لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

عن عبد الله بن عمر، أنّ رسول الله ﷺ ذكر رمضان، فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تُفطروا حتى تروه، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له».

متفق عليه: رواه مالك في الصيام (١) عن نافع، عن عبد الله بن عمر، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً في دينه.
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تُبنى عليها عبادة عظيمة من عبادات الإسلام، وهي صوم رمضان، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته.
الحديث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ ذكر رمضان، فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تُفطروا حتى تروه، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له».

1. شرح المفردات:

● تَرَوْا الهلال: أي تشاهدوا القمر الجديد (الهلال) الذي يعلن بداية الشهر القمري. والمقصود بالرؤية هنا الرؤية البصرية المعتادة، أو ما يقوم مقامها ويحقق الغرض منها كالشهادة بعدلين.
● غُمَّ عَلَيْكُمْ: أي حال بينكم وبين رؤيته غيم أو قتر أو دخان أو غبار يحجب الرؤية.
● فَاقْدِرُوا لَهُ: هذه العبارة فيها خلاف بين العلماء في تفسيرها، وأقوى قولين:
● القول الأول (وهو رأي الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة): معناه: فأكملوا العدة ثلاثين يوماً. أي قدِّروا له عدد الشهر السابق (شعبان أو رمضان) بأن يكون ثلاثين يوماً. وهذا التقدير هو بالحساب للمنتهى لا للعدد، أي تكملة الشهر إلى ثلاثين.
● القول الثاني (وهو رأي أبي حنيفة ورواية عن أحمد): معناه: قدِّروا له مكانه وحسابه، أي انظروا في حال الطقس واجتهدوا في معرفة دخول الشهر. ولكن الراجح هو القول الأول لقوته في اللغة ولعمل الأمة به.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يوجه النبي ﷺ الأمة إلى الطريقة الشرعية لتحديد بداية ونهاية شهر رمضان المعظم، فيأمرهم بأمرين جازمين:
1- عدم بدء الصوم إلا بعد ثبوت رؤية هلال رمضان.
2- عدم الإفطار (أي إعلان انتهاء رمضان وعيد الفطر) إلا بعد ثبوت رؤية هلال شوال.
ثم يضع لهم قاعدةً لحالة العجز عن الرؤية بسبب العوائق الجوية، فيأمرهم عندها بإكمال شهر شعبان أو رمضان ثلاثين يوماً، ضماناً لتحقيق العبادة في وقتها المحدد شرعاً وعدم التقدم عليها أو التأخر عنها.

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- الأصل في إثبات الشهر القمري هو الرؤية البصرية: وهذا هو المعتمد عند جمهور أهل العلم (المالكية والشافعية والحنابلة)، وليس الاعتماد على الحسابات الفلكية المجردة في الإثبات، لقول النبي ﷺ: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين. لكن يجوز الاستعانة بالحساب للتوقع أو لنفي إمكانية الرؤية.
2- رفع الحرج عن الأمة: شرع الله تعالى لهذه الأمة التيسير ورفع المشقة، فلم يكلفهم متابعة الحساب الدقيق، وجعل العبرة بالرؤية التي يستوي في إدراكها العالم والجاهل.
3- وحدة الأمة واجتماع كلمتها: الحديث يدل على وجوب توحيد الصف في بدء الصوم والإفطار within الدولة الواحدة أو البلد الواحدة، وأنه لا ينبغي التفرق في هذه الشعيرة العظيمة. والراجح أن لكل بلد رؤيته إذا اختلفت المطالع.
4- الاستعداد للعبادة والفرح بها: انتظار رؤية الهلال يخلق جوّاً من الشوق والاستعداد النفسي والروحي لاستقبال شهر الطاعة والغفران.
5- وجوب العمل بالظن الغالب في العبادات: فالشهادة برؤية الهلال ظن، وإكمال العدة ثلاثين يوماً عند الغيم ظن، والعبادات مبنية على اليقين أو الظن الراجح الذي ترجحه البينات.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● شروط شاهد الهلال: يشترط فيمن تقبل شهادته أن يكون مسلماً، عاقلاً، بالغاً، عدلاً، قادراً على الرؤية. وتقبل شهادة رجل واحد عدل عند جمهور العلماء لإثبات هلال رمضان، بينما يشترط لإثبات هلال شوال (عيد الفطر) شهادة رجلين عدلين عند الكثيرين، لقول النبي ﷺ: «فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا».
● حكم من صام برؤية بلد آخر: هذه المسألة من مسائل الخلاف المعاصرة. والراجح -والله أعلم- أن لكل بلد رؤيته إذا تباعدت البلدان واختلفت مطالع الهلال، عملاً بقاعدة "اختلاف المطالع" التي كان الصحابة يعملون بها. أما إذا كانت البلدان متقاربة في المطالع فينبغي التوحد.
● الفرق بين الرؤية والحساب: الحساب الفلكي يحدد ولادة القمر (الاقتران) بدقة، ولكن ولادة القمر لا تعني بالضرورة إمكانية رؤيته بالعين المجردة، فهناك فرق زمني بين الاقتران والرؤية قد يصل إلى أكثر من ١٥ ساعة. لذلك يبقى الحكم للرؤية الفعلية.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، وأن يبلغنا رمضان أعواماً عديدة ونحن في طاعته، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الصيام (١) عن نافع، عن عبد الله بن عمر، فذكره.
ورواه البخاري في الصوم (١٩٠٦)، ومسلم في الصيام (١٠٨٠) كلاهما من طريق مالك، به.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 23 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

📜 حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية