إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

حديث: إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدّوا ثلاثين يومًا».

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٤٥٢٦)، وأبو يعلي (٢٢٤٨)، والبيهقي (٤/ ٢٠٦) كلّهم من طريق روح بن عبادة، حدّثنا زكريا، حدّثنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (1906) ومسلم (1080) عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو حديث صحيح متفق عليه، ويُعد من الأحاديث الأساسية في باب الصيام وثبوت شهر رمضان.

أولاً. شرح المفردات:

● الهلال: هو القمر في أول ليلة من الشهر القمري، عندما يظهر بشكل هلال رفيع.
● أغمي عليكم: أي حُجِب عنكم واختفى بسبب الغيم أو السحاب أو الضباب، فلم تتمكنوا من رؤيته.
● فعدوا ثلاثين يومًا: أي أكملوا عدة الشهر ثلاثين يوماً.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأمرين رئيسيين يتعلقان ببدء الصيام والإفطار:
1- "إذا رأيتم الهلال فصوموا": هذا أمر ببدء صيام شهر رمضان عند رؤية هلاله، سواءً كانت الرؤية بالعين المجردة أو بوسائل الرصد الحديثة المعتمدة شرعاً.
2- "وإذا رأيتموه فأفطروا": هذا أمر بإنهاء الصيام والبدء في إفطار عيد الفطر عند رؤية هلال شوال.
3- "فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يومًا": هذا بيان للحالة التي تعترض الناس، وهي عدم القدرة على رؤية الهلال لسبب من الأسباب، مثل الغيم أو الغبار. في هذه الحالة، يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكمال عدة شهر شعبان (قبل رمضان) أو شهر رمضان (قبل شوال) ثلاثين يوماً، ثم نبدأ الصوم أو نفطر بناء على ذلك.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه المستنبط:

1- ثبوت الشهر القمري بالرؤية البصرية: هذا الحديث أصل من أصول إثبات دخول الشهور القمرية، خصوصا شهر رمضان وشوال، وهو الرؤية. وهذا هو مذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة.
2- العبرة بالرؤية، لا بالحساب الفلكي: ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن الرؤية هي المعوّل عليها في إثبات الشهر، وليس الحساب الفلكي النظري. فإذا رُئي الهلال وجب الصوم أو الفطر، حتى لو خالف الحساب الفلكي. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
3- حكمة التشريع: في اعتماد الرؤية حكمة عظيمة، فهي أمر واضح وميسر لكل الناس، العالم والجاهل، في القرى والمدن، ولا يحتاج إلى تعقيدات حسابية قد لا يفهمها العامة.
4- رفع الحرج والمشقة: قوله "فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين" فيه تيسير على الأمة ورفع للحرج عند تعذر الرؤية، فلا تكلف نفسها عنتاً ومشقة في البحث، بل تكمل العدة.
5- وجوب صيام رمضان كاملاً: الأمر بإكمال العدة ثلاثين يوماً عند الغيم يضمن صيام الشهر كاملاً، فلا يُترك يوم منه. فشهر رمضان إما 29 يوماً بالرؤية، أو 30 يوماً بالإكمال.
6- وحدة الأمة: الحديث يدعو إلى توحيد صف المسلمين في بدء الصيام والإفطار، بناء على رؤية موحدة، مما يقوي أواصر الأخوة والتكافل بينهم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- إذا رأى الهلال شخص واحد عدل، فقد ذهب كثير من العلماء إلى كفاية ذلك لإثبات الشهر، وهو قول جمهور العلماء خلافاً لأبي حنيفة الذي اشترط اثنين.
- إذا اختلفت البلدان في رؤية الهلال (كأن يُرى في بلد ولم يُرى في بلد آخر)، فالمعتمد عند كثير من العلماء المعاصرين أن لكل بلد رؤيته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، وهذا خطاب عام لكل من تثبت عنده الرؤية.
- الحديث يدل على أن الأصل في الشهور القمرية أن تكون 29 يوماً، لأنها تُصام أو تفطر عند الرؤية، والإكمال إلى 30 يكون عند العجز عن الرؤية.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يبلغنا رمضان ونحن في أحسن حال، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٤٥٢٦)، وأبو يعلي (٢٢٤٨)، والبيهقي (٤/ ٢٠٦) كلّهم من طريق روح بن عبادة، حدّثنا زكريا، حدّثنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (١٤٦٧٠) من وجه آخر عن ابن لهيعة، حدّثنا أبو الزبير، قال: سألت جابرًا: هل سمعتَ رسول الله ﷺ يقول: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، فإن خفي عليكم فأتموا ثلاثين».
وقال جابر: هجر رسول الله ﷺ نساءه شهرًا، فنزل لتسع وعشرين وقال: «إنما الشهر تسع وعشرون».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 32 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

📜 حديث: إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية