حديث: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية البكاء على من تُظله الملائكة بأجنحتها

عن جابر بن عبد الله قال: جيئ بأبي يوم أحُد قد مُثِّل به حتى وُضع بين يدي رسول الله ﷺ، وقد سُجي ثوبًا، فذهبت أريد أن أكشف عنه، فنهاني قومي، ثم ذهب أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله ﷺ فرُفع، فسمع صوت صائحة فقال: «من هذه؟» فقالوا: ابنة عمرو -أو أخت عمرو- قال: «فلم؟ تبكي أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تُظله بأجنحتها حتى رُفع».

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٧١) كلاهما من حديث سفيان، حدثنا ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكره ولفظهما سواء.

عن جابر بن عبد الله قال: جيئ بأبي يوم أحُد قد مُثِّل به حتى وُضع بين يدي رسول الله ﷺ، وقد سُجي ثوبًا، فذهبت أريد أن أكشف عنه، فنهاني قومي، ثم ذهب أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله ﷺ فرُفع، فسمع صوت صائحة فقال: «من هذه؟» فقالوا: ابنة عمرو -أو أخت عمرو- قال: «فلم؟ تبكي أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تُظله بأجنحتها حتى رُفع».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث فضائل الشهداء، يرويه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن استشهاد أبيه عبد الله بن حرام في غزوة أحد. وهو حديث متفق عليه، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح المفردات:


● جِيءَ بِأَبِي: أُحضر أبي (عبد الله بن حرام) إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
● قَدْ مُثِّلَ بِهِ: أي مُثِّل بجثته، والتمثيل هنا يعني تشويهها بعد الاستشهاد، وهو ما كان يفعله المشركون بجثث المسلمين.
● سُجِّيَ ثَوْبًا: غُطِّي بثوب.
● صَائِحَةٍ: امرأة تبكي وتصيح على الميت.
● تُظِلُّهُ: تظلله وتقيه، أي تحميه وتكرمه.

ثانياً. شرح الحديث:


يصف لنا الصحابي جابر رضي الله عنه المشهد المؤثر لاستشهاد أبيه في غزوة أحد، حيث:
1- جِيءَ بِأَبِي قَدْ مُثِّلَ بِهِ: لقد استشهد عبد الله بن حرام وقُطعت أنفه وأذنيه تشويهًا لجثته من قبل المشركين، مما يدل على شراستهم وحقدهم.
2- فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ فَنَهَانِي قَوْمِي: حاول جابر -وهو الشاب الحزين على فقد أبيه- أن يكشف الثوب ليراه، لكن أهله منعوه خوفًا من أن يرى ما حدث لأبيه فيزيده حزنًا وألمًا.
3- فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرُفِعَ: هنا تظهر رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وعطفه على جابر، فأمر برفع الثوب ليرى جابر أباه، إكرامًا لمشاعره وتطييبًا لخاطره.
4- فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟»: سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت امرأة تبكي، فسأل عن هويتها.
5- قَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو -أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو-: أي أنها قريبة للشهيد.
6- قَالَ: «فَلِمَ تَبْكِي أَوْ لَا تَبْكِي، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ»: هنا بيت القصيد، حيث يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا داعي للحزن الشديد والبكاء المصحوب بالنياحة (وهو البكاء بصوت عالٍ مع ندب الميت)، لأن هذا الشهيد قد نال أعلى الدرجات. فقد كانت الملائكة تظله بأجنحتها من لحظة استشهاده حتى رُفع من ساحة المعركة، تكريمًا وتعظيمًا له.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- علو منزلة الشهيد عند الله: الحديث من أعظم الأدلة على الكرامات التي يختص بها الشهداء، ومنها تكريم الملائكة لهم وتظليلهم بأجنحتهم.
2- رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته: حيث أمر برفع الثوب عن الشهيد ليراه ابنه جابر، تقديرًا لمشاعر الابن ورحمته به.
3- الصبر والاحتساب عند المصيبة: النهي عن النياحة (البكاء بصوت عال مع ندب الميت) لأنه ينافي الصبر والرضا بقضاء الله وقدره. والبكاء من غير نياحة جائز، كما بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم.
4- عظم جريمة التمثيل بجثث الموتى: وهو أمر محرم في الإسلام، وينبئ عن قسوة القلب والحقد.
5- الفرق بين البكاء الطبيعي والنياحة المحرمة: البكاء بدافع الإنسانية والحزن الطبيعي لا بأس به، أما النياحة مع التسخط فهي محرمة.

رابعاً. معلومات إضافية:


● عبد الله بن حرام رضي الله عنه هو والد جابر، وكان من الأنصار، وقد استشهد في غزوة أحد.
- هذا الحديث يدخل في "فضائل الشهداء وذكر كراماتهم"، وهو باب عظيم في كتب العقيدة والسنة.
- يستفاد منه أن الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه كما هو مقرر في الفقه، لأنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، لونًا لون الدم، وريحًا ريح المسك.
أسأل الله أن يتقبل الشهداء، وأن يجعلنا من الصابرين المحتسبين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٢٩٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٧١) كلاهما من حديث سفيان، حدثنا ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكره ولفظهما سواء.
وقوله: «تبكي أو لا تبكي» للتخيير، ومعناه أنه مكرم بصنيع الملائكة، وتزاحمهم عليه لصعودهم بروحه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 216 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

  • 📜 حديث: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب