حديث: الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في حب المال والشرف

عن جابر بن عبد اللَّه أنه سمع رسول اللَّه ﷺ يقول: «ما ذئبان جائعان ضاريان في غنم قد غاب عنها رعاؤها بأفسد من التماس الشرف والمال لدين المؤمن».

حسن: رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (٢/ ١٠٥)، والبيهقي في الشعب (٩٧٨٧) كلاهما من طرق عن موسى بن يعقوب الزمعي، عن معاذ بن رفاعة الأنصاري الزرقي، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه أنه سمع رسول اللَّه ﷺ يقول: «ما ذئبان جائعان ضاريان في غنم قد غاب عنها رعاؤها بأفسد من التماس الشرف والمال لدين المؤمن».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر فيه من آفتين خطيرتين تهلكان دين المؤمن. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، والحاكم في مستدركه، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وهو حسن.
### ثانياً. شرح المفردات
● ذئبان: مثنى ذئب، وهو حيوان مفترس معروف بشراسته وافتراسه للغنم.
● جائعان: حال من الجوع الشديد الذي يزيد من شراسة الحيوان وحرصه على الفريسة.
● ضاريان: متعودان على الصيد والافتراس، قويان وماهران فيه.
● في غنم: داخل قطيع من الأغنام.
● غاب عنها رعاؤها: ذهب ومضى رعاتها الذين يحمونها، فصارت بدون حماية.
● أفسد: أكثر إفساداً وتخريباً.
● التماس: طلب والسعي وراء شيء.
● الشرف: المنزلة والجاه والمراتب العالية بين الناس.
● المال: كل ما يملكه الإنسان من نقود وعقارات وغيرها.
● لدين المؤمن: لديانة المؤمن وإيمانه، أي في الإضرار بها وإفسادها.
### ثالثاً. شرح الحديث
يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم خطر طلب الشرف (الجاه والمناصب) وطلب المال على دين المؤمن، بخطر ذئبين جائعين خبيرين بالصيد قد دخلا على قطيع غنم ليس له راعٍ يحميه.
● الصورة الأولى (الذئبان والغنم): الذئبان الجائعان الضاريان يمثلان أعلى درجات الخطر على الغنم. الجوع يدفعهما للافتراس، والخبرة (الضارية) تمكنهما من تحقيق ذلك بفعالية، وغياب الراعي يعني انعدام الحماية. النتيجة محتمة: افتراس وتمزيق لذلك القطيع.
● الصورة الثانية (طلب الشرف والمال): سعي المؤمن بجد وحرص ل收集 الجاه والمناصب (الشرف) وجمع الأموال (المال) يمثل نفس مستوى ذلك الخطر، بل أعظم خطراً على أغلى ما يملكه وهو دينه.
والعلاقة في التشبيه واضحة:
● الذئب الجائع = شدة الحرص على المال أو المنصب.
● الذئب الضاري = الخبرة والحيلة في طلب الدنيا والوصول إليها بكل الطرق.
● الغنم = دين المؤمن وعقيدته.
● غياب الراعي = ضعف الوازع الديني، أو غفلة القلب عن الله، أو عدم وجود من ينصح ويذكر.
فكما أن الذئبين لا يتركان من الغنم إلا carcass ممزقاً، فإن حرص المؤمن على الدنيا (شرفها ومالها) لا يترك من دينه إلا ديناً منخوراً، ضعيفاً، مليئاً بالثغرات والآفات.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- خطر الدنيا على الدين: الحديث تحذير صريح من أن حب الدنيا والتهافت عليها هو رأس كل خطيئة، وهو الذي يفسد الدين كما يفسد الذئب الغنم.
2- الحرص على المال والجاه أشد فساداً: ليس كل طلب للرزق مذموماً، ولكن المذموم هو التماسهما بمعنى السعي الشديد والحرص الزائد عليهما، وجعلهما غاية وليس وسيلة، حتى يصير القلب متعلقاً بهما.
3- ضرورة حفظ الدين: على المؤمن أن يكون حريصاً على دينه أكثر من حرصه على دنياه، وأن يجعل طلب المال والمنصب في إطار الحلال الذي لا يُضيّع فرضاً ولا يُوقع في حرام.
4- العلاج يكون بالزهد: الزهد ليس ترك الدنيا تماماً، ولكن أن لا يفرح المسلم بما حصل منها ولا يحزن على ما فاته، وأن يكون قلبه معلقاً بالآخرة لا بالدنيا.
5- المناصب مسئولية: طلب المنصب (الشرف) لأجل التسلط والرياسة محرم، أما طلبه للقيام بحق الله وأداء أمانة الإسلام فهو مطلوب شرعاً، ولكن مع الخوف من عواقبه.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث يدخل في باب "الزهد والرقائق"، وهو من الأحاديث التي تُرقق القلب وتذكره بخطر الدنيا.
- جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين "الشرف" و"المال" لأنهما رغبة غالب الناس، فمن لم يطلبهما للدنيا فقد نجا.
- من الآثار الواردة في هذا المعنى قول بعض السلف: "ما ذئبان ضاريان في غنم تفَرَّق رعاؤها بأفسد فيها من حرص المرء على المال والشرف لدينه".
- على المسلم أن يتعامل مع الدنيا على أنها وسيلة للعبادة وعمارة الأرض، لا أنها غاية.
نسأل الله أن يعيننا على حفظ ديننا، وأن يجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو نعيم في أخبار أصبهان (٢/ ١٠٥)، والبيهقي في الشعب (٩٧٨٧) كلاهما من طرق عن موسى بن يعقوب الزمعي، عن معاذ بن رفاعة الأنصاري الزرقي، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل موسى بن يعقوب فإنه حسن الحديث إذا لم يخالف.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 201 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها

  • 📜 حديث: الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب