حديث: استلام الحجر وتركه أصبت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في ترك استلام الحجر الأسود عند الزّحام

عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي النبيّ ﷺ: «كيف صَنَعْتَ في اسْتِلامِ الحجر؟». فقلتُ: اسْتَلَمْتُ وتركتُ. قال النَّبيُّ ﷺ: «أَصَبْتَ».

صحيح: رواه ابن حبان في صحيحه (٣٨٢٣) عن الحسين بن محمد بن أبي معشر، قال: حدّثنا عبد الجبار بن العلاء، حدثنا بشر بن السري، حدثنا الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عوف، فذكره.

عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال لي النبيّ ﷺ: «كيف صَنَعْتَ في اسْتِلامِ الحجر؟». فقلتُ: اسْتَلَمْتُ وتركتُ. قال النَّبيُّ ﷺ: «أَصَبْتَ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف:

الحديث:


عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: قال لي النبي ﷺ: «كيف صَنَعْتَ في اسْتِلامِ الحجر؟». فقلتُ: اسْتَلَمْتُ وتركتُ. قال النَّبيُّ ﷺ: «أَصَبْتَ».


1. شرح المفردات:


● اسْتِلامِ الحجر: أي لمس الحجر الأسود باليد أو تقبيله عند الطواف حول الكعبة.
● اسْتَلَمْتُ: أي لمست الحجر الأسود عند الطواف.
● وتركتُ: أي تركت التقبيل أو التكرار إذا لم يتيسر ذلك دون مزاحمة أو أذى.
● أَصَبْتَ: أي أصبت الصواب وفعلت ما هو مشروع وصحيح.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث يدور حول سنة استلام الحجر الأسود في الطواف. فقد سأل النبي ﷺ الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه عن كيفية تعامله مع استلام الحجر الأسود أثناء الطواف، فأجابه بأنه استلمه (أي لمسه بيده) ثم ترك التقبيل أو التكرار تجنبًا للمزاحمة أو المشقة. فأقرّه النبي ﷺ على ذلك وقال له: «أَصَبْتَ»، مما يدل على جواز الاقتصار على الاستلام دون تقبيل إذا كان في التقبيل مشقة أو زحام.


3. الدروس المستفادة منه:


● التيسير في العبادة: الإسلام دين يسر وليس عسر، فإذا تعذر فعل السنة على أكمل وجه جاز الاقتصار على ما تيسر دون حرج.
● مراعاة الظروف: يستحب للمسلم أن يراعي الظروف المحيطة به أثناء أداء العبادات، ويتجنب إيذاء نفسه أو الآخرين بالمزاحمة الشديدة.
● السنة في استلام الحجر: الأفضل في استلام الحجر الأسود هو التقبيل إذا أمكن دون مشقة، فإن تعذر فالمسح باليد، فإن تعذر فالإشارة إليه من بعيد.
● الاقتداء بالنبي ﷺ: في هذا الحديث توجيه نبوي كريم للصحابة وللمسلمين من بعدهم بالطريقة المثلى لأداء هذه السنة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● فضل الحجر الأسود: الحجر الأسود من أحجار الجنة، ونزل من الجنة وهو أبيض فاسود من ذنوب بني آدم كما ورد في بعض الأحاديث.
● حكم استلامه: استلام الحجر الأسود سنة وليس واجبًا، فمن تركه فلا إثم عليه، لكنه فوت على نفسه أجرًا عظيمًا.
● التيسير في الطواف: إذا كان الزحام شديدًا حول الحجر، فيكفي الإشارة إليه من بعيد مع التكبير، كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» (رواه أبو داود والترمذي).

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبينا محمد ﷺ على الوجه الذي يرضيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان في صحيحه (٣٨٢٣) عن الحسين بن محمد بن أبي معشر، قال: حدّثنا عبد الجبار بن العلاء، حدثنا بشر بن السري، حدثنا الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عوف، فذكره.
ورواه البزار (١١١٣)، والطبراني في الصغير (٦٥٠) كلاهما من وجهين آخرين عن هشام بن عروة، بإسناده، مثله.
إلا أنّ البزّار علّله بقوله: «لا نعلمه عن عبد الرحمن إلا بهذا الإسناد، وقد رواه جماعة فلم يقولوا: عن عبد الرحمن. رواه الثوريّ عن هشام، عن أبيه، أنّ النبيّ ﷺ قال لعبد الرحمن: إلّا أن محمد بن عمر بن هياج قد حدّثنا به فقال: حدّثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبيّ ﷺ».
قال الأعظمي: اختلف على هشام في الوصل والإرسال، فرواه عنه مالك في الموطأ في الحج (١١٨)، وعبد الرزاق في المصنف (٨٩٠٠) عن معمر، والبيهقي (٥/ ٨٠) عن جعفر بن عون كلّهم عن هشام ابن عروة، عن أبيه، أنّ النبيّ ﷺ قال لعبد الرحمن بن عوف: «كيف فعلت يا أبا محمد! في استلام الحجر؟» قال: كل ذلك! استلمت وتركت. قال: «أصبت». ورجاله رجال الصحيح.
ورواه عنه الثوريّ واختلف عليه، فمرة رواه مرسلًا، وأخرى متصلًا.
وممن رواه عنه متصلًا بشر بن السريّ وهو حافظ ضابط، ومحمد بن عمر بن هياج كما قال البزار، ثم هو لم ينفرد بوصله.
فقد وصله أيضًا اثنان: عبيد الله بن عمر عند الطبراني في «الصغير»، وزهير بن معاوية عند البزار - كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: فذكر الحديث.
وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ٢٦٢) من وجه آخر مسندًا عن القاسم بن محمد، عن ابن أبي نجيح، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أنه عليه السلام قال له (فذكر الحديث).
فلا وجه لتعليل الحديث بالإرسال كما قال البزّار، ثم استدركهـ بقوله: «إلّا أن محمد بن عمر ابن هياج قد حدثناه فذكره متصلًا، وفيه زيادة علم».
وقد فسّر الشافعي فعل عبد الرحمن بن عوف فقال: أحسب النبيّ ﷺ قال لعبد الرحمن: «أصبتَ» أنه وصف له أنه استلم في غير زحام، وترك في زحام. الأم (٢/ ١٧٢).
قال الأعظمي: وعمل السّلف يقوّي هذا.
فعن عطاء قال: إنه سمع ابن عباس يقول: إذا وجدتَ على الرّكن زحامًا فلا تؤذِ أحدًا، ولا تؤذ وامضِ.
رواه عبد الرزاق (٨٩٠٨) عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، فذكره.
وعن منبوذ بن أبي سليمان، عن أمّه أنها كانت عند عائشة أمّ المؤمنين، فدخلتْ عليها مولاة لها فقالت: يا أمّ المؤمنين! طفتُ بالبيت سبعًا، واستلمت الرّكن مرتين أو ثلاثًا! فقالت عائشة: لا أجرك الله، لا أجرك الله، تدافعين الرجال؟ ! ألا كبّرت ومررت.
رواه الشافعي في الأم (٢/ ١٧٢) عن سعيد بن سالم، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن منبوذ بن أبي سليمان، فذكره.
قال البيهقيّ (٥/ ٨١): وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول لهن: إذا وجدتن فرجة من الناس فاستلمن، وإلا فكبّرن وامضين.
وأما ما رُوي عن عمر بن الخطاب أن النبيّ ﷺ قال له: «يا عمر؟ ! إنّك رجلٌ قويٌّ، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضّعيف، إن وجدتَ خلوةٌ فاستلمه، وإلّا فاستقبله فهلّل وكبّر» فهو ضعيف.
روي من وجهين أحدهما مرفوعًا متصلًا.
وهو ما رواه البيهقيّ (٥/ ٨٠) عن شيخه أبي عبد الله الحافظ، ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، ثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ إملاء في مسجد رجاء بن معاوية، أنبأ علي بن عبد الله، ثنا مفضل بن صالح، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، فذكره.
ومفضل بن صالح هو الأسديّ النّخاس، قال فيه البخاري: «منكر الحديث»، وقال أبو حاتم: «منكر الحديث»، وفي «التقريب»: «ضعيف» مع خلاف في سماع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب.
والطريق الثاني هو ما رواه عبد الرزاق (٨٩١٠)، والإمام أحمد (١٩٠) كلاهما من حديث
سفيان (وهو الثوريّ) -وقرنه عبد الرزاق بابن عيينة- كلاهما عن أبي يعفور العبديّ، قال: سمعت شيخًا بمكة في إمارة الحجّاج يحدّث عن عمر بن الخطاب، فذكره.
ورواه البيهقيّ من طريق أبي عوانة، عن أبي يعفور، عن شيخ من خزاعة، قال: وكان استخلفه الحجاج على مكة.
ورواه الشافعي عن ابن عيينة، عن أبي يعفور، عن الخزاعي، قال سفيان: وهو عبد الرحمن بن الحارث كان الحجاج استعمله عليها منصرفه منها.
ورواه البيهقي وقال: وهو شاهد لرواية ابن المسيب.
قال الأعظمي: وفيه إرسال لأن عبد الرحمن بن الحارث، وهو عبد الرحمن بن نافع بن الحارث من أولاد الصحابة لم يدرك عمر بن الخطاب، وهو الذي استعمله الحجاج على ولاية مكة، كما أن أباه أيضًا كان عاملًا عليها في عهد عمر بن الخطاب إلّا أن هذا المرسل يقوي ما رواه سعيد بن المسيب فيكون للحديث أصل، وهو ليس على شرط هذا الكتاب. والله الموفق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 271 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استلام الحجر وتركه أصبت

  • 📜 حديث: استلام الحجر وتركه أصبت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استلام الحجر وتركه أصبت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استلام الحجر وتركه أصبت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استلام الحجر وتركه أصبت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب