حديث: شكوى حر الرمضاء إلى رسول الله ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استحباب تعجيل الظهر في أول وقتها

عن خَبَّاب بن الأرت قال: أتينا رسولَ الله ﷺ فشكونا إليه حرَّ الَرمضَاءِ فلم يُشكِنا.

صحيح: رواه مسلم في المساجد (٦١٩) من طرق عن زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن خباب قال: فذكره.

عن خَبَّاب بن الأرت قال: أتينا رسولَ الله ﷺ فشكونا إليه حرَّ الَرمضَاءِ فلم يُشكِنا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في الصبر والثبات على الطاعة، ورواه الإمام مسلم في صحيحه.
وفيما يلي شرحه على النحو المطلوب:


1. شرح المفردات:


* خَبَّاب بن الأرت رضي الله عنه: هو صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، عُذب في الله عذاباً شديداً وكان من المستضعفين في مكة.
* أتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: أي جاءنا وقصدنا مجلسه.
* فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ: اشتكينا إليه وأخبرناه بما نعانيه من شدة وأذى.
* حَرَّ الرَّمْضَاءِ: "الرَّمْضَاء" هي الأرض الحارة التي heated by the sun، أي اشتداد حر الرمال والحجارة من حرارة الشمس. وكانوا يسجدون عليها في أوقات الظهيرة للصلاة.
* فَلَمْ يُشْكِنَا: أي لم يَرُدَّ شكوانا بالموافقة على ترك الصلاة أو تأجيلها، بل صبرنا وثبتنا على ما نحن عليه.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل خباب بن الأرت رضي الله عنه، أنه وأصحابه جاءوا إلى رسول الله ﷺ وهم في حالة من الضعف والاستضعاف في مكة، يشكون إليه شدة الحر الذي يلامس جباههم وأيديهم عندما يسجدون على الأرض الحارة (الرمضاء) في صلاتهم، طالبين منه أن يخفف عنهم أو يختار وقتاً آخر للصلاة.
فلم يستجب رسول الله ﷺ لشكواهم هذه بالموافقة، ولم يخفف عنهم في هذه العبادة، مما يدل على أن الصلاة في وقتها واجبة لا تسقط مع الشدة، وأن الصبر على طاعة الله واجب حتى مع وجود المشقة.


3. الدروس المستفادة منه:


* الصبر على الطاعة: الحديث من أوضح الأمثلة على وجوب الصبر على أداء العبادات حتى مع وجود المشقة البدنية، كالحر الشديد أو البرد القارس.
* عظم مكانة الصلاة: إن الصلاة هي عماد الدين، وهي الفريضة التي لا تسقط عن المسلم في أي حال، بل يجب عليه أداؤها في وقتها كما شرع الله، حتى مع وجود المشقة.
* القدوة في الصبر: النبي ﷺ هو القدوة والأسوة، فقد كان يصلي هو وأصحابه في نفس هذه الظروف القاسية، فلم يكن ليشكوهم إلى أمر لا يفعله هو بنفسه.
* عدم استجابة النبي للشكوى لا تعني قسوة القلب: بل هي من تمام رحمته ﷺ وحكمته، لأنه يعلم أن الثبات على الطاعة والصبر على الشدة هو الخير العظيم الذي يربيهم على الإيمان ويقوي عزائمهم، وهو خير لهم في الدنيا والآخرة.
* تكريم الله للصابرين: إن الصبر على الطاعة يورث العبد منزلة عظيمة عند الله تعالى، كما قال الله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].


4. معلومات إضافية مفيدة:


* سياق الحديث: هذا الحديث كان في الفترة المكية، حيث كان المسلمون قلة مستضعفة، وكان العذاب والمشقة من أعداء الإسلام شديداً، ومع ذلك لم يكونوا ليتهاونوا في أداء الصلاة.
* الفرق بين المشقة المعتادة والمشقة غير المعتادة: المشقة الناتجة عن حر الشمس أو برد الشتاء هي من المشاق المعتادة التي يجب على المسلم الصبر عليها ولا تشرع لأجلها الرخص. أما المشقة غير المعتادة (كمرض شديد أو خوف) فهذه التي تشرع لأجلها الرخص كالجمع بين الصلوات أو القصر.
* الحديث يدعو للتفكر في نعمة المساجد: يجب على المسلم أن يتذكر هذا الحديث وهو يصلي في المساجد المكيفة والمهيأة، فيشكر الله على هذه النعم العظيمة، ويقتدي بإخوانه الأولين في صدق إيمانهم وصبرهم.
أسأل الله أن يجعلنا من الصابرين الشاكرين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساجد (٦١٩) من طرق عن زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن خباب قال: فذكره.
وخبَّاب هو: خَبَّابُ بن الأَرَتِّ أبو عبد الله مولى بني زُهرة، وكان يعذب في الله، شهد بدرًا ثم نزل الكوفة، ومات بها سنة سبع وثلاثين.
قال زهير: قلت لأبي إسحاق: أفي الظُّهر؟ قال: نعم، قلت: أفي تَعجيلها؟ قال: «نعم».
وقوله: «فلم يُشكِنَا» أي: لم يُزِل شكوانا.
وقوله: حَرَّ الرَمضَاءِ - يعني ما يُصيبُ أقدامَهم من حَرِّ الشمسِ فيها بتبكير صلاة الظُّهر.
حديث خبَّاب في الظاهر يعارض أحاديث الباب السابق، فأجابوا عنه بأنه محمول على أنهم طلبوا تأخيرًا زائدًا عن وقت الإبراد، وهو زوال حَرِّ الرمضاء، وذلك قد يستلزم خروج الوقت، ولذلك لم يُجِبهم، أو هو منسوخ بأحاديث الإبراد، فإنَّها متأخرة، واستدل الطحاوي بحديث المغيرة ابن شعبة، قال: كُنا نصلي مع النبي ﷺ الظُّهر بالهاجرة، ثم قال لنا: «أَبرِدُوا بالصلاة» الحديث.
قال الحافظ ابن حجر: وهو حديث رجاله ثقات، رواه أحمد وابن ماجة، وصححه ابن خزيمة، ونقل الخلال عن أحمد: هذا آخر الأَمرين من رسولِ الله ﷺ، انتهى. انظر: «فتح الباري» (٢/ ١٧).
قال الأعظمي: وأما حديث المغيرة بن شعبة فقد سبق الكلام عليه بأن فيه شريكًا، وهو سيئ الحفظ، ولكن ذكر البخاري أن له متابعًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 62 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: شكوى حر الرمضاء إلى رسول الله ﷺ

  • 📜 حديث: شكوى حر الرمضاء إلى رسول الله ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: شكوى حر الرمضاء إلى رسول الله ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: شكوى حر الرمضاء إلى رسول الله ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: شكوى حر الرمضاء إلى رسول الله ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب