حديث: صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من قال بنسخ الصوم في السفر
متفق عليه: رواه مالك في الصيام (٢١) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره:
نص الحديث:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، "أنّ رسول الله ﷺ خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتّى بلغ الكديد، ثمّ أفطر فأفطر الناسُ، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله ﷺ."
1. شرح المفردات:
● عام الفتح: يقصد به فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.
● الكديد: مكان بين مكة والمدينة، يبعد عن مكة بحوالي 80 كيلومترًا تقريبًا.
● أفطر: أي ترك الصوم وأكل وشرب.
● يأخذون بالأحدث فالأحدث: أي يتبعون آخر أمر صدر من النبي ﷺ ويعملون به.
2. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ خرج من المدينة متجهًا إلى مكة لفتحها في شهر رمضان المبارك. وكان النبي ﷺ صائمًا في بداية السفر، حتى وصل إلى منطقة تسمى "الكديد". هناك، أمر النبي ﷺ بالإفطار وأفطر هو نفسه، فتابعه الصحابة رضي الله عنهم وأفطروا أيضًا.
واللطيف في هذا الحديث أن الصحابة كانوا يحرصون على متابعة النبي ﷺ في كل أمره، فإذا غيَّر من حاله (مثل الانتقال من الصوم إلى الفطر) فإنهم يتبعون أحدث أمر صدر منه، ويعتبرونه النسخ أو التغيير الملزم لهم.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- جواز الفطر في السفر: الحديث دليل على أن المسافر يجوز له أن يفطر في نهار رمضان، وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره على عباده.
2- مشروعية متابعة الإمام: يجب على العامة أن يتبعوا إمامهم في الأحكام العملية مثل الصوم والإفطار، طالما أنه يلتزم بالشرع.
3- النسخ والتغيير في الأحكام: كان الصحابة رضي الله عنهم يفهمون أن آخر أمر من النبي ﷺ هو الذي يجب العمل به، حتى لو خالف ما سبق. وهذا أصل مهم في فهم النصوص الشرعية وتطبيقها.
4- التيسير ورفع الحرج: في السفر يشق الصوم على الكثيرين، فأمر النبي ﷺ بالإفطار دليل على أن الدين الإسلامي دين يسر لا عسر.
5- الأخذ بالرخصة: يستحب للمسافر أن يفطر ولا يصوم، خاصة إذا شق عليه الصوم أو كان فيه مشقة على نفسه أو على غيره.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث أصل في مسألة "فطر المسافر"، وهو متفق على صحته.
- الفطر في السفر جائز وليس واجبًا، لكن الأفضل هو الأخذ بالرخصة إلا إذا كان الصوم يسيرًا ولا مشقة فيه.
- من أفطر في السفر عليه قضاء الأيام التي أفطرها بعد رمضان.
- كان النبي ﷺ يختار الأيسر والأرفق بأمته ما لم يكن إثمًا، فكان قدوة في التوازن بين العبادة والرحمة.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وأن يجعلنا من المتبعين لسنة نبيه ﷺ.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه البخاريّ في الصوم (١٩٤٤) من طريق مالك، به، مثله.
ولم يذكر قوله: «وكانوا يأخذون بالأحدث ... إلخ».
ورواه مسلم (١١١٣) من أوجه أخرى عن ابن شهاب، به، نحوه. وفيه: «وكان صحابةُ رسول الله ﷺ يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره».
وفي رواية قال سفيان (هو ابن عيينة): لا أدري مِنْ قَوْلِ من هو؟ يعني: وكان يؤخذ بالآخر من قول رسول الله ﷺ.
وفي رواية قال الزهريّ: وكان الفطر آخر الأمرين، وإنما يؤخذ من أمر رسول الله ﷺ بالآخر فالآخر.
فعُلم بهذه الروايات أنَّ الذين كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث هم الصّحابة. وأنَّ الذي قاله هو الزّهريّ، وعُلم أن قوله: «وكانوا يأخذون ...» مدرج في رواية الموطأ؛ ولذلك لم يخرجه البخاريّ في «صحيحه».
ذهب بعض أهل الظاهر إلى أنَّ الصّوم في السّفر منسوخ؛ لأنَّ النَّبِيّ ﷺ أفطر، وكان ذلك آخر الأمرين، وكان الصّحابة يأخذون بالآخر فالآخر من فعله ﷺ.
واحتجوا أيضًا بقوله تعالي: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ أي إن صامه لم يجزئه، بل عليه قضاؤه إذا رجع إلى أهله.
ونقل الحافظ في «الفتح» (٤/ ٦٩٦): وحكي ذلك أيضًا عن عمر، وابن عمر، وأبي هريرة، والزهريّ، وإبراهيم النخعي وغيرهم.
ورد الجمهور على قولهم هذا بأنَّ المريض لو صام أجزأ صومه بالاتفاق، ومعنى الآية: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ أي إن أفطر.
وقالوا: قول الراوي: «وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث» لا يدل على النسخ إذ ليس فيه إنَّ الفطر في السفر ناسخ لإباحة الصوم في السفر بحجّة أن ابن عباس نفسه كان يقول: «فمن شاء صام، ومن شاء أفطر» وهو حديث صحيح كما سيأتي. فلم يجعل ابن عباس إفطار النَّبِيّ ﷺ في السفر بعد صيامه فيه ناسخًا للصوم في السفر، بل جعله على جهة اليسر لمن يشق عليه الصوم في السفر.
وفي حديث أبي سعيد الخدريّ دلالة واضحة في عدم النسخ في قوله: «لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله ﷺ في السفر». وذلك بعد أن أفطروا في فتح مكة، وهو الآتي في الباب الذي يليه.
وأمّا ما رُوي عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا: «صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر» فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (١٦٦٦) من حديث أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن عوف، فذكره.
قال البوصيري: «هذا إسناد ضعيف منقطع، أسامة بن زيد هو ابن أسلم ضعيف، وأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئًا. قاله ابن معين والبخاري».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 310 من أصل 428 حديثاً له شرح
- 285 من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم
- 286 النبي يبيت جنبًا فيغتسل ثم يصلي الفجر
- 287 يُصبح جنبًا ثم يصوم
- 288 يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ
- 289 أفطر الحاجم والمحجوم
- 290 حكم الحجامة للصائم في نهار رمضان
- 291 معنى أفطر الحاجم والمحجوم
- 292 احتجم النبي وهو صائم
- 293 الحجامة للصائم لا تكره إلا من أجل الضعف
- 294 أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.
- 295 أفطر هذان
- 296 من ذرعه القيء فليس عليه قضاء
- 297 رسول الله ﷺ قاء فأفطر
- 298 من قاء وهو صائم فليقض
- 299 اكتحل بالإثمد ليلًا وهو صائم
- 300 إن شئت فصم وإن شئت فأفطر
- 301 من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن
- 302 لم يَعِب الصَّائمُ على المفطر ولا المفطر على الصَّائم
- 303 لا تعب على من صام ولا على من أفطر
- 304 ما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة
- 305 من صام ومن أفطر في الغزو لم يعب بعضهم بعضا
- 306 الصائم و المفطر لا يعيب بعضهم على بعض
- 307 يمشي حافيًا وناعلًا ويشرب قائمًا وقاعدًا
- 308 من صلى حافيا أو منتعلا
- 309 شرب النبي ﷺ ماء وهو صائم في السفر
- 310 صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
- 311 أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له...
- 312 أتى رسول الله على نهر من السماء والناس صيام
- 313 ذهب المفطرون اليوم بالأجر
- 314 صام رسول الله وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر
- 315 أولئك العصاة أولئك العصاة
- 316 الفطر في السفر أقوى لكم
- 317 أفطر النبي ﷺ في غزوتي بدر والفتح في رمضان.
- 318 أدنيا فكلا
- 319 المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر
- 320 من وجد قوة فصام ومن وجد ضعفًا فأفطر
- 321 ليس من البر الصوم في السفر
- 322 من سافر في رمضان فله أن يفطر
- 323 الصيام في السفر ليس من البر
- 324 ليس من البر الصيام في السفر
- 325 لا برَّ أن يُصام في سفر
- 326 الصيام في السفر
- 327 إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى...
- 328 يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته
- 329 الله وضع للمسافر الصوم وشطر الصلاة
- 330 أفطرنا على عهد النبي يوم غيم ثم طلعت الشمس
- 331 إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك نقصان دينها
- 332 تمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين
- 333 أمرنا بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة
- 334 ما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان
معلومات عن حديث: صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
📜 حديث: صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








