حديث: يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في رؤية المؤمنين ربّهم يوم القيامة دون الكفّار

عن أبي رَزين، قال: قلت: يا رسول اللَّه، أنرى اللَّه يوم القيامة؟ وما آيةُ ذلك في خلقه؟ قال: «يا أبا رزين، أليس كلّهم يرى القمر مُخْليًا به؟» قال: قلت: بلى. قال: «فاللَّه أعظم وذلك آية في خلقه».

حسن: رواه أبو داود (٤٧٣١) من طريق شعبة، وابن ماجه (١٨٠) من طريق حمّاد بن سلمة - كلاهما عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حُدُس، عن عمّه أبي رزين، فذكره.

عن أبي رَزين، قال: قلت: يا رسول اللَّه، أنرى اللَّه يوم القيامة؟ وما آيةُ ذلك في خلقه؟ قال: «يا أبا رزين، أليس كلّهم يرى القمر مُخْليًا به؟» قال: قلت: بلى. قال: «فاللَّه أعظم وذلك آية في خلقه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أبو رزين العقيلي رضي الله عنه، معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أبي رَزين، قال: قلت: يا رسول اللَّه، أنرى اللَّه يوم القيامة؟ وما آيةُ ذلك في خلقه؟ قال: «يا أبا رزين، أليس كلّهم يرى القمر مُخْليًا به؟» قال: قلت: بلى. قال: «فاللَّه أعظم وذلك آية في خلقه».

1. شرح المفردات:


● أبو رزين: هو لقيط بن عامر العقيلي، صحابي جليل.
● أنرى الله: أي هل نرى الله تعالى بأبصارنا يوم القيامة.
● آية ذلك في خلقه: العلامة والدليل على قدرة الله على إظهار نفسه لخلقه في مخلوقاته.
● مخليًا به: يعني في وقت الخلو، عندما يكون القمر في كبد السماء واضحًا لا يحجبه سحاب ولا غيره، فيراه كل الناس.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يسأل الصحابي الجليل أبو رزين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وعن الدليل في خلق الله على إمكانية هذه الرؤية. فيجيب النبي صلى الله عليه وسلم برد بليغ وحكيم، حيث يشبه رؤية الله تعالى برؤية القمر في ليلة البدر عندما يكون صافيًا واضحًا يراه كل الناس بدون مشقة. ثم يبين أن الله أعظم من كل شيء، وأن هذه الرؤية ممكنة بقدرته تعالى، وأن وجود القمر ووضوح رؤيته هو دليل على قدرة الله على إظهار نفسه لعباده.

3. الدروس المستفادة منه:


● إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة: وهذا من عقائد أهل السنة والجماعة، التي تثبت رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة بدون إحاطة ولا كيفية، كما يليق بجلاله وعظمته.
● حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم: حيث استخدم التشبيه بالمحسوس ليقرب المعنى إلى الأذهان.
● عظمة الله تعالى: فالله أعظم من كل شيء، ورؤيته أعظم من رؤية أي مخلوق، وهي من أعظم نعيم أهل الجنة.
● التفكر في آيات الله في الكون: فخلق الله للقمر وغيره من الآيات دليل على قدرته تعالى على كل شيء، بما في ذلك إظهار نفسه لعباده يوم القيامة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- رؤية الله تعالى في الآخرة هي رؤية حقيقية بأبصار المؤمنين، ولكن ليست كرؤية المخلوقات، فهي تليق بجلال الله وعظمته بدون تكييف ولا تمثيل.
- هذه الرؤية هي من أعظم الطاعات وأجل القربات، وهي منة من الله على عباده المؤمنين.
- يستدل أهل السنة بهذا الحديث وغيره على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة، ردًا على من أنكرها من المعتزلة وغيرهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٧٣١) من طريق شعبة، وابن ماجه (١٨٠) من طريق حمّاد بن سلمة - كلاهما عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حُدُس، عن عمّه أبي رزين، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة في كتاب التوحيد (٣٥٩، ٣٦٠)، فرواه من طريقين، وابن حبان في صحيحه (٦١٤١)، والحاكم (٤/ ٥٦٠)، وأحمد (١٦١٨٦) كلهم من طريق حماد بن سلمة وحده، بإسناده مثله.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد». وأقرّه الذّهبيُّ وقال: «رواه شعبة عن يعلى، واسم أبي رزين لقيط بن عامر». إلّا أنّ ابن حبان زاد في الحديث السؤالَ الثاني وهو قول أبي رزين: قال: قلت: يا رسول اللَّه، أين كان ربُّنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: «في عماء، ما فوقه هواء، وما تحته هواء».
وهذا الجزء الثاني رواه الترمذيّ (٣١٠٩) من طريق حمّاد بن سلمة، بإسناده وزاد في آخره: «وخلق عرشه على الماء». وقال: «هذا حديث حسن».
قال الأعظمي: وهو كما قال، فإن إسناده حسن من أجل وكيع بن حُدس -بالحاء- كما قال حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء. وقال شعبة وأبو عوانة وهُشيم: وكيع بن عُدس -بالعين- ورجّح الإمام أحمد بأن الصّواب هو حُدس -بالحاء- نقله عنه ولده عبد اللَّه في مسند أبيه (١٦١٨٩).
ثم هو «مجهول الحال» كما قال ابن القطّان. وقال الذهبيّ: «لا يُعرف» لأنه لم يرو عنه غير يعلى بن عطاء.
ولكنه ذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ٤٩٦) ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول» أي حيث يتابع، وقد توبع في الجملة في حديث طويل ولكن فيه رجال لا يعرفون.
وأنقل هنا هذا الحديث الطّويل، ثم أذكره مفرقًا في أماكنه حسب الموضوع، ولا أذكره كاملًا في مكان آخر.
عن عاصم بن لقيط: أنّ لقيط بن عامر خرج وافدًا إلى رسول اللَّه ﷺ ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق. قال لقيط: فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول اللَّه ﷺ لانسلاخ رجب، فأتينا رسول اللَّه ﷺ فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في النّاس خطيبًا فقال: «أيها الناس ألا إنّي قد خبّأت لكم صوتي منذ أربعة أيام، ألا لأسمعنكم، ألا فهل من امرئ بعثه قومُه؟». فقالوا: اعْلَم لنا ما يقولُ رسولُ اللَّه ﷺ. «ألا ثمّ لعلّه أن يُلهيه حديثُ نفسه، أو حديثُ صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسؤولٌ، هل بلّغتُ؟ ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا». قال: فجلس الناسُ، وقمتُ أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره، قلت: يا رسول اللَّه ما عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمرُ اللَّه، وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسَقَطِه، فقال: «ضنَّ ربُّك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا اللَّه» وأشار بيده -فقلت: وما هي؟
قال: «علم المنية، قد علم مني منيةُ أحدكم ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمونه، وعلم ما في غد قد علم ما أنت طاعم غدا ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث يشرف عليكم أَزِلين أَزلين مشفقين، فيظلُ يضحك، قد علم أن غِيَرَكم إلى قُرْبٍ». قال لقيط: قلتُ: لن نَعْدَمَ من ربٍّ يضحك خيرًا، «وعلم يوم السّاعة». قلت: يا رسول اللَّه! علّمنا مما تُعلِّم الناس وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدّق تصديقنا أحد، من مَذْحِج التي تربأُ علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها. قال: «تلبثون ما لبثْتُم، ثم يُتوفّى نبيُّكم، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعثُ الصّائحةُ، فلَعَمْرُ إلهك ما تدعُ على ظهرها من شيء إلّا مات، والملائكة الذين مع ربّك عز وجل، فأصبح ربُّك يطوف في الأرض، وخَلَتْ عليه البلاد، فأرسل ربُّك عز وجل السّماء تهضِب من عند العرش، فَلَعَمْرُ إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت إلا شقّتِ القبرَ عنه حتى تجعله من عند رأسه، فيستوي جالسًا، فيقولُ ربُّك: مَهْيَمْ، لما كان فيه، يقول: يا ربّ، أمس، اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه حديثًا بأهله». فقلت: يا رسول اللَّه! فكيف يجمعنا بعد ما تمزُقُنا الرّياح والبِلى والسِّباع؟ قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء اللَّه: الأرضُ أشرفتَ عليها وهي مدرة بالية. فقلتَ: لا تحيا أبدًا. ثم أرسل اللَّهُ عليها السماء فلم تلبث عليك إلا أيامًا حتى أشرفتَ عليها وهي شَرَبةٌ واحدةٌ، ولَعَمْرُ إلهك لهو أقدرُ على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأصواء، ومن مصارعكم، فتنظرون إليه وينظر إليكم». قال: قلت: يا رسول اللَّه، وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: «أنبئك بمثل ذلك في آلاء اللَّه عز وجل: الشّمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة ولا تضارّون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما». قلت: يا رسول اللَّه، فما يفعل بنا ربُّنا عز وجل إذا لقيناه؟ قال: «تعرضون عليه باديةً له صفحاتُكم، لا يخفى عليه منكم خافيةٌ، فيأخذُ ربُّك عز وجل بيده غَرْفَة من الماء، فينضحُ قَبِيْلَكُم بها، فَلَعَمْرُ إلهك ما تُخْطِئُ وجَه أحدكم منها قطرةٌ، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الرّيطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه مثل الحميم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيُّكم ﷺ، ويفترق على أثره الصّالحون، فيسْلُكون جِسْرًا من النار، فيطأ أحدكم الجمر يقول: حَسَّ! يقول ربُّك عز وجل: أوانه، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ -واللَّه- ناهلةٍ قطّ ما رأيتها، فلعمرُ إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليها قَدَحٌ يطهره من الطَّوْف والبول والأذى، وتُحْبَسُ الشّمسُ والقمرُ، ولا ترون منهما واحدًا». قال: قلت: يا رسول اللَّه فبمَ نبصر؟ قال: «بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال». قال: قلت: يا رسول اللَّه، فبمَ نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: «الحسنة بعشرة أمثالها، والسيئة بمثلها إلا أن يعفُوَ». قال: قلت: يا رسول اللَّه، أما الجنة أما النار؟ قال: «لَعَمْرُ إلهك إنّ للنار لسبعةَ أبواب ما منهن بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين عامًا، وإنّ للجنّة لثمانيةَ أبواب ما منهن بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين
عامًا». قلت: يا رسول اللَّه، فعلامَ نطلع من الجنة؟ قال: «على أنهار من عسل مصفى، وأنهار من كأس ما بها من صُداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمُه، وماء غير آسن، وبفاكهة، لعَمْرُ إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهّرة». قلت: يا رسول اللَّه أو لنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟ قال: «الصالحات للصّالحين تلذُّونَهُنّ مثل لذّاتكم في الدّنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد». قال لقيط: فقلت: أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟ فلم يجبه النبيُّ ﷺ. قلت: يا رسول اللَّه، على ما أبايعك؟ قال: فبسط النبي ﷺ يده وقال: «على إقام الصّلاة وإيتاء الزكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك باللَّه إلهًا غيره». قلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب؟ فقبض النّبي ﷺ يده، وظنّ أني مشترط شيئا لا يُعطينيه. قال: قلت: نحلُّ منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه، فبسط يده، وقال: «لك ذلك تَحُلُّ حيث شئتَ، ولا يجني عليك إلا نفسُك». قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: «إنّ هذَيْن لَعَمْرُ إلهك من أتقى الناس في الأولى والآخرة». فقال له كعب بن الخدارية؛ أحدُ بني بكر بن كلاب: مَنْ هم يا رسول اللَّه؟ قال: «بنو المنتفق أهل ذلك». قال: فانصرفنا وأقبلتُ عليه، فقلت: يا رسول اللَّه، هل لأحد ممن مضى من خير في جاهليتهم؟ قال: قال رجل من عُرْضِ قريش: واللَّه إنّ أباك المنتفق لفي النّار. قال: فلكأنّه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رؤوس النّاس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول اللَّه؟ ثم إذا الأخرى أجمل، فقلتُ: يا رسول اللَّه، وأهلك؟ قال: «وأهلي لَعَمْرُ اللَّه ما أتيتَ عليه من قبر عامريّ، أو قرشيّ من مشرك قُلْ: أرسلني إليك محمّدٌ، فأبشرُكَ بما يسوؤك، تُجَرُّ على وجهك وبطنك في النّار». قال: قلت: يا رسول اللَّه ﷺ، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلّا إيّاه، وكانوا يحسبون أنهم مصلحون؟ قال ﷺ: «ذلك لأن اللَّه عز وجل بعث في آخر كلِّ سَبْع أُمم -يعني- نبيًّا، فمن عصى نبيَّه كان من الضّالين، ومن أطاع نبيَّه كان من المهتدين».
أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في مسند أبيه (١٦٢٠٦)، وفي كتابه «السنة» (١١٢٠) قال: «كتب إليَّ إبراهيم بن حمزة الزبيريّ: كتبتُ إليك بهذا الحديث، وقد عرفته وسمعته على ما كتبت به إليك، فحدِّث بذلك عني، حدّثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزاميّ، حدثني عبد الرحمن بن عياش السمعيّ الأنصاريّ القبائيّ -من بني عمرو بن عوف- عن دُلهم بن الأسود بن عبد اللَّه بن حاجب بن عامر ابن المنتفق العقيليّ، عن أبيه، عن عمّه لقيط بن عامر. قال دُلْهم: وحدثنيه ابن أبي الأسود، عن عاصم بن لقيط، أنّ لقيطًا خرج وافدًا إلى رسول اللَّه ﷺ ومعه صاحب له يقال له: نُهيل بن عاصم ابن مالك بن المنتفق. قال لقيط: فخرجتُ وصاحبي حتى قدمنا على رسول اللَّه ﷺ المدينة انسلاخ رجب، فأتينا رسول اللَّه ﷺ حين انصرف من صلاة الغداة، فقام في الناس خطيبًا، فقال (فذكر الحديث).
ولقيط هو أبو رزين العقيليّ.
ورواه الطبراني في الكبير (١٩/ ٢١١)، وصحّحه ابن خزيمة في التوحيد (٣٨٢)، والحاكم (٤/
٥٦٠) كلهم من طريق عبد الرحمن بن المغيرة، بإسناده، مع أغلاط وقعتْ في المستدرك في قلب الأسانيد.
قال الحاكم: «هذا حديث جامع في الباب، صحيح الإسناد كلّهم مدنيّون».
وتعقبّه الذهبي فقال: «يعقوب بن محمد بن عيسى الزهريّ ضعيف».
وهو الرّاوي عن عبد الرحمن بن المغيرة، وقد توبع كما في رواية عبد اللَّه بن أحمد، وابن أبي عاصم في «السّنة» (٥٢٤، ٦٣٦) إلّا أنّ فيه: «عن دلهم بن الأسود، عن جدّه». بدل «عن أبيه».
وذكره الهيثميّ في «المجمع» (١٠/ ٣٤٠) وقال: «رواه عبد اللَّه، والطبراني بنحوه، وأحد طريقي عبد اللَّه إسنادها متصل، ورجالها ثقات».
وهو يقصد بقوله: «ثقات» توثق ابن حبان، وإلّا فعبد الرحمن بن عياش وشيخه دُلهم، وأبوه أسود لا يعرفون إلّا بهذا الإسناد.
وقال الذّهبيّ: «دلهم بن الأسود، وجدّه عبد اللَّه بن حاجب لا يُعرفان».
وعبد الرحمن بن عايش ذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال الحافظ في «التقريب»: «مقبول». أي إذا توبع وإلّا فليّن الحديث.
وقد توبع على قوله: «لن نعدم من رب يضحك خيرًا يا رسول اللَّه»، كما سبق في باب الضّحك.
وأمّا الحافظ ابن القيم فقوّى هذا الحديث قائلًا في «زاد المعاد» (٣/ ٦٧٧): «هذا حديث كبير جليل، تنادي جلالتُه وفخامتُه وعظمتُه على أنّه قد خرج من مشكاة النّبوة، لا يُعرف إلّا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدنيّ، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيريّ وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتجّ بهما في الصحيح، احتجّ بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاريّ، ورواه أئمة السنة في كتبهم، وتلقوه بالقبول، وقابلوه بالتّسليم والانقياد، ولم يطعن منهم فيه ولا في أحد من رواته».
فذكر من أخرجه منهم عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، وابن أبي عاصم في السنة (٤٥٩، ٤٦٠)، وأبو أحمد العسال في «المعرفة» والطبراني -كما مضى-، وأبو الشيخ في «السنة»، وابن منده، وأبو نعيم الأصبهانيّ. وقال: «جماعة من الحفّاظ سواهم يطول ذكرهم. . . إلخ». واللَّه أعلم.
وقوله: «تهضِبُ» أي تُمطر، والأصواء: القبور. والشَّرَبة -بفتح الرّاء-: الحوض الذي يجتمع فيه الماء، وبالسّكون والياء: الحنظلة، يريد أنّ الماء قد كثر، فمن حيث شئت تشرب. وعلى رواية السكون والياء: يكون قد شبّه الأرض بخُضرتها بالنّبات بخضرة الحنظلة واستوائها.
وقوله: «حس»: كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه غفلةً ما يحرقه أو يؤلمه. قال الأصمعيّ: وهي مثل أوه.
وقوله: يقول ربُّك عز وجل: «أو أنه». قال ابن قتية: فيه قولان: أحدهما: أن يكون «أنه»
بمعنى «نعم».
والآخر: أن يكون الخبر محذوفًا كأنه قال: أنتم كذلك، أو أنّه على ما يقول.
وفي الحديث: لا «يُصَلِّ أحدُكم، وهو يدافع الطَّوْف والبَوْل».
والطّوف: الغائط. والجسر: الصّراط.
وقوله: «فيقول ربُّك. مَهيم». أي: ما شأنُك وما أمرُك، وفيم كنتَ.
وقوله: «يشرف عليكم أَزْلين»: الأزْل -بسكون الزّايْ- الشّدة، والأَزِل على وزن كَتِف: هو الذي قد أصابه الأزل، واشتد به حتى كاد يقنط.
وقوله: «فيظلّ يضحك» هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيءٌ من مخلوقاته، كصفات ذاته، وقد وردت هذه الصّفة في أحاديث كثيرة لا سبيل إلى ردّها، كما لا سبيل إلى تشبيهها وتحريفها، وكذلك «فأصبح ربُّك يطوف في الأرض»، هو من صفات فعله، كقوله: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ﴾ [سورة الفجر: ٢٢]. ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [سورة الأنعام: ١٥٨]، و«ينزلُ ربُّنا كلَّ ليلةٍ إلى السّماء الدُّنيا»، و«يدنُو عشيّة عرفة، فيباهي بأهلِ الموقف الملائكة». والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تحريف وتعطيل».
وقوله: «والملائكة الذين عند ربّك«: لا أعلم موت الملائكة جاء في حديث صريح إلّا هذا، وحديث إسماعيل بن رافع الطّويل، وهو حديث الصُّور، وقد يستدل عليه بقوله تعالى ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [سورة الزمر: ٦٨]». انتهى بما في الزاد.
وفي الباب ما رُوي عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنّ أدنى أهل الجنّة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسروره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على اللَّه من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيّة». ثم قرأ رسول اللَّه ﷺ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [سورة القيامة: ٢٢ - ٢٣]».
رواه الترمذيّ (٢٥٥٣)، وأحمد (٢/ ١٣)، وابن منده في الرّد على الجهميّة (٩١)، وصحّحه الحاكم (٢/ ٥٠٩ - ٥١٠) كلهم من طريق ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر، فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث مفسر في الرد على المبتدعة، وثوير بن أبي فاختة وإن لم يخرجاه، فلم يُنقم عليه غير التشيّع».
وتعقبه الذهبي فقال: «بل هو واهي الحديث». وبه أعلّه الهيثميّ في: المجمع (١٠/ ٤٠١) فقال: «وفي أسانيدهم ثوير بن أبي فاختة، وهو مجمع على ضعفه».
وفي الباب ما رُوي أيضًا عن أبي موسى الأشعريّ قال: قال رسولُ اللَّه ﷺ: «يجمعُ اللَّه عز وجل الأمم في صعيد واحد يوم القيامة، فإذا بدا للَّه عز وجل أن يصْدع بين خلقه، مُثِّل لكلِّ قوم ما كانوا يعبدون، فيتبعونهم حتى يُقَحِّمونهم النّار، ثم يأتينا ربُّنا عز وجل ونحن على مكان رفيع، فيقول: من أنتم؟ فنقول: نحن المسلمون. فيقول: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربَّنا عز وجل».
قال: «فيقول: وهل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: نعم. فيقول: كيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون: نعم، إنّه لا عِدْل له. فيتجلّى لنا ضاحكًا يقول: أبشروا أيّها المسلمون، فإنّه ليس منكم أحدٌ إلّا جعلتُ مكانه في النار يهوديًّا أو نصرانيًّا».
رواه الإمام أحمد (١٩٦٥٤)، والآجريّ في الشريعة (٦٠٧)، وابن خزيمة (٤٦٤)، والدارميّ في الرّد على الجهمية (١٨٠) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عُمارة، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، فذكر مثله، واللّفظ لأحمد.
وفي لفظ عند الدّارميّ ونحوه عند الآجريّ عن عمارة القرشيّ أنه كان عند عمر بن عبد العزيز، فأتاه أبو بردة بن أبي موسى الأشعريّ، فقضى له حوائجه، فلما خرج رجع. فقال عمر: أذكر الشيخ؟ فقال له عمر: ما ردّك؟ ألم تقضِ حوائجك؟ قال: بلى، ولكن ذكرتُ حديثًا حدثناه أبو موسى الأشعريّ، أنّ رسول اللَّه ﷺ قال (فذكر الحديث).
وفيه علّتان:
الأولى: علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف عند جماهير أهل العلم.
والثانية: شيخه عمارة وهو القرشيّ، نقل الذهبي عن الأزديّ أنه قال: «ضعيف جدًّا. روى عنه علي بن زيد بن جدعان وحده»، وأورد جزءًا من الحديث المذكور. الميزان (٣/ ١٧٨).
ولكن لبعض فقراته شواهد صحيحة، مثل قوله: «أبشروا أيّها المسلمون، فإنّه ليس منكم أحدٌ إلّا جعلتُ مكانه في النار يهوديًّا أو نصرانيًّا».
رواه مسلم في التوبة (٢٧٦٧) من وجه آخر عن عون وسعيد بن أبي بردة، حدّثاه أنّهما شهدا أبا بردة يُحدّث عمر بن عبد العزيز، عن أبيه، عن النبيّ ﷺ قال: «لا يموت رجل مسلم ولا أدخل اللَّه مكانه النار يهوديًّا أو نصرانيًّا». قال: فاستحلفه عمر بن عبد العزيز باللَّه الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات، أن أباه حدّثه عن رسول اللَّه ﷺ، قال: فحلف له، قال: فلم يحدّثني سعيد أنه استحلفه ولم ينكر على عون قوله.
قال ابن خزيمة رحمه اللَّه تعالى: «إنّ اللَّه عز وجل إنّما تراءى لهذه الأمة برّها وفاجرها ومنافقها بعد ما تساقط أولئك في النار، فاللَّه تعالى كان محتجبًا عن جميعهم لم يره منهم أحد، كما قال تعالى ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [سورة المطففين: ١٤ - ١٧]، فأعلمنا عز وجل أن مَنْ حُجب عنه يومئذ هم المكذِّبون بذلك في الدنيا، ألا تسمع قوله تعالى: ﴿هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾. وأمّا المنافقون، فإنّما كانوا يكذّبون بذلك بقلوبهم، ويقرّون به بألسنتهم رياءٌ وسُمعةٌ، فقد تراءى لهم رؤية امتحان واختبار، وليكون حجبه إياهم بعد ذلك عن رؤيته حسرة عليهم وندامة، إذ لم يصدّقوا به بقلوبهم وضمائرهم، ويوعده ووعيده، وما أمر به ونهى عنه، وبيوم الحسرة والنّدامة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 430 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم

  • 📜 حديث: يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يرى كلّهم القمر مخليًا به والله أعظم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب