حديث: ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب عظمة العرش
صحيح: رواه أبو داود (٤٧٢٧) عن أحمد بن حفص بن عبد اللَّه قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو داود في سننه، وغيره، عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يفتح لنا نافذة على عالم الغيب وعظمة خلق الله تعالى، مما يزيد المؤمن إيماناً ويقيناً بعظمة الخالق جل جلاله.
أولاً. شرح المفردات:
● أُذن لي: أُعطيت الإذن والإجازة من الله تعالى.
● أحدِّث: أن أروي وأخبر عن شيء من أمر الغيب.
● مَلَك من ملائكة اللَّه: أحد الكائنات المخلوقة من نور، المكلفة بتنفيذ أوامر الله.
● حملة العرش: هم الملائكة الموكلون بحمل العرش، وهو أعظم المخلوقات عند الله تعالى.
● شحمة أذنه: الجزء الأسفل من الأذن، وهو الجزء اللين المتدلي.
● عاتقه: موضع اتصال الذراع بالكتف، أي كتفه.
● مسيرة سبعمائة عام: المسافة التي يقطعها المسافر سيراً على الأقدام في سبعمائة سنة.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أذن له - وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى - أن يطلع أمته على شيء من عظيم خلقه، الذي لا نراه، لتعظيم الخالق في نفوسهم. فذكر وصفاً لأحد الملائكة الذين يحملون العرش، وأن المسافة بين أسفل أذن هذا الملك إلى كتفه (أي عرض كتفه) تساوي المسافة التي يمكن للإنسان أن يقطعها إذا سار باستمرار لمدة سبعمائة عام. وهذا يدل على ضخامة حجم هذا الملك وعظم خلقه، مما يدل بالتبعية على عظمة من خلقه، وهو الله عز وجل.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظمة خلق الله وقدرته: الحديث يصور لنا جانباً من عظمة مخلوقات الله، التي خلقها على هيئات وأحجام هائلة، مما يوجب على المسلم التعظيم للخالق سبحانه، واليقين بأنه على كل شيء قدير.
2- الإيمان بالغيب: من أركان الإيمان الإيمان بالملائكة، وهذا الحديث يزيد المؤمن تصديقاً بوجودهم وعظمتهم، وإن كنا لا نراهم.
3- مكانة النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى ائتمنه على أخبار الغيب وأذن له بإخبار أمته بها لتقوية إيمانهم.
4- تواضع الإنسان: يقف الإنسان أمام هذا الخلق العظيم متعجباً متواضعاً، مدركاً ضآلة حجمه وحجم دنياه أمام عظمة ملكوت الله، مما يجعله لا يتكبر على خلق الله.
5- إثبات صفات الملائكة على الحقيقة: كما أن لهم أعيناً وأجنحةً، ف لهم آذان وكتف، على الوجه الذي يليق بهم كملائكة، لا يشبهون البشر.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
● حملة العرش: هم من أعظم الملائكة مكانة وقوة، وعددهم أربعة، ويوم القيامة يزيدون إلى ثمانية.
● المسافة بالسنين: "مسيرة سبعمائة عام" تحسب بمعيارنا نحن البشر، وهي مسافة تقريبية لبيان الضخامة والإعجاز، وليس المقصد الحساب الدقيق، فالله أعلم بحقيقة مقدارها.
● مقصد الحديث: ليس المقصد التطفل على الغيب، بل تقوية الإيمان والاستعداد للآخرة، والانكسار بين يدي الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يزيدنا إيماناً ويقيناً، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقد صحّحه الذّهبي في «العلو» (٢١٣).
وقال الحافظ في «الفتح» (٨/ ١١٥): «إسناده صحيح على شرط الصّحيح».
وقد جاء عن ابن مسعود قال: ما بين السّماء الدّنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وبين كلّ سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السّماء السّابعة وبين الكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي إلى الماء خمسمائة عام، والعرش على الماء، واللَّه فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه».
رواه الدّارميّ في الرّد على الجهمية (٨١)، والطبراني في الكبير (٩/ ٢٢٨)، وابن خزيمة في
التوحيد (١٧٨) كلّهم من حديث حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره، وهو موقوف عليه.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عاصم بن بهدلة غير أنّه حسن الحديث.
وأمّا ما رُوي عن العباس بن عبد المطلب قال: كنتُ بالبطحاء في عِصابة، وفيهم رسول اللَّه ﷺ فمرّت به سحابة، فنظر إليها فقال: ما تسمّون هذه؟». قالوا: السّحاب. قال: «والمُزْن». قالوا: والمزن. قال: «والعنان». قال أبو بكر: قالوا: والعنان. قال: «كم ترون بينكم وبين السّماء؟». قالوا: لا ندري. قال: «فإنّ بينكم وبينها إما واحدًا أو اثنين أو ثلاثًا وسبعين سنة، والسماء فوقها كذلك». حتّى عدّ سبع سموات - «ثم فوق السّماء السابعة، بحرٌ بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أُوْعال، بين أظلافهنّ وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهنّ العرش، بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم اللَّه فوق ذلك تبارك وتعالى». ففيه رجل مجهول.
رواه أبو داود (٤٧٢٤)، والترمذيّ (٣٣٢٠)، وابن ماجه (١٩٣) كلهم من طريق سماك بن حرب، عن عبد اللَّه بن عميرة، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، فذكره، ولفظهم قريب.
وصحّحه ابن خزيمة، وأخرجه في كتاب التوحيد (١٧٢)، والحاكم (٢/ ٣٨٧) كلاهما من هذا الوجه.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، وقال الذهبي في موضع آخر (٢/ ٤١٢): «فيه يحيى واهٍ».
قال الأعظمي: يحيى هذا هو ابن العلاء الرّازيّ البجليّ ضعيف جدًّا. ومن طريقه رواه عبد الرزّاق عنه، عن عمّه شعيب بن خالد، حدثني سماك بن حرب، أخرجه الإمام أحمد (١٧٧٠) إلّا أنه توبع.
كما تكلّم المنذريّ. في سنن أبي داود فقال: «فيه الوليد بن أبي ثور ولا يحتجّ بحديثه». قلت: إلّا أنه توبع أيضًا، فبقي في الإسناد عبد اللَّه بن عميرة -بفتح أوله- الكوفي، ذكره ابن حبان في الثقات (٥/ ٤٢) ولم يذكر من روى عنه سوى سماك بن حرب، وأدخله العقيليّ في الضعفاء (٨٥٢)، وابن عدي في الكامل (٤/ ١٥٤٧)، وذكرا عن البخاريّ أنه قال: «لا نعلم له سماعًا من الأحنف بن قيس».
وقال الذهبيّ في الميزان (٢/ ٤٦٩): «فيه جهالة، قال البخاريّ: لا يعرف له سماع من الأحنف بن قيس». أي فيه انقطاع أيضًا.
وقال: «له عنه، عن العباس حديث المزن والعنان. رواه عنه سماك بن حرب. ورواه عن سماك الوليدُ بن أبي ثور وجماعة. ورواه أيضًا يحيى بن العلاء -وهو واهٍ- عن عمّه شعيب بن خالد، عن سماك». انتهى كلام الذهبيّ.
وقال الحافظ في «التقريب»: «مقبول» أي حيث يتابع وإلّا فلين الحديث، ولم أجد له متابعًا.
وأمّا الترمذيّ فقال: «حسن غريب، وروى الوليد بن أبي ثور، عن سماك نحوه ورفعه، وروي شريك عن سماك بعض هذا الحديث ووقفه ولم يرفعه».
وذهب الجوزقاني في «الأباطيل» (١/ ٧٧) إلى تصحيح هذا الحديث فقال: «هذا حديث صحيح. رواه عن سماك جماعة منهم: عنبسة بن سعيد، والوليد بن أبي ثور، وعمرو بن أبي قيس وغيرهم».
ولكن فاته أنّ مداره على عبد اللَّه بن عميرة وفيه جهالة مع الانقطاع كما سبق، فلعلّه نظر إلى معنى الحديث، ولم يتعمّق في معرفة إسناده.
كما اختُلف في رفعه ووقفه، فرواه شريك عن سماك بإسناده موقوفًا على العباس بن عبد المطلب في قوله تعالى ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [سورة الحاقة: ١٧] أملاك في صورة الأوعال».
رواه ابن خزيمة في التوحيد (١٨٩)، وفي رواية عنده: «ما بين أظلافهم إلى رُكبهم ثلاث وستون سنة». قال شريك مرة: «ومناكبهم ناشبة بالعرش».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة قال: بينما نبيُّ اللَّه ﷺ جالسٌ وأصحابُه، إذ أتى عليهم سحابٌ، فقال نبيُّ اللَّه ﷺ: «هل تدرون ما هذا؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «هذا العنانُ، هذه رواية الأرض يسوقه اللَّه تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه». قال: «هل تدرون ما فوقكم؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف». ثم قال: «هل تدرون كم بينكم وبينها؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: بينكم وبينها مسيرة خمسمائة سنة». ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة. حتّى عدَّ سبع سماواتٍ، ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض. ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّ فوق ذلك العرش، وبينه وبين السّماء بُعدُ ما بين السماءين». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحتكُم؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «فإنها الأرض». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحت ذلك؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: «فإنّ تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة». حتّى عدَّ سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة، ثم قال: «والذي نفس محمد بيده، لو أنكم دَلَّيْتُم بحبل إلى الأرض السُّفلى لهبط على اللَّه». ثم قرا: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة الحديد: ٣].
رواه الترمذيّ (٣٢٩٨) عن عبد بن حميد وغير واحد -والمعنى واحد- قالوا: حدّثنا يونس ابن محمد، حدّثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، قال: حدّث الحسن، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (٨٨٢٨)، وابن أبي عاصم في السنة (٥٧٨) كلاهما من وجهين آخرين عن
قتادة بإسناده، مثله.
قال أبو عيسى الترمذيّ: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، ويروى عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد قالوا: لم يسمع الحسن من أبي هريرة. وفسَّر بعضُ أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنّما هبط على علم اللَّه وقدرته وسلطانه، وعلمُ اللَّه وقدرته وسلطانُه في كلّ مكان وهو على العرش كما وُصف في كتابه». انتهى قول الترمذيّ.
قال الأعظمي: في الإسناد علّتان:
إحداهما: قتادة لم يصرِّح بسماعه من الحسن، وهو مدلِّس.
والثانية: الانقطاع؛ فإنّ الحسن وهو الإمام البصريّ لم يسمع من أبي هريرة كما أكّد ذلك جمهور أهل العلم. وفي متنه نكارة أيضًا.
وقال الجوزقانيّ في «الأباطيل» (١/ ٧١): هذا حديث باطل، وله علّة تخفى على من لم يتبحّر، فمن تأمّل هذا الحديث، واعتبر أقوال رواته يحكم عليه بالصحة لأمانتهم وعدالتهم، والعلّة فيه إرسال الحسن عن أبي هريرة، فإنه لم يسمع من أبي هريرة شيئًا، ولا يعلم بإرسال الحسن عن أبي هريرة إلا المتبحّرون».
ثم نقل عن الإمام أحمد ويونس وعلي بن زيد وغيرهم بأنه لم يسمع من أبي هريرة حرفًا.
قال: «وقال نعيم: حدّثنا سفيان، عن مساور الورّاق، قال: قلت للحسن البصريّ: عمّن تحدّث هذه الأحاديث؟
قال: عن كتاب عندنا سمعتُه من رجل».
ثم روى الحديث من وجه آخر عن أبي جعفر الرّازيّ، عن قتادة، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، عن النبيّ ﷺ قال: «والذي نفسي بيده لو دلّيتُم بحبل إلى الأرض السّابعة لقدم على ربّه عز وجل ثم تلا: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة الحديد: ٣].
قال: أبو جعفر الرّازيّ هذا اسمه عيسى بن ماهان، وكنية ماهان أبو عيسى، أصله من مرو، وانتقل إلى الرّي فنسب إليها، كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات.
وتنقل عن الإمام أحمد أنه قال: «أبو جعفر الرّازيّ مضطرب الحديث» انتهى.
وقال الذهبيّ في الميزان (٤/ ٥١٠) في ترجمة أبي جعفر الرّازيّ: «هو عيسى بن ماهان، وقد روي سلمة بن الأبرش، عن أبي جعفر الرّازيّ، عن قتادة، عن الأحنف، عن العباس مرفوعًا (فذكر الحديث) وقال: «هو منكر، ولم يلقَ قتادة الأحنف».
وقال البيهقيّ في الأسماء والصفات (٢/ ٢٨٩): «وفي رواية الحسن عن أبي هريرة انقطاع،
ولا يثبت سماعه من أبي هريرة. وروي من وجه آخر منقطع عن أبي ذرّ مرفوعًا». ثم أخرجه وهو.
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي ذرّ، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما بين الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة سنة، وغلظ السماء الدنيا مسيرة خمسمائة سنة، وما بين كلّ سماء إلى السماء التي تليها مسيرة خمسمائة سنة، والأرضين مثل ذلك، وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك، ولو حفرتم لصاحبكم، ثم دلّيتموه لوجدتم اللَّه عز وجل ثمَّ».
رواه البيهقيّ في الأسماء والصفات (٨٥٠) عن أبي عبد اللَّه الحافظ وأبي سعيد بن أبي عمرو قالا: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب: ثنا أحمد بن عبد الجبار: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي نصر، عن أبي ذرّ، فذكره.
قال البيهقيّ: تابعه أبو حمزة السّكريّ وغيره عن الأعمش في المقدار».
قال الأعظمي: ورواه البزار -كشف الأستار (٢٠٨٧) - عن محمد بن معمر، ثنا محاضر -يعني ابن مورع-، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي نصر، عن أبي ذرّ، فذكر نحوه مختصرًا.
قال البزّار: لا نعلمه يُروي عن أبي ذرّ إلّا بهذا الإسناد.
وأبو نصر أحسبه حميد بن هلال، ولم يسمع من أبي ذره.
قال الأعظمي: مع الانقطاع بين أبي نصر وأبي ذرّ، قال الذهبيّ في «العلو» (ص ٨٩): «أبو نصر لا يعرف، والخبر منكر».
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جدّه، قال: أتى رسولَ اللَّه ﷺ أعرابيٌّ فقال: يا رسول اللَّه جهدتِ الأنفُس، وضاعت العيال، ونُهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستق اللَّهَ لنا، فإنّا نستشفع بك على اللَّه، ونستشفعُ باللَّه عليك. قال رسول اللَّه ﷺ: «ويحك! أتدري ما تقول؟». وسبَّح رسول اللَّه ﷺ، فما زال يسبِّحُ حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال: «ويحك! إنّه لا يستشفع باللَّه على أحد من خلقه، شأن اللَّه أعظم من ذلك. ويحك! أتدري ما اللَّه؟ إنّ عرشه على سماواته كهذا». وقال: بأصبعه مثل القبلة عليه. «وإنّه لَيئطُّ به أطيطَ الرّحل بالرّاكب».
رواه أبو داود (٤٧٢٦) عن عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وأحمد بن سعيد الرياطي قالوا: حدثنا وهب بن جرير، -قال أحمد: كتبناه من نسخته وهذا لفظه- قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدّث عن يعقوب بن عتبة، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، فذكر الحديث.
قال ابن بشار في حديثه: «إنّ اللَّه فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته». وساق الحديث.
قال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار، عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير، عن أبيه، عن جدّه. والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصّحيح، ووافقه عليه جماعة منهم: يحيى بن
معين وعلي بن المديني.
ورواه جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضًا. وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني» انتهى.
وبهذا يشير أبو داود إلى ما وقع في الإسناد من اختلاف، وقال: «والصحيح ما رواه الجماعة عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن جبير بن محمد. . .».
وفي الإسناد جبير بن محمد بن جبير لم يوثقه غير ابن حبان، فأورده في الثقات ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم نجد له متابعا.
ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن.
والحديث رواه الدّارميّ في الرّد على الجهمية (٧١)، وابن أبي شيبة في كتاب «العرش» (١١)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٥٧٦)، وابن خزيمة في «كتاب التوحيد» (١٧٥)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (٦٥٦)، والدارقطني في «الصفات» (٣٨)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٨٨٣) كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن جبير ابن محمد، فذكروا الإسناد والحديث.
ومنهم من جعله عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير، والصحيح كما قال أبو داود: يعقوب بن عتبة، عن جبير بن محمد بن جبير.
وهو الذي صحّحه أيضًا الدارقطني، وقال: «ومن قال فيه عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد نقد وهم».
وقال المنذريّ في «مختصر أبي داود»: «قال أبو بكر البزار، وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن النبيّ ﷺ من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، ولم يقل فيه محمد بن إسحاق: حدثني يعقوب ابن عقبة. هذا آخر كلامه، كذا قال: «يعقوب بن عقبة، والصواب «يعقوب بن عتبة» -وهو ابن المغيرة الثقفي-».
ثم قال المنذريّ: ومحمد بن إسحاق مدلس، وإذا قال المدلّس: «عن فلان«، ولم يقل: «حدّثنا، أو سمعت، أو أخبرنا». لا يحتجّ بحديثه. وإلى هذا أشار البزّار مع أن ابن إسحاق إذا صرّح بالسماع اختلف الحفاظ في الاحتجاج بحديثه، فكيف إذا لم يصرّح؟ ! وقد رواه يحيى بن معين وغيره فلم يذكروا فيه لفظة: «به». وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: وقد تفرّد به يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفيّ الأخنسي، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم القرشي النوفليّ، وليس لهما في صحيحي أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البخاريّ وأبي الحسن مسلم بن الحجّاج النيسابوريّ رواية، وانفرد به محمد بن اسحاق بن يسار عن يعقوب، وابن إسحاق لا يحتج بحديثه، وقد طعن فيه غير واحد من الأئمّة وكذّبه جماعة منهم». انتهى كلام المنذريّ.
وقد ردّ عليه الحافظ ابن القيم في بعض نقاطه ردًا مفصلًا ونصر لمن صحَّح هذا الحديث. انظر: «تهذيب السنن».
وقال الذهبيّ في: العلو (١/ ٤١٣): هذا حديث غريب جدًّا فرد، وابن إسحاق حجّة في المغازي إذا أسند، وله مناكير وعجائب، فاللَّه أعلم أقال النبيُّ ﷺ هذا أم لا؟ واللَّه ليس كمثله شيء. والأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرَّحْل، فذاك صفة للرحمن وللعرش، ومعاذ اللَّه أن نعدَّه صفة للَّه، ثم لفظ الأطيط لم يأت به نصٌّ ثابت. وقولنا في هذه الأحاديث: إنّما نؤمن بما صحّ منها، وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره، فأما ما في إسناده مقال، أو اختلف العلماء في قبوله وتأويله فإننا لا نتعرّض له بتقرير، بل نرويه في الجملة ونبيّن حاله. وهذا الحديث إنّما سقناه لما فيه مما تواتر من علو اللَّه فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب».
وللحافظ ابن عساكر جزء في تضعيف هذا الحديث باسم «تبيان الوهم والتخليط فيما أخرجه أبو داود من حديث الأطيط».
والأطيط: قال أبو عبيد: أصوات الإبل.
وقال الجوهريّ: الأطيط صوت الرّحل والإبل من ثقل أحمالهما.
وكذلك لا بصح ما رُوي عن ابن عباس موقوفًا عليه: تفكّروا في كلّ شيء، ولا تفكّروا في اللَّه، فإنّ بين السّماء السابعة إلى كرسيّه سبعة آلاف سنة نور، وهو فوق ذلك تبارك وتعالى.
رواه أبو الشيخ في «العظمة» موقوفًا على ابن عباس من طريق عاصم بن علي، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، ابن عباس.
وعاصم وأبوه ضعيفان، وعطاء بن السائب مختلط.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 443 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 418 حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه...
- 419 رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة كما يرون القمر
- 420 هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب
- 421 ما تضارون في رؤية الله يوم القيامة
- 422 جناتان من فضة آنيتهما وما فيهما
- 423 أحب شيء إلى أهل الجنة النظر إلى ربهم
- 424 تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربّه حتى يموت
- 425 يُدنَى المؤمنُ يوم القيامة من ربّه حتى يضع عليه كنفه
- 426 نحن يوم القيامة على كذا وكذا
- 427 اعلموا أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن ترون ربكم حتى...
- 428 لذة النظر إلى وجهك
- 429 يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قيامًا أربعين سنة
- 430 يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم
- 431 اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله
- 432 عصيان الله ورسوله يؤدي الى الغواية
- 433 قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
- 434 أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»
- 435 إذا حلف أحدُكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت
- 436 ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه
- 437 أقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم
- 438 يا ابنَ آدم أنفق أُنفق عليك
- 439 كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء
- 440 من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان حق على...
- 441 إن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت...
- 442 سلوا الله الفردوس أعلى درجات الجنة
- 443 ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
- 444 كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم، ومات رجل عظيم
- 445 سبحان الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
- 446 من صعق يوم القيامة أول من تنشق عنه الأرض
- 447 لا تخيروني على موسى
- 448 اهتزاز عرش الرحمن لوفاة سعد بن معاذ
- 449 هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش
- 450 سعد بن معاذ مات فتحت له أبواب السماء
- 451 جنازة سعد: اهتز لها عرش الرحمن
- 452 اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ
- 453 اهتز العرش لموت سعد بن معاذ
- 454 اهتز عرش الرحمن لسعد بن معاذ يوم توفي
- 455 هذا الذي تحرّك له العرش وفتحت له أبواب السماء
- 456 سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا...
- 457 أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي
- 458 المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي
- 459 المتحابون في الله في ظل العرش يوم القيامة
- 460 من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله يوم القيامة
- 461 من انظر معسرا اظله الله في ظل عرشه
- 462 من نفس عن غريمه كان في ظل العرش يوم القيامة
- 463 رحمة الله سبقت غضبه سبحانه
- 464 إن رحمتي تغلب غضبي
- 465 فضل هذه الأمة بجعل الأرض طهورًا ومسجدًا
- 466 اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة أعطيتُهما من تحت العرش
- 467 خواتيم سورة البقرة لم يعطهن نبي قبلي
معلومات عن حديث: ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
📜 حديث: ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








