كم كان أصحاب العقبة؟

حديث: كم كان أصحاب العقبة؟

عن أبي الطفيل قال: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك باللَّه! كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم: أخبره إذ سألك، قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد باللَّه أن اثني عشر منهم حرب للَّه ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول اللَّه ﷺ ولا علمنا بما أراد القوم، وقد كان في حرة فمشى، فقال: «إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد» فوجد قوما قد سبقوه، فلعنهم يومئذ.

صحيح: رواه مسلم في صفات المنافقين (٢٧٢٩: ١١) عن زهير بن حرب حدّثنا أبو أحمد الكوفي حدّثنا الوليد بن جميع، حدّثنا أبو الطفيل، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم حديث رسول الله ﷺ، الذي هو مصدر التشريع الثاني بعد القرآن الكريم. هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه، وسأشرحه لك بتفصيل وافٍ إن شاء الله.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● أهل العقبة: هم الذين شاركوا في حادثة بيعة العقبة الثانية، أو يشير إلى المشاركين في حادثة أخرى مرتبطة بالعقبة.
● حذيفة: هو حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، صحابي جليل، وكان من كبار الصحابة وأحد المطلعين على أسرار النبي ﷺ.
● أنشدك بالله: أي أسألك بالله وتحلفك به.
● أصحاب العقبة: هنا يشير إلى الذين تخلفوا أو ارتكبوا ذنباً في غزوة تبوك أو غيرها من الغزوات.
● حرب لله: أي أنهم أعداء لله مستحقون للعذاب.
● الحرة: أرض ذات حجارة سوداء، وهي منطقة معروفة near المدينة المنورة.
● لعنهم: أي طردهم من رحمة الله.

ثانياً. شرح الحديث:

يحكي هذا الحديث قصة خلاف وقع بين رجل من "أهل العقبة" - وهم مجموعة من المنافقين أو المتخلفين عن الغزوة - وبين الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه. فطلب هذا الرجل من حذيفة أن يحلفه بالله ليعلم عدد الذين شاركوا في حادثة العقبة (ويقصد بها هنا حادثة تخلف بعض المنافقين أو المذنبين في إحدى الغزوات، وغالباً ما تكون غزوة تبوك).
فأجابه حذيفة رضي الله عنه بأنهم كانوا يعتقدون أن عددهم أربعة عشر رجلاً، ثم قال له: "فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر"، أي إذا كنت أنت أيضاً من هؤلاء المذنبين فيكون العدد خمسة عشر. ثم أقسم حذيفة بالله أن اثني عشر منهم هم أعداء لله ورسوله ﷺ في الدنيا والآخرة، وأن ثلاثة قد قدموا عذراً مقبولاً.
ثم ذكر حذيفة عذر الثلاثة، فقال إنهم قالوا: "ما سمعنا منادي رسول الله ﷺ ولا علمنا بما أراد القوم"، أي أنهم لم يسمعوا النداء للجهاد ولم يعلموا بنية القوم التخلف أو المعصية.
ثم ضرب حذيفة مثلاً على عقوبة هؤلاء، فذكر أن النبي ﷺ كان في منطقة الحرة (وهي أرض مليئة بالحجارة السوداء near المدينة) وكان الماء قليلاً فيها، فقال النبي ﷺ: "إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد"، ولكنه وجد أن بعض الناس قد سبقوه إلى الماء، فلعنهم النبي ﷺ ذلك اليوم.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- خطورة التخلف عن الجهاد بغير عذر: الحديث يظهر عقوبة الذين يتخلفون عن الجهاد في سبيل الله بغير عذر شرعي، وأن ذلك قد يصل إلى درجة العداوة لله ورسوله.
2- قبول الأعذار الشرعية: النبي ﷺ وقبلَه حذيفة رضي الله عنه قبلوا عذر الثلاثة الذين لم يسمعوا النداء ولم يعلموا بنية القوم، مما يدل على أهمية قبول الأعذار الشرعية وعدم المؤاخذة على الخطأ غير المتعمد.
3- الوعيد الشديد للمنافقين والمتخلفين: الحديث يبين أن المتخلفين عن الجهاد بغير عذر هم حرب لله ورسوله، وهذا وعيد شديد يدل على كبر هذه المعصية.
4- الأمر بطاعة النبي ﷺ وعدم مخالفته: قصة الماء تدل على أهمية طاعة أوامر النبي ﷺ وعدم مخالفتها، حتى في الأمور الدنيوية الظاهرية، لأن مخالفته قد تؤدي إلى اللعن والطرد من رحمة الله.
5- الصدق في الرواية والأمانة في نقل الأخبار: حذيفة رضي الله عنه كان صادقاً في نقله للحدث، ولم يكتم شيئاً، مما يدل على أمانة الصحابة في نقل السنة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● حادثة العقبة: غالباً ما يشير الحديث إلى حادثة تخلف بعض المنافقين في غزوة تبوك، والتي نزل فيها القرآن بذمهم وتوعيدهم.
● حذيفة بن اليمان: هو من الصحابة الذين أطلعهم النبي ﷺ على أسماء المنافقين، وكان يعرف أسرارهم، لذلك كان مرجعاً في مثل هذه الأمور.
● اللعن في الحديث: اللعن هو الطرد من رحمة الله، وهو وعيد شديد لا يصدر إلا عن ذنب عظيم.
● العبرة من قصة الماء: أن مخالفة أمر النبي ﷺ حتى في الأمور البسيطة قد تؤدي إلى عقوبات شديدة، فكيف بالأمور الكبيرة مثل التخلف عن الجهاد؟
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صفات المنافقين (٢٧٢٩: ١١) عن زهير بن حرب حدّثنا أبو أحمد الكوفي حدّثنا الوليد بن جميع، حدّثنا أبو الطفيل، فذكره.
قال النووي: وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمعنى التي كان بها بيعة الأنصار ﵃، وإنما هذه عقبة على طريق تبوك، اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول اللَّه ﷺ في غزوة تبوك فعصمه اللَّه منهم. اهـ.
قال الأعظمي: يزيده وضوحا الرواية الخالية:

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1107 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كم كان أصحاب العقبة؟

📜 حديث: كم كان أصحاب العقبة؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كم كان أصحاب العقبة؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كم كان أصحاب العقبة؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كم كان أصحاب العقبة؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية