حديث: إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من قال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ هي في حقِّ الكبير والمرضع والحامل وليست بمنسوخة
صحيح: رواه أبو داود (٢٣١٨) عن ابن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة،
عن عروة (كذا والصواب عزرة)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره مختصرًا.
![عن ابن عباس أنه قال: رُخّص للشّيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يطيقان الصوم أن يُفطرا إن شاءا، ويطعما مكان كلِّ يوم مسكينًا، ثم نُسخ ذلك في هذه الآية: فمن شهد منكم الشهر فليصمه [البقرة: ١٨٥] وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، والحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينًا. عن ابن عباس أنه قال: رُخّص للشّيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يطيقان الصوم أن يُفطرا إن شاءا، ويطعما مكان كلِّ يوم مسكينًا، ثم نُسخ ذلك في هذه الآية: فمن شهد منكم الشهر فليصمه [البقرة: ١٨٥] وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، والحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينًا.](img/Hadith/hadith_4182.png)
شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً في دينه.
هذا الأثر المروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - يتعلق بأحكام الإفطار في رمضان والفدية المترتبة على ذلك. وفيما يلي شرحه مفصلاً:
1. شرح المفردات:
● رُخّص: أُبيحَ وأُذنَ لهما بذلك.
● الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة: الرجل والمرأة المسنان اللذان بلغا سنًّا عاليًا.
● يطيقان الصوم: يقدران على الصوم بمشقة شديدة.
● أن يُفطرا إن شاءا: لهما الخيار بين الصوم مع المشقة أو الإفطار مع الفدية.
● ويطعما مكان كل يوم مسكينًا: الفدية هي إطعام مسكين عن كل يوم أفطراه.
● نُسخ ذلك: أُبطِل هذا الحكم الشرعي وحل محله حكم آخر.
● فمن شهد منكم الشهر فليصمه: الآية التي نسخت حكم التخيير وأوجبت الصوم على القادر.
● ثبت للشيخ الكبير... إذا كانا لا يطيقان الصوم: استمر حكم الإفطار مع الفدية لمن عجز عن الصوم عجزاً كلياً أو خافا على أنفسهما أو على الطفل.
● الحامل والمرضع إذا خافتا: إذا خافت المرأة الحامل على نفسها أو على جنينها، أو خافت المرضع على نفسها أو على رضيعها من الضرر.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يبيّن هذا الأثر تطور التشريع الإسلامي في مسألة الإفطار في نهار رمضان. ففي بداية فرضية الصوم، كان هناك حكم أولي رخصة للمسنين الذين يشق عليهم الصوم، حيث كان لهم خيار الصوم أو الإفطار مع إطعام مسكين عن كل يوم، حتى لو كانوا قادرين على الصوم مع المشقة.
ثم نُسخ هذا الحكم بآية الصيام: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، والتي أوجبت الصوم على كل مسلم قادر، فلم يعد الخيار قائماً لمن يطيق الصوم ولو بمشقة.
وبقي الحكم ثابتاً لفئة محدودة هم:
● الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة: إذا بلغا مرحلة العجز التام عن الصوم، بحيث لا يطيقانه أبداً أو تكون المشقة شديدة جداً.
● الحامل والمرضع: إذا خافتا الضرر على نفسيهما أو على الطفل (الجنين أو الرضيع) من الصوم.
وحكم هذه الفئات هو الإفطار مع обязаية الإطعام، بإطعام مسكين عن كل يوم أفطرته.
3. الدروس المستفادة منه:
● مرونة الشريعة الإسلامية ورفع الحرج: جاء التشريع الإسلامي مراعياً لظروف الناس وقدراتهم، خاصة الضعفاء وكبار السن وأصحاب الأعذار.
● التدرج في التشريع: يظهر من هذا الأثر كيف أن الشريعة نزلت بالتدرج، حيث تبدأ بالتيسير ثم تنتقل إلى التشديد تدريجياً بما يتناسب مع استعداد الناس وقدرتهم.
● العناية بفئة كبار السن: يُظهر النص عناية الإسلام بكبار السن ومراعاة ظروفهم الصحية، وتخفيف التكليف عنهم بما يناسب حالهم.
● تقدير الخوف والضرر المحتمل: اعتبار الشرع للخوف من الضرر (كخوف الحامل والمرضع) عذراً مبيحاً للإفطار، مما يدل على أهمية حفظ النفس والولد.
● نسخ الأحكام: بيان حكمة النسخ في الشريعة، حيث ينسخ الله تعالى ما يشاء من الأحكام لحكمة يعلمها، وهو دليل على أن التشريع من عند الله تعالى.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● مقدار الإطعام: جمهور العلماء على أن مقدار الإطعام عن كل يوم هو مدّ من طعام (أي حوالي 750 جرام) من قوت البلد المعتاد (كالأرز أو القمح)، وله أن يطعم المسكين وجبة مشبعة، أو أن يجمع عدة أيام ويطعم عدداً من المساكين مساوياً لعدد الأيام.
● حكم من أفطر لعذر دائم: كالكبير العاجز، يجب عليه الإطعام عن كل يوم يفطره، ولا قضاء عليه لأنه عاجز عن الصوم أبداً.
● حكم الحامل والمرضع: ذهب جمهور العلماء إلى أنه إذا أفطرتا خوفاً على الطفل فقط، فإن عليهما القضاء والإطعام. أما إذا أفطرتا خوفاً على أنفسهما فقط، فعليهما القضاء فقط دون إطعام. والله أعلم.
● الدليل على النسخ: استدل العلماء على نسخ حكم التخيير بقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، والتي هي ناسخة للحكم السابق المذكور في أول آيات الصيام.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يوفقنا لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
عن عروة (كذا والصواب عزرة)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره مختصرًا.
ومن طريقه رواه البيهقيّ (٤/ ٢٣٠) بتمامه.
وفي اختصار أبي داود أو من دونه شيء من الخلل في معنى الحديث؛ ولذا نقلت الحديث كاملًا من سنن البيهقيّ. وعزرة هو ابن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعيّ شيخ لقتادة.
فقه الحديث:
يفهم من هذه الآيات والأحاديث أنّ الناس على ثلاثة أقسام:
١ - المريض والمسافر، فهما لا يصومان بل يفطران، ويقضيان بعدة أيام من أيام أخر.
٢ - الصحيح المقيم. كان مخيرًا في البداية بين الصيام وبين الإطعام، إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كلّ يوم مسكينًا، فإن أطعم أكثر من مسكين عن كلّ يوم فهو خير، وإن صام فهو أفضل من الإطعام.
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾. وتقديره: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية.
ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
فأثبت الله الصّيام على المقيم الصحيح الذي يطيق الصّيام.
٣ - الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصيام.
ففيه مذهبان:
الأول: أن يطعموا مكان كلّ يوم مسكينًا.
واستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ فبقي حكمها في هؤلاء كما قال ابن عباس.
وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وعليه أكثر العلماء كما قال ابن كثير.
وهو اختيار البخاري قال: «وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام، فقد أطعم أنس بعد ما كَبِر عامًا أو عامين كلّ يوم مسكينًا خبزًا ولحمًا وأفطر» «الفتح» (٨/ ١٧٩).
المذهب الثاني: لا يجب عليهم إطعام لضعفهم عن الصوم فهم كالصبي الذي لا يجب عليه الفدية؛ لأنّ الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وبه قال مالك وهو القول الآخر للشافعي.
واختلف في الحامل والمرضع ومن أفطر لكبر ثم قوي على الصوم على مذاهب:
١ - قيل: هم يلحقون بالمذهب الثاني؛ لأنهم لما لم يكونوا قادرين على الصوم عند إيجابه فلا يجب عليهم الفدية ولا القضاء.
٢ - وقال أحمد والشافعي: يطعمون ويقضون.
٣ - وقال الكوفيون: يقضون ولا يطعمون.
٤ - وقال غيرهم: يطعمون ولا يقضون.
وهذا الذي يذهب إليه ابن عباس كما رواه عنه ابن جرير الطبري (٣/ ١٧١) وغيره أنه قال لأمّ ولد له حُبلي أو مرضع: «أنتِ بمنزلة الذين لا يطيقونه، عليكِ الفداء ولا صومَ عليك».
وفي رواية عند الدارقطني: «أنت من الذين لا يطيقون الصيام، عليك الجزاء وليس عليك القضاء». وقال: إسناده صحيح.
فهذه أربعة أقوال في هذه المسألة، وأدلة كل واحد منها مبسوطة في كتب الفقه. انظر للمزيد: المنة الكبري (٣/ ٣٣٦).
وفي فتاوى اللجنة الدّائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نصُّه: «من عجز عن صوم رمضان لكبر سن كالشيخ الكبير والمرأة العجوز أو شقَّ عليه الصوم مشقة شديدة رُخّص له في الفطر، ووجب عليه أن يُطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من بُرّ، أو تَمر، أو أرز، أو نحو ذلك مما يطعمه أهله، وكذا المريض الذي عجز عن الصوم أو شق عليه مشقة شديدة ولا يرجى برؤه لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، وقوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾. قال ابن عباس ﵄: «نزلت رخصة في الكبير والمرأة الكبيرة وهما لا يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينًا» اهـ.
والمريض الذي يعجز عن الصّوم أو يشق عليه مشقة شديدة ولا يرجى برؤه حكمه حكم الشيخ الكبير الذي لا يقوي على الصوم.
ثانيا: أما الحامل التي تخاف ضررًا على نفسها أو على حملها من الصوم، والمرضع التي تخشى ضررًا على نفسها أو رضيعها من الصوم، فعليهما فقط أن يقضيا ما أفطرتا فيه من الأيام كالمريض الذي يرجى برؤه إذا أفطر.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 9 من أصل 428 حديثاً له شرح
- 1 وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان
- 2 من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر...
- 3 خمس صلوات في اليوم والليلة
- 4 من نام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه
- 5 الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
- 6 من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدي بطعام مسكين
- 7 طعام مسكين فدية منسوخة
- 8 الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فليطعما
- 9 إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
- 10 من أفطر يومًا من رمضان في غير رخصة لم يقض...
- 11 إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء
- 12 إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين
- 13 لله عتقاء في كل يوم وليلة
- 14 الله عند كل فطر عتقاء
- 15 عتقاء الله عند كل فطر في كل ليلة
- 16 إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف...
- 17 تُفتح أبواب السماء وتغلق أبواب النار في رمضان
- 18 من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم...
- 19 فضل صيام رمضان إيمانا واحتسابا
- 20 منزلة من ادى الفرائض من الصديقين والشهداء
- 21 صمت رمضان كله وقمته كله
- 22 كان النبي أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل
- 23 لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه
- 24 الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال
- 25 لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه
- 26 صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته
- 27 إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا
- 28 إن الله مدَّه للرؤية فهو لليلة رأيتموه
- 29 لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين
- 30 فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين
- 31 لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة
- 32 إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما
- 33 يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفّظ من غيره
- 34 صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين
- 35 إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا
- 36 الشهر يكون تسعا وعشرين
- 37 الشهر هكذا وهكذا مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين
- 38 أصبحنا يومًا ونساء النبي يبكين عند كل امرأة منهن أهلها
- 39 الشهر تسع وعشرون
- 40 الشهر تسع وعشرون يومًا
- 41 الشهر هكذا وهكذا ثم نقص في الثالثة إصبعًا
- 42 الشهر تسع وعشرون يوما
- 43 صُمتُ مع رسول الله تسعًا وعشرين أكثر مما صمتُ ثلاثين
- 44 اعتزل رسول الله ﷺ نساءه شهرًا فخرج في تسع وعشرين
- 45 الشهر هكذا والشهر هكذا والشهر هكذا وأمسك واحدة
- 46 لا تتقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين
- 47 من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم ﷺ
- 48 عن أنس بن مالك: دخلت عليه عند العصر فأكل
- 49 الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون
- 50 شهران لا ينقصان شهرا عيد رمضان وذو الحجة
معلومات عن حديث: إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
📜 حديث: إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إطعام مسكين عن كل يوم لمن لا يطيق الصوم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








