حديث: حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في الغنم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في حب المال والشرف

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «ما ذئبان ضاريان جائعان في غنم افترقت أحدهما في أولها والآخر في آخرها بأسرع فسادًا من امرئ في دينه يحب شرف الدنيا ومالها».

حسن: رواه أبو يعلى (٦٤٤٩) عن أبي بكر بن زنجويه، حدّثنا عمرو بن الربيع، حدّثنا يحيى ابن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «ما ذئبان ضاريان جائعان في غنم افترقت أحدهما في أولها والآخر في آخرها بأسرع فسادًا من امرئ في دينه يحب شرف الدنيا ومالها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا حديث عظيم يحذر من آفة خطيرة تهدم الدين وتفسد القلب، وهو حب الشرف والمال الدنيوي. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ"، وهو حسن.

### ثانيًا. شرح المفردات
* ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ: الذئبان: حيوان مفترس معروف. و"ضاريان": أي متعودان على الصيد والافتراس، شديدا الجوع والشراسة.
* جَائِعَانِ: في حالة جوع شديد تدفعهما للهجوم على أي فريسة.
* فِي غَنَمٍ: داخل قطيع من الغنم (الضأن والمعز).
* افْتَرَقَا: تفرقا وتباعدا.
* أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِهَا: أحد الذئبين دخل من مقدمة القطيع.
* وَالْآخَرُ فِي آخِرِهَا: والذئب الآخر دخل من مؤخرة القطيع لمهاجمتها.
* بِأَسْرَعَ فَسَادًا: لا يسببان تلفًا وفسادًا للغنم.
* مِنَ امْرِئٍ فِي دِينِهِ: من رجل (أي شخص) لحياته الدينية وإيمانه.
* يُحِبُّ شَرَفَ الدُّنْيَا وَمَالَهَا: يحب المناصب الدنيوية الرفيعة (الرئاسة، الجاه، المنزلة عند الناس) والمال الكثير.

### ثالثًا. شرح الحديث
يضرب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مثلاً بيّنًا وقويًا لتأثير حب الدنيا، وخاصة الشرف (الجاه والمنصب) والمال، على دين المسلم وإيمانه.
* الصورة الأولى (الذئبان والغنم): يتخيل النبي صلى الله عليه وسلم مشهدًا فيه قطيع غنم سليم، فجأة يهجم عليه ذئبان شرسان، جائعان، خبيران بالصيد. أحدهما يهجم من المقدمة والآخر من المؤخرة، مما يسبب ذعرًا شديدًا في القطيع، ويفسد عليه سكينته وأمنه، ويفترسان منه ما يشاءان. هذا الذئبان، رغم شراستهما وجوعهما، لهما تأثير محدود؛ فقد يأكلان شاة أو شاتين، ويسببان ذعرًا مؤقتًا.
* الصورة الثانية (حب الدنيا في الدين): ثم يأتي التشبيه الأقوى: إن خطر رجل يحب الشرف الدنيوي والمال على دينه أسرع وأعظم فسادًا من خطر هذين الذئبين على ذلك القطيع! فحب الدنيا والمناصب والمال لا يهاجم الإنسان من خارج فقط، بل يهاجمه من داخله، فيفسد نيته، ويضعف إيمانه، ويشغله عن الله وعن الآخرة.
* لماذا كان الخطر أسرع وأعظم؟
* الذئبان يهاجمان من الخارج، ويمكن مقاومتهما والدفاع عنهما.
* أما حب الدنيا فيدخل إلى القلب، وهو عاصم الإنسان، فإذا فسد القلب فسد الجسد كله.
* الذئبان يفترسان بعض الأجساد، أما حب الدنيا فيفترس الدين نفسه، وهو أغلى ما يملكه المسلم.
* الذئبان يظهر عداوتهما، أما حب الدنيا فيخدع صاحبه ويُزيّن له ويوهمه أنه على خير.

### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- خطر حب الدنيا والجاه: الحديث تحذير صريح من أن محبة المناصب والرئاسات والمال يمكن أن تكون من أعظم المهلكات للدين، إذا تمكنت من القلب وأصبحت همّ الإنسان الشاغل.
2- إخلاص النية لله: يجب على المسلم أن يحرص على إخلاص نيته في جميع أعماله لله تعالى، لا لطلب مدح الناس أو الحصول على منصب دنيوي أو مال.
3- القلب ملك الجوارح: فساد القلب بحب الدنيا يؤدي إلى فساد جميع الأعمال، لأن الأعمال بالنيات، وإذا فسدت النية فسد العمل.
4- الزهد في الدنيا: ليس المقصود ترك الدنيا بالكلية، بل عدم جعلها غاية القلب وهمّه الأكبر. فالزهد هو أن لا يفرح بما أخذ منها ولا يحزن على ما فاته، وأن يكون وجودها عنده كعدمها.
5- التحذير للعلماء والدعاة خاصة: هذا الحديث موجه تحذيره بشكل خاص لأهل العلم والدعاة، فهم الأكثر تعرضًا لهذا البلاء (حب الشرف والرياسة)، فيجب عليهم مجاهدة أنفسهم ومراقبة نياتهم.

### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
* هذا الحديث مرتبط بحديث آخر عظيم هو أساس الأعمال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ». فحب الشرف والمال يفسد النية.
* من الآيات القرآنية التي تعالج هذا الموضوع قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا ك
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى (٦٤٤٩) عن أبي بكر بن زنجويه، حدّثنا عمرو بن الربيع، حدّثنا يحيى ابن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب فإنه حسن الحديث إذا لم يخالف، ولم يأت بما ينكر عليه.
وكذلك عمارة بن غزية أيضًا حسن الحديث، وجوّد إسناده البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (٧٢٥٢).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 200 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في الغنم

  • 📜 حديث: حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في الغنم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في الغنم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في الغنم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في الغنم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب