حديث: بشير الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الوعيد الشَّديد لمانع الزّكاة

عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: بَشِّرِ الكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ. ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لا أَدْرِي مَنْ هُوَ. فَقُلْتُ لَهُ: لا أُرَى القَوْمَ إِلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ -قَالَ: إِنَّهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ لِي خَلِيلِي- قَالَ: قُلْتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟» قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، أُنْفِقُهُ كُلَّهُ، إِلَّا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ». وَإِنَّ هَؤُلاءِ لا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لا وَاللَّهِ، لا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
وفي رواية: «بَشِّرِ الْكَانِزِينَ، بِكَيٍّ فِي ظُهُورِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جُنُوبِهِمْ، وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ. قَالَ: ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ، قَالَ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ. قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تَقُولُ قُبَيْلُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا شَيْئًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ ﷺ قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ؟ قَالَ: خُذْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً، فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعْهُ».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الزّكاة (١٤٠٧ - ١٤٠٨)، ومسلم في الزّكاة (٩٩٢) كلاهما من طريق الحريريّ، عن أبي العلاء، عن الأحنف فذكره.

عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَلَإٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ خَشِنُ الشَّعَرِ وَالثِّيَابِ وَالهَيْئَةِ، حَتَّى قَامَ عَلَيْهِمْ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: بَشِّرِ الكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ. ثُمَّ وَلَّى فَجَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ وَتَبِعْتُهُ وَجَلَسْتُ إِلَيْهِ وَأَنَا لا أَدْرِي مَنْ هُوَ. فَقُلْتُ لَهُ: لا أُرَى القَوْمَ إِلَّا قَدْ كَرِهُوا الَّذِي قُلْتَ -قَالَ: إِنَّهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ لِي خَلِيلِي- قَالَ: قُلْتُ: مَنْ خَلِيلُكَ؟
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟» قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، أُنْفِقُهُ كُلَّهُ، إِلَّا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ». وَإِنَّ هَؤُلاءِ لا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لا وَاللَّهِ، لا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
وفي رواية: «بَشِّرِ الْكَانِزِينَ، بِكَيٍّ فِي ظُهُورِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جُنُوبِهِمْ، وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ. قَالَ: ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ، قَالَ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ. قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تَقُولُ قُبَيْلُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا شَيْئًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ ﷺ قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ؟ قَالَ: خُذْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً، فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعْهُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه الأحنف بن قيس يحمل في طياته موعظة بليغة وتحذيرًا شديدًا من خطورة كنز المال ومنع حق الله فيه، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستعينًا بالله تعالى:

أولاً. شرح المفردات:


● الكانزين: هم الذين يكدسون الأموال ولا يؤدون زكاتها.
● الرضف: الحجارة المحماة بالنار.
● حلمة الثدي: رأس الثدي.
● نغض الكتف: عظم اللّٰهوة في أعلى الظهر.
● يتزلزل: يضطرب ويرتجف من شدة الألم.
● الكي: هو العذاب الشديد بالحديد المحمى.

ثانيًا. شرح الحديث:


يقص علينا الأحنف بن قيس أنه كان جالسًا مع نفر من قريش، فجاءهم رجل عليه marks الفقر والزهد (وهو أبو ذر الغفاري رضي الله عنه)، فقام فسلم ثم أنذرهم بعذاب الله للكانزين الذين يمنعون الزكاة، ووصف لهم العذاب الشديد في نار جهنم حيث يوضع الحجر المحمى على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه، ثم يعاد الوضع في الجهة المقابلة.
فلما انصرف، تبعه الأحنف وسأله: لماذا كره القوم كلامك؟ فأجابه أبو ذر بأنهم لا يعقلون حقيقة الدنيا والآخرة، ثم ذكر قصة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله: "أتبصر أحدًا؟" وأخبره أنه لا يحب أن يكون له مثل أحد ذهبًا ينفقه كله إلا ثلاثة دنانير، وهذا من زهده صلى الله عليه وسلم وحكمته في التعامل مع المال.
ثم عاد أبو ذر ليوضح أن هؤلاء القوم لا يعقلون إلا جمع الدنيا، وتبرأ من طلب الدنيا أو الاستفتاء في الدين منهم.
وفي الرواية الأخرى يذكر أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بشر الكانزين بكي في ظهورهم يخرج من جنوبهم، وبكي من قبل أقفائهم يخرج من جباههم"، وهذا وعيد شديد لمن يمنع الزكاة.
ثم يسأل الأحنف أبا ذر عن العطاء (أي أعطيات الدولة من بيت المال)، فيأمره بأخذه إذا كان فيه معونة على الدين، ولكن إذا كان ثمنًا لدينه فليدعه.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- تحريم كنز المال وعدم إخراج زكاته: وهذا من كبائر الذنوب التي توعد الله عليها بعذاب شديد.
2- الزهد في الدنيا: كما في فعل أبي ذر وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
3- الحكمة في التعامل مع المال: فلا يكنز ولا يبذر، بل يتوسط في الإنفاق ويؤدي الحقوق الواجبة.
4- عدم الاكتراث بكراهية الناس للحق: كما فعل أبو ذر عندما أنذر القوم ولم يهتم بكرههم.
5- أخذ العطاء إذا كان فيه معونة على الدين: وتركه إذا كان يؤدي إلى المساومة على الدين.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- أبو ذر الغفاري رضي الله عنه كان معروفًا بالزهد والورع والصدع بكلمة الحق.
- الكنز المحرم هو ما بلغ النصاب ولم تؤد زكاته، وأما ما دون النصاب أو ما أديَت زكاته فلا يدخل في الوعيد.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيذنا من greed الدنيا وشرها، وأن يرزقنا القناعة والزهد فيما لا ينفع.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الزّكاة (١٤٠٧ - ١٤٠٨)، ومسلم في الزّكاة (٩٩٢) كلاهما من طريق الحريريّ، عن أبي العلاء، عن الأحنف فذكره.
والرّواية الثانية رواها مسلم (٩٩٢: ٣٥)، حَدَّثَنَا شيبان بن فروخ، حَدَّثَنَا أبو الأشهب، حَدَّثَنَا خُليد العصريّ، عن الأحنف بن قيس، قال: كنتُ في نفر من قريش.
قوله: «نُغْض كتفيه» النُّغْضُ: بضم النون - العظم الدّقيق الذي على طرف الكتف، أو على أعلى الكتف. قوله: «يتزلزل» أي يتحرّك ويضطرب.
قوله: «برَضْفٍ» بفتح الراء وسكون المعجمة - هي الحجارة المحماة، واحدها رضفة.
تنبيه: قال أبو العباس القرطبي: العطاء الذي سُئل عنه أبو ذرّ هو ما يعطاه الرّجل من بيت المال على وجه يستحقُّه، وهو الذي قال فيه النَّبِيُّ ﷺ: «ما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك».
وقوله: «إذا كان ثمنا لدينك» أي إذا كنت لا تتوصّل إليه إِلَّا بوجه غير جائز فلا تلتفتْ إليه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 17 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بشير الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم

  • 📜 حديث: بشير الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بشير الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بشير الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بشير الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب