حديث: قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النّهي عن أن يقال: ما شاء اللَّه وشئت، خوفًا من التسوية بينهما
صحيح: رواه ابن ماجه (٢١١٨ المكرر) عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، حدّثنا أبو عوانة، عن عبد الملك، عن ربعي بن حراش، عن الطّفيل بن سخبرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم حديث رسول الله ﷺ، فهذا دليل على صدق إيمانك ورغبتك في تعلّم دينك. سأشرح لك هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة، مع التركيز على الدروس والعبر المستفادة.
الحديث بلفظه:
عن الطفيل بن سخبرة -أخي عائشة لأمها- قال: إن رجلاً من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلًا من أهل الكتاب فقال: نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. وذكر ذلك للنبي ﷺ فقال: «أما والله إني لأعرفها لكم. قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد».
أولاً. شرح المفردات:
● الطفيل بن سخبرة: صحابي جليل، وهو أخو أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من أمها.
● أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى.
● نعم القوم أنتم: كلمة مدح، أي: أنتم قومٌ صالحون.
● لولا أنكم تشركون: أداة حصر تنفي المانع، أي: لولا هذا الفعل الذي هو من الشرك لكان مدحنا لكم كاملاً.
● أما والله إني لأعرفها لكم: "أما" حرف تفصيل، و"والله" قسم للتأكيد، والمعنى: إني لأعلم أن هذه الكلمة ستقال من بعضكم.
● ثم شاء محمد: "ثم" للترتيب والتراخي، وهي هنا تفيد التبعية وعدم المساواة.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر الصحابي الجليل الطفيل بن سخبرة أن أحد المسلمين رأى في منامه رجلاً من اليهود أو النصارى، فقال له ذلك اليهودي: أنتم قومٌ تستحقون المدح والثناء، لولا أنكم تقولون في كلامكم: "ما شاء الله وشاء محمد"، فهذه العبارة فيها شرك لأنها تسوي بين مشيئة الله -عز وجل- ومشيئة رسوله ﷺ. فذهب هذا المسلم وأخبر النبي ﷺ بهذه الرؤيا. فأنكر النبي ﷺ هذه الصيغة وأقسم بالله أنه يعلم أن بعض المسلمين سيقولونها، ثم صحح لهم الصيغة الشرعية وأمرهم أن يقولوا: "ما شاء الله، ثم شاء محمد". فاستبدل حرف العطف "الواو" الذي يدل على المشاركة والمساواة، بحرف "ثم" الذي يدل على الترتيب والتبعية والتراخي، ليُظهر أن مشيئة الرسول ﷺ تابعة لمشيئة الله ومستندة إليها، ولا تستقل بنفسها أبداً.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- الحفاظ على توحيد الله تعالى وسد ذرائع الشرك: هذا الحديث من أعظم الأحاديث التي تُظهر حرص النبي ﷺ على صيانة جناب التوحيد، وسد أي باب قد يؤدي إلى الشرك ولو كان صغيراً. فالكلام الذي يظنه الناس عادياً قد يكون فيه معنىً شركياً خفياً.
2- خطورة الكلام وعظم شأنه: فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة أو النار، واللسان ترجمان القلب. فوجب على المسلم أن يتدبر كلماته ولا يتكلم إلا بخير.
3- الرؤيا الصالحة جزء من النبوة: هذه الرؤيا كانت صادقة وواقعية، وهي من أنواع الوحي غير المباشر، حيث جعل الله فيها تنبيهاً لهذه الأمة لخطأ وقعت فيه.
4- حكمة النبي ﷺ في التصحيح والتوجيه: لم يزجر النبي ﷺ الصحابي أو يعنفه، بل أقسم أنه يعلم أن هذا سيحدث، ثم قدم البديل الشرعي مباشرةً. وهذا من حسن تربيته ﷺ وأسلوبه الحكيم في التعلم.
5- الفرق بين "الواو" و "ثم" في الدلالة اللغوية والشرعية: "الواو" للمشاركة والجمع، أما "ثم" فتفيد الترتيب والتبعية. فقولنا: "ما شاء الله ثم شاء محمد" يعني أن مشيئة محمد تابعة لمشيئة الله، وهي تحقق بمشيئة الله وإرادته، فلا استقلال لها.
6- تواضع النبي ﷺ واعترافه بكونه عبداً لله: فمع علو منزلته ﷺ عند ربه، إلا أنه لم يرض أن يسوى به في المشيئة، تأدباً مع الله تعالى وتنزيهاً له عن الشرك.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن.
- الفقهاء يستدلون بهذا الحديث على تحريم العبارات التي فيها تسوية بين الله وخلقه، مثل قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله وبفلان"، أو "توكلت على الله وعليك". والصواب أن يقال: "توكلت على الله ثم عليك".
- هذا النوع من الشرك يسمى "الشرك في الألفاظ"، وهو قد يؤدي إلى "الشرك في الاعتقاد" إذا اعتقد المساواة.
- ينبغي للمسلم أن يعوّد لسانه على الألفاظ الشرعية، مثل: "ما شاء الله وحده"، أو "لولا الله ثم أنت"، فهذا أدب مع الله وحفظ للتوحيد.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يحافظون على توحيده، ويجنبنا شرك القول والعمل، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات غير أن عبد الملك بن عمير وهو ثقة قد تغيّر حفظه، واختلف عليه، فرواه أبو عوانة عنه هكذا، وتابعه على ذلك: حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير، بإسناده.
رواه الإمام أحمد (٢٠٦٩٤) عن بهز وعفّان، قالا: حدّثنا حماد بن سلمة، بإسناده، وهذا لفظه: عن طفيل بن سَخْبرة أخي عائشة لأمّها: أنّه رأى فيما يرى النائمُ، كأنه مرّ برهط من اليهود، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود. قال: إنّكم أنتم القوم لولا أنّكم تزعمون أنّ عُزيرًا ابنُ اللَّه! فقالت اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد! .
ثم مرّ برهط من النّصارى فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن النّصارى، فقال: إنّكم أنتم القوم، لولا أنّكم تقولون: المسيح ابنُ اللَّه! قالوا: وأنتم القوم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وما شاء محمد! فلمّا أصبح أخبر بها مَنْ أخبر، ثم أتى النّبيَّ ﷺ فأخبره، فقال: «هل أخبرتَ بها أحدًا». قال عفّان: قال: نعم، فلمّا صلَّوا خَطَبهم، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: «إنّ طُفيلًا رأى رؤيا فأخبرَ بها مَنْ أخبر منكم، وإنّكم كنتم تقولون كلمةً كان يمنعني الحياءُ منكم أن أنهاكم عنها». قال: «لا تقولوا: ما شاء اللَّه وما شاء محمد».
رواه الدّارميّ في سننه (٢٧٤١) عن يزيد بن هارون، عن شعبة، عن عبد الملك بن عُمير بإسناده مختصرًا.
وذكره البخاريّ في التاريخ الكبير (٤/ ٣٦٣) في ترجمة طفيل أخي عائشة، فقال: «قال علي بن نصر: وهو طفيل بن سخبرة بن جرثومة بن عثمان وأمّهما أم رومان من كنانة». ثم ذكر الحديث من طريق شعبة، بإسناده مختصرًا، ورجّحه على رواية سفيان، عن عبد الملك، عن ربعي، عن حذيفة.
قال الأعظمي: وخالفهم جميعًا فرواه سفيان بن عيينة، عن عبد الملك، عن ربعيّ، عن حذيفة، قال: أتى رجلٌ النبيّ ﷺ فقال: إنّي رأيت في المنام أني لقيتُ بعض أهل الكتاب فقال: نعم القومُ أنتم لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد! فقال النبيُّ ﷺ: «قد كنتُ أكرهها منكم، فقولوا: ما شاء اللَّه، ثم شاء محمد».
رواه الإمام أحمد (٢٣٣٣٩)، وابن ماجه (٢١١٨) من طريق سفيان بن عيينة، بإسناده، مثله.
وكذلك خالفهم معمر فرواه عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: رأى رجلٌ من أصحاب النبيّ ﷺ في النوم أنه لقي قومًا من اليهود، فأعجبتْهُ هيئتُهم فقال: إنّكم لقومٌ لولا أنكم تقولون: عزيرٌ ابنُ اللَّه! فقالوا: وأنتم قومٌ لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد، قال: ولقي قومًا من النّصارى، فأعجبتْهُ هيئتُهم، فقال: إنّكم قومٌ لولا أنّكم تقولون: المسيح ابنُ اللَّه، فقالوا: وأنتم قومٌ لولا أنّكم تقولون: ما شاء اللَّه وشاء محمد، فلما أصبح، قصَّ ذلك على النبيّ ﷺ، فقال النبيُّ ﷺ: «كنتُ أسمعها منكم فتؤذونني، فلا تقولوا: ما شاء اللَّه وشاء محمد».
والذي يظهر من دراسة طرق هذا الحديث أنّ الذي رأى في المنام هو الطّفيل أخو عائشة أمّ المؤمنين، وسمعه منه حذيفة وجابر بن سمرة، ولكن الرواة لم يحفظوا اسمه لقلّة روايته فأبهموه، ومن الخطأ أن يجعل هذا الحديث من مسند حذيفة أو جابر بن سمرة، واللَّه تعالى أعلم.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 433 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 408 رآه بقلبه
- 409 الخلة لإبراهيم والكلام لموسى الرؤية لمحمد ﷺ
- 410 محمد رأى ربه مرتين
- 411 رأى النبيّ ﷺ ربه عند سدرة المنتهى
- 412 ما كذب الفؤاد ما رأى، قال: رآه بقلبه
- 413 ما يختصم فيه الملأ الأعلى
- 414 رأيت ربي (يعني في المنام)
- 415 إسباغ الوضوء في الكريهات من الكفارات
- 416 أتاني ربّي في أحسن صورة فقال يا محمد
- 417 إن الله تجلى لي في أحسن صورة
- 418 حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه...
- 419 رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة كما يرون القمر
- 420 هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب
- 421 ما تضارون في رؤية الله يوم القيامة
- 422 جناتان من فضة آنيتهما وما فيهما
- 423 أحب شيء إلى أهل الجنة النظر إلى ربهم
- 424 تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربّه حتى يموت
- 425 يُدنَى المؤمنُ يوم القيامة من ربّه حتى يضع عليه كنفه
- 426 نحن يوم القيامة على كذا وكذا
- 427 اعلموا أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن ترون ربكم حتى...
- 428 لذة النظر إلى وجهك
- 429 يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قيامًا أربعين سنة
- 430 يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم
- 431 اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله
- 432 عصيان الله ورسوله يؤدي الى الغواية
- 433 قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
- 434 أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»
- 435 إذا حلف أحدُكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت
- 436 ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه
- 437 أقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم
- 438 يا ابنَ آدم أنفق أُنفق عليك
- 439 كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء
- 440 من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان حق على...
- 441 إن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت...
- 442 سلوا الله الفردوس أعلى درجات الجنة
- 443 ما بين شحمة أذن الملك إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام
- 444 كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم، ومات رجل عظيم
- 445 سبحان الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
- 446 من صعق يوم القيامة أول من تنشق عنه الأرض
- 447 لا تخيروني على موسى
- 448 اهتزاز عرش الرحمن لوفاة سعد بن معاذ
- 449 هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش
- 450 سعد بن معاذ مات فتحت له أبواب السماء
- 451 جنازة سعد: اهتز لها عرش الرحمن
- 452 اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ
- 453 اهتز العرش لموت سعد بن معاذ
- 454 اهتز عرش الرحمن لسعد بن معاذ يوم توفي
- 455 هذا الذي تحرّك له العرش وفتحت له أبواب السماء
- 456 سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا...
- 457 أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي
معلومات عن حديث: قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
📜 حديث: قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








