حديث: أليست نفسًا؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب القيام لجنازة غير المسلمين

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان سهل بن حُنيف وقيس بن سعد قاعدَين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض -أي من أهل الذِّمة- فقالا: إن النَّبِيّ ﷺ مرَّتْ به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهوديّ، فقال: «أليست نفسًا؟».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجنائز (١٣١٢)، ومسلم في الجنائز (٩٦١) كلاهما من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى فذكره.

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان سهل بن حُنيف وقيس بن سعد قاعدَين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض -أي من أهل الذِّمة- فقالا: إن النَّبِيّ ﷺ مرَّتْ به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهوديّ، فقال: «أليست نفسًا؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث النبي الكريم ﷺ الذي يربي أمته على تكريم الإنسان لمجرد إنسانيته، بغض النظر عن دينه أو عرقه.

أولاً. شرح المفردات:


● سَهْلُ بْنُ حُنَيْف وَقَيْسُ بْنُ سَعْد: صحابيان جليلان، وكانا يجلسان في منطقة القادسية.
● مُرَّ عَلَيْهِمَا بِجَنَازَة: أي مرت بهما جنازة يحملها الناس.
● فَقَامَا: وقفا إجلالاً للجنازة وتعظيماً للموت.
● أَهْلَ الأَرْض: أي من أهل الذمة (غير المسلمين الذين يعيشون في دار الإسلام بعهد وذمة).
● أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟: استفهام إنكاري بمعنى: "أليست هذه مخلوقاً له نفس وكيان يستحق التكريم؟".

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي عبد الرحمن بن أبي ليلى أن سهل بن حنيف وقيس بن سعد -رضي الله عنهما- كانا جالسين في مكان بالقادسية، فمرت بهما جنازة، فقاما لها وقوفاً إجلالاً وتكريماً.
فلما رأى الناس وقوفهما، أخبروهما أن الميت في الجنازة ليس مسلماً، بل هو من أهل الذمة (يهودي أو نصراني)، implying أنه لا داعي للوقوف له.
فردّ الصحابيان الجليلان بحكمة وعلم، مستدلين بفعل النبي ﷺ، حيث إنه مرت به مرة جنازة يهودي فقام لها، فقيل له: "يا رسول الله، إنها جنازة يهودي!" تعجباً من وقوفه. فكان جواب النبي ﷺ الحكيم: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟».
هذا الجواب النبوي مختصر لكنه يحمل قيمة إنسانية عظيمة. فهو ﷺ يذكرنا بأن الإنسان مكرم بذاته، فمجرد كونه "نفساً" بشرية تستحق الاحترام والتقدير في لحظة الموت والرحيل، هو سبب كافٍ للوقوف إجلالاً لهذه الروح التي خرجت من الدنيا.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تكريم الإنسان أصله: الإسلام يكرم الإنسان لمجرد إنسانيته، فهذه هي القيمة الأساسية. قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70]. فالموقف هنا ليس موقفاً دينياً فحسب، بل هو موقف إنساني أخلاقي.
2- الرحمة والخلق العظيم للنبي ﷺ: هذا الموقف يظهر سمو أخلاق النبي ﷺ ورحمته بجميع الخلق، حتى من خالفوه في الدين. فهو قدوة في التعامل الإنساني الكريم مع الآخر.
3- اتباع السنة والعمل بالحكمة: فعل الصحابيين يدل على فهمهم العميق للسنة النبوية، حيث لم يترددا في تطبيق هذا الأدب الرفيع اقتداءً بالنبي ﷺ، حتى مع اختلاف دين الميت.
4- الرد على ضيق الأفق: الحديث يرد على من قد يضيق صدره بتكريم غير المسلم، ويبين أن الإسلام يأمر بالعدل والإحسان مع الجميع، كما قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
5- تعظيم شأن الموت: الوقوف للجنازة هو تعظيم لهول الموت وعظة للناظرين، فهو يذكر الأحياء بمصيرهم المحتوم، بغض النظر عن هوية الميت.

رابعاً. معلومات إضافية وفقهية:


● حكم الوقوف للجنازة: اختلف العلماء في حكم الوقوف للجنازة:
● الرأي الأول: أنه سنة مستحبة، وهذا هو المستفاد من فعل النبي ﷺ في هذا الحديث وغيره. وهو قول جمهور العلماء.
● الرأي الثاني: أنه كان مشروعاً ثم نُسخ، واستدلوا بحديث: (كانوا يقومون للجنازة حتى تخرج فجلس النبي ﷺ فجلسنا) [أخرجه البخاري ومسلم]. والصحيح أن النسخ ليس فيه تعارض، بل الجمع ممكن، حيث يكون الوقوف مستحباً عند رؤية الجنازة مقبلة للعظة والتعظيم، ولا يلزم الاستمرار في الوقوف طوال الوقت.
● التعامل مع غير المسلمين: الحديث من أبلغ الأدلة على وجوب معاملة غير المسلمين (أهل الذمة) بالبر والقسط والإحسان، ما داموا مسالمين غير محاربين.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يتعلمون حكمة النبي ﷺ ويقتدون بأخلاقه العظيمة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجنائز (١٣١٢)، ومسلم في الجنائز (٩٦١) كلاهما من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى فذكره.
واللّفظ للبخاريّ، ولفظ مسلم قريبة منه، وليس فيه تفسير قوله: إنها من أهل الأرض».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 296 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أليست نفسًا؟

  • 📜 حديث: أليست نفسًا؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أليست نفسًا؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أليست نفسًا؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أليست نفسًا؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب