حديث: اختلاف أبي ذر ومعاوية في تفسير آية الكنز

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الكانزين للأموال والتغليظ عليهم

عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [سورة التوبة: ٣٤] قَالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ. فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه يَشْكُونِي فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَن اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ».

صحيح: رواه البخاريّ في الزّكاة (١٤٠٦) عن عليّ بن أبي هاشم، سمع هُشيمًا، أخبرنا حصين، عن زيد بن وهب، فذكره.

عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ ﵁، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [سورة التوبة: ٣٤] قَالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ. فَقُلْتُ: نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ ﵁ يَشْكُونِي فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَن اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، هذا حديث عظيم يحمل دروساً جليلة في التوحيد والطاعة والزهد، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله ثم بكتب أهل العلم المعتمدة.
### أولاً. ترجمة الرواة
● زيد بن وهب: ثقة من كبار التابعين، روى عنه جماعة من الأئمة.
● أبو ذر الغفاري ﭬ: صحابي جليل، من السابقين إلى الإسلام، مشهور بزهده وورعه وصدقه في القول.
### ثانياً. شرح المفردات
● الرَّبَذَة: مكان قرب المدينة المنورة.
● يَكْنِزُونَ: يجمّعون المال ويحبسونه ولا يؤدون حق الله فيه.
● فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ: أخبرهم بعذاب مؤلم (وهذا وعيد شديد).
● تَنَحَّيْتَ: اعتزلت وبعدت عن الناس.
● حَبَشِيًّا: شخصاً من الحبشة (أي حتى لو كان الأمير عبداً أسود).
### ثالثاً. شرح الحديث
يحكي أبو ذر ﭬ قصة خلافه مع معاوية بن أبي سفيان ﭬ (وهو والي الشام وقتها) في تفسير آية الكنز من سورة التوبة.
● موضع الخلاف:
● معاوية ﭬ يرى أن الآية نزلت في أهل الكتاب (اليهود والنصارى) فقط.
● أبو ذر ﭬ يرى أنها عامة تشمل كل من يكنز المال ولا يؤدي زكاته، مسلماً كان أو غير مسلم.
والصواب ما ذهب إليه أبو ذر ﭬ، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة تؤكد أن الآية عامة، ومنها قول النبي ﷺ: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار...» (رواه مسلم). فالحق مع أبي ذر في أن الآية تشمل المسلمين.
● نتيجة الخلاف: اشتكى معاوية إلى الخليفة عثمان بن عفان ﭬ، فاستدعاه إلى المدينة. فلما قدمها، احتفي به الناس احتفاءاً عظيماً لشدة حبهم له ولسابقته في الإسلام، حتى ثقل عليه الأمر. فشكى ذلك للخليفة عثمان ﭬ، فأعطاه خيار الاعتزال في الربذة ليتفرغ للعبادة ويبعد عن الزحام، فقبل أبو ذر ذلك.
● خاتمة الحديث: يختم أبو ذر ﭬ كلامه بعظيم صفاته ﭬ، فيقول: «وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ». وهذا غاية في الطاعة والانقياد لولي الأمر، حتى لو كان عبداً حبشياً، ما دام يحكم بشرع الله.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- وجوب إخراج زكاة المال: الحديث يؤكد على وجوب إخراج زكاة الذهب والفضة، وأن من منعها فهو داخل في الوعيد الشديد. وهذا أصل عظيم من أصول الإسلام.
2- الجرأة في قول الحق: أبو ذر ﭬ لم يتردد في تصحيح الخطأ حتى لو كان أمام والي كبير كمعاوية ﭬ. فهذا درس في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- الزهد والورع: سبب اعتزال أبي ذر ﭬ للربذة هو زهده في الدنيا ورغبته في الخلوة للعبادة، وهذا من أخلاق السلف الصالح.
4- الطاعة لولي الأمر: قول أبي ذر ﭬ: «ولو أمروا عليَّ حبشياً لسمعت وأطعت» هو أصل من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة في وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، وعدم الخروج عليه، ما دام يقيم الشرع.
5- الحرص على وحدة الصف: الخليفة عثمان ﭬ تصرف بحكمة عندما أعطى أبا ذر خيار الاعتزال،避免了 تفاقم الخلاف وحافظ على وحدة المسلمين.

