حديث: أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له راحلته
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء أن المسافر يفطر في بيته قبل أن يخرج
حسن: رواه الترمذيّ (٧٩٩) عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا عبد الله بن جعفر، عن زيد بن أسلم، عن محمد ابن المنكدر، عن محمد بن كعب، قال (فذكره).

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا حديثٌ طيبٌ فيه فعلٌ من أفعال الصحابة الكرام رضي الله عنهم، يُبيِّن سُنّية الإفطار للمسافر في رمضان، وفيه أيضًا أدبٌ من آداب طلب العلم.
أولاً. تخريج الحديث ومصدره:
هذا الأثر رواه الإمام الترمذي في سننه (باب ما جاء في الإفطار للمسافر إذا خرج)، وقال عنه: "حديث أنس حديث حسن"، ورواه الإمام أحمد في مسنده، وغيرهما. وهو من أقوال الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينقله عنه التابعي محمد بن كعب القرظي.
ثانيًا. شرح المفردات:
* يريد سفرًا: عازم على السفر ومستعد له.
* رُحلتْ له راحلته: جُهزت له دابته (ناقة أو غيرها) وأُعدت للسفر بوضع الرحل عليها.
* ثياب السفر: الملابس الخاصة التي كانوا يرتدونها في الأسفار لكونها أمكن وأقوى.
* سُنّة؟: هنا بمعنى: هل هذا الفعل الذي فعلته (أي الأكل في نهار رمضان وأنت مسافر) هو فعلٌ مسنونٌ ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
* سُنّة: أي نعم، هذا الفعل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو من سنته.
ثالثًا. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:
يخبرنا التابعي محمد بن كعب القرظي أنه ذهب إلى الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه في يوم من أيام شهر رمضان، وكان أنس قد استعد للسفر استعدادًا تامًا: دابته مجهزة، وملابس السفر عليه، فهو على وشك الانطلاق.
في هذه اللحظة، وقبل أن يركب دابته، طلب أنس طعامًا فأكل. وهذا أمرٌ غريبٌ في الظاهر؛ لأنه كان صائمًا في نهار رمضان. فسأله محمد بن كعب مستفسرًا عن حكم هذا الفعل، مستخدمًا كلمة موجزة تدل على فهمه وعلمه، فقال: "سُنّة؟" أي: هل هذا الفعل الذي فعلته سُنّة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فأجابه أنس رضي الله عنه إجابةً موجزةً ومؤكدة: "سُنّة"، أي نعم، إن الإفطار للمسافر هو سنّة نبوية ثابتة. ثم بعد أن أكد له ذلك، ركب راحلته وانطلق في سفره.
رابعًا. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- مشروعية الإفطار في السفر: الحديث دليل واضح على أن للمسافر أن يفطر في نهار رمضان، وأن هذا الفعل هو السنّة والأولى، لا أن يصوم. وهذا باتفاق أهل العلم.
2- وقت جواز الإفطار للمسافر: يفهم من فعل أنس أنه بمجرد العزم على السفر والاستعداد له يباح له الفطر، حتى قبل أن يبرح مكانه ويبدأ السير. وهذا مذهب جمهور العلماء.
3- الفطر أفضل من الصوم للمسافر: قول أنس "سنة" يعني أن الفعل المسنون هو الإفطار، مما يدل على أن الأفضل للمسافر هو الفطر، خاصة إذا كان يشق عليه الصوم. وهذا هو قول большин العلماء، لقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
4- الفقه في فهم السنّة: السنّة لا تؤخذ فقط من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، بل也从 أفعاله وأفعال أصحابه الراسخين في العلم الذين يبيّنون سنته، كما فعل أنس هنا.
5- أدب طالب العلم: نلاحظ أدب السائل (محمد بن كعب) حيث لم ينكر على أنس مباشرة، بل سأل مستفهمًا بلطف وأدب بعبارة مختصرة "سنة؟"، وهذا من ذكائه وأدبه. فطالب العلم يسأل ويتعلم ولا يعترض.
6- الجمع بين العلم والعمل: أنس رضي الله عنه لم يقتصر على نقل السنّة قولًا فحسب، بل طبّقها عمليًا ليعلمها غيره.
خامسًا. معلومات إضافية:
* الإفطار في السفر رخصة من الله تعالى، ومن تركها وصام فصومه صحيح، ولكن الأفضل هو الأخذ بالرخصة اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
* يشترط للسفر المبيح للفطر أن يكون سفرًا طويلًا (تقدر مسافته بما يقارب 80 كم فأكثر عند большин العلماء)، وأن لا يكون السفر سفر معصية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه الترمذيّ أيضًا عن محمد بن إسماعيل، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي مريم، حَدَّثَنَا محمد بن جعفر، قال: حَدَّثَنِي زيد بن أسلم، قال: حَدَّثَنِي محمد بن المنكدر، عن محمد بن كعب، فذكر نحوه.
ورواه البيهقيّ (٤/ ٢٤٧) من طريق عثمان بن سعيد الدارميّ، ثنا ابن أبي مريم، بإسناده، وفيه: «تقارب غروب الشّمس، فدعا بطعام، فأكل منه».
قال الترمذيّ: هذا حديث حسن. ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثير، مديني ثقة. وهو أخو إسماعيل بن جعفر، وعبد الله بن جعفر هو ابن نجيح والد عليّ بن عبد الله المدينيّ، وكان يحيى بن معين يضعفه».
وفي الباب عن عبيد بن جبر، قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري - صاحب النَّبِيّ ﷺ في سفينة من الفسطاط في رمضان، فرفع، ثمّ قرّب غداءه.
قال جعفر في حديثه: فلم يجاوز البيوت، حتّى دعا بالسفرة. قال: اقترب. قلت: ألستَ تري البيوت؟ ! قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله ﷺ؟ . قال جعفر في حديثه: فأكل.
رواه أبو داود (٢٤١٢) عن عبد الله بن عمر، حَدَّثَنِي عبد الله بن زيد.
ح وثنا جعفر بن مسافر، ثنا عبد الله بن يحيى المعنى. قالا: حَدَّثَنِي سعيد بن أبي أيوب. زاد جعفر: والليث. قال: حَدَّثَنِي يزيد بن أبي حبيبه: أن كليب بن ذُهل الحضرميّ أخبره، عن عبيد -قال: جعفر: ابن جبر- قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري (فذكر الحديث).
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقيّ (٤/ ٢٤٦).
ورواه الدَّارميّ (١٧٥٤)، والإمام أحمد (٢٧٢٣١)، وابن خزيمة (٢٠٤٠) كلّهم من طريق سعيد بن أبي أيوب، حَدَّثَنِي يزيد بن أبي حبيب، بإسناده، نحوه.
قال ابن خزيمة: «لست أعرف كليب بن ذُهل، ولا عبيد بن جبر، ولا أقبل دين من لا أعرفه بعدالة».
وما قاله ابن خزيمة كلام متجه على أسس علمية سليمة ولكن لم يطبّق ما قاله هو ولا تلميذه ابن حبَّان في كثير من الرواة الذين لم يعرف عنهم شيءٌ. وأخرجا حديثهم في «صحيحيهما». وقد تم التنبيه عليه في مواضع كثيرة.
وأمّا كليب بن ذُهل فهو مصريّ ذكره ابن حبَّان في «الثّقات» (٧/ ٣٥٦) وترجم له البخاريّ في «التاريخ الكبير» (٧/ ٢٣٠)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٧/ ١٦٧) ولم يقولا فيه شيئًا. وقال فيه الحافظ: «مقبول» أي إذا توبع، فإذا لم يتابع فهو لين الحديث.
وأمّا عبيد بن جبر فهو الغفاري أبو جعفر المصري مولى أبي بصرة، روى عن مولاه في الفطر في السفر، وهو يرى البيوت. ذكره الفسويّ في «المعرفة والتاريخ» (٢/ ٤٩٢) في ثقات التابعين، ووثَّقه العجلي وابن حبَّان.
وفي الباب أيضًا عن دحية بن خليفة، أنه خرج من قرية من دمشق مرة إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط، وذلك ثلاثة أميال في رمضان، ثمّ إنه أفطر، وأفطر معه ناسٌ، وكره آخرون أن يُفطروا،
فلمّا رجع إلى قريته قال: والله! لقد رأيتُ اليوم أمرًا ما كنتُ أظنّ أني أراه. إنَّ قومًا رغبوا عن هدي رسول الله ﷺ وأصحابه». يقول ذلك للذين صاموا، ثمّ قال عند ذلك: «اللَّهُمَّ! اقبضني إليك».
رواه أبو داود (٢١٤٣)، والإمام أحمد (٢٧٢٣١)، وابن خزيمة (٢٠٤١)، والبيهقي (٤/ ٢٤١) كلّهم من طريق اللّيث، قال: حَدَّثَنِي يزيد بن أبي حيب، عن أبي الخير، عن منصور الكلبيّ، عن دحية بن خليفة، فذكره.
قال ابن خزيمة: إني لا أعرف منصور بن زيد الكلبي هذا بعدالة ولا جرح».
قال الأعظمي: وهو كما قال، وقد سبقه ابن المديني فقال: «مجهول».
وقال الذّهبيّ: «ما روى عنه سوى مرثد اليزني (يعني أبا الخير) حديثه أفطر المسافر على ثلاثة أميال».
وقال الحافظ في «التقريب»: «مستور». ولكن يشهد بعضه لبعض ويقويه عمل السلف.
قال أنس بن مالك: قال لي أبو موسى: ألم أنبأ أو ألم أخبر أنك تخرج صائمًا، وتدخل صائمًا؟ قال: قلت: بلى. قال: فإذا خرجت فاخرج مفطرًا، وإذا دخلت فادخل مفطرًا.
وعن عمرو بن شرحبيل أنه كان يسافر وهو صائم فيفطر من يومه. رواهما البيهقيّ (٤/ ٢٤٧).
استمسك بهذه الآثار الإمام أحمد وإسحاق وداود والمزني من الشافعية، فقالوا: إنه إذا نوى الصوم، ثمّ سافر أبيح له أن يفطر. لكن يقال: إنَّ المزنيّ، قد رجع عن قوله.
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: من لا يفارق العمران إِلَّا بعد الفجر فليس له الفطر في ذلك اليوم؛ لأنه ممن شهد الشهر وهو مقيم فيجب عليه أن يصوم؛ لأنّ النَّبِيّ ﷺ لم يخرج من المدينة في شهر رمضان مفطرًا، وإنما أفطر في الطريق.
وأمّا إن سافر المقيم بالليل، وفارق عمران البلد قبل الفجر فله أن يفطر بلا خلاف.
والتمسّك بالآثار أولى من القياس.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 311 من أصل 428 حديثاً له شرح
- 286 النبي يبيت جنبًا فيغتسل ثم يصلي الفجر
- 287 يُصبح جنبًا ثم يصوم
- 288 يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُ
- 289 أفطر الحاجم والمحجوم
- 290 حكم الحجامة للصائم في نهار رمضان
- 291 معنى أفطر الحاجم والمحجوم
- 292 احتجم النبي وهو صائم
- 293 الحجامة للصائم لا تكره إلا من أجل الضعف
- 294 أرخص النبي في القبلة للصائم والحجامة للصائم.
- 295 أفطر هذان
- 296 من ذرعه القيء فليس عليه قضاء
- 297 رسول الله ﷺ قاء فأفطر
- 298 من قاء وهو صائم فليقض
- 299 اكتحل بالإثمد ليلًا وهو صائم
- 300 إن شئت فصم وإن شئت فأفطر
- 301 من أخذ برخصة الفطر في السفر فحسن
- 302 لم يَعِب الصَّائمُ على المفطر ولا المفطر على الصَّائم
- 303 لا تعب على من صام ولا على من أفطر
- 304 ما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة
- 305 من صام ومن أفطر في الغزو لم يعب بعضهم بعضا
- 306 الصائم و المفطر لا يعيب بعضهم على بعض
- 307 يمشي حافيًا وناعلًا ويشرب قائمًا وقاعدًا
- 308 من صلى حافيا أو منتعلا
- 309 شرب النبي ﷺ ماء وهو صائم في السفر
- 310 صوم النبي ﷺ وإفطاره في فتح مكة
- 311 أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له...
- 312 أتى رسول الله على نهر من السماء والناس صيام
- 313 ذهب المفطرون اليوم بالأجر
- 314 صام رسول الله وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر
- 315 أولئك العصاة أولئك العصاة
- 316 الفطر في السفر أقوى لكم
- 317 أفطر النبي ﷺ في غزوتي بدر والفتح في رمضان.
- 318 أدنيا فكلا
- 319 المفطرون يسبقون الصائمين في الاجر
- 320 من وجد قوة فصام ومن وجد ضعفًا فأفطر
- 321 ليس من البر الصوم في السفر
- 322 من سافر في رمضان فله أن يفطر
- 323 الصيام في السفر ليس من البر
- 324 ليس من البر الصيام في السفر
- 325 لا برَّ أن يُصام في سفر
- 326 الصيام في السفر
- 327 إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى...
- 328 يؤتي رخصه كما يكره أن تؤتي معصيته
- 329 الله وضع للمسافر الصوم وشطر الصلاة
- 330 أفطرنا على عهد النبي يوم غيم ثم طلعت الشمس
- 331 إذا حاضت لم تصل ولم تصم فذلك نقصان دينها
- 332 تمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين
- 333 أمرنا بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة
- 334 ما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان
- 335 ما كنت أقضي ما يكون علي من رمضان إلا في...
معلومات عن حديث: أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له راحلته
📜 حديث: أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له راحلته
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له راحلته
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له راحلته
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أكل أنس بن مالك في السفر بعد ما رحلت له راحلته
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








