ثلاث من كن فيه فهو منافق

حديث: ثلاث من كن فيه فهو منافق

عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي ﷺ قال: «ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن كان فيه خصلة ففيه خصلة من النفاق، إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف»

صحيح: رواه البزار (١٦٦٢) عن عمرو بن علي، قال: نا أبو داود، قال: نا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

نص الحديث:

عن عبد اللَّه بن مسعود، عن النبي ﷺ قال: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ فَفِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ».
[رواه البخاري ومسلم وغيرهما]

أولاً. شرح المفردات:

● مُنَافِقٌ: هو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر. والحديث هنا عن نفاق العمَل (أي صفات المنافقين) وليس نفاق الاعتقاد (الكفر الأكبر).
● خَصْلَة: صفة أو سجية.
● حَدَّثَ: أي تكلم وأخبر بشيء.
● كَذَبَ: قال غير الحق عمداً.
● اؤْتُمِنَ: وُضعت عنده أمانة (مال أو سر أو غيرها) ووثق به.
● خَانَ: لم يحفظ الأمانة وأساء استخدامها أو أخذها.
● وَعَدَ: أعطى عهداً أو عقداً على فعل شيء في المستقبل.
● أَخْلَفَ: لم يفِ بوعده ونقضه.

ثانيًا. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثةَ أخلاق ذميمة هي من صفات المنافقين التي تتنافى مع كمال الإيمان وصدقه.
1- «إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ»: أي أن يكون الكذب عادةً له وسجيةً فيه، فيكثر من الكذب في حديثه مع الناس، سواء في الأمور المهمة أو التافهة، في المزاح أو الجد. والكذب من أبغض الصفات وأخطرها على الفرد والمجتمع؛ لأنه يهدم الثقة ويشيع الفوضى.
2- «وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»: أي إذا ائتمنه شخص على مال أو سر أو أي شيء ثمين، خان تلك الأمانة ولم يحفظها، إما بأخذها أو إضاعتها أو إفشائها. وخيانة الأمانة دليل على ضعف الإيمان وفساد القلب.
3- «وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ»: أي إذا قطع وعداً على نفسه لأحدٍ، لم يوف به ولم يتحرى الوفاء، بل يستسهل إخلاف الوعد وكسر عهده. وهذا يدل على خفة ورقة في الدين وعدم مبالاة بحقوق الآخرين.
والحديث يقرر حكمين عظيمين:
● «مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ»: أي من اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث كلها، فهو منافق نفاقاً عملياً كاملاً، فيه شبه عظيم بالمنافقين في صفاتهم، وإن كان مسلماً في الظاهر. فهو على خطر عظيم.
● «وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ فَفِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ»: أي أن من اتصف بواحدة من هذه الصفات الذميمة، فقد تشبه بالمنافقين في هذه الخصلة بالذات، وصار فيه نوع من النفاق العملي، ونقص في إيمانه وإخلاصه بقدر تلك الخصلة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- ذم الكذب ووجوب الصدق: الصدق من أعظم خصال الإيمان، وهو أساس كل فضيلة، والكذب أساس كل رذيلة. على المسلم أن يتخلق بالصدق في كل أحواله.
2- الحث على حفظ الأمانة: الأمانة من أوكد الفرائض، وهي علامة على قوة الإيمان. يجب على المسلم أن يكون أميناً في ماله وعمله وكل ما يسترعيه الله عليه.
3- الوفاء بالعهود والوعود: الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين، وإخلافه من صفات المنافقين. يجب الالتزام بالوعد ما لم يعرض مانع شرعي.
4- التحذير من التشبه بالمنافقين: الحديث تحذير شديد للمسلم من أن يتشبه بأخلاق أعداء الإسلام من المنافقين، حتى لو كان في خصلة واحدة.
5- الإيمان يزيد وينقص: وجود خصلة من النفاق العملي في المسلم دليل على نقص في إيمانه، مما يحثه على التوبة والمسارعة إلى التخلص من هذه الصفات الذميمة.
6- محاسبة النفس: يجب على المسلم أن يحاسب نفسه دائماً ويتفحص أعماله وأخلاقه، ليتأكد من خلوها من هذه الآفات.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من الأحاديث المتعلقة بأخلاق الإسلام وآداب المسلم.
- النفاق المذكور هنا هو النفاق العملي الأصغر، الذي لا يخرج من الملة، بخلاف النفاق الاعتقادي الأكبر الذي هو إبطان الكفر وإظهار الإيمان، وهو الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- يجمع هذه الخلال الثلاث أنها كلها خيانة وغش وإضرار بالغير، وتقوم على الخداع وإظهار غير ما يُبطن.
نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من النفاق، وألسنتنا من الكذب، وأعمالنا من الخيانة، وأن يجعلنا من الصادقين الأمناء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار (١٦٦٢) عن عمرو بن علي، قال: نا أبو داود، قال: نا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، فذكره. وإسناده صحيح.
وقد اختلف في رفعه ووقفه، قال عمرو بن علي الفلاس: «لا أعلم أحدا تابع أبا داود على رفعه، وأبو داود ثقة».
قال ابن عدي: «وهذا الذي قال عمرو لا أعلم أحدا تابع أبا داود على رفعه إنما أراد من حديث شعبة عن منصور عن أبي وائل وأما عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد اللَّه فقد رفعه غير واحد عن الأعمش منهم مالك بن سعيد ومحمد بن عبيد وغيرهما وقد أوقفه أيضًا جماعة عن الأعمش». الكامل (٣/ ١١٢٩).
إلا أن الدارقطني بعد ما ذكر الاختلاف في رفعه ووقفه قال: «والموقوف أصح». العلل (٥/ ٨٥، ٨٦).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1088 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثلاث من كن فيه فهو منافق

📜 حديث: ثلاث من كن فيه فهو منافق

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ثلاث من كن فيه فهو منافق

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ثلاث من كن فيه فهو منافق

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ثلاث من كن فيه فهو منافق

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية