حديث: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الخضاب، وتغيير الشيب

عن جابر قال: أتي بأبي قحافة -أو جاء- عام الفتح، أو يوم الفتح، ورأسه ولحيته مثل الثغام -أو الثغامة، فأمر - أو فأمر به- إلى نسائه، قال: «غيروا هذا بشيء».
وفي رواية: «غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد».

صحيح: رواه مسلم في اللباس والزينة (٢١٠٢: ٧٨) عن يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو خيثمة (هو زهير بن معاوية)، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.

عن جابر قال: أتي بأبي قحافة -أو جاء- عام الفتح، أو يوم الفتح، ورأسه ولحيته مثل الثغام -أو الثغامة، فأمر - أو فأمر به- إلى نسائه، قال: «غيروا هذا بشيء».
وفي رواية: «غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث صحيح ثابت عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه. سأشرحه لك جزءاً جزءاً وفق المنهج المطلوب.

أولاً. شرح المفردات:


● أبي قحافة: هو والد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، واسمه عثمان بن عامر، وكان قد عمي في آخر عمره.
● عام الفتح، أو يوم الفتح: المقصود فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.
● مثل الثغام أو الثغامة: الثغام (بفتح الثاء) والثغامة (بكسرها) هو نبات أبيض الزهر، يشبه الزعفران في بياضه. والمراد أن شعره كان شديد البياض، حتى شبه بزهر هذا النبات.
● غيروا هذا بشيء: أي غيّروا هذا اللون الأبيض بشيء يصبغه.
● واجتنبوا السواد: أي ابتعدوا عن استخدام الصبغ الأسود.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي جابر رضي الله عنه أن أبا قحافة (والد أبي بكر) أُحضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وكان شعره ولحيته أبيضين جداً كزهر نبات الثغام، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُغيَّر هذا اللون الأبيض بشيء من الصبغ (كالحناء أو غيره)، ونهاه عن استخدام السواد.
المعنى الإجمالي:
يدل الحديث على مشروعية تغيير الشيب، وهو سنة نبوية، لكن مع النهي عن الصبغ باللون الأسود تحديداً.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- مشروعية تغيير الشيب: يستحب للرجل والمرأة تغيير لون الشيب (الشعر الأبيض) صيانة للمظهر واتباعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ليس واجباً، بل هو من السنن المستحبة التي تدل على النشاط وعدم الاستسلام للهيئة التي قد توحي بالكبر والهرم.
2- تحريم الصبغ بالسواد: هذا هو أبرز حكم في الحديث. النهي عن السواد نهي تحريم عند جمهور العلماء، وذلك للأسباب التالية:
● مشابهة الكفار: كان أهل الكتاب في ذلك الوقت يصبغون شعورهم بالسواد.
● التزوير والتغيير الخداع: السواد تغيير كامل وجذري للشيب يشبه الغش والخداع، بخلاف الألوان الأخرى (كالحناء الذي يعطي لوناً أحمر أو برتقالياً) فهو تغيير لا يصل إلى حد التزوير الكامل.
● قول النبي صلى الله عليه وسلم الصريح: "واجتنبوا السواد". والاجتناب في لغة الشرع يأتي بمعنى الترك والابتعاد عن المحرم.
3- الجواز بغير السواد: يجوز الصبغ بأي لون آخر غير الأسود، كالحناء الذي يعطي اللون الأحمر، أو بالوسمة (نبات) الذي يعطي اللون الأصفر، أو بمزجهما للحصول على لون بينهما. وهذا هو المقصود بقوله: "غيروا هذا بشيء".
4- رفق النبي صلى الله عليه وسلم وأدبه: أمر بتغيير الشيب بطريقة لطيفة، لم يقل "صبوغوا" مباشرة، بل قال: "غيروا هذا بشيء" وهي صيغة فيها رقة وتلطف، مما يدل على كمال خلقه وحسن تعامله حتى في النصيحة.
5- العناية بالمظهر دون إسراف أو غلو: الإسلام دين الفطرة، يأمر بالاعتناء بالمظهر والنظافة والهيئة الحسنة، ولكن ضمن ضوابط شرعية تمنع الغلو والتشبه بغير المسلمين.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم من صبغ بالسواد: ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية) إلى تحريم الصبغ بالسواد للرجل والمرأة. وقال الحنابلة: يكره للرجال ويجوز للنساء للضرورة أو لحاجة الزوج، ولكن الراجح هو القول بالتحريم مطلقاً للحديث الصريح.
● الاستثناء من التحريم: يستثنى من ذلك حالات الجهاد، حيث أجاز بعض العلماء للقائد أن يصبغ لحيته بالسواد ليرهب العدو، كما فعل بعض الصحابة.
● الحكمة من النهي: كما سبق، هي قطع الطريق على الغش والخداع ومشابهة أهل الكتاب.
● هل النهي للتحريم أم للكراهة؟: الراجح كما ذكرنا أنه للتحريم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "واجتنبوا السواد" والاجتناب أمر شديد.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العمل بسنن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في اللباس والزينة (٢١٠٢: ٧٨) عن يحيى بن يحيى، أخبرنا أبو خيثمة (هو زهير بن معاوية)، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره.
والرواية الثانية عند مسلم أيضًا (٧٩) عن أبي الطاهر، أخبرنا عبد اللَّه بن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
لكن رواه أحمد (١٤٦٤١) عن حسن (هو ابن موسى الأشيب) وأحمد بن عبد الملك قالا: حدّثنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر قال أحمد في حديثه: حدّثنا أبو الزبير، عن جابر قال: أتي
رسول اللَّه ﷺ بأبي قحافة أو جاء عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغام أو مثل الثغامة قال حسن: فأمر به إلى نسائه قال: «غيروا هذا الشيب».
قال حسن: قال زهير: قلت لأبي الزبير: أقال: جنبوه السواد؟ قال: لا.
وهذا إسناد أيضًا صحيح.
ورواه أبو داود الطيالسي (١٨٦٠) قال: حدّثنا زهير، عن أبي الزبير قال: قلت له: أحدثك جابر أن رسول اللَّه ﷺ قال لأبي قحافة: «غيروا، وجنبوه السواد». فقال: لا.
ورواه النسائي (٥٢٤٢)، والحاكم (٣/ ٢٤٥) بإسنادهما عن ابن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أتي النبي ﷺ بأبي قحافة، ورأسه ولحيته كأنها ثغامة، فقال النبي ﷺ: «غيروا - أو اخضبوا» ولم يذكر فيه: «جنبوه السواد».
فالمحفوظ في حديث جابر عدم ذكر «جنبوه السواد».
ولكن جاء ذكره في حديث أنس الآتي:

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 133 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد

  • 📜 حديث: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب