حديث: استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الاقتصاد في العبادة والأمور كلها
صحيح: رواه البخاريّ في الإيمان (٣٩) عن عبد السلام بن مُطهّر، قال: حدّثنا عمر بن علي، عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يضع لنا منهجًا واضحًا في التعامل مع الدين، ويبين لنا سماحة الإسلام ويسره. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.
الحديث بلفظه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين يسر، ولن يُشَادّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة». [رواه البخاري]
أولاً. شرح المفردات:
* يُشَادّ: المشادة والمشادّة من الشد، أي المغالبة والمقاومة. وشادَّ الدينَ: أي غالبه وتكلف فيه بما يشق عليه، متعصبًا متشددًا.
* غلبه: أي قهره الدين وغلبَه، فانقطع وعجز.
* فسددوا: السداد هو الإصابة في القصد والفعل، وهو أن يقصد الإنسان الأفضل والأكمل مما يستطيع، ويصيب الحق في الأمر.
* وقاربوا: أي اقتربوا من الصواب والسداد، واطلبوا الأمر الوسط الذي لا إفراط فيه ولا تفريط. وقيل: اقتربوا من الطاعة بحسب استطاعتكم.
* وأبشروا: البشارة هي الخبر السار. وهنا أمر بالتفاؤل وحسن الظن بالله، وبأن من سلك هذا المنهج فله البشرى بالثواب والأجر.
* الغدوة: سير أول النهار، أي الوقت من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس.
* الروحة: سير آخر النهار، أي الوقت بعد الزوال (بعد الظهر).
* الدلجة: سير آخر الليل.
ثانيًا. شرح الحديث إجمالاً:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحقيقة عظيمة، وهي أن الدين الإسلامي مبني على اليسر والسماحة والتخفيف، وليس على العنت والمشقة والعسر. ثم يحذر من سلوك خاطئ، ويأمر بمنهج قويم، ويبشر بالثواب، ويوصي بوسيلة للاستمرار.
1- «إن الدين يسر»: هذا تأكيد من النبي صلى الله عليه وسلم على أن شرائع الإسلام كلها مبنية على التيسير ورفع الحرج، كما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. وهذا اليسر ظاهر في العبادات (كالتيمم عند عدم الماء، والقصر والجمع في السفر، والفطر في المرض والسفر) وفي المعاملات وغيرها.
2- «ولن يُشَادّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه»: هذا تحذير من الغلو والتشدد في الدين. فمن شاد الدين وتكلف فيه بما لم يشرعه الله، من زيادة في العبادة أو تشديد فيها على النفس بما يفوق الطاقة، أو تعمق في البحث عما سكت عنه الشرع، فإن عاقبته将是 العجز والانقطاع عن الطاعة بالكلية، فينفر من الدين ويتركه، أو يمرض جسده فيعجز. فالدين أقوى من أن يغالب، فمن حاربه بالتشدد غُلِبَ وانكسر.
3- «فسددوا وقاربوا»: هذا هو المنهج البديل عن التشدد. يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسلوك طريق الاعتدال والتوسط:
* السداد: هو أن نطلب فعل الأمر على أكمل وجه نستطيعه، بأن نؤدي العبادة على وجهها الصحيح بلا نقص.
* المقاربة: إذا عجزنا عن السداد التام والكمال، فليكن همنا القرب منه والاستمرار على الطاعة بما نستطيع، ولو كان قليلاً. فخير الأعمال أدومها وإن قل.
4- «وأبشروا»: هذه بشارة من النبي صلى الله عليه وسلم لكل من سلك هذا المنهج الوسط، بأن له الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى، فليعمل وهو مفعم بالأمل والتفاؤل.
5- «واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة»: هذه صورة جميلة للاستعانة على طاعة الله باستغلال أوقات النشاط والفتوة. شبه النبي صلى الله عليه وسلم السير إلى الله والدار الآخرة بسير المسافر، الذي يستغل الأوقات المناسبة للسير (أول النهار وآخره وطرفًا من الليل) حيث تكون الطاقة متوفرة والطريق ميسرة. فالمؤمن يستعين على طاعة الله باغتنام أوقات نشاطه وقوته (شبابه، صحته، فراغه) قبل أن يحل به الكبر أو المرض أو المشاغل.
ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:
1- اليسر والسماحة سمة أصيلة في الإسلام، والتشدد والغلو هو الدخيل والشاذ.
2- التحذير من الغلو في الدين، فهو طريق للهلاك والانقطاع عن الطاعة، وهو من أسباب هلاك الأمم السابقة.
3- المنهج الوسط هو المنهج الأمثل في العبادة والعمل: فلا نُفرط فنترك الواجبات، ولا نغلو فنشدد على أنفسنا بما لم يشرعه الله.
4- الأخذ بالأيسر والأرفق عند وجود الخيارات في العبادات (مثل صلاة القصر، الجمع، التيمم) هو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو متضمن في معنى الحديث.
5- حسن الظن بالله والتفاؤل من أعظم ما يعين المسلم على الاستمرار في طاعة الله.
6- اغتنام أوقات النشاط والفراغ للعبادة والعمل الصالح، قبل أن تعرض العوائق.
رابعًا. معلومات إضافية:
* هذا الحديث أصل عظيم من أصول الشريعة، يعتمد عليه العلماء في الرد على المتنطعين والمتشددين.
* يدخل
تخريج الحديث
قوله: «سدّدوا» أي الزموا السداد، وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط.
وقوله: «قاربوا» أي لا تُفرِطوا فتُجهدوا أنفسكم في العبادة، لئلا يُفضي ذلك إلى الملل، فتتركوها.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 216 من أصل 227 حديثاً له شرح
- 178 كرم الرجل دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه
- 179 من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه...
- 180 من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه
- 181 إلا تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك
- 182 يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد
- 183 ما أنفقت فلك وما أمسكت فليس لك
- 184 مثل ابن آدم وماله وولده وعمله
- 185 مثل المؤمن ومثل الموت كمثل رجل له ثلاثة أخلاء
- 186 ابن آدم وادي من ذهب أحب أن يكون له واديان
- 187 لو أن ابن آدم أعطي واديا ملئا من ذهب أحب...
- 188 لو أن لابن آدم واديا مالا لأحب أن له مثله
- 189 لو أن لابن آدم واديين من مال لأحب أن يكون...
- 190 لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى الثالث
- 191 لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما...
- 192 لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا
- 193 لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا
- 194 لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث
- 195 عنوان الحديث: "لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب...
- 196 لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا
- 197 إن الله قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة
- 198 عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة
- 199 حرص المرء على المال والشرف لدينه
- 200 حب الشرف والمال أسرع فسادًا للدين من الذئبين الجائعين في...
- 201 الذئبان الجائعان في غنم قد غاب عنها رعاؤها
- 202 ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه
- 203 من رغب عن سنتي فليس مني
- 204 قصة سلمان و أبو الدرداء
- 205 أما لك في أسوة؟ فوالله إني لأخشاكم لله
- 206 لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما...
- 207 العنوان: أما إن الأمر أعجل من ذلك
- 208 ما لا بد منه من البناء ليس وبالا على صاحبه
- 209 بَنَيْتُ بِيَدِي بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنَ الْمَطَرِ وَيُظِلُّنِي مِنَ الشَّمْسِ
- 210 إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين...
- 211 علامات الفلاح: اسلام وكفاف وقناعة
- 212 طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع
- 213 كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس
- 214 من لم يرضَ بما قسم الله له لم يبارك له
- 215 إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين
- 216 استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
- 217 الغلو في الدين سبب هلاك الأمم السابقة
- 218 لا تُشدّدوا على أنفسكم، فإنما هلك من قبلكم بتشديدهم على...
- 219 يقوم إذا سمع الصارخ
- 220 كان عمله ديمة وأيكم يستطيع ما كان النبي يستطيع
- 221 أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل
- 222 أي الأعمال أحب إلى الله أدومها وإن قل
- 223 العمل الذي يدوم عليه صاحبه أحب إلى رسول الله.
- 224 عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا
- 225 أكثر صلاته وهو جالس وأحب الأعمال إليه ما دام عليه
- 226 عليكم بالقصد فإن الله لا يمل حتى تملوا
- 227 عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه
معلومات عن حديث: استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
📜 حديث: استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








