حديث: ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة اقتداءً برسول الله ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الخضاب، وتغيير الشيب

عن زيد بن أسلم، أن ابن عمر كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة، فقيل له: لم تصبغ بالصفرة؟ فقال: إني رأيت رسول اللَّه ﷺ يصبغ بها، ولم يكن شيء أحب إليه منها، وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته.

حسن: رواه أبو داود (٤٠٦٤)، والنسائي (٥٠٨٦) كلاهما من حديث عبد العزيز يعني ابن محمد، عن زيد بن أسلم، فذكره.

عن زيد بن أسلم، أن ابن عمر كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة، فقيل له: لم تصبغ بالصفرة؟ فقال: إني رأيت رسول اللَّه ﷺ يصبغ بها، ولم يكن شيء أحب إليه منها، وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الأثر الذي ذكر – وفقه الله – رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو ليس بحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أثر عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يصف فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بهذه الصفة.
وفيما يلي شرح وافٍ لهذا الأثر:

أولاً. شرح المفردات:


● يصبغ لحيته بالصفرة: أي يلونها بمادة صفراء اللون، وهي الخضاب المعروف.
● تمتلئ ثيابه من الصفرة: أي تنتقل الصبغة إلى ثيابه من كثرة ما يضع منها.
● يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته: كان يطيبها ويصبغها بالصفرة، والعمامة ما يُلف على الرأس.

ثانياً. شرح الأثر ومعناه:


هذا الأثر يرويه زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو يصف حرص ابن عمر على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء، حتى في هيئته الخارجية.
● فعل ابن عمر: كان ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة، وهي من أنواع الطيب والزينة، حتى أن الصبغة كانت تنتقل إلى ثوبه من شدّة اعتنائه بها ووفرتها. وهذا يدل على حرصه الشديد على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة.
● سبب فعله: عندما سُئل عن سبب صبغه بالصفرة، أجاب بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وأنه لم يكن شيء أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الصفرة. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بها ثيابه كلها، حتى عمامته.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- حرص الصحابة على التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم: كان الصحابة رضي الله عنهم حريصين على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء، حتى في الأمور الدقيقة المتعلقة بالمظهر والزينة.
2- استحباب التطيب والزينة للرجال: الصبغ بالصفرة وغيرها من أنواع الطيب من السنن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبها ويفعلها، وهي تدل على نظافة المسلم وتجمله.
3- محبة النبي صلى الله عليه وسلم للصفرة: دلّ الأثر على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الصفرة، وقد ورد في أحاديث أخرى أنه قال: (إن أحب الألوان إلينا البياض، فكفنوا فيها موتاكم، والبسوها أحياءكم) رواه ابن ماجة، لكن الصفرة كانت محببة له في بعض الأحوال، خاصة في الزينة والطيب.
4- جواز صبغ اللحية: يدل هذا الأثر على جواز صبغ اللحية باللون الأصفر أو غيره من الألوان المباحة، إذا كان القصد التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم أو التجمّل.

رابعاً. معلومات إضافية:


● حكم صبغ اللحية: الصبغ بالحناء أو غيرها من المواد المباحة جائز، بل مستحب إذا كان للتجمّل أو التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
● الفرق بين الصفرة والسواد: ورد النهي عن صبغ الشيب بالسواد، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (غيّروا الشيب ولا تشبّهوا باليهود) رواه الترمذي. أما الصفرة والحمرة فجائزة.
أسأل الله أن يرزقنا الاتباع الكامل لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من المحبين له المقتفين أثره.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٠٦٤)، والنسائي (٥٠٨٦) كلاهما من حديث عبد العزيز يعني ابن محمد، عن زيد بن أسلم، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي إلا أنه توبع. رواه النسائي (٥١١٥)، وأحمد (٥٧١٧) كلاهما من حديث عبد اللَّه بن زيد، عن أبيه بإسناده نحوه. واختصره النسائي.
وعبد اللَّه بن زيد متكلم فيه ولكن لا بأس به في المتابعة.
قوله: «وقد كان يصبغ بها ثيابه. . .» شاذ، والصحيح كما في أول الحديث: اللحية، وعليه يحمل قول عبيد بن جريج في الحديث الذي ورد التصريح عند أحمد (٤٦٧٢) أنه كان يصفّر لحيته.
وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قال -وكان جليسا لهم، وكان أبيض اللحية والرأس قال-: فغدا عليهم ذات يوم وقد حمرهما، قال: فقال له
القوم: هذا أحسن، فقال: إن أمي عائشة زوج النبي ﷺ أرسلت إلي البارحة جاريتها نخيلة، فأقسمت علي لأصبغن، وأخبرتني أن أبا بكر الصديق كان يصبغ.
رواه مالك في الشعر (٨) عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فذكره. وإسناده صحيح غير أنه موقوف.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول في صبغ الشعر بالسواد: لم أسمع في ذلك شيئًا معلومًا، وغير ذلك من الصبغ أحب إلي. قال؟ وترك الصبغ كله واسع، إن شاء اللَّه، ليس على الناس فيه ضيق.
قال: وسمعت مالكا يقول: في هذا الحديث بيان أن رسول اللَّه ﷺ لم يصبغ، ولو صبغ رسول اللَّه ﷺ لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمن بن الأسود.
وفي الباب عن ابن عباس، قال: مر على النبي ﷺ رجل قد خضب بالحناء، فقال: «ما أحسن هذا» قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، فقال: «هذا أحسن من هذا» قال: فمر آخر قد خضب بالصفرة، فقال: «هذا أحسن من هذا كله»
رواه أبو داود (٤٢١١)، وابن ماجه (٣٦٢٧)، والبيهقي (٧/ ٣١٠) كلهم من طريق محمد بن طلحة، عن حميد بن وهب، عن ابن طاوس، عن طاوس، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل حميد بن وهب القرشي أبي وهب المكي قال البخاري: منكر الحديث، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وحميد مجهول النقل، وجهّله أيضًا ابن المديني.
قال الأعظمي: هذا الحديث تفرد به ولم يتابع عليه.
وأما ما روي عن ابن مسعود قال: كان النبي ﷺ يكره عشر خلال، فذكر منها: «تغيير الشيب». فهو منكر.
رواه أبو داود (٤٢٢٢)، والنسائي (٥٠٨٨)، وأحمد (٣٦٠٥)، وصحّحه ابن حبان (٥٦٨٢)، والحاكم (٤/ ١٩٥) كلهم من طريق الركين بن الربيع، يحدث عن القاسم بن حسان، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن مسعود، فذكر الحديث بطوله. وهو قوله: كان نبي اللَّه ﷺ يكره عشر خلال: الصفرة -يعني الخلوق- وتغيير الشيب، وجر الإزار، والتختم بالذهب، والتبرج بالزينة لغير محلها، والضرب بالكعاب، والرقى إلا بالمعوذات، وعقد التمائم، وعزل الماء لغير أو غير محله -أو عن محله- وفساد الصبي غير محرمه.
قال أبو داود: «انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة».
قال الأعظمي: عبد الرحمن بن حرملة لم يسمع من ابن مسعود، ولا يعرف من أصحابه إلا بهذا الحديث.
وقال البخاري: «هذا حديث منكر»، ذكره الذهبي في ترجمة قاسم بن حسان، من الميزان، وقال في التاريخ الكبير (٥/ ٢٧٠): «لم يصح حديثه».
وقاسم بن حسان لا يعرف كما قال ابن القطان، وقال الحافظ في التقريب: «مقبول» أي عند
المتابعة، والحديث ليس على شرط الجامع الكامل وإنْ كان لبعض فقراته شواهد صحيحة.
فقه أحاديث الباب:
أحاديث الباب تدل على استحباب الخضاب للرجال.
واختلف السلف في الخضاب بالسواد، فكره قوم لحديث جابر: «تجنبوا السواد» وكان أكثر عمل السلف على هذا، فكانوا يخضبون بالصفرة. منهم ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو أمامة، وجرير ابن عبد اللَّه، والمغيرة بن شعبة، وعبد اللَّه بن بسر وغيرهم.
ولم يكرهه قوم فأجازوا الخضاب بالسواد منهم: عثمان، والحسن والحسين ابنا علي، وعقبة ابن عامر، وابن سيرين، وأبو بردة، والزهري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم.
سئل محمد بن علي عن الوسمة فقال: هو خضابنا أهل البيت.
وقال أيوب عن محمد بن سيرين: لا أعلم بخضاب السواد بأسا إلا أن يغر به رجل امرأة.
قال الزهري: أمر النبي ﷺ بالأصباغ، فأحلكها أحب إلينا - يعني أسودها. أخرجه عبد الرزاق (٢٠١٧٦) عن معمر، عن الزهري.
وكذلك رخص السلف في تسويد الشعر للنساء.
ذكر عبد الرزاق (٢٠١٨) عن معمر، عن قتادة قال: رُخّص في صباغ الشعر بالسواد للنساء.
وعن حماد بن سلمة، عن أم شبيب قالت: سألنا عائشة عن تسويد الشعر، قالت: لوددتُ أن عندي شيئًا سودت به شعري.
هذه الآثار ذكرها البغوي في شرح السنة (١٢/ ٩٣ - ٩٤)، والقاضي عياض، ونقلها عنه النووي في شرح مسلم.
وأما ترك الخضاب فلم ير قوم به بأسا.
قال مالك: ترك الصبغ كله واسع للناس، بل ذهب بعض المالكية إلى كراهية تغيير الشيب لأنه نور كما ورد في الأحاديث، وقد جاء النهي عن تغيير الشيب إلا أنه لم يثبت.
وممن روي عنه من السلف ترك الصبغ: أبو بكر وعمر وعلي، كما روي عنهم خلاف ذلك. قال أبو إسحاق: رأيت عليا على المنبر أبيض الرأس واللحية. أخرجه عبد الرزاق (٢٠١٨٨) عن معمر، عن أبي إسحاق.
وقال الحسن: رأيت أبي بن كعب أبيض الرأس واللحية.
وقال عدي بن عدي: رأيت جابر بن عبد اللَّه أبيض الرأس واللحية.
وكان أبو سعيد الخدري لا يخضب وكانت لحيته بيضاء.
وقال جرير بن حازم: رأيت عطاء بن أبي رباح، ورجاء بن حيوة، ومكحولا، والحكم بن عتيبة
لحاهم بيض.
قال سعيد بن جبير: يعمد أحدكم إلى نور، جعله اللَّه في وجهه فيطفئه.
أخرجه عبد الرزاق (٢٠١٨٠) عن معمر، عن أيوب، سمعت سعيد بن جبير، فذكره.
قال أيوب: وذلك أني سألته عن الوسمة.
وكان سعيد بن المسيب شديد بياض الرأس واللحية. والأمر واسع، ولذا ذهب الشافعية إلى الخيار حسب أحوال الناس وظروفهم، وذهب الحنفية والحنابلة إلى الاستحباب، ولم يقل بوجوبها، وأما التجنب من السواد فهو أفضل خروجا من الخلاف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 151 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة اقتداءً برسول الله ﷺ

  • 📜 حديث: ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة اقتداءً برسول الله ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة اقتداءً برسول الله ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة اقتداءً برسول الله ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابن عمر يصبغ لحيته بالصفرة اقتداءً برسول الله ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب