حديث: أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النّهي عن أن يقال: ما شاء اللَّه وشئت، خوفًا من التسوية بينهما

وعن قُتَيْلة امرأة من جهينة، أنّ يهوديًّا أتى النّبيَّ ﷺ فقال: إنّكم تندِّدون وإنّكم تشركون تقولون: ما شاء اللَّه وشئتَ! وتقولون: والكعبةِ! . فأمرهم النبيُّ ﷺ إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «وربِّ الكعبة»، ويقولوا: «ما شاء اللَّه ثم شئت».

صحيح: رواه النسائيّ (٣٧٧٣) عن يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا مسعر، عن معبد بن خالد، عن عبد اللَّه بن يسار، عن قتيلة، فذكرته.

وعن قُتَيْلة امرأة من جهينة، أنّ يهوديًّا أتى النّبيَّ ﷺ فقال: إنّكم تندِّدون وإنّكم تشركون تقولون: ما شاء اللَّه وشئتَ! وتقولون: والكعبةِ! . فأمرهم النبيُّ ﷺ إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «وربِّ الكعبة»، ويقولوا: «ما شاء اللَّه ثم شئت».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا بما نعلم وأن يعلمنا ما ينفعنا.
هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والنسائي في سننيهما، وهو حسن. وهو من الأحاديث التي تُبيّن دقة العقيدة الإسلامية وسموها، وتحذّر من الشرك الخفي الذي قد يقع فيه المسلم دون أن يشعر.

أولاً. شرح المفردات:


● تندِّدون: أي تُنكرون وتذمون شركنا (من اليهود) وتقولون إنه باطل.
● تشركون: هنا بمعنى أنكم تقعون في نوع من الشرك في الأقوال.
● ما شاء الله وشئت: أي تقولون الجمع بين مشيئة الله ومشيئة الإنسان بالواو التي تُفيد التسوية.
● والكعبة: أي تحلفون بالكعبة.
● تُندِّدون: تحتجون علينا وتطعنون في ديننا.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الحديث أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعاتبه ويناقشه في أمرين يراهما تناقضاً في دعوة النبي:
1- قول الصحابة: "ما شاء الله وشئت": حيث رأى اليهودي أن في هذه العبارة تسوية بين مشيئة الله عز وجل ومشيئة الإنسان، وهو نوع من الشرك في التوحيد.
2- حلفهم بالكعبة: حيث كان بعض الصحابة يحلفون بقولهم "والكعبة"، والحلف بغير الله من الأمور المنهي عنها والتي فيها نوع من التعظيم لغير المعظّم حق التعظيم.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم تصحيحاً لهذا الخطأ وتوحيداً لله:
- أن يستبدلوا الحلف بالكعبة بقولهم: "ورب الكعبة"، فالحلف يكون برب الكعبة (وهو الله تعالى) لا بالكعبة نفسها.
- أن يستبدلوا قول "ما شاء الله وشئت" بقول: "ما شاء الله ثم شئت"، باستبدال حرف العطف "الواو" بـ "ثم"، التي تفيد الترتيب والتراخي، لإظهار تبعية مشيئة الإنسان لمشيئة الله المطلقة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد العَقَدِيّة:


1- الحذر من الشرك في الأقوال: وهو ما يسمى بالشرك الأصغر، الذي قد يهون أمره كثير من الناس، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على سلامة العقيدة حتى في التعبيرات اليومية.
2- أن مشيئة الإنسان تابعة لمشيئة الله تعالى: كما قال الله عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29]. فاستعمال "ثم" يوحي بالتبعية والترتيب، بخلاف "الواو" التي قد توحي بالمشاركة والتسوية.
3- تحريم الحلف بغير الله: كالحلف بالنبي، أو بالكعبة، أو بالآباء، أو بالأمانة، وغير ذلك. فالحلف لا يكون إلا بالله تعالى، لأنه تعظيم للمحلوف به، والتعظيم لا يكون إلا لله.
4- دقة الصحابة في التنفيذ وحرص النبي على التعليم: فلم يكتفِ النبي بتخطئتهم، بل بيّن البديل الصحيح مباشرة.
5- الرد على الشبهات والاستفادة من أسئلة غير المسلمين: فقد استفاد النبي من سؤال اليهودي في تصحيح خطأ وقع فيه بعض الصحابة، دون أن يغضب أو ينزعج من سؤاله.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأدلة التي يستدل بها العلماء على تحريم الحلف بغير الله، وهو قول جمهور العلماء.
- كما أنه دليل على أن الشرك قد يكون في القول وليس فقط في الاعتقاد أو العمل، فيجب على المسلم أن يحذر من ألفاظ الشرك والكفر حتى لو لم يقصد معناها.
- الفرق بين "الواو" و "ثم" فرق بلاغي عظيم: فـ "الواو" للمطلق الجمع، و "ثم" للترتيب مع التراخي، فكأنه يقول: مشيئة الله أولاً ومشيئتي تابعة لها ومتأخرة عنها.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظ علينا ديننا وعقيدتنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائيّ (٣٧٧٣) عن يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا مسعر، عن معبد بن خالد، عن عبد اللَّه بن يسار، عن قتيلة، فذكرته.
وإسناده صحيح. وقد صحّحه أيضًا الحافظ في «الإصابة» بعد أن عزاه إلى النسائي.
ورواه أحمد (٢٧٠٩٣) عن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا المسعودي، قال حدثني معبد بن خالد، بإسناده، وهذا لفظه: عن قتيلة بنت صيفي الجهنية، قالت: أتى حَبرٌ من الأحبار إلى رسول اللَّه ﷺ، فقال: يا محمد، نعم القومُ أنتم، لولا أنّكم تُشركون، قال: «سبحان اللَّه، وما ذاك؟». قال: تقولون إذا حلفتم: والكعبة. قالت: فأمهل رسولُ اللَّه ﷺ شيئًا ثم قال: «إنّه قد قال، فمن حلف فلْيحلِف بربِّ الكعبة». ثم قال: يا محمد، نعم القومُ أنتم، لولا أنكم تجعلون للَّه ندًّا، قال: «سبحان اللَّه، وما ذاك؟». قال: تقولون: ما شاء اللَّه وشئتَ. قال: فأمهل رسول اللَّه ﷺ شيئًا، ثم قال: «إنّه قد قال، فمن قال: ما شاء اللَّه، فليفصل بينهما: ثم شئتَ».
والمسعودي مختلط، ولكن يحيى بن سعيد يروي عنه قبل الاختلاط. رواه الحاكم (٤/ ٩٧) من وجه آخر عن المسعودي مختصرًا، وقال: صحيح الإسناد.
وأمّا ما رواه أبو داود (٤٩٨٠)، والإمام أحمد (٢٣٢٦٥) كلاهما من حديث شعبة، عن منصور، عن عبد اللَّه بن يسار، عن حذيفة، عن النبي ﷺ مختصرًا: «لا تقولوا ما شاء اللَّه وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء اللَّه ثم شاء فلان».
فهو منقطع؛ فإنّ عبد اللَّه بن يسار لم يسمع من حذيفة كما قال ابن معين.
قال عثمان بن سعيد الدّارميّ: وسألت يحيى بن معين عن عبد اللَّه بن يسار الذي يروي عنه منصور، عن حذيفة: «لا تقولوا ما شاء اللَّه وشاء فلان» ألقيَ حذيفة؟ فقال: لا أعلمه.
انظر: تاريخ ابن معين (٥٦٧)، وكذا ذكره أيضًا العلائيّ في جامع التحصيل (٤٠٧).
وقد سبق أن تابعه ربعي بن حراش، عن حذيفة، ولكن رجّح البخاريّ وغيره أنه من مسند الطفيل بن سخبرة أخي عائشة كما سبق. كما أن البخاري رجح رواية منصور عن عبد اللَّه بن يسار عن حذيفة على رواية معبد بن خالد بن عبد اللَّه بن يسار، عن فتيلة. ذكره الترمذيّ في العلل الكبير (٢/ ٦٥٩) واللَّه أعلم بالصواب.
وقوله: «لا تقولوا ما شاء اللَّه وشاء فلان» لأنّه مما يوهم التسوية.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 434 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»

  • 📜 حديث: أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمرهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب