حديث: أكثر المنافقين في الأمة هم القراء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في علامات النفاق

عن عقبة بن عامر، عن النبيّ ﷺ قال: «أكثر منافقي هذه الأمّة قرّاؤها».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٧٤١٠) عن أبي عبد الرحمن، حدّثنا ابن لهيعة، حدثني أبو المصعب، قال: سمعت عقبة، فذكر الحديث.

عن عقبة بن عامر، عن النبيّ ﷺ قال: «أكثر منافقي هذه الأمّة قرّاؤها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة، مع بيان دروسه وعبره.

الحديث بلفظه كاملاً:


عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَكْثَرُ مُنَافِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قُرَّاؤُهَا».
(أخرجه أحمد في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني)


أولاً. شرح المفردات:


● منافقي: جمع منافق، وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر.
● هذه الأمة: أمة الإسلام.
● قراؤها: جمع قارئ، وهم الذين يقرؤون القرآن ويتقنون تلاوته. والمقصود هنا ليس مجرد من يحسن التلاوة، بل من انشغل بعلم القرآن وقراءته وتدبره، وربما صار من العلماء والمشايخ.


ثانياً. شرح الحديث:


هذا الحديث لا يعني أن كل قارئ للقرآن منافق، حاشا لله، فكم من قارئ للقرآن كان من أتقى الخلق وأصدقهم، كالصحابة والتابعين والعلماء العاملين. وإنما المقصود هو التنبيه على فئة معينة:
أن أكثر المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون النفاق - في هذه الأمة - هم من الفئة التي تتصدر لقراءة القرآن وتعليمه دون تحقيق لآدابه وأخلاقه في القلب والسلوك. فهم يحسنون التلاوة باللسان، ولكن قلوبهم غافلة عن التدبر والعمل، وقد يكون فيهم كبر أو رياء أو حب للظهور والرياسة.
قال بعضهم: "ومعنى هذا: أن أكثر المنافقين في هذه الأمة هم الذين يتعلمون القرآن ويقرؤونه، ثم لا يعملون به، بل يحرفونه ويتأولونه على غير تأويله، ويراؤون بقراءتهم".


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التحذير من خطر الرياء والعجب: فقراءة القرآن من أعظم القربات، ولكن إذا دخلها الرياء أو العجب بالعلم صارت وبالاً على صاحبها.
2- وجوب الاتصاف بالإخلاص: فلا قيمة للعمل دون إخلاص النية لله تعالى، وقراءة القرآن من أعظم ما يحتاج إلى تجريد الإخلاص.
3- التلازم بين العلم والعمل: فالعلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر، بل هو حجة على صاحبه يوم القيامة.
4- التواضع لله ولعباده: فالعلم والقراءة ينبغي أن تزيد العبد تواضعاً وخشية لله، لا كبراً واستعلاءً.
5- الاعتبار بحال السلف: فقد كانوا يتعلمون القرآن ويتدبرونه ويعملون به، فكان القرآن دستور حياتهم.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أحاديث الذمِّ للمرائين، وليس للقراء المخلصين، فلا ينبغي أن يفهم منه ذمُّ أهل القرآن، بل هو ذمُّ لمن يتخذ القرآن وسيلة لأغراض دنيوية أو رياء.
- ينبغي للقارئ أن يجتهد في محاسبة نفسه دائماً، ويحذر من أمراض القلوب كالرياء والعجب.
- من الأدعية المأثورة في هذا الباب: "اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه".


ختاماً:


فالحديث تحذير شديد لأهل العلم والقراء من خطر النفاق الخفي، الذي هو أشد من النفاق الأصلي، لأنه يتعلق بأعمال القلوب التي لا يعلمها إلا الله. وهو دعوة لمراقبة القلب وإصلاح النية، وأن تكون قراءتنا وعلمنا خالصة لوجه الله الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٧٤١٠) عن أبي عبد الرحمن، حدّثنا ابن لهيعة، حدثني أبو المصعب، قال: سمعت عقبة، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل ابن لهيعة فإنّ فيه كلامًا معروفا إلا أنّ راويه هنا أبو عبد الرحمن هو عبد اللَّه بن يزيد المقرئ وهو من الذين سمعوا ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، وقد تابعه على ذلك عددٌ لا بأس بهم، فقد رواه الفريابيّ في «صفة المنافقين» (٣٣)، والخطيب في «تاريخه» (١/ ٣٥٧)، والطبراني في الكبير (١٧/ ٨٤١)، والإمام أحمد (١٧٣٦٦) كلهم من أوجه عن ابن لهيعة بإسناده كما أن ابن لهيعة أيضًا لم ينفرد به فقد تابعه الوليد بن المغيرة، عن أبي المصعب وهو مشرح بن عاهان، عن عقبة بن عامر، فذكر الحديث.
رواه البخاريّ في خلق أفعال العباد (٦١٤) بإسناده عن الوليد بن المغيرة.
ومشرح بن عاهان فيه كلام إلّا أنه يقبل حديثه في الشواهد والمتابعات.
ومعنى هذا الحديث كما قال البغويّ في شرح السنة (١/ ٧٧)»أكثر منافقي هذه الأمة قرّاؤها«هو أن يعتاد ترك الاخلاص في العمل كما جاء: «التاجر فاجر«وأراد إذا اعتاد التاجرُ الكذب في البيع والشّراء، لا أنّ نفس التجارة فجور، بل هي أمر مأذون فيه، مباح في الشّرع» انتهى.
وقول البغويّ: «التاجر فاجر» لعلّه يشير إلى حديث عبد الرحمن بن شبل يقول: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ التجار هم الفجّار». قال: قيل: يا رسول اللَّه! أوليس قد أحل اللَّه البيع؟ قال: «بلى، ولكنّهم يحدّثون فيكذبون، ويحلفون ويأثمون».
رواه أحمد (١٥٥٣٠) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام، يعني الدّستوائي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد الحبراني، قال: قال عبد الرحمن بن شبل، فذكر الحديث. وإسناده صحيح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1091 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أكثر المنافقين في الأمة هم القراء

  • 📜 حديث: أكثر المنافقين في الأمة هم القراء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أكثر المنافقين في الأمة هم القراء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أكثر المنافقين في الأمة هم القراء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أكثر المنافقين في الأمة هم القراء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب