حديث: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من قوله ﷺ: «حجابه النّور»

عن أبي موسى قال: قام فينا رسول اللَّه ﷺ بخمس كلمات: فقال: «إنّ اللَّه عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عملُ اللّيل قبل عمل النّهار، وعمل النّهار قبل عمل اللّيل، حجابه النّور، لو كشفه لأحْرقتْ
سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه».

صحيح: رواه مسلم في الإيمان (١٧٩) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، فذكره.

عن أبي موسى قال: قام فينا رسول اللَّه ﷺ بخمس كلمات: فقال: «إنّ اللَّه ﷿ لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عملُ اللّيل قبل عمل النّهار، وعمل النّهار قبل عمل اللّيل، حجابه النّور، لو كشفه لأحْرقتْ
سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نعلم. هذا حديث عظيم من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي ﷺ عن ربه، يوضح صفة من صفات الله العليا وعظمته سبحانه.
الراوي والمصدر:
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب "صلاة المسافرين وقصرها"، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
شرح المفردات:
* لا ينام: النوم من صفات المخلوقين، وهو ينافي كمال القيومية والحياء الذي لا يموت.
* ولا ينبغي له أن ينام: أي لا يليق به ولا يصح في حقه سبحانه؛ لأنه من صفات النقص.
* يخفض القسط ويرفعه: "القسط" هنا الميزان، أي يقدر الأرزاق والأعمار والأحوال، فيعطي ويمنع، يغني ويُفقر، يرفع أقوامًا ويخفض آخرين بحكمته.
* يُرفع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل: تُعرض عليه سبحانه وتعالى أعمال العباد متعاقبة دون انقطاع.
* حجابه النور: الحجاب هنا ما يستره سبحانه عن خلقه في الدنيا.
* سُبُحاتُ وجهه: "السُّبُحات" جمع سُبْحة، وأصلها من السُّبُوح (المنزه عن كل نقص)، وهي تعني هنا عظمة وجلال وجهه الكريم سبحانه. وقيل: نوره.
* لأحْرقتْ: لأهلكت وأتلفت.
* ما انتهى إليه بصرُه من خلقه: كل ما أدركه بصره من مخلوقاته.
المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي ﷺ أن الله تعالى لا ينام، ولا يجوز في حكمته وعظمته أن ينام، لأنه الكامل الذي لا يعتريه نقص ولا غفلة. وهو المدبر لأمور خلقه، يقدّر الأرزاق والمقادير فيرفع ويخفض بحكمته. وأعمال العباد تُعرض عليه وتُرفع إليه ليلاً نهاراً دون انقطاع. ويستره في الدنيا حجاب من النور، ولو كشف هذا الحجاب ورأى الخلق من نور عظمة وجهه وجلاله، لأحرق ذلك النور كل ما يصله من مخلوقاته لعظمته وجلاله الذي لا يتحمله البشر.
الدروس المستفادة والعبر:
1- إثبات صفات الكمال لله تعالى: نثبت لله ما أثبته لنفسه من صفات الكمال المنزهة عن النقص، كالقيومية وعدم النوم، على وجه يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تعطيل.
2- عظمة الله وجلاله: الحديث يبعث في قلب المؤمن تعظيم الله تعالى والخوف منه، وإدراك عظمته وجلاله الذي لا تدركه الأبصار.
3- إحاطة علم الله واطلاعه: علم الله محيط بكل شيء، وأعمال العباد تُعرض عليه في كل وقت، مما يوجب مراقبته تعالى في السر والعلن.
4- الحث على دوام العمل الصالح: لأن تعاقب رفع الأعمال (الليل قبل النهار، والنهار قبل الليل)، يحثنا هذا على المداومة على الطاعة واستغلال الأوقات كلها في الخير، لأن أبواب القبول مفتوحة على الدوام.
5- الاستسلام لقضاء الله وقدره: أن خفض القسط ورفعه (أي تقدير الأرزاق والمقادير) بيد الله وحده، فيجب على المسلم الرضا بقضائه والتسليم لحكمته.
6- لا يمكن إدراك ذات الله تعالى: الحديث دليل على أن رؤية الله في الدنيا مستحيلة، لأن حجاب النور لو كشف لأحرق الخلق. أما في الجنة، فيتمكن المؤمنون من رؤيته بما أعطاهم الله من قوة لا تحرقهم، كما قال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).
معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من الأحاديث التي تُعرف بـ "الصفات الاخبارية"، فيجب الإيمان بها على الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف ولا تمثيل.
* قوله (حجابه النور) جاء في رواية أخرى للبخاري ومسلم: (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه). وهذا يؤكد المعنى.
* يستدل بهذا الحديث على أن الله تعالى يرى في الآخرة، إذ لو كان لا يرى مطلقاً لما كان لذكر الحجاب وإحراق السبحات معنى.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا فهم سنة نبيه والعمل بها، وأن يعظمه في قلوبنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الإيمان (١٧٩) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، فذكره.
قوله: «سبحات وجهه» أي جلال وجه اللَّه ونوره، وفي النهاية: أضواء وجهه.
أي أنّ أنوار اللَّه سبحانه وتعالى التي هي محجوبة عن الخلق، لو انكشفتْ لأهلكتْ كلَّ من وقع عليه ذلك النّور.
وفي الحديث دليل على أنّ اللَّه تعالى لا يُرى في الدّنيا؛ لأنّ نوره يحجب الأبصار، وإليه أشار النبيّ ﷺ بقوله حين سئل: هل رأيتَ ربَّك؟ فقال: «نور أنّى أراه».
وجاء عن ابن عمر، قال: احتجب اللَّه من خلقه بأربع: بنار وظلمة، ونور وظلمة. رواه الدّارميّ في الرّد على الجهمية (١١٨) عن محبوب بن موسى الأنطاكيّ، أنبا أبو إسحاق الفزاريّ، عن سفيان، عن عبيد المكتب، عن مجاهد، عن ابن عمر، فذكره.
وهو حديث موقوف وإسناده صحيح، وهو جزء من الحديث الذي رواه الحاكم (٢/ ٣١٩) من طريق سفيان بإسناده، وقال: «صحيح الإسناد» وقال الذهبي في «العلو» (١٦٩): «إسناده جيد».
وفي الباب أحاديث ضعيفة بل موضوعة أورد بعضها الهيثميّ في «المجمع» (١/ ٧٩ - ٨٠) وحكم عليها: منها حديث أنس، عن النبيّ ﷺ قال: سألتُ جبريل: «هل ترى ربّك؟ قال: إنّ بيني وبينه سبعين حجابًا من نور، لو رأيت أدناها لاحترقتُ».
قال: «رواه الطبراني في: الأوسط«وفيه قائد الأعمش، قال أبو داود: عنده أحاديث موضوعة. وذكره ابن حبان في: الثقات«وقال: يهم».
ومنها حديث عبد اللَّه بن عمرو، وسهل بن سعد، قالا: قال رسول اللَّه ﷺ: «دون اللَّه سبعون ألف حجاب من نور وظلمة، ما تسمع نفس شيئًا من حسن تلك الحجب إلّا زهقت نفسها».
قال: «ورواه أبو يعلى، والطبرانيّ في: الكبير«عن عبد اللَّه بن عمرو وسهل أيضًا، وفيه موسى بن عبيدة لا يحتجّ به».
ومنها حديث أبي هريرة: أنّ رجلًا أتى النّبي ﷺ فقال: يا محمّد هل احتجب اللَّه عز وجل عن خلقه بشيء غير السموات والأرض؟ قال: نعم بينه وبين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابًا من نور، وسبعون حجابًا من نار، وسبعون حجابًا من ظلمة، وسبعون حجابًا من رفارف الاستبرق، وسبعون حجابًا من رفارف السندس، وسبعون حجابًا من در أبيض وسبعون حجابًا من درّ أحمر، وسبعون حجابًا من درّ أصفر. . . . إلخ الحديث.
قال الهيثمي: «رواه الطبرانيّ في: الأوسط, وفيه عبد المنعم بن إدريس كذّبه أحمد، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
وأورد بعضها الشّوكانيّ في «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» (ص ٣٨٨).
ورُوي عن أبي أمامة قال: كان من أشدّ الناس تكذيبًا لرسول اللَّه ﷺ وأكثرِهِ ردًّا عليه: اليهود. فسألوه: أي البقاع شرّ؟ فقال: «حتى أسأل صاحبي جبريل». فجاء فسأله، فقال: حتى أسأل ربّي، قال: فسأل ربَّه فقال: «شرّ البقاع أسواقها، وخير البقاع مساجدها». فهبط جبريل فقال: يا محمد قد دنوتُ من اللَّه عز وجل دنوًّا ما دنوتُ مثله قطّ، فكان بيني وبينه سبعون حجابًا من نور، فقال: «إنّ شرّ البقاع أسواقها، وخير البقاع مساجدها».
ذكره الذهبيّ في «العلو» (٢١٦) عن هشام بن عمّار، نا صدقة بن خالد، نا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، فذكره.
وقال: «ليس إسناده بالقويّ».
قال الأعظمي: عثمان بن أبي العاتكة الأزديّ أبو حفص الدّمشقي القاضي، قال الحافظ في «التقريب»: «ضعّفوه في روايته عن علي بن زيد الألهانيّ». وهذا منه.
وعلي بن زيد الألهانيّ ضعّفه أيضًا جماهير أهل العلم.
وأمّا متن الحديث فهو صحيح وسيأتي في المساجد.
وفي الباب عن أنس قال: بينا أنا جالس إذ جاء جبريل عليه السلام، فوكز بين كتفي فقمت -يعني- إلى شجرة فيها مثل وكريّ الطير، فقعد جبريل في أحدهما وقعدت في الآخر، فسمتْ وارتفعت حتى سدت الخافقين، وأنا أقلب طرفي، فلو شئت أن أمس السماء لمسست، فالتفت إلى جبريل فإذا هو كأنه حِلْس فعرفتُ فضل علمه باللَّه علي، ففتح لي باب من أبواب السماء ورأيت النور الأعظم، وإذا دوني حجاب رفرف الدر والياقوت، فأوحى إلي ما شاء أن يوحي».
وقال غيره: في هذا الحديث في آخره،»ولُطَّ دوني الحجاب رفرف الدر والياقوت».
رواه البيهقي في الدلائل (٢/ ٣٦٨ - ٣٦٩) واللفظ له، وأبو نعيم في الحلية (٢/ ٣١٦) وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٤٤٦) كلهم من حديث الحارث بن عبيد الإيادي، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك فذكره.
قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام (ص ٢٥١): «إسناده جيد حسن، والحارث من رجال مسلم». ولكن فيه علة خفية وهي أن الحارث بن عبيد مع ضعفه خولف.
قال أبو نعيم: «غريب لم نكتبه إلا من حديث أبي عمران، تفرد به الحارث بن عبيد أبو قدامة».
وقال البيهقي: «هكذا رواه الحارث بن عبيد، ورواه حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن محمد بن عمير بن عطارد: أن رسول اللَّه ﷺ كان في ملإ من أصحابه فجاءه جبريل، فنكت في ظهره، فذهب به إلى الشجرة فيها مثل وكريْ الطير، فقعد في أحدهما، وقعد جبريل في الآخر فتسامت بنا حتى بلغت الأفق، فلو بسطت يدي إلى السماء لنلتها، فدُلِّيَ بسبب، وهبط النور، فوقع
جبريل مغشيًّا عليه كأنه حِلْس، فعرفت فضل خشيته على خشيتي فأوحي إلي: نبيًّا مَلِكًا أو نبيًّا عبدًا؟ أو إلى الجنة؟ ما أنت؟ فأومأ إلي جبريل وهو مضطجع أن تواضعْ قال: قلت: «لا، بل نبيًّا عبدًا».
ومحمد بن عمير بن عطارد ليس له صحبة فالصحيح أنه مرسل، وقيل: بزيادة «عن أبيه» وهو لا يصح، ثم لا يوجد من الصحابة من اسمه عمير بن عطارد.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 418 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

  • 📜 حديث: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب