حديث: النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فرق شعر الرأس

عن ابن عباس قال: كان النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي ﷺ ناصيته، ثم فرق بعد.

متفق عليه: رواه البخاريّ في اللباس (٥٩١٧)، ومسلم في الفضائل (٢٣٣٦١) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، حدّثنا ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال: كان النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي ﷺ ناصيته، ثم فرق بعد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:


عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدُلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُفَرِّقُونَ رُءُوسَهُمْ، فَسَدَلَ النَّبِيُّ ﷺ نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَّقَ بَعْدُ».
رواه الإمام البخاري في صحيحه.


1. شرح المفردات:


● يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ: كان النبي ﷺ يميل ويختار أن يفعل مثل فعل أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى) في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي يمنعها أو يأمر بخلافها.
● يَسْدُلُونَ أَشْعَارَهُمْ: "السَّدْل" في الشعر يعني إرساله وإرخاءه دون تقسيمه، بحيث يكون منسدلاً على الجانبين أو على الظهر.
● يُفَرِّقُونَ رُءُوسَهُمْ: "التَّفْرِيق" أو "الفَرْق" هو تقسيم الشعر إلى قسمين، بحيث يجعلون جزءًا على الجانب الأيمن وجزءًا على الجانب الأيسر، وهو ما يعرف بـ "الفرق" أو "الانسياق".
● نَاصِيَتَهُ: مقدمة الرأس عند الجبهة، وهي الشعر الذي في مقدم الرأس.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن هدي النبي ﷺ في التعامل مع العادات والأمور المباحة التي لم يرد فيها أمر خاص من الله تعالى.
● موافقة أهل الكتاب في غير المحذور: كان من هديه ﷺ أن يختار – في الأمور العادية التي لم يرد فيها تشريع محدد – أن يفعل كما يفعل أهل الكتاب (أهل الديانات السابقة المحرفة). وهذا من حكمته ﷺ؛ لأن في ذلك تقريبًا لهم وإشعارًا بأن الإسلام جاء مصدقًا لما بين أيديهم من الحق، وليس نافيًا لكل ما عندهم. فهو نوع من المداهبة واللطف بهم ليدخلوا في الإسلام.
● قصة تسديل الشعر وتفريقه: يضرب ابن عباس مثالاً عمليًا على هذه القاعدة. فكانت هناك عادتان سائدتان في تسريح الشعر:
1. عادة أهل الكتاب: وهي تسديل الشعر، أي إرساله وعدم تقسيمه.
2. عادة مشركي العرب: وهي تفريق الشعر (عمل فرق في منتصف الرأس).
- فبدأ النبي ﷺ أولاً بِتَسْدِيلِ نَاصِيَتِهِ، موافقةً لأهل الكتاب في هذه الهيئة المباحة.
- ثم بعد ذلك، فَرَّقَ رأسَه، أي غير هيئته إلى الفرق، مخالفة للمشركين وموافقة لأهل الكتاب في أصل الفعل (وهو تغيير الهيئة) وإن اختلفت الكيفية. وقيل: إنه فعل ذلك ليبين الجواز في الأمرين كليهما، وأنهما من الأمور العادية التي لا حرج فيها.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة الإسلام ومرونته: الحديث يدل على أن الأصل في العادات والأمور الدنيوية هو الإباحة، ما لم يرد دليل بالتحريم أو الكراهة. فتصفيف الشعر بهذه الطريقة أو تلك من الأمور المباحة.
2- الحكمة في الدعوة: يُستفاد من الحديث أسلوب الحكمة في الدعوة إلى الله، وذلك بتقريب قلوب الآخرين (كأهل الكتاب) بالموافقة في الأمور المباحة، مما يسهل قبولهم للحق ويدفعهم للاستماع إلى الدعوة بدون تعصب مسبق.
3- التدرج في المخالفة: فعل النبي ﷺ يظهر منهجًا حكيمًا في التغيير، حيث بدأ بموافقة أهل الكتاب، ثم انتقل إلى هيئة أخرى، مبينًا بذلك أن المخالفة ليست مقصودة لذاتها، بل المقصود هو اتباع الحق.
4- جواز تغيير الهيئة والشكل: الحديث دليل على جواز تغيير هيئة الشعر وتسريحه بالطرق المختلفة، ما دام ذلك لا يشبه أشكالاً محرمة (كشكل الكفار المعينين الذين نهينا عن التشبه بهم) أو كان فيه إسراف محرم.
5- فعل النبي ﷺ يشرع لأمته: فعل النبي ﷺ لهذه الهيئات يدل على جوازها لأمته، وأنها من السنن الفعلية في العادات.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل من أصول الفقهاء في باب "الاستحباب"، حيث يستحب للمسلم موافقة أهل الكتاب في بعض الأمور المباحة التي لم ترد فيها نصوص، إذا كان في ذلك مصلحة دعوية.
- الفعل الأول (التسديل) كان للتقريب، والفعل الثاني (التفريق) كان بيانًا للجواز ومخالفة للمشركين في نفس الوقت.
- يستنبط من هذا الحديث أيضًا أن مخالفة المشركين مطلوبة في الأمور التي تكون شعارًا خاصًا بهم أو من دينهم المحرف.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في اللباس (٥٩١٧)، ومسلم في الفضائل (٢٣٣٦١) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، حدّثنا ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس، فذكره.
قوله: «يسدلون أشعارهم» أي يرسلونه.
وقوله: «يفرقون رؤوسهم» فرق شعر الرأس هو قسمته من المفرق، وهو وسط الرأس، والمفرق هو مكان انقسام الشعر من الجبين إلى دارة وسط الرأس.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 153 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه

  • 📜 حديث: النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النبي ﷺ يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب