حديث: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أنّ اللَّه يحارب من يُعادي أولياءه

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ اللَّه قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطشُ بها، ورجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأعطِينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته».

صحيح: رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٠٢) عن محمد بن عثمان، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ اللَّه قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يبصر به، ويده التي يبطشُ بها، ورجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأعطِينَّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نعلم ويعلمنا ما ينفعنا.
هذا حديث عظيم من الأحاديث القدسية، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحوي أصولاً عقدية وأخلاقية عظيمة.

أولاً. شرح المفردات:


● عَادَى لي وليًّا: عادى: والعداوة ضد الموالاة، والولي: هو المؤمن التقي.
● فقد آذنته بالحرب: أي أعلمته بأني محارب له.
● افترضته عليه: ما أوجبته عليه من الفرائض والواجبات.
● النوافل: ما زاد على الفرائض من الطاعات.
● يبطش بها: يضرب ويقبض بها.
● ترددي: توقفني وحبسي عن الفعل.
● مساءته: إيصال الأذى والمشقة إليه.

ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه يتوعد من يعادي أولياءه -وهم المؤمنون المتقون- بالحرب والمقاومة. ثم يبين الله سبحانه أن أفضل ما يتقرب به العبد إليه هو أداء الفرائض، ثم إن العبد إذا داوم على النوافل واجتهد فيها، نال محبة الله تعالى. فإذا نال هذه المحبة الخاصة، نصر الله حواسه وأعضاءه، فلم يستعملها إلا في طاعته، وأجاب دعاءه، وحفظه مما يستعيذ منه. ثم يختم الحديث بأن الله تعالى يكره إيصال الأذى للمؤمن، حتى في أمر الموت الذي هو مصيره المحتوم، مع أن المؤمن يكره الموت لحبه للبقاء في الدنيا للعمل الصالح.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم عداوة المؤمنين: فمن عادى وليًا من أولياء الله، فقد بارز الله بالحرب، وهذا أعظم الوعيد.
2- فضل الفرائض وأهميتها: فهي أحب الأعمال إلى الله، وأساس القرب إليه، ولا قيمة للنوافل مع إضاعة الفرائض.
3- الترقي في الطاعة: طريق الوصول إلى محبة الله هو المداومة على الفرائض، ثم الاجتهاد في النوافل.
4- ثمرة محبة الله للعبد: أن يصير العبد تحت عناية الله الخاصة، فيوفقه في سمعه وبصره ويده ورجله، فيستعملها في طاعة الله، ويحفظه من استخدامها في معصيته.
5- إجابة الدعاء والاستعاذة: من ثمرات هذه المحبة أن الله يستجيب لدعاء عبده ويحفظه مما يخاف.
6- عظيم رحمة الله بالمؤمن: حتى في أمر الموت الذي هو قدر محتوم، يكره الله إيصال المشقة والأذى للمؤمن، مع أن الموت خير للمؤمن.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


● المراد بأولياء الله: هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62-63]. وليس كما يظن بعضهم أنهم فئة معينة لها أحوال خارقة.
● معنى (كنت سمعه الذي يسمع به...): معناه أن الله يوفقه ويسدده في هذه الجوارح، فلا يستعملها إلا في طاعته، ويحفظها من معاصيه. وليس المعنى أن الله هو نفسه سمع العبد أو بصره، فهذا منزه عن الله تعالى، وهو تفسير باطل.
● هذا الحديث أصل في باب السلوك والترقي في مدارج الإيمان: وهو يبين طريق الوصول إلى مرتبة الإحسان.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أوليائه المتقين، وأن يتقبل منا صالح الأعمال، ويوفقنا لطاعته ومرضاته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الرّقاق (٦٥٠٢) عن محمد بن عثمان، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة، فذكره.
وأمّا ما رُوي عن أنس بن مالك، عن النبيّ ﷺ، عن جبريل، عن اللَّه تبارك وتعالى قال: «يقول اللَّه عز وجل: من أهان لي وليًّا، فقد بارزني بالمحاربة، وإني لأغضبُ لأوليائي كما يغضب الليثُ الحرد، وما تقرّب إليّ عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضتُ عليه، وما زال عبدي المؤمنُ يتقرّبُ إليّ بالنّوافل حتى أُحبَّه، فإذا أحببتُه، كنتُ له سمعًا وبصرًا ويدًا، ومؤيدًا، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وما ترددتُ في شيء أنا فاعله تردّدي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه. وإنّ من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة، فأكفُّه علّه ألا يدخله عُجْبٌ فيفسدَه ذلك. وإنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانَه إلا الغنى، ولو أفقرتُه لأفسدَه ذلك. وإنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الفقر، ولو أغنيتُه لأفسده ذلك، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصّحة ولو أسقتُه لأفسده ذلك. وإنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا السَّقَمُ ولو أصححتُه لأفسده ذلك. إني أُدبِّرُ أمرَ عبادي بعلمي بقلوبهم، إنّي عليمٌ خبيرٌ». فهو ضعيف.
رواه أبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٣١٨)، والبغويّ في شرح السنة (٥/ ٢٢)، والبيهقي في الأسماء والصفات (١/ ٣٠٧)، وابن الجوزيّ في العلل المتناهية (١/ ٣١ - ٣٢)، كلّهم من طرق عن الحسن ابن يحيى الخشني، عن صدقة الدّمشقيّ، عن هشام الكنانيّ، عن أنس بن مالك، فذكره.
قال ابن الجوزيّ: «الحسن بن يحيى الخشنيّ قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطني: متروك، وصدقة الدمشقي مجروح».
قال الأعظمي: الحسن بن يحيى الخشني مختلف فيه، فقال الآجريّ عن أبي داود سمعت أحمد يقول: ليس به بأس، وقال الساجيّ، ثنا أبو داود، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا الحسن بن يحيى الخشني -وكان ثقة-، وقال دحيم: لا بأس به.
وأما ابن معين فاختلف عليه، فقال عباس الدوريّ عنه: ليس بشيء، وقال ابن أبي مريم عنه: ثقة خراسانيّ، وقال ابن الجنيد: الحسن بن يحيى ومسلمة بن علي الحنشنيان ضعيفان ليسا بشيء، والحسن أحبُّهما إليّ.
وجرّحه النسائي والحاكم أبو أحمد والدارقطني وعبد الغني بن سعيد وغيرهم.
فهو إلى الضعف أقرب، ولكن ليس بمتهم، ولذا قال الحافظ في التقريب:
«صدوق كثير الغلط». وأخرج ابن عدي عددًا من رواياته المنكرة وليس فيها هذا الحديث وقال: «وهو ممن تحتمل روايته».
ولكن قال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ص ٣١٤) بعد أن عزاه للطبراني: «الخشني
وصدقة ضعيفان، وهشام الكناني لا يعرف، وسئل ابن معين عن هشام هذا من هو؟ قال: لا أحد، يعني: أنه لا يعتبر به» انتهى.
وقال أبو نعيم: «غريب من حديث أنس، لم يرو عنه بهذا السياق إلّا هشام الكناني، وعنه صدقة ابن عبد اللَّه أبو معاوية الدمشقي، تفرّد به الحسن بن يحيى الخشني». وتحرف الخشني إلى الحسني.
وللجزء الثاني منه شاهد من حديث عمر بن الخطاب مرفوعًا: «أتاني جبريل فقال: يا محمد ربُّك يقرأ عليك السّلام ويقول: إنّ من عبادي من لا يصلُح إيمانُه إلّا بالغني ولو أفقرته لكفر، وإنّ من عبادي من لا يصلح إيمانه إلّا بالفقر ولو أغنيته لكفر، وإنّ من عبادي من لا يصلح إيمانه إلّا بالسقم لو أصححته لكفر، وإنّ من عبادي من لا يصلح إيمانه إلّا بالصحة لو أسقمته لكفر».
رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد (٦/ ١٥) وعنه ابن الجوزيّ في العلل المتناهية (١/ ٣١).
وفيه عيسى الرمليّ -يعني يحيى- التميمي الهشلي، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائيّ: ليس بالقوي، وقال ابن حبان في المجروحين (١٢١٩): كان ممن ساء حفظه وكثر وهمه حتى جعل يخالف الأثبات فيما يروي عن الثقات، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به. وقال ابن عدي في الكامل (٧/ ٢٦٧٣): عامة رواياته مما لا يتابع عليه.
قال ابن الجوزيّ: هذا حديث لا يصح؛ لأنّ فيه يحيى بن عيسى الرّمليّ ثم ذكر قول يحيى وابن حبان، وأما كون مسلم روى عنه فلعله انتقي من رواياته مما لم يخطئ فيها وله متابعات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 436 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

  • 📜 حديث: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب