حديث: ما حسدتكم اليهود على السلام والتأمين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضل التأمين وحسد اليهود عليه وعلى القبلة

عن عائشة عن النبي ﷺ قال: «ما حسَدَتْكم اليهودُ على شيء ما حسدتْكم على السلام والتأمين».

صحيح: رواه ابن ماجه (٨٥٦) عن إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة فذكرت الحديث.

عن عائشة عن النبي ﷺ قال: «ما حسَدَتْكم اليهودُ على شيء ما حسدتْكم على السلام والتأمين».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا من فضله. هذا حديث عظيم فيه إظهار لخصوصية هذه الأمة وفضلها، وسأشرحه لك على النحو التالي، مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه:


عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ».
(رواه الإمام البخاري في الأدب المفرد، والإمام ابن ماجه، والبيهقي، وصححه الألباني).


الشرح التفصيلي:



# 1. شرح المفردات:


* حَسَدَتْكُم: الحسد في اللغة: تمني زوال النعمة عن المحسود. والمقصود هنا: أن اليهود تتمنى أن لا يكون لهذه الأمة هذه الخصائص والفضائل، وتغتم عندما تراها عندكم، وهذا من أقصى أنواع الحسد.
* السَّلَام: وهو التحية الإسلامية المخصوصة بقول: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
* التَّأْمِين: هو قول "آمين" بعد الانتهاء من قراءة سورة الفاتحة في الصلاة وخارجها، ويستحب قولها بعد كل دعاء.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اليهود – مع ما لديهم من علم وبعض الحق – قد غلت في حسدها للمسلمين وحقدها عليهم، حتى إنها لم تحسدهم على نعمة من النعم - كالنصر أو الغنى أو الصحة - مثل ما حسدتهم على هاتين العبادتين العظيمتين: السلام كتحية، وقول "آمين" في الصلاة والدعاء. وهذا الحسد نابع من إدراكهم لعظم ثوابهما وبركتهما، وشدة القرب من الله تعالى الذي تحققه هاتان الكلمتان.
#### 3. لماذا حسدت اليهود المسلمين على هذين الأمرين خاصة?
ذكر العلماء عدة حكم وأسباب، منها:
* في السلام: تحية الإسلام هي دعاء بالأمن والسلامة والرحمة من الله، وهي تحية أهل الجنة. وهي تشتمل على ذكر الله وتوحيده. واليهود كانوا يحيون بإشارات الأصابع والأيدي، فحسدوا المسلمين على هذه التحية الطيبة المباركة التي تسكب الألفة والمحبة بين الملتقين.
* في التأمين: "آمين" كلمة عربية معناها: "اللهم استجب". وقد ورد في الحديث الصحيح: «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ: آمِينَ، وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». (رواه البخاري ومسلم). فالتأمين هو ختم الدعاء بطلب القبول من الله، فإذا وافق قول المصلي قول الملائكة، كان ذلك سبباً لمغفرة الذنوب. واليهود يعرفون فضل هذه الكلمة وقدرها، فلما منعوا منها وحرمت عليهم – لاستكبارهم ومعصيتهم – وحظي بها المسلمون، حمَلهم ذلك على أشد الحسد.

# 4. الدروس المستفادة والفوائد:


* عظم شأن هاتين الكلمتين (السلام والتأمين): الحديث يلفت انتباهنا إلى أهمية هاتين السنتين وغفلتنا عنهما، فكم من نعمة عظيمة نتمتع بها ولا نشعر بقيمتها! فيجب المحافظة عليهما والاعتناء بهما.
* الحث على إحياء تحية الإسلام: فيها نشر للمودة والألفة بين المسلمين، وهي من أسباب دخول الجنة، كما في الحديث: «لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».
* الحث على التأمين وراء الإمام وفي الدعاء: فهو من أسباب إجابة الدعاء ومغفرة الذنوب.
* بيان حقد اليهود وبغضهم للمسلمين: فهم لا يريدون الخير للمسلمين، ويتمنون زوال النعم والفضائل عنهم، وهذا يحذرنا من الاغترار بهم أو التأثر بثقافتهم وأخلاقهم.
* فضل الأمة الإسلامية: فخصال الخير والبركة التي منحها الله لهذه الأمة كثيرة، حتى إن أعداءها يحسدونهم عليها.

# 5. معلومات إضافية:


* كان من هدي السلف الصالح الحرص على إفشاء السلام، حتى إن الواحد منهم كان يسلم على من يعرف ومن لا يعرف.
* يستحب الجهر بـ "آمين" في الصلاة الجهرية، ليواكب قول المأمومين قول الملائكة.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هذا، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٨٥٦) عن إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة فذكرت الحديث.
قال البوصيري في زوائده: «هذا إسناد صحيح احتج مسلم بجميع رواته».
قال الأعظمي: والحديث أخرجه ابن خزيمة (٥٧٤، ١٥٨٥) من وجه آخر عن أبي بشر الواسطي، نا خالد بن عبد الله، عن سُهيل بن أبي صالح بإسناده بأطول منه وهذا لفظه: «دخل يهودي على رسول الله ﷺ، فقال: السام عليك يا محمد! فقال النبيُّ ﷺ: «وعليك». فقالت عائشة: فهممتُ أن أتكلم. فعلمت كراهية النبيّ ﷺ لذلك، فسكت. ثم دخل آخر، فقال: السام عليك! فقال: «وعليك». فهممتُ أن أتكلم، فعلمت كراهية النبي ﷺ لذلك. ثم دخل الثالث، فقال: السام عليك! فلم أصبر حتى قلت: وعليك السام وغضب الله ولعنته! إخوان القردة والخنازير، أتحبّون رسول الله ﷺ بما لم يحيه الله، فقال رسول الله ﷺ: «إن الله لا يحبُّ الفحش ولا التفحش. قالوا قولا فرددنا عليهم. إن اليهود فوم حُسَّد وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين».
وللحديث إسناد آخر وهو ما رواه الإمام أحمد (٢٥٠٢٩) عن علي بن عاصم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمر بن قيس، عن محمد بن الأشعث، عن عائشة، قالت (فذكرت نحوه).
وفيه زيادة: «وعلى القبلة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها».
وعلي بن عاصم هو الواسطي تكلّم فيه ابن المديني فقال: كان كثير الغلط. وقال العقيلي: تعرفه بالكذب. وقال البخاري: ليس بالقوي إلا أنه توبع.
رواه البيهقي في سننه (٢/ ٥٦) من طريق سليمان بن كثير، عن حصين بإسناده نحوه بذكر القبلة. وإسناده لا بأس به. وقد تحرف في بعض المصادر: «عمر بن قيس» وهو الماصر إلى «عمرو بن قيس» وهو الملائي ثقة، والماصر «صدوق».
وفي معناه ما رُويَ عن ابن عباس: «ما حسدتْكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين».
رواه ابن ماجه (٨٥٧) وفي إسناده طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي. أطلق عليه الإمام أحمد والنسائي فقال: «متروك».
وكذلك لا يصح ما روي عن معاذ عند الطبراني في «الأوسط»، وعن أنس عند ابن خزيمة (١٥٨٦) وعن غيرهم من أصحاب النبي ﷺ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 253 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما حسدتكم اليهود على السلام والتأمين

  • 📜 حديث: ما حسدتكم اليهود على السلام والتأمين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما حسدتكم اليهود على السلام والتأمين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما حسدتكم اليهود على السلام والتأمين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما حسدتكم اليهود على السلام والتأمين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب