حديث: أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من اختيار الرهبانية وترك الدنيا

عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون -واسمها خولة بنت حكيم- على عائشة وهي باذّة الهيئة، فسألتها: ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي ﷺ فذكرت ذلك له عائشة، فلقي النبي ﷺ فقال: «يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة؟ فواللَّه إن أخشاكم للَّه، وأحفظكم لحدوده لأنا».

صحيح: رواه عبد الرزاق (١٠٣٧٥) عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة قالت: فذكرته.

عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون -واسمها خولة بنت حكيم- على عائشة وهي باذّة الهيئة، فسألتها: ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي ﷺ فذكرت ذلك له عائشة، فلقي النبي ﷺ فقال: «يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة؟ فواللَّه إن أخشاكم للَّه، وأحفظكم لحدوده لأنا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

الحديث:


عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون -واسمها خولة بنت حكيم- على عائشة وهي باذّة الهيئة، فسألتها: ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي ﷺ فذكرت ذلك له عائشة، فلقي النبي ﷺ فقال: «يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة؟ فواللَّه إن أخشاكم للَّه، وأحفظكم لحدوده لأنا».


1. شرح المفردات:


● باذّة الهيئة: متغيرة الحال، غير مهتمة بمظهرها، وقد يظهر عليها الإعياء أو الإهمال بسبب انشغالها أو همها.
● الرهبانية: هي التعبُّد الشديد بالانقطاع عن الدنيا وملذاتها، كالاعتزال في الصوامع، وترك الزواج، والإكثار من الصوم والصلاة إلى درجة الإضرار بالنفس أو إهمال الحقوق.
● لم تكتب علينا: لم تُفرض علينا في شريعتنا، بل هي من شرائع من قبلنا التي نسخت أو لم تشرع لنا.
● أسوة: قدوة وحُجة يُقتدى بها.
● أخشاكم لله: أشدكم خوفًا وتعظيمًا لله تعالى.
● أحفظكم لحدوده: أحرصكم على الالتزام بأوامر الله ونواهيه، وعدم تجاوز حدوده الشرعية.


2. شرح الحديث:


تدخل خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون -رضي الله عنهما- على السيدة عائشة، وهي في حالة من الإهمال والتعب، فسألتها عائشة عن سبب ذلك، فأخبرتها أن زوجها يعتكف على العبادة بشكل مفرط؛ فهو يصوم النهار كله ويقوم الليل كله، مما أثر على حالها وحياتها الأسرية.
عندما دخل النبي ﷺ، أخبرته عائشة بما قالته خولة، فذهب النبي ﷺ إلى عثمان بن مظعون ونصحه قائلاً: «يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا»، أي أن الإسلام لم يشرع لنا الانقطاع التام للعبادة وترك الحياة الطبيعية، بل هو دين التوازن والوسطية.
ثم قال له: «أما لك فيّ أسوة؟»، أي: ألست تتبع سنتي وهديي؟ فالنبي ﷺ كان يصوم ويفطر، ويقوم الليل وينام، ويتزوج ويعاشر أهله، ويأكل ويشكر، ويعمل ويتعبد، دون إفراط أو تفريط.
ثم أكد النبي ﷺ بقوله: «فوالله إن أخشاكم لله، وأحفظكم لحدوده لأنا»، أي أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدوده، ومع ذلك لا أبالغ في العبادة إلى درجة تضر بي أو بمن حولي.


3. الدروس المستفادة:


● الوسطية والاعتدال في العبادة: الإسلام يدعو إلى التوازن بين حق الله وحق النفس وحق الأهل والمجتمع. فلا يجوز للمسلم أن يبالغ في العبادة حتى يضيع حقوقًا أخرى أو يضر بنفسه.
● مراعاة حقوق الزوجة والأسرة: للزوجة حق على زوجها في المعاشرة بالمعروف، والاهتمام بها، وعدم إهمالها بسبب الانشغال بالعبادة. إهمال هذا الحق يعتبر تقصيرًا في الشرع.
● الاقتداء بالنبي ﷺ: النبي ﷺ هو القدوة والأسوة في كل شيء، including العبادة والمعاملة والحياة عموماً. فمن أراد السلامة فليتبع سنته.
● تحذير من البدع والغلو: الرهبانية بدعة لم يشرعها الله، والغلو في الدين مذموم. قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171].
● التوازن بين الدنيا والآخرة: الإسلام لا يدعو إلى ترك الدنيا، بل إلى عمارتها مع عدم الغفلة عن الآخرة.


4. معلومات إضافية:


- عثمان بن مظعون هو أحد السابقين إلى الإسلام، وكان من أهل التقوى والصلاح، وكان حريصًا على العبادة، لكن النبي ﷺ نصحه ليردّه إلى الاعتدال.
- هذا الحديث يدخل في باب "الاقتصاد في الطاعة" وعدم المغالاة فيها، وهو من محاسن الإسلام وسماحته.
- ينبغي للمسلم أن يجتهد في العبادة دون أن يصل إلى درجة الملل أو السآمة، أو الإضرار بالنفس أو الأهل.
- من فوائد الحديث: بيان حرص النبي ﷺ على أمته، وتوجيههم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم.
أسأل الله أن يجعلنا من المقتدين بنبيه ﷺ، المعتدلين في عبادتهم، المحسنين في معاشرة أهليهم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزاق (١٠٣٧٥) عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة قالت: فذكرته.
ومن هذا الطريق رواه البزار - كشف الأستار (١٤٥٨) وابن حبان (٩) ولكن عن عروة وحده.
ورواه أحمد (٢٥٨٩٣) عن عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، قال: دخلت امرأة عثمان، فذكره مرسلًا.
وإليه أشار الهيثمي في المجمع (٤/ ٣٠١) بقوله: «وأسانيد أحمد رجالها ثقات إلا أن طريق»إن أخشاكم«أسندها أحمد، ووصلها البزار برجال ثقات».
وأما ما قيل: لا رهبانية في الإسلام، فلم أجد له أصلا، وقد روي عن يزيد الفقير، عن جابر ابن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق لمن لا يملك، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا وصال في صيام، ولا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد حلم، ولا رهبانية فينا».
وفيه سعيد بن المرزبان البقال ضعيف جدًّا، ومن طريقه أخرجه ابن حبان في المجروحين (٣٨٤)، وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٦٤١): «هذا حديث لا يصح لأجل سعيد بن المرزبان البقال فإنه متروك». وأما ما رُوي عن أبي أمامة مرفوعا: «ولا تكونوا كرهبانية النصارى» فهو ضعيف. رواه البيهقي (٧/ ٧٨) وفي إسناده محمد بن ثابت البصري، ضعفه أكثر أهل العلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله

  • 📜 حديث: أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب