حديث: لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله كأنه كرهه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب اتخاذ الخاتم من فضة وكراهية اتخاذه من حديد

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أنه لبس خاتما من ذهب، فنظر إليه رسول اللَّه ﷺ، كأنه كرهه، فطرحه، ثم لبس خاتما من حديد. فقال: «هذا أخبث وأخبث»، فطرحه، ثم لبس خاتما من ورق، فسكت عنه.

حسن: رواه أحمد (٦٩٧٧) عن سريج، حدّثنا عبد اللَّه بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكره.

عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أنه لبس خاتما من ذهب، فنظر إليه رسول اللَّه ﷺ، كأنه كرهه، فطرحه، ثم لبس خاتما من حديد. فقال: «هذا أخبث وأخبث»، فطرحه، ثم لبس خاتما من ورق، فسكت عنه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:


عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه لبس خاتماً من ذهب، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنه كرهه، فطرحه، ثم لبس خاتماً من حديد. فقال: «هذا أخبث وأخبث»، فطرحه، ثم لبس خاتماً من ورق، فسكت عنه.

1. شرح المفردات:


● خاتماً من ذهب: حلقة مصنوعة من معدن الذهب الخالص.
● كأنه كرهه: أظهر النبي صلى الله عليه وسلم علامات الاستياء والكراهية من فعله.
● طرحه: رماه وألقاه تاركاً إياه.
● خاتماً من حديد: مصنوع من معدن الحديد.
● أخبث وأخبث: أكثر خبثاً ونجاسة (في المعنى المعنوي أو الحسي حسب السياق).
● خاتماً من ورق: هنا المقصود بالورق هو الفضة، كما هو معروف في لغة العرب.
● فسكت عنه: لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، بل سكت إقراراً وموافقة.

2. شرح الحديث:


يُبيّن هذا الحديث موقف النبي صلى الله عليه وسلم من لبس الخواتم المصنوعة من معادن مختلفة، وذلك على النحو التالي:
● لبس الذهب: عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص يلبس خاتماً من ذهب، أظهر كراهيته لذلك؛ لأن الذهب محرم على الرجال في الشريعة الإسلامية، وقد وردت نصوص كثيرة في تحريمه عليهم، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ» (رواه الترمذي والنسائي). فَعَلِمَ عبد الله بن عمرو بن الكراهة من نظرة النبي صلى الله عليه وسلم، فبادر إلى طرح الخاتم طاعة لله ورسوله.
● لبس الحديد: بعد أن طرح خاتم الذهب، انتقل عبد الله بن عمرو إلى لبس خاتم من حديد، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً ووصفه بأنه "أخبث وأخبث". والمراد بـ "أخبث" هنا: أنه أقبح وأردأ من الذهب؛ لأن الحديد كان يُستعمل غالباً في صناعة السلاسل والأغلال، أو لأنه معدنٌ قليل القيمة، وقد يكون فيه معنى النجاسة الحسية أو المعنوية. وقيل: إن الخبث هنا يشير إلى أن الحديد معدنٌ يصدأ ويتغير، بخلاف الفضة والذهب. وعلى كل حال، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يُرِدْ بهذا الوصف تحليلاً أو تحريماً مطلقاً للحديد، بل أنكر على عبد الله بن عمرو خصوصاً؛ لأنه انتقل من معدنٍ حرام إلى معدنٍ قبيح ومكروه، فكأنه لم ينتقل إلى الأفضل.
● لبس الفضة (الورق): عندما انتقل عبد الله بن عمرو إلى لبس خاتم من فضة، سكت النبي صلى الله عليه وسلم عنه، والسكوت في مثل هذا المقام يُعدّ إقراراً وموافقة. وهذا يدل على أن لبس خاتم الفضة جائز للرجال، وهو ما عليه جمهور العلماء. وقد وردت أحاديث أخرى تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم himself كان يلبس خاتماً من فضة، كما في صحيح البخاري ومسلم.

3. الدروس المستفادة منه:


● طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع هديه: عبد الله بن عمرو بن العاص لم يتردد في طرح الخاتم عندما رأى كراهية النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على سرعة استجابة الصحابة لأمر النبي ونهيه.
● تحريم لبس الذهب على الرجال: وهذا الحكم مجمع عليه بين العلماء، ولا خلاف فيه.
● كراهة لبس خاتم الحديد للرجال: ذهب كثير من العلماء إلى كراهة ذلك، وإن لم يصل إلى درجة التحريم، استناداً إلى هذا الحديث.
● جواز لبس خاتم الفضة للرجال: وهو مذهب الجمهور، واستدلوا بهذا الحديث وغيره.
● التدرج في التعليم والتربية: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عبد الله بن عمرو مباشرة، بل أشار بكرهه، ففهم الصحابي المراد، ثم بين له الخطأ عندما انتقل إلى ما هو أخبث، ثم سكت عندما اختار المباح. وهذا أسلوب حكيم في التعليم.
● اجتناب المشتبهات والقبائح: حتى لو كانت مباحة، فإن المسلم يختار الأطيب والأحسن، كما في قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف: 157).

4. معلومات إضافية مفيدة:


- الخاتم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كان يُستخدم للختم على الرسائل، وكذا للزينة.
- يجوز للرجل أن يلبس خاتم فضة، ولكن بدون تفصع (أي بدون تكبر وخيلاء)، وأن لا يكون فيه صورة محرمة، وأن لا يشبه خواتم النساء.
- بعض العلماء كرهوا لبس الحديد للرجال لحديث الباب، وبعضهم أجازه إذا كان للضرورة أو كان مغطى بغلاف، ولكن الأولى تجنبه.
- الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي، وغيرهم، وهو حسن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٦٩٧٧) عن سريج، حدّثنا عبد اللَّه بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فذكره.
وعبد اللَّه بن المؤمل مختلف فيه، فضعّفه أكثر أهل العلم، وقال ابن معين: «صالح الحديث»، وذكره ابن حبان في الثقات. ويقوّيه الإسناد الأول، ولعل عبد اللَّه بن المؤمل أخطأ في قوله: «أنه لبس خاتما من ذهب»، والصحيح أنه لبسه رجل آخر كما في الحديث الأول.
وفي الباب ما روي عن بريدة أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ وعليه خاتم من شِبْه، فقال له: «ما لي أجد منك ريح الأصنام» فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد، فقال: «ما لي أرى عليك حلية أهل النار» فطرحه، فقال: يا رسول اللَّه، من أي شيء أتخذه؟ قال: «اتخذه من ورق، ولا تتمه مثقالا».
وفي رواية: ثم جاء وعليه خاتم من ذهب فقال: «ارمِ عنك حلية أهل الجنة»
رواه أبو داود (٤٢٢٣)، والترمذي (١٧٨٥)، والنسائي (٥١٩٥)، وصحّحه ابن حبان (٥٤٨٨) كلهم من طريق زيد بن حباب، عن عبد اللَّه بن مسلم السلمي المروزي أبي طيبة، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه، فذكره.
قال الترمذيّ: «هذا حديث غريب». أي ضعيف.
قال الأعظمي: لأن فيه أبا طيبة وهو عبد اللَّه بن مسلم قال أبو حاتم: «لا يحتج به ويكتب حديثه»، وقال النسائي في الكبرى (٩٤٤٢): «هذا حديث منكر»، وضعفه أيضًا الحافظ في الفتح (١٠/ ٢٥٦).
قال الأعظمي: لأن في بعض ألفاظه نكارة أيضًا ليس لها أصل.
قوله: «الشبه» معناه النحاس الأصفر جمعه أشباه.
فقه الحديث:
النهي يحمل على التنزيه كما قال الإمام أحمد عند ما سئل عن خاتم الحديد يُكره؟ فقال: «إي واللَّه». لأن حمله على التحريم يعارضه الحديث الصحيح وهو حديث الواهبة نفسها، وإن قال بعض أهل العلم: جواز الالتماس لا يلزم جواز اللبس، ولكن أكبر فائدة من الخاتم هو لبسه، ثم خاتم الحديد هو شيء حقير لا ينتفع بقيمته كما لا يستفاد منه لشيء آخر مثل صنع السكين وغيره.
وأما إن كان مطليا أو ملويا بالفضة فلا حرج فيه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 297 من أصل 337 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله كأنه كرهه

  • 📜 حديث: لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله كأنه كرهه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله كأنه كرهه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله كأنه كرهه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله كأنه كرهه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب