رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

حديث: رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

عن أنس قال: كنت غلاما أمشي مع رسول الله ﷺ فدخل رسول الله ﷺ على غلام له خياط، فأتاه بقصعة فيها طعام وعليه دباء، فجعل رسول الله ﷺ يتتبع الدباء قال: فلما رأيت ذلك جعلت أجمعه بين يديه، قال: فأقبل الغلام على عمله، قال أنس: لا أزال أحب الدباء بعد ما رأيت رسول الله ﷺ صنع ما صنع.

متفق عليه: رواه البخاري في الأطعمة (٥٤٣٥) من طريق ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنْتُ غُلَامًا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَأَقْبَلَ الْغُلَامُ عَلَى عَمَلِهِ. قَالَ أَنَسٌ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَنَعَ مَا صَنَعَ.
رواه البخاري ومسلم.

1. شرح المفردات:

● غُلَامًا: صبيًا صغيرًا. وكان أنس رضي الله عنه يخدم النبي ﷺ.
● خَيَّاطٍ: صاحب مهنة الخياطة.
● قَصْعَةٍ: إناء كبير يشبه الصحنة، يُؤكل فيه الطعام جماعة.
● دُبَّاءٌ: هو القرع أو اليقطين، وهو نبات معروف، طيب الطعم، خفيف على المعدة.
● يَتَتَبَّعُ: يطلب ويبحث عنه بين أصناف الطعام الأخرى، ويأكله ويقصد أكله.
● أَجْمَعُهُ: أجمعه وأضعه قريبًا منه ليسهل عليه أخذه.

2. شرح الحديث:

يصف أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو كان غلامًا صغيرًا يخدم النبي ﷺ، موقفًا يدل على حسن خلقه ﷺ وطيب عادته. فبينما كان يمشي مع النبي ﷺ، دخل ﷺ على غلام يعمل خياطًا (وقد يكون هذا الغلام خادمًا له أو يعمل عنده)، فقدم هذا الغلام للرسول ﷺ قصعة (طبقًا كبيرًا) فيها طعام، وكان في هذا الطعام الدباء (القرع).
فعلَّمنا النبي ﷺ بأفعاله قبل أقواله، فبدلاً من أن يأكل من كل ما في القصعة، جعل يتتبع قطع الدباء ويأكلها ويختارها من بين الطعام، مما يدل على أنه ﷺ كان يحب هذا النوع من الطعام.
فلما رأى أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ يبحث عن الدباء ويأكله، قام بجمع قطع الدباء من جوانب القصعة ووضعها قريبًا من يد النبي ﷺ ليسهل عليه تناولها، فشكر له النبي ﷺ هذا الصنيع بلطفه المعتاد، مما جعل الغلام الخياط يطمئن ويعود إلى عمله.
وهذا الموقف ترك أثرًا طيبًا في نفس أنس رضي الله عنه، حتى قال: "لا أزال أحب الدباء بعد ما رأيت رسول الله ﷺ صنع ما صنع"، أي أنه полюби القرع لأنه رأى النبي ﷺ يحبه ويأكله.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تواضع النبي ﷺ وزهده: حيث دخل على غلام بسيط يعمل في الخياطة، وجلس يأكل معه، مما يدل على تواضعه الجم وعدم التكبر على أحد.
2- جواز إظهار الإنسان ما يحب من الطعام: لا حرج في أن يظهر الإنسان تفضيله لصنف من الطعام على آخر، بل إن في ذلك إرشادًا للأخرين إلى ما هو طيب ونافع.
3- التأسي برسول الله ﷺ: كان الصحابة رضوان الله عليهم يحبون ما أحبه رسول الله ﷺ، ويقتدون به في كل صغيرة وكبيرة، حتى في أمور العادات والأطعمة.
4- بركة الطعام الذي يحبه النبي ﷺ: الدباء (القرع) من الأطعمة المفيدة التي أوصى بها الأطباء قديمًا وحديثًا، وفيه خصائص غذائية عالية.
5- الحكمة من محبة الأنصار للمؤمنين: حيث كان أنس رضي الله عنه يخدم النبي ﷺ، فكان يلاحظ كل حركة وسكنة منه ليتعلم منها.
6- التعاون وإظهار اللطف: كما فعل أنس عندما جمع الدباء للنبي ﷺ، مما يدل على حرصه على خدمته وتقديم ما يحبه له.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● فضل الدباء (القرع): ورد في بعض الأحاديث أن النبي ﷺ كان يحب الدباء، وهو من الأطعمة التي تُقوّي الجسم وتنفع للمعدة، وكان يأكله مطبوخًا ويشربه مرقًا.
● هدي النبي ﷺ في الطعام: كان النبي ﷺ لا يعيب طعامًا، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، لكنه هنا فضل الدباء وأظهر حبه له، مما يدل على جواز إظهار تفضيل الطعام الطيب.
● الاقتداء بالنبي ﷺ في الأمور الدنيوية: يستحب للمسلم أن يقتدي بالنبي ﷺ حتى في عاداته وأكله وشربه، ما لم يرد نهي عن شيء.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يقتدي برسول الله ﷺ في كل أمر، ويحبه حبًا صادقًا، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأطعمة (٥٤٣٥) من طريق ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس، فذكره. ورواه مسلم في الأشربة (٢٠٤١) من وجوه أخرى عن أنس، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 565 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

📜 حديث: رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رسول الله ﷺ يتتبع الدباء في القصعة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية