حديث: كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الترغيب في الرضا بالكفاف
حسن: رواه ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (٣٠٦) عن عبد اللَّه بن محمد، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي رجاء، عن برد بن سنان، عن مكحول، عن واثلة ابن الأسقع، عن أبي هريرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. حديثنا اليوم عن وصية نبوية عظيمة جمعت بين أصلين من أصول السعادة في الدنيا والآخرة، وهما الورع والقناعة.
الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنُوعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ».
[رواه ابن ماجه في السنن، وهو حسن]
أولاً. شرح المفردات:
● وَرِعًا: الورع هو ترك ما يُشْكِلُ حِلُّه خوفًا من الوقوع في الحرام. وهو اتقاء الشبهات والتخوّف من كل ما يريب.
● أَعْبَدَ النَّاس: أي أكثر الناس عبادة وأقربهم إلى الله تعالى، لأن العبادة الحقيقية تتجاوز الشعائر إلى التوقي من المحظورات.
● قَنُوعًا: القنوع هو الذي يرضى بما قسمه الله له، ولا يتطلع إلى ما في أيدي الناس، ويكتفي بالقليل من الدنيا.
● أَشْكَرَ النَّاس: أي أكثرهم شكرًا لله تعالى، لأن الشكر ليس باللسان فقط، بل بالرضا بقضاء الله وقدره.
ثانيًا. شرح الحديث:
جمع النبي ﷺ في هذا الحديث بين خلقين عظيمين هما من أعظم أسباب صلاح القلب والحياة.
1- الجزء الأول: «كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ»
- هنا يربط النبي ﷺ بين الورع والعبادة، ويجعل الورع طريقًا للوصول إلى درجة "أعبد الناس". لماذا؟
- لأن العبادة ليست فقط في كثرة الصلاة والصيام، بل هي في اتقاء الله في السر والعلن، وفي اجتناب الشبهات خشية الوقوع في المحرمات. فالورع هو روح العبادة وحقيقتها، وهو الذي يمنع العبد من أن تُبطِلَ حسناتُه سيئاتُه. فمن كان ورعًا، حمى عبادته من الآفات، فصارت خالصة لله، فاستحق أن يكون أعبد الناس.
2- الجزء الثاني: «وَ كُنْ قَنُوعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ»
- هنا يربط النبي ﷺ بين القناعة والشكر، ويجعل القناعة علامة على كمال الشكر.
- فالشكر الحقيقي لله على نعمه لا يكون فقط بالقول، بل بالقلب الراضي بقسمة الله، واليد التي لا تمتد إلى ما عند الناس. فالقانع راضٍ بما أعطاه الله، وهذا الرضا هو من أعظم أنواع الشكر. أما الطامع الذي لا يرضى بما قسم له، فكأنه غير شاكر لنعمة الله عليه، لأنه دائم النظر إلى ما فاته. فالقناعة تجعل العبد يشعر بغنى القلب، فيشكر الله في كل حال.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- الورع طريق العبودية الكاملة: لا تكمل العبادة إلا بالورع، فمن أراد أن يكون عبدًا حقيقيًا لله، فليجتنب الشبهات وليتقِ الله في مأكله ومشربه وكسبه وعلاقاته.
2- القناعة ثروة لا تفنى: القناعة هي كنز عظيم، بها يغني الإنسان ويسعد قلبه، ويسلم من ذل السؤال والحسد والطمع.
3- القلب هو محل النظر: الدين يعتني بصلاح القلب قبل كل شيء، والورع والقناعة صفتان للقلب، إذا صلحا صلح الجسد كله.
4- الارتقاء في مراتب الإيمان: الحديث يحث المسلم على أن لا يقتصر على أداء الفرائض فقط، بل يترقى في مراتب الإحسان بالورع والقناعة وغيرها من الأخلاق العالية.
5- الوقاية خير من العلاج: الورع وقاية من الوقوع في الحرام، والقناعة وقاية من الوقوع في الحسد والطمع وسخط الله.
رابعًا. معلومات إضافية:
- من أشهر من اتصف بالورع من السلف: الإمام أحمد بن حنبل، الذي كان يتحرّز غاية التحرز من الشبهات.
- من الأمثلة على القناعة: قصة أبي الدرداء رضي الله عنه الذي قال: "القناعة مال لا ينفد".
- يجمع العلماء بين هذا الحديث وحديث النعمان بن بشير: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ»، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الورعين القانتين الشاكرين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل إسماعيل بن عياش فإنه حسن الحديث في روايته عن أهل بلده أهل الشام، وشيخه أبو رجاء اسمه محرز بن عبد اللَّه الجزري مولى هشام بن عبد الملك وهو أيضًا حسن الحديث، قال أبو داود: ليس به بأس، شامي يحدث عنه الكوفيون.
ورواه ابن ماجه (٤٢١٧) من وجه آخر عن أبي معاوية، عن أبي رجاء بإسناده أطول منه وهو مخرج في باب ما جاء في خصال الخير.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 213 من أصل 227 حديثاً له شرح
- 178 كرم الرجل دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه
- 179 من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه...
- 180 من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه
- 181 إلا تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك
- 182 يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد
- 183 ما أنفقت فلك وما أمسكت فليس لك
- 184 مثل ابن آدم وماله وولده وعمله
- 185 مثل المؤمن ومثل الموت كمثل رجل له ثلاثة أخلاء
- 186 ابن آدم وادي من ذهب أحب أن يكون له واديان
- 187 لو أن ابن آدم أعطي واديا ملئا من ذهب أحب...
- 188 لو أن لابن آدم واديا مالا لأحب أن له مثله
- 189 لو أن لابن آدم واديين من مال لأحب أن يكون...
- 190 لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى الثالث
- 191 لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما...
- 192 لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا
- 193 لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا
- 194 لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث
- 195 عنوان الحديث: "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب...
- 196 لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا
- 197 إن الله قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة
- 198 عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة
- 199 حرص المرء على المال والشرف لدينه
- 200 حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في...
- 201 الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها
- 202 ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه
- 203 من رغب عن سنتي فليس مني
- 204 قصة سلمان و أبو الدرداء
- 205 أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله
- 206 لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما...
- 207 العنوان: أما إن الأمر أعجل من ذلك
- 208 ما لا بد منه من البناء ليس وبالا على صاحبه
- 209 بَنَيْتُ بِيَدِي بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنَ الْمَطَرِ وَيُظِلُّنِي مِنَ الشَّمْسِ
- 210 إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين...
- 211 علامات الفلاح: اسلام وكفاف وقناعة
- 212 طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع
- 213 كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
- 214 من لم يرضَ بما قسم الله له لم يبارك له
- 215 إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين
- 216 استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
- 217 الغلو في الدين سبب هلاك الأمم السابقة
- 218 لا تُشدّدوا على أنفسكم، فإنما هلك من قبلكم بتشديدهم على...
- 219 يقوم إذا سمع الصارخ
- 220 كان عمله ديمة وأيكم يستطيع ما كان النبي يستطيع
- 221 أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل
- 222 أي الأعمال أحب إلى الله أدومها وإن قل
- 223 العمل الذي يدوم عليه صاحبه أحب إلى رسول الله.
- 224 عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا
- 225 أكثر صلاته وهو جالس وأحب الأعمال إليه ما دام عليه
- 226 عليكم بالقصد فإن الله لا يمل حتى تملوا
- 227 عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه
معلومات عن حديث: كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
📜 حديث: كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








