في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

حديث: في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، قَالَ: سمعت النَّبِيّ ﷺ يَقُول: «فِى كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَلا يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا وَمَنْ أَبَى فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لآلِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْهَا شَيْءٌ».

حسن: رواه أبو داود (١٥٧٥)، والنسائي (٣٤٤٦) كلاهما من وجهين، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، يتعلق بفريضة الزكاة في الإبل، وهي من عزمات ربنا تعالى التي فرضها على عباده.

أولاً. شرح المفردات:

● سَائِمَةٍ: هي الإبل التي ترعى الكلأ (العشب) معظم السنة ولا تُعلف بصورة دائمة.
● بنت لَبُون: هي الناقة التي أتمت سنتين ودخلت في الثالثة، وسُميت بذلك لأن أمها أصبحت ذات لبن (أي حليب).
● لا يُفَرَّقُ إبل عن حسابها: أي لا يجوز تقسيم الإبل المجتمعة التي بلغت النصاب لتجنب إخراج الزكاة.
● مُؤْتَجِرًا: أي طالباً للأجر والثواب من الله تعالى بإخلاص النية.
● عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا: أي فريضة من فرائض الله تعالى المؤكدة.
● لا يَحِلُّ لآلِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنْهَا شَيْءٌ: أي يحرم على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ شيء من الزكاة.

ثانياً. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكم زكاة الإبل، ومقدار ما يجب إخراجه منها عند بلوغها النصاب، حيث جاء التفصيل كما هو مقرر في كتب الفقه:
- إذا بلغت الإبل السائمة (الراعية) أربعين، ففيها بنت لبون (ناقة أنثى أتمت سنتين ودخلت في الثالثة).
- ويشير إلى قاعدة مهمة وهي "لا يُفَرَّقُ إبل عن حسابها"، يعني أنه إذا كان لدى الشخص عدد من الإبل مجتمعة تبلغ النصاب، فلا يجوز له أن يفصلها أو يقسمها بين مالكين مختلفين (مثلاً بإعطاء بعضها لأولاده) بهدف التهرب من دفع الزكاة، بل يجب أن تُحسب كمجموع واحد وتُخرج زكاتها.
- ثم بين صلى الله عليه وسلم حكم من امتنع عن أداء الزكاة:
● "من أعطاها مؤتجراً فله أجرها": أي من أدى الزكاة طالباً الأجر من الله مخلصاً له النية، فله الأجر العظيم.
● "ومن أبى فإنّا آخذوها وشطر ماله": أي من امتنع عن أداء الزكاة، فإن الحاكم الشرعي يأخذها منه قسراً، ويأخذ نصف ماله adicionalmente كعقوبة له على منعه لحق الله تعالى. وهذا وعيد شديد يدل على عظم أمر الزكاة.
● "عزمة من عزمات ربنا": تأكيد على أن الزكاة فريضة حتمية من فرائض الله تعالى، وليست منّة أو تفضلاً من الإنسان.
● "لا يحل لآل محمد منها شيء": أي يحرم على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (وهم بنو هاشم وبنو المطلب) أخذ شيء من أموال الزكاة، تكريماً لهم وصوناً لهم من أن يُشتبه فيهم أنهم جمعوا الدنيا بحكم قرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- وجوب زكاة الإبل عند بلوغها النصاب بشروطها المعروفة (أن تكون سائمة، وأن تمضي عليها الحول، etc.).
2- تحريم التحايل لعدم إخراج الزكاة، كتجزئة المال لعدم بلوغ النصاب. وهذا من باب التدليس والغش الذي يبطل الصدقة ويحرم صاحبها من الأجر.
3- عظم قدر فريضة الزكاة وأنها من عزمات الله تعالى التي لا يجوز التهاون فيها.
4- بيان عقوبة مانع الزكاة، وأنها ليست مجرد إثم، بل يعاقب عليها الحاكم بأخذها منه وأخذ نصف ماله كعقوبة رادعة.
5- تحريم الزكاة على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على شرفهم وعلو مكانتهم، وأن الله قد كفاهم بحفظ أعراضهم وأموالهم من أن تختلط بصدقات الناس.
6- الحث على إخلاص النية في أداء الزكاة، طلباً للأجر من الله تعالى لا للرياء أو السمعة.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تبين أنصبة زكاة الإبل بشكل تفصيلي، والتي تبدأ من نصاب 5 إبل فما فوق.
- المقصود بـ "شطر ماله" هو نصف ماله adicionalmente كعقوبة، وهو رأي جمهور العلماء في معنى الحديث.
- آل محمد صلى الله عليه وسلم المحرم عليهم أخذ الزكاة هم بنو هاشم وبنو المطلب بإجماع العلماء، كما جاء في صحيح مسلم وغيره.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يؤدي حق الله في ماله، ويبتعد عن الشح والبخل، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٥٧٥)، والنسائي (٣٤٤٦) كلاهما من وجهين، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٢٦٦)، والحاكم (١/ ٣٩٧ - ٣٩٨)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على ما قدّمنا ذكره في تصحيح هذه الصحيفة ولم يخرجاه».
قال الأعظمي: وإسناده حسن من أجل بهز وأبيه، وهما حسنا الحديث، وجدّه معاوية بن حيدة القشيريّ، وله صحبة.
وقوله: «في كلّ أربعين ابنة لبون» أي ما زاد على مائة وعشرين، كما جاء مفسّرًا في كتاب أبي بكر.
وقوله: «مؤتجرا» أي طالبًا أجره عند الله.
وقد تكلّم ابنُ حبَّان في «المجروحين» (١٤٤) من أجل هذا الحديث كلامًا شديدًا في بهز بن حكيم، فقال: «تركهـ جماعة من أئمّتنا، ولولا حديث: «إنَّا آخذوه وشطر إبله عزمة من عزمات ربّنا«أدخلناه في الثّقات، وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه».
قال الأعظمي: لم أعرف من هؤلاء الأئمّة الذين تركوا بهز بن حكيم، وقد نقل ابن حبَّان نفسه عن الإمام أحمد وإسحاق بن إبراهيم أنّهما يحتجان به، وقد سئل يحيى بن معين عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده؟ فقال: «إسناد صحيح إذا كان دون بهز ثقة». ووثَّقه أيضًا عليّ بن المديني، وقال ابن عدي: «قد روى عنه ثقات الناس، وروى عنه الزهري، وجماعة من الثّقات، وأرجو أنه لا بأس به، ولم أرَ له حديثًا منكرًا، وإذا حدَّث عنه ثقة فلا بأس به». إذا من هؤلاء الأئمة الذين تركوا بهزًا؟ ! . نعم لقد قال أبو حاتم: «هو شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به».
إذًا اختلف أهل العلم في الاحتجاج بحديثه لا أنهم تركوه، وقد قال الحافظ الذّهبي ردًّا على ابن حبَّان في قوله: «تركهـ جماعة»: «ما علمتُ أحدًا تركه أبدًا، بل قد يتركون الاحتجاج بخبره، وأمّا حديث الباب فهو مما انفرد به بهز بن حكيم أصلًا ورأسًا، وقد قال به بعض المجتهدين» انتهى كلام الذهبي. انظر ترجمته في «تاريخ الإسلام» ودافع عنه أيضًا في «الميزان» (١/ ٣٥٤) فراجعه.
وأمّا عقوبة مانع الزكاة في الدُّنيا من أخذ شطر ماله، فقال به أحمد، وهو قول قديم للشافعي، ثمّ ذهب الشافعي وأتباعه إلى نسخ حديث بهز، أو تضعيفه من أجل نقل البيهقي عن الشافعي أنه قال: «هذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولو ثبت لقلنا به».
قال النووي: «هذا تصريح من الشافعي بأنَّ أهل الحديث ضعَّفوا هذا الحديث». انظر «المجموع» (٥/ ٣٣٢، ٣٣٧).
وقال في «الخلاصة» (٢/ ١٠٧٩): «إسناده إلى بهز صحيح، واختلفوا في الاحتجاج ببهز، ونقل الشافعي أنّ هذا الحديث ضعيف عند أهل الحديث، وادّعى أصحابنا أنّه منسوخ» انتهى.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 32 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

📜 حديث: في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: في كل إبل سائمة في كل أربعين بنت لبون

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية