حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في مثل المنافق
متفق عليه: رواه البخاريّ في المرضى (٥٦٤٣)، من طريق يحيى (هو القطان)، عن سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد اللَّه بن كعب، عن أبيه، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح الفرق الجوهري بين طبيعة المؤمن الصادق والمنافق في مواجهة تقلبات الحياة وشدائدها.
الحديث بلفظه:
عن كعب بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفِيئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وَتُعَدِّلُهَا مَرَّةً، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَالْأَرْزَةِ، لَا تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً».
(أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام البخاري بمعناه)
أولاً. شرح المفردات:
● الْخَامَةِ: هي النبتة الطرية اللينة من الزرع. وهي سريعة الاستجابة للريح.
● تُفِيئُهَا الرِّيحُ: أي تميلها وتجعلها تنحني وتنكسر ظاهريًا. (الفَيء: الميل والانكسار).
● تُعَدِّلُهَا: تقومها وتجعلها تستقيم مرة أخرى بعد انحنائها.
● الْأَرْزَةِ: شجرة معروفة كبيرة ضخمة، قوية صلبة، شديدة الثبات. (وهي من أنواع الشجر الكبير المعمر).
● انْجِعَافُهَا: سقوطها وانقلاعها من أصلها مرة واحدة. (الجَعف: القلع والهدم).
ثانيًا. شرح الحديث:
يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم قلب المؤمن الحقيقي وإيمانه بنبتة الزرع الطرية (الخامة). هذه النبتة رغم لينها وضعفها الظاهري، إلا أنها تتمتع بمرونة عجيبة. عندما تهب عليها الرياح العاتية (التي تمثل الفتن والمصائب والشدائد في الحياة)، فإنها تنحني وتُميل وتكاد تنكسر، لكنها لا تنكسر تمامًا. ثم ما تلبث أن تعود الريح فتقومها وتُعدلها، فتعود مستقيمة مرة أخرى، بل قد تكون أقوى مما كانت. هكذا المؤمن، يصيبه البلاء فيضعف ويجزع أحيانًا، ولكن إيمانه يرده إلى ربه، فيتضرع ويصبر ويتوب وينيب، فيقومه الله ويعدل حاله، ويخرج من المحنة بإيمان أقوى وتوبة أصدق.
أما المنافق، فيشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بشجرة الأرزة الضخمة الصلبة. هذه الشجرة تبدو للناظر ثابتة لا تتحرك، لا تؤثر فيها الرياح العابرة، فهي صامدة شامخة. لكن هذه القوة والصلابة قشرة خارجية خادعة. فإذا جاءتها ريح عاصف شديدة (تمثل البلاء الحقيقي أو ساعة الموت أو موقف الحساب)، لم تستطع المقاومة لعدم مرونتها، فتنقلع من جذورها وتسقط سقوطًا نهائيًا لا قيام بعده. هذه هي حال المنافق، يظهر ثباتًا وقوة في الظاهر، ولكن لأنه لا يوجد إيمان حقيقي في قلبه يثبته، فإنه عندما تأتي المحنة الكبرى ينكشف أمره ويسقط سقوطًا مروعًا لا recovery بعده.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- المرونة والليونة من علامات الإيمان الصادق: المؤمن لا يتعصب لرأيه أو لحاله، بل هو متواضع منيب إلى ربه، يعترف بضعفه ويطلب العون من الله، وهذا سر قوته.
2- الابتلاء سنّة ماضية في المؤمن: لا يعني انحناء المؤمن تحت وطأة البلاء نقصًا في إيمانه، بل هو جزء من اختباره. المهم هو العودة والاستقامة بعد الانحناء.
3- خطر النفاق والثبات الظاهري الزائف: الحديث تحذير شديد من الخداع بالمظاهر. القوة الحقيقية هي قوة القلب بالإيمان، وليست قوة الجسد أو المنصب أو المال.
4- العاقبة للمتقين: سقوط المنافق مرة واحدة يدل على أن العبرة بالخاتمة والنهاية، وليس بسلامة الحال المؤقتة. المؤمن قد يعثر لكنه يقوم، أما المنافق فسقوطه نهائي.
5- التفاؤل بالمؤمن: حتى وإن رأيته منحنيًا تحت مصيبة، فانتظر توبته وعودته إلى ربه، فهذا من طبيعته كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث جزء من منظومة أحاديث "الأمثال النبوية" التي ضربها النبي صلى الله عليه وسلم لتقريب المعاني العظيمة للأذهان.
- القصة التي ورد فيها هذا الحديث (قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه في غزوة تبوك) هي خير تطبيق عملي لهذا المعنى. حيث انحنى كعب رضي الله عنه تحت بلاء المقاطعة، ولكن إيمانه صبره حتى عدله الله تعالى بقبول توبته، فعاد أقوى وأثبت مما كان.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على فضيلة الاستغفار والتوبة ودوام الإنابة إلى الله، فهي التي تعدل حال المؤمن بعد كل خطيئة أو مصيبة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه مسلم في صفة القيامة (٢٨١٠: ٦٢) من طريق آخر عن كعب به.
واللفظ للبخاري، وعند مسلم: «مثل الكافر مثل الأرزة» وفي رواية أخرى عنده من وجه آخر: «مثل المنافق مثل الأرزة».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1106 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 1063 من صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريضر والكبير وذا الحاجة
- 1064 لا تتَنَخَّمَنَّ حيال وجهك في الصلاة
- 1065 عن اللقطة: عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها
- 1066 فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته
- 1067 من يعذبون في الدنيا يعذبهم الله
- 1068 السام عليكم فقالت عائشة عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم
- 1069 من خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من...
- 1070 ما بال دعوى الجاهلية
- 1071 لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما
- 1072 أن تعين قومك على الظلم
- 1073 من فحم جهنم أو أهون على الله من الجعلان
- 1074 الجعل يدهده عن منخريه خير من آبائكم في الجاهلية
- 1075 من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح فيكشفه
- 1076 إلام يضحك أحدكم مما يفعل؟
- 1077 كثرة الضحك تميت القلب
- 1078 أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم...
- 1079 لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل...
- 1080 سلوني عن أبي
- 1081 قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال
- 1082 كنا عند عمر فقال: نهينا عن التكلف
- 1083 معنى هلك المتنطعون
- 1084 لا تأخذ متاع أخيك لاعبا ولا جادا
- 1085 إياكم والقسامة
- 1086 إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمِن خان
- 1087 إذا ائتمن خان
- 1088 ثلاث من كن فيه فهو منافق
- 1089 لا إيمان لمن لا أمانة له
- 1090 أكثر منافقي أمتي قراؤها
- 1091 أكثر المنافقين في الأمة هم القراء
- 1092 من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء...
- 1093 ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينًا
- 1094 لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون وجيها يوم القيامة
- 1095 من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة...
- 1096 عطاء النبي قميصه ليكفن فيه عبد الله بن أبي
- 1097 أتى النبي قبر عبد الله بن أبي فأخرجه من قبره
- 1098 في أصحابي اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة حتى يلج...
- 1099 من يصعد الثنية ثنية المرار فإنه يحط عنه ما حط...
- 1100 ريح شديدة بعثت لموت منافق
- 1101 أشد حرا منه يوم القيامة هذينك الرجلين الراكبين المقفيين
- 1102 ما يدري محمد إلا ما كتبت له
- 1103 سبب نزول: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا
- 1104 مثل المنافق كشاة تتردد بين القطيعين
- 1105 المؤمن مثل الزرع لا تزال الريح تميله
- 1106 مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
- 1107 كم كان أصحاب العقبة؟
- 1108 رسول الله ﷺ أخذ العقبة فلا يأخذها أحد
- 1109 لا يسبقني إلى الماء أحد
- 1110 النبي ﷺ يدري أين ناقته بعد أن قال المنافق: لا...
- 1111 المنافقون اليوم شر منهم على عهد النبي ﷺ
- 1112 النفاق في عهد النبي والكفر بعده
معلومات عن حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
📜 حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