خامساً:

معلومات إضافية
- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول.
- الربذة أصبحت بعد ذلك موضعاً للعبادة والزهاد.
- قصة أبي ذر مع معاوية ﭬما كانت خلافاً في الاجتهاد، وكل منهما مجتهد، وأجر أبي ذر أكبر لموافقته الصواب.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا من المنفقين في سبيله، الطائعين له ولرسوله ولأولي الأمر. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الزّكاة (١٤٠٦) عن عليّ بن أبي هاشم، سمع هُشيمًا، أخبرنا حصين، عن زيد بن وهب، فذكره.
وأمّا ما رُوي عن ابن عباس قال: «لما نزلت هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ قال: كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر رضي الله عنه: أنا أُفرِّج عنكم، فانطلق فقال: يا نبي الله! إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله ﷺ: «إنَّ الله لم يفرض الزّكاة إِلَّا ليطيب ما بقي
من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم».
فكبَّر عمر ثمّ قال له: «ألا أخبرك بخير ما يكنز المرأُ: المرأة الصَّالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته». فهو ضعيف.
رواه أبو داود (١٦٦٤) عن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا يحيى بن يعلى المحاربيّ، حَدَّثَنَا أبيّ، حَدَّثَنَا غيلان، عن جعفر بن إياس، عن مجاهد، عن ابن عباس، فذكره.
وصحّحه الحاكم (١/ ٤٠٨ - ٤٠٩) ورواه من طريق عليّ بن عبد الله بن المدينيّ، ثنا يحيى بن يعلى المحاربيّ، ثنا أبي، عن غيلان بن جامع، بإسناده. وقال: «صحيح على شرط الشّيخين».
قال الأعظمي: غيلان بن جامع، وهو ابن أشعث البخاريّ أبو عبد الله الكوفي من رجال مسلم دون البخاريّ. ثمّ رواه الحاكم (٢/ ٣٣٣) وعنه البيهقيّ (٤/ ٨٢) من طريق يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربيّ، ثنا أبي، ثنا غيلان بن جامع، عن عثمان أبي يقظان، عن جعفر بن إياس، بإسناده.
فزاد في الإسناد بين غيلان بن جامع وبين جعفر بن إياس: «عثمان أبو يقظان». وقال: «صحيح الإسناد». وتعقّبه الذّهبي فقال: «عثمان لا أعرفه، والخبر عجيب».
وقال البيهقي: «قصر به بعض الرّواة عن يحيى، فلم يذكر في إسناده عثمان أبا اليقظان».
قال الأعظمي: فإذًا هو دائر بين انقطاع وضعيف، فإنه لم يذكر أحد أن غيلان بن جامع رُوي عن جعفر ابن إياس.
وأمّا عثمان فهو ابن عُمير -بالتصغير- ويقال: ابن قيس، والصواب أن قيسًا جدّ أبيه، أبو اليقظان الكوفي الأعمى، ضعَّفه أحمد وابن معين وابن أبي حاتم والجوزجاني والدارقطني وغيرهم.
وأمّا قول الذّهبيّ: «عثمان لا أعرفه». فهو يخالف لما ذكره في «الميزان» في ترجمته، ونقل عن الأئمة تضعيفه، ولعلّ ذلك يعود إلى اختلاف النُّسخ، فإنه كتب مرة: عثمان بن أبي اليقظان، وأخرى: عثمان بن القطان، ولم يقع مثل هذا الاختلاف في نسخ البيهقيّ فإنه قال فيه: عثمان أبو البقظان، وكذا عرَّفه فقال: «عثمان ضعّفوه».
وأمّا رواية جعفر بن إياس عن مجاهد فكان شعبة يُضعفه كما قال أحمد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 34 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اختلاف أبي ذر ومعاوية في تفسير آية الكنز

  • 📜 حديث: اختلاف أبي ذر ومعاوية في تفسير آية الكنز

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اختلاف أبي ذر ومعاوية في تفسير آية الكنز

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اختلاف أبي ذر ومعاوية في تفسير آية الكنز

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اختلاف أبي ذر ومعاوية في تفسير آية الكنز

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب