حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب نسخ قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾

عن سلمة بن الأكوع، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] كان من أراد أن يُفطر ويفتدي، حتّى نزلت الآيةُ التي بعدها، فنسختها.
وفي لفظ: كنّا في رمضان على عهد رسول الله ﷺ من شاء صام، ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين، حتى أُنزلت هذه الآية ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥].

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٠٧)، ومسلم في الصيام (١١٤٥) من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن يزيد مولي سلمة بن الأكوع، عن سلمة، فذكره.

عن سلمة بن الأكوع، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] كان من أراد أن يُفطر ويفتدي، حتّى نزلت الآيةُ التي بعدها، فنسختها.
وفي لفظ: كنّا في رمضان على عهد رسول الله ﷺ من شاء صام، ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين، حتى أُنزلت هذه الآية ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي رواه الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، يروي لنا قصة تشريع فريضة الصيام في الإسلام، وهو من الأحاديث المهمة التي تبين مراحل التشريع ورفع الحرج عن المسلمين في بداية الأمر.

أولاً. شرح المفردات:


● يُطِيقُونَهُ: أي يقدرون على الصوم، لكن مع مشقة شديدة.
● فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ: بدل أو عوض عن الصيام، وهو إطعام مسكين عن كل يوم يفطر فيه.
● نَسَخَتْها: أبطلت حكمها وأزالته، وحلت محله الآية التي تليها.
● شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ: أي كان مقيماً حاضراً في الشهر (غير مسافر) وصحيحاً (غير مريض).

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن فريضة الصيام لم تفرض على المسلمين مرة واحدة، بل مرت بمرحلة تمهيدية تخفيفاً ورحمة من الله تعالى.
ففي البداية، عندما نزلت الآية الكريمة: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، كان الخيار للمسلم بين:
1. أن يصوم.
2. أو أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
فهذا حكم كان فيه سعة وتيسير على الناس، خاصة لمن يشق عليه الصوم. واستمر هذا الحكم فترة من الزمن.
ثم نزلت الآية التي بعدها في سورة البقرة: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، والتي جاءت بصيغة الأمر المؤكد (فَلْيَصُمْهُ)، فنسخت الحكم السابق (الخيار بين الصوم والإطعام)، وأصبح الصوم واجباً على كل مسلم بالغ مقيم صحيح، ولا يجوز الإفطار إلا لعذر شرعي (كمرض أو سفر)، وفي هذه الحالة يجب القضاء، أما الإطعام فهو خاص بالعاجزين عن الصوم indefinitely (كالكبير الهرم أو المريض مرضاً لا يرجى برؤه).

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- رفع الحرج والتدرج في التشريع: من حكمة الله تعالى ورحمته أن شرع الأحكام بشكل تدريجي، ليتنزل على النفوس بهدوء، وليتيسر على الناس أداؤها. فلم يفرض الصيام مباشرة على الناس الذين اعتادوا في الجاهلية على عدم الصوم، بل أعطاهم خياراً في البداية.
2- نسخ الأحكام: الحديث دليل على وقوع النسخ في الشريعة الإسلامية، وهو إبدال حكم شرعي بحكم آخر، لحكمة يعلمها الله تعالى. والنسخ من مظان رحمة الله بعباده وتيسيره عليهم.
3- وجوب الصوم وفرضيته: الحكم النهائي الذي استقرت عليه الشريعة هو فرضية صوم رمضان على كل مسلم بالغ عاقل مقيم صحيح، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة.
4- مكانة الإطعام: بينت الآية الأولى أن الإطعام هو البديل الشرعي عند العجز عن أداء العبادة الأصلية (الصوم)، مما يظهر أن الشريعة لا تريد إيقاع المشقة الحقيقية على العباد.
5- الثقة بنقل الصحابة: الصحابة رضي الله عنهم هم العدول الذين نقلوا لنا الشرع، وهم أعلم الناس بظروف نزول الوحي ومراحل تشريع الأحكام، فقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه هو شرح عملي للآيات وتاريخ نزولها.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- الآية التي نسخت الحكم الأول هي قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: ١٨٥].
- الإطعام باقٍ في الشرع لكن في حالات محدودة، كالكبير الذي لا يستطيع الصوم، والمريض مرضاً مزمناً، فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يجعلنا من العابدين الشاكرين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٥٠٧)، ومسلم في الصيام (١١٤٥) من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن يزيد مولي سلمة بن الأكوع، عن سلمة، فذكره. ولفظهما سواء، واللفظ الآخر لمسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 6 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين

  • 📜 حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب