريق حسين بن محمد به.
وإسناده حسن من أجل الكلام في سليمان بن قرم، أبو داود البصري النحوي ضعيف عند جمهور أهل العلم في تفرطه في التشيع، وكان الإمام أحمد حسن الرأي فيه، وهو من رجال الشيخين، والخلاصة فيه أنه يحسن في غير تشيعه. قال ابن عدي: «وله أحاديث حسان أفرادات».
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد». وقال: «وله شاهد بمثل هذا الإسناد» قال: حدثنا علي بن عبد الله، ثنا العباس بن محمد، ثنا الحسين بن محمد، ثنا الحسين بن الرماس، ثنا عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال: سمعت سلمان الفارسي يقول: نهانا رسول الله ﷺ أن نتكلف للضيف.
قال الذهبي في سنده لين، والحسين بن الرماس ذكره البخاري في التاريخ الكبير، ولم يقل فيه شيئا، وساق له هذا الحديث بلفظ: «أُمرنا أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا، وأن نقدّم ما حضر».
قال الأعظمي: وله إسناد آخر وهو ما رواه أحمد (٢٣٧٣٣)، والبزار - كشف الأستار (٢٥١٥)، والطبراني في الكبير (٦/ ٢٨٧، ٢٨٨) كلهم من طرق عن قيس بن الربيع، حدثنا عثمان بن سابور رجل من بني أسد، عن شقيق أو نحوه - شك قيس - عن سلمان، فذكر نحوه.
وفي إسناده كلام إلا أن جموع هذه الأسانيد يقوي بعضها بعضا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 557 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله عن التكلف

📜 حديث: نهى رسول الله عن التكلف

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله عن التكلف

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله عن التكلف

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله عن التكلف

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية