حديث: إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جواز البكاء على الميت وإظهار الحزن عليه

عن أسامة بن زيد قال: أرسلت ابنةُ النبي ﷺ إليه إن ابنًا لي قُبض، فَأتِنا، فأرسل يُقرئ السلام، ويقول: «إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمي، فلتصبر ولتحتسب» فأرسلتْ إليه قسم عليه ليأْتِينَّها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرفع إلى النبي ﷺ الصبي، ونفسُه تتقَعْقَع، -قال: حسبته أنه قال: كأنها شنٌ، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماءَ».

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٨٤)، ومسلم في الجنائز (٩٢٣) كلاهما من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد فذكره، واللفظ للبخاري،
ولفظ مسلم قريب منه.

عن أسامة بن زيد قال: أرسلت ابنةُ النبي ﷺ إليه إن ابنًا لي قُبض، فَأتِنا، فأرسل يُقرئ السلام، ويقول: «إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمي، فلتصبر ولتحتسب» فأرسلتْ إليه قسم عليه ليأْتِينَّها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرفع إلى النبي ﷺ الصبي، ونفسُه تتقَعْقَع، -قال: حسبته أنه قال: كأنها شنٌ، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟ فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماءَ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يوضح موقف الإسلام المتوازن من مشاعر الحزن والأسى، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستنداً إلى كبار شراح الحديث مثل النووي وابن حجر وغيرهم.

أولاً. شرح المفردات:


● قُبض: أي مات وتُوفي.
● يُقرئ السلام: يبلغ السلام ويطلب منها أن تتحمل مصيبتها بصبر.
● تتقَعْقَع: تتحرك وتضطرب في صدره عند الاحتضار، وهي صوت يخرج من الحلق عند خروج الروح.
● كأنها شَنّ: الشن هو القربة أو الجلد الذي يُخزَّن فيه الماء أو اللبن. والتشبيه هنا للصوت الذي يصدر من الحلق.
● فاضت عيناه: سالت دموعه صلى الله عليه وسلم.


ثانياً. شرح الحديث:


1- الموقف الأول: التعزية بالقول والحكمة:
أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم (وهي السيدة زينب رضي الله عنها) تخبره بمرض ابنها الشديد الذي أشرف على الموت، وتطلب منه الحضور. فلم يذهب النبي صلى الله عليه وسلم على الفور، بل أرسل يعزيها بكلمات مليئة بالإيمان والتسليم لقضاء الله وقدره:
● «إن الله ما أخذ، وله ما أعطى»: أي أن الله سبحانه هو المالك الحقيقي لكل شيء، فما أعطاه لعبده هو فضل منه، وإذا أخذه منه فهو حق له، ولا يُسأل عما يفعل.
● «وكل عنده بأجل مسمى»: تذكير بأن أجل كل إنسان مكتوب ومحتوَم لا يتقدم ولا يتأخر.
● «فلتصبر ولتحتسب»: حثها على الصبر والاحتساب، أي الصبر مع طلب الأجر من الله تعالى على مصيبتها.
2- الموقف الثاني: الاستجابة للطلب والتعبير عن المشاعر:
أصرت السيدة زينب رضي الله عنها وقسمت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر، فاستجاب لها وقصد منزلها ومعه عدد من كبار أصحابه رضي الله عنهم. هناك شاهد الطفل وهو في لحظاته الأخيرة، وسمع صوت نفسه وهو يخرج، فلم يتمالك صلى الله عليه وسلم مشاعره، فبكى واندفعت دموعه.
3- الموقف الثالث: التوجيه النبوي والتعليمي:
استغرب سعد بن عبادة رضي الله عنه من بكاء النبي صلى الله عليه وسلم، فظن أن البكاء على الميت ينافي الصبر والرضا بقضاء الله. فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة والفارق العظيم:
● «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده»: البكاء دليل على الرحمة والعطف، وهي غريزة فطرية وضعها الله في قلوب الناس.
● «وإنما يرحم الله من عباده الرحماء»: الجزاء من جنس العمل، فمن يَرحم الخلق ويرق لهم، يرحمه الله تعالى.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الإيمان بالقضاء والقدر: الحديث أسس لقاعدة إيمانية عظيمة، وهي الرضا بقضاء الله والتسليم لحكمته، مع العلم أن كل شيء بيده سبحانه.
2- التوازن بين العاطفة والإيمان: النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن البكاء والحزن الطبيعي على فقيد لا يتناقض مع الصبر والاحتساب. فالصبر ليس معناه جمود المشاعر وانعدامها، بل هو حبس النفس عن التسخط والاعتراض على قدر الله.
3- الرحمة فضيلة إنسانية وإيمانية: البكاء من الرحمة، والرحمة صفة محمودة يقابلها الله تعالى بالرحمة. كما في الحديث الآخر: «مَنْ لَا يَرْحَمْ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللَّهُ».
4- تقدير مشاعر الآخرين والوقوف معهم: استجابة النبي صلى الله عليه وسلم لإلحاح ابنته وحضوره مع أصحابه يعلمنا أهمية المواساة وزيارة أهل المصاب، وهذا من كمال الخلق وحسن العشرة.
5- أن الجزع والصراخ ليس من الصبر: الفرق بين البكاء الطبيعي الذي هو من الرحمة، وبين الصراخ ولطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بالويل والثبور، فهذا هو الممنوع الذي ينافي الصبر.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الاحتساب: هو أن ينوي العبد بصبره على المصيبة وجه الله تعالى، ويطلب الأجر عليه، فيتحول حزنه إلى طاعة وأجر.
● هذا الموقف يدل على عاطفة النبي صلى الله عليه وسلم الأبوية: فهو جدّ للطفل، وقائد للأمة، وإنسان رحيم، جمع بين كل هذه المعاني في موقف واحد.
● الصحابة معلمون للأمة: سؤال سعد بن عبادة رضي الله عنه показывает حرص الصحابة على فهم الدين فهماً دقيقاً، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على توضيح ما التبس عليهم.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يصبرون عند المصيبة ويحتسبون، ويرحمون فيرحمهم الله، ويوفقنا لفهم سنة نبيه والعمل بها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٢٨٤)، ومسلم في الجنائز (٩٢٣) كلاهما من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد فذكره، واللفظ للبخاري،
ولفظ مسلم قريب منه.
وبعد الرجوع إلى كتب التاريخ والسير تبين لي أن المُرسلة ابنة النبي ﷺ هي فاطمة، والصبي هو: محسن بن علي بن أبي طالب، لأن أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أنه مات صغيرًا في حياة النبي ﷺ.
وقيل إن المرسلة ابنة النبي ﷺ هي زينب، ولكن بشكل على هذا، اسم الصبي الذي مات، وزينب لم تلد إلا علي بن أبي العاص بن الربيع، وهو قد ناهز الحلم يوم الفتح، وأمامة التي عاشت بعد النبي ﷺ وتزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 217 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى

  • 📜 حديث: إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب