حديث: قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في نسخ القيام للجنازة

عن محمد أن جنازة مرتْ بالحسن بن عليّ وابن عباس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عباس، فقال ال

حسن: أليس قد قام رسول الله ﷺ لجنازة يهودي؟ قال ابن عباس: نعم، ثمّ جلس.

عن محمد أن جنازة مرتْ بالحسن بن عليّ وابن عباس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عباس، فقال ال

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث رواه الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" وغيره، وهو من الأحاديث التي تُبيّن اختلاف الصحابة الكرام في مسألة القيام للجنازة.

نص الحديث:


عن محمد (ويقصد به محمد بن سيرين) أن جنازة مرت بالحسن بن علي وابن عباس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عباس، فقال الحسن: "أليس قد قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي؟" فقال ابن عباس: "نعم، ثم جلس".


الشرح المفصل:



# 1. شرح المفردات:


● جنازة: الميت المحمول على النعش إلى مكان الدفن.
● مرتْ: مشت واجتازت من أمامهم.
● قام: انتصب واقفًا إكرامًا للميت وتعظيمًا للجنازة.
● ثم جلس: بعد القيام، عاد النبي صلى الله عليه وسلم للجلوس.


# 2. شرح الحديث:


يُروى أن جنازة مرت على الصحابيين الجليلين الحسن بن علي وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقام الحسن لها إجلالًا وتكريمًا، بينما بقي ابن عباس جالسًا.
فلما لاحظ الحسن أن ابن عباس لم يقم، استدل بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حين قام لجنازة يهودي، فقال: "أليس قد قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي؟" أي: كيف لا تقوم وقد فعل النبي ذلك؟
فأجابه ابن عباس رضي الله عنه: "نعم، ثم جلس"، أي: نعم قام النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يستمر في القيام، بل جلس بعد ذلك.


# 3. الدلالة الفقهية والخلاف بين العلماء:


هذا الحديث يُظهر اختلافًا بين الصحابة في حكم القيام للجنازة، وهو خلاف استمر بين العلماء:
● رأي الحسن بن علي: يرى أن القيام للجنازة سُنّة؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما قام لجنازة يهودي.
● رأي ابن عباس: يرى أن القيام ليس بواجب ولا مُستحبّ على الدوام، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قام ثم جلس، مما يدل على أن القيام ليس دائمًا، بل قد يكون لفترة وجيزة ثم يُشرع الجلوس.
وقد ذهب جمهور العلماء (ومنهم الإمام مالك والشافعي وأحمد في رواية) إلى أن القيام للجنازة مستحب عند مرورها، استنادًا إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
بينما ذهب آخرون (ومنهم أبو حنيفة ورواية عن أحمد) إلى أن القيام للجنازة ليس بسُنّة، بل الأولى تركه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القيام بعد ذلك، كما في حديث سهل بن سعد: "كانوا يقومون للجنازة حتى تُوضع، فلمّا رآهم كأنهم يُعظّمون الموتى نهى عن القيام".
والراجح – والله أعلم – هو الجمع بين الأحاديث: بأن القيام كان في أول الإسلام ثم نُسخ، أو أن القيام يكون عند مرور الجنازة فقط ثم يجلس الإنسان، ولا يستمر في القيام.


# 4. الدروس المستفادة:


● الاختلاف بين الصحابة لا يُفْضِي إلى التشنيع: فقد اختلف الحسن وابن عباس رضي الله عنهما بأدب وحوار هادئ، دون تجريح أو تهجّم.
● الاستدلال بالسنة النبوية: كل منهما استدلّ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على حرصهم على الاتباع وعدم الخروج عن هديه.
● فهم النصوص في إطارها الكامل: ابن عباس لم ينكر القيام مطلقًا، بل بيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس بعد القيام، مما يدل على أن المسألة فيها تفصيل.
● التيسير ورفع الحرج: عدم إلزام الناس بالقيام، خاصة إذا كان فيه مشقة أو تشبّه بأهل الجاهلية الذين كانوا يُبالغون في تعظيم الموتى.


# 5. الخلاصة:


المسألة خلافية بين العلماء، والأفضل للمسلم إذا مرت به جنازة أن يقوم قيامًا خفيفًا إكرامًا للميت وتأدبًا، ثم يجلس، جمعًا بين الأحاديث الواردة في الباب.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أليس قد قام رسول الله ﷺ لجنازة يهودي؟ قال ابن عباس: نعم، ثمّ جلس.
صحيح: رواه النسائيّ (١٩٢٤) عن قُتَيبة، قال: حَدَّثَنَا حمّاد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١٨٢٧) عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن أيوب به مثله. ومحمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئًا.
وقال عليّ بن المديني: أحاديث محمد بن سيرين عن ابن عباس قال شعبة: إنّما سمعها من عكرمة لقيه أيام المختار، ولم يسمع من ابن عباس شيئًا.
قال أحمد: لم يسمع من ابن عباس يقول كلها: نُبئتُ عن ابن عباس.
قال الأعظمي: هكذا رواه أيضًا الإمام أحمد في مسنده (١٧٢٦) من وجه آخر عن محمد قال: نبئتُ أن جنازة مرت على الحسن بن عليّ فذكره وزاد في آخره: «فلم يُنكر الحسن ما قال ابن عباس».
فعرف من هذا أن بينهما عكرمة، فإذا عرف المبهم وهو ثقة، صحَّ الإسناد في حين أن أحدًا لم ينص على أن محمد بن سيرين لم يسمع من الحسن بن عليّ، واكتفى المزي وغيره ذكره ممن رُوي عنه محمد بن سيرين.
وقد تابعه أبو مجلز فرواه عن ابن عباس والحسن بن عليّ القصة نفسها.
رواه النسائيّ (١٩٢٦) عن يعقوب بن إبراهيم، عن ابن علية، عن سليمان التيميّ، عن أبي
مجلز فذكره.
وهذا إسناد صحيح إِلَّا أنه مرسل فيما قاله يحيى بن معين حين سئل عنه، ولكنه يقوي الذي قبله، وله أسانيد أخرى عند النسائيّ وغيره إِلَّا أن ما ذكرته وهو أصحها.
وأمّا ما رُوي بأن قيامه ﷺ كان تأذّيًا بريح اليهودي فهو إما ضعيف، وإما منقطع، ولا يصح منه شيء.
فقه الباب:
قول النَّبِيّ ﷺ: «إن الموت فزع» وقوله: «أليست نفسًا» دليل على قيام النَّبِيّ ﷺ للجنازة، فإن كانت هذه العلة للقيام فهي باقية. فما جاء في حديث عليّ بن أبي طالب بأنه ﷺ قام ثمّ قعد دليل على استحباب القيام لا الوجوب، فإن حديث عليّ بن أبي طالب لا يكون ناسخًا إن كانت العلة للقيام كما سبق، وقد قيل غير ذلك، والذي ذكرته هو أولي.
وأمّا ما رُوي عن عبادة بن الصَّامت قال: كان رسول الله ﷺ يقوم في الجنازة حتّى توضع في اللحد، فمر به حَبْرٌ من اليهود فقال: هكذا نفعل. فجلس النَّبِيّ ﷺ وقال: «اجلسوا خالفوهم» فهو ضعيف.
رواه أبو داود (٣١٧٦)، والتِّرمذيّ (١٠٢٠)، وابن ماجة (١٥٤٥) كلّهم من طريق أبي أسباط الحارثي (وهو بشر بن رافع) عن عبد الله بن سلمان بن جنادة بن أبي أمية، عن أبيه، عن جده، عن عبادة بن الصَّامت فذكره.
وفيه سلسلة الضعفاء أولهم أبو أسباط الحارثي بشر بن رافع ضعيف، ضعَّفه أحمد والنسائي وأبو حاتم، والبزّار، والدارقطني وغيرهم، وقال البخاريّ: لا يتابع في حديثه.
وشيخه عبد الله بن سليمان بن جنادة «ضعيف» أيضًا، وأبوه سليمان بن جنادة «منكر الحديث» كما قال أبو حاتم والبخاري.
ولو صحَّ هذا الحديث لكان دليلًا لنسخ أحاديث الباب السابق، ولكنه لم يصح. قال الحافظ في «الفتح» (٣/ ١٨١): «فلو لم يكن إسناده ضعيفًا لكان حجة في النسخ».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 300 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس

  • 📜 حديث: قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب