حديث: كراهية نتف الشعر الأبيض من الرأس واللحية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الخضاب، وتغيير الشيب

عن أنس بن مالك، قال: يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته، قال: ولم يختضب رسول اللَّه ﷺ، إنما كان البياض في عنفقته وفي الصدغين
وفي الرأس نبذ.

متفق عليه: رواه مسلم في الفضائل (٢٣٤١: ١٠٤) عن نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا أبي، حدّثنا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.

عن أنس بن مالك، قال: يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته، قال: ولم يختضب رسول اللَّه ﷺ، إنما كان البياض في عنفقته وفي الصدغين
وفي الرأس نبذ.

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام الترمذي في سننه، وهو حديث صحيح. وإليك شرحه الوافي على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


* يُكْرَهُ: يعني في اصطلاح الفقهاء أنه ليس حراماً تحريماً مؤكداً، ولكنه أمر يُترك ويُتجنب؛ فهو من باب التنزيه، ويدل على أن فعله خلاف الأولى والأفضل.
* يَنْتِفَ: يقصد به نزع الشعرة وإزالتها بقوة باستخدام الأصابع أو ملقط (نتف).
* الشَّعْرَةَ البَيْضَاءَ: هي الشعرة التي فقدت لونها الأسود أو الغامق الطبيعي وصارت بيضاء، وهي علامة من علامات الشيخوخة والتقدم في السن.
* لِحْيَتِهِ: الشعر النابت على الذقن والخدين.
* يَخْتَضِبَ: من الاختضاب، وهو صبغ الشعر لتغيير لونه، عادة لإخفاء الشيب.
* عَنْفَقَتِهِ: هي الشعر الذي ينبت تحت الشفة السفلى وفوق الذقن.
* الصُّدْغَيْنِ: هما الجزءان الموجودان على جانبي الوجه بين العين والأذن.
* نُبْذٌ: يعني قليل، أي كان في رأس النبي ﷺ عدد قليل من الشعر الأبيض.

2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه عن أمرين:
* الحكم الشرعي: أن نتف الشعر الأبيض من الرأس أو اللحية أمر مكروه في الشرع، أي أنه ليس محرماً تحريماً يصل إلى الإثم، ولكنه ليس من الأفعال المستحبة، والأولى للمسلم تركه.
* حال النبي ﷺ: يؤكد أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ لم يصبغ شعره أبداً ليخفي الشيب. وكان شيب النبي ﷺ مقتصراً على عدد قليل من الشعرات في مواضع محددة، وهي:
* في عنفقته: تحت شفته السفلى.
* وفي الصدغين: على جانبي وجهه.
* وفي الرأس نبذ: أي كان في رأسه عدد قليل متفرق من الشعر الأبيض.

3. الدروس المستفادة منه:


1- كراهة نتف الشيب: ذهب جمهور العلماء من المذاهب الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى كراهة نتف الشعر الأبيض، واستدلوا بهذا الحديث وغيره. والحكمة من الكراهة:
* الشيب نور للمؤمن، كما في الحديث: "شَيْبَةٌ فِي الإِسْلاَمِ لاَ تُشِيبُهَا الأَيَّامُ تُوضَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهَا". فهو شعار يجلله الله تعالى عبده به.
* النتف قد يسبب ألماً أو التهاباً أو ضرراً للبصيلات، والشارع الحكيم ينهى عن كل ما فيه ضرر.
* هو تغيير لخلق الله بغير طريقة مشروعة (كالحلق أو القص).
2- البديل المشروع: إذا أراد المسلم إزالة الشيب، فالأفضل أن يفعل ذلك بالحلق أو القص، أو بالصبغ بمواد طيبة الرائحة وحلالة (كالحناء والكتم)، كما كان الصحابة يفعلون. فالنبي ﷺ لم ينه عن الصبغ، بل أقرّه، وإنما كان هديه الشخصي هو ترك الشعر على طبيعته.
3- التواضع وعدم التكلف: في هدي النبي ﷺ أعظم قدوة؛ فقد قبل التغيرات الطبيعية التي تصيب الإنسان مع تقدم السن، ولم يتكلف لتغيير مظهره الطبيعي، مع أن الصبغ كان معروفاً ومتاحاً. هذا يدل على التواضع وعدم الاهتمام المفرط بالهيئة الخارجية.
4- اتباع السنة وعدم التنطع: الحديث يرشدنا إلى الوسطية والاعتدال. فمن نتف شعره الأبيض لم يأثم، ولكنه ترك الأفضل. والأكمل للمسلم أن يقتدي بهدي النبي ﷺ فيترك شيبته تتجلى كشعار للوقار والعزة، أو أن يصبغها بطريقة مشروعة إذا أراد.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* اختلف العلماء في حكم نتف الشيب على أقوال، وأقواها وأرجحها هو القول بالكراهة (خلاف الأولى) وليس التحريم.
* وردت أحاديث أخرى تحث على عدم نتف الشيب، منها قوله ﷺ: "لا تنتفوا الشيب، فإنه نور الإسلام، وما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب له بها حسنة، ورفع بها درجة".
* كان بعض الصحابة، مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، يختضبون بالحناء وغيره، فأقرهم النبي ﷺ على ذلك، مما يدل على جواز الصبغ.
والخلاصة: أن السنة ترك الشيب على حاله، أو إزالته بالقص أو الحلق، أو تغيير لونه بالصبغ الحلال. وأما النتف فمكروه، والأولى للمسلم تركه اقتداءً بالسنة وطلباً للكمال في العمل.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الاتباع ويدفع عنا الابتداع.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الفضائل (٢٣٤١: ١٠٤) عن نصر بن علي الجهضمي، حدّثنا أبي، حدّثنا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، فذكره.
ورواه البخاريّ في المناقب (٣٥٥٠) عن أبي نعيم، حدّثنا همام، عن قتادة، قالي: سألت أنسا هل خضب النبي ﷺ؟ قال: لا، إنما كان شيء في صدغيه.
قوله: «عنفقته» قال ابن الأثير: العنفقة الشعر الذي في الشفة السفلي، وقيل: الشعر الذي بينها وبين الذقن، وأصل العنفقة: خفة الشيء وقلته.
وقوله: «الصدغين» الصدغ ما بين الأذن والعين، ويقال ذلك أيضًا للشعر المتدلي من الرأس في ذلك المكان. الفتح (٦/ ٥٧٢).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 144 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كراهية نتف الشعر الأبيض من الرأس واللحية

  • 📜 حديث: كراهية نتف الشعر الأبيض من الرأس واللحية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كراهية نتف الشعر الأبيض من الرأس واللحية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كراهية نتف الشعر الأبيض من الرأس واللحية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كراهية نتف الشعر الأبيض من الرأس واللحية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب