حديث: إياكم والقسامة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا ينبغي أخذ الأجرة على قسمة الأشياء المشاعة بين الناس

عن أبي سعيد الخدري أخبره، أن رسول اللَّه ﷺ-قال: «إياكم والقسامة». قال:
فقلنا: وما القسامة؟ قال: «الشيء يكون بين الناس فيجيء فينتقص منه»

حسن: رواه أبو داود (٢٧٨٣) - ومن طريقه البيهقي (٦/ ٣٥٦) - عن جعفر بن مسافر التنيسي، حدّثنا ابن أبي فديك، حدّثنا الزمعي، عن الزبير بن عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة، أن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أخبره، أن أبا سعيد الخدري أخبره: فذكره.

عن أبي سعيد الخدري أخبره، أن رسول اللَّه ﷺ-قال: «إياكم والقسامة». قال:
فقلنا: وما القسامة؟ قال: «الشيء يكون بين الناس فيجيء فينتقص منه»

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر، رواه الإمام أحمد في مسنده، وله شواهد في الصحيحين وغيرهما، وهو حديث عظيم يحمل تحذيراً نبويّاً من خُلُقٍ ذميم.

أولاً. شرح المفردات:


* إياكم: كلمة تحذير، بمعنى: احذروا واجتنبوا.
* والقسامة: القَسَامَةُ في اللغة من القَسْم، وهي هنا بمعنى: الحلف الكاذب أو اليمين الغموس التي تُقسَم لتأخذ حقًّا ليس لك، أو لتحرم غيرك من حقه.
* ينتقص منه: أي يُنقَص من حقه، فيأخذ البعض حقه كاملاً أو يزيد، بينما يُحرَم الآخر أو يُنقَص من نصيبه.
فالمعنى الإجمالي للفظ: "احذروا يا أصحابي الحلف الكاذب (القسامة) الذي يحلف به الإنسان ليأخذ ما ليس له من المال أو الحقوق".
ثم فسّر النبي ﷺ هذا المصطلح بتعريف واضح فقال: «الشيء يكون بين الناس فيجيء فينتقص منه». أي: يكون هناك شيء مشترك بين مجموعة من الناس (مثل ميراث، أو شركة، أو غنيمة، أو أي مال مشترك)، فيأتي أحدهم فيحلف أيماناً كاذبة (قسامة) ليدّعي لنفسه حقاً أكبر، أو لينتقص من حق شريكه، فيأخذ ما لا يستحق.

ثانياً. شرح الحديث ومعناه:


يحذرنا النبي ﷺ في هذا الحديث من خطورة اليمين الكاذب التي يقسمها الإنسان ليأكل أموال الناس بالباطل، وخاصة في الأموال المشتركة التي يسهل فيها التعدي والظلم.
* القسامة هي اليمين الغموس: سميت "غموس" لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. وهي من كبائر الذنوب، لأنها جمعت بين الكذب والغدر وأكل المال الحرام واستحلال حرمة الاسم الكريم (اسم الله).
* الظلم في الشركة: الحديث يسلط الضوء على نوع خفي من الظلم، وهو الذي يقع بين الشركاء أو الأقارب، حيث يطمع أحدهم فينقض عروة الثقة والأمانة، ويستغل الحلف بالله ليكسب ثقة الآخرين ويخدعهم، فيأخذ أكثر من حقه.
* انتهاك حرمة اليمين: جعل اسم الله تعالى وسيلة للكذب والغش والظلم، وهذا من أعظم الجرم والاستهانة بمقام الربوبية.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الحلف الكاذب لأكل أموال الناس: هذا الحديث صريح في تحريم هذا الفعل البغيض وتوعّد فاعله بالعذاب الشديد.
2- الحث على الأمانة والصدق في المعاملات: خاصة في الأمور المالية المشتركة، التي يجب أن يتحلى فيها الإنسان بالشفافية والعدل.
3- التخويف من عاقبة اليمين الغموس: فقد قال ﷺ في حديث آخر: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» (متفق عليه).
4- حماية المجتمع من الغش والخداع: مثل هذه الأفعال تهدم الثقة بين أفراد المجتمع وتزرع الشحناء والبغضاء.
5- التعريف بالمفاهيم الشرعية: النبي ﷺ لم يكتف بالتحذير، بل بين معنى المصطلح (القَسَامَة) حتى لا يجهله الناس فيقعوا فيه.

رابعاً. معلومات إضافية:


* ينبغي للمسلم إذا وقع في هذه اليمين أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويرد الحقوق إلى أصحابها.
* ليس كل قسم يسمى "قسامة" محرماً، إنما المحرم هو الحلف الكاذب لقصد أخذ حق الغير.
* هذا التحذير يشمل جميع صور أكل المال بالباطل بالحلف الكاذب، سواء كان في ميراث، أو شركة، أو تجارة، أو غيرها.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا الصدق والأمانة في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٧٨٣) - ومن طريقه البيهقي (٦/ ٣٥٦) - عن جعفر بن مسافر التنيسي، حدّثنا ابن أبي فديك، حدّثنا الزمعي، عن الزبير بن عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة، أن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أخبره، أن أبا سعيد الخدري أخبره: فذكره.
والزبير بن عثمان بن عبد اللَّه بن سراقة لم يرو عنه غير الزمعي، وهو موسى بن يعقوب، ولم يوثقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته، ولذا قال الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم أجد له متابعا.
ولكن وجدت حديثا مرسلا بإسناد صحيح عن عطاء بن يسار أن رسول اللَّه ﷺ قال: «إياكم والقسامة». قال: فقلنا: وما القسامة؟ قال: «الرجل يكون على الفئام من الناس فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا»
رواه أبو داود (٢٧٨٤)، والبيهقي (٦/ ٣٥٦) كلاهما من طرق عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، فذكره.
وهذا المرسل يقوّي المرفوع، وبه يرتقي الحديا إلى درجة الحسن إن شاء اللَّه.
قال الخطابي: «القُسامة -مضمومة القاف- اسم لما يأخذه القسام لنفسه في القسمة كالنشارة لما ينشر والفصالة لما يفصل والعجالة لما يعجل للضيف من الطعام.
قال: وليس في هذا تحريم لأجرة القسام إذأ أخذها بإذن المقسوم لهم؛ وإنما جاء هذا فيمن ولي أمر قوم فكان عريفًا عليهم أو نقيبًا فإذا قسم بينهم سهامهم أمسك منها شيئًا لنفسه يستأثر به عليهم وقد جاء بيان ذلك في الحديث الآخر» اهـ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1085 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إياكم والقسامة

  • 📜 حديث: إياكم والقسامة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إياكم والقسامة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إياكم والقسامة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إياكم والقسامة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب