حديث: استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب السّجود على الحجر الأسود
حسن: رواه الدارميّ (١٩٠٧)، وابن خزيمة (٢٧١٤)، والبزار -كشف الأستار (١١١٤) - كلّهم من حديث أبي عاصم النّبيل، وأبو داود الطّيالسيّ (٨) كلاهما عن جعفر بن عبد الله بن عثمان، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:
الحديث بصيغته الأصلية:
عن جعفر بن عبد الله بن عثمان، قال: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادَ بْنِ جَعْفَرٍ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ ثُمَّ يُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ عبد الله بْنَ عَبَّاسٍ يَفْعَلُهُ. ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ فَعَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّى لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَفْعَلُ هَذَا.
1. شرح المفردات:
● يَسْتَلِمُ: يلمس بيده، والاستلام في الأصل هو اللمس والمسح باليد.
● الْحَجَرَ: المقصود هنا هو الحجر الأسود، وهو حجر من الجنة نزل به آدم عليه السلام، ويقع في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة.
● يُقَبِّلُهُ: يضع فمه عليه تعظيمًا لشعائر الله.
● يَسْجُدُ عَلَيْهِ: يضع جبهته عليه ساجدًا لله تعالى.
● خَالَكَ: عمك أو قريبك، والمقصود هنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وكان معروفًا بحبر الأمة وترجمان القرآن.
2. شرح الحديث:
يروي جعفر بن عبد الله بن عثمان أنه رأى محمد بن عباد بن جعفر يفعل ثلاثة أمور عند الحجر الأسود:
1- يستلمه بيده.
2- يقبله بفمه.
3- يسجد عليه، أي يضع جبهته عليه ساجدًا لله.
فلما سأله عن سبب هذا الفعل، أجابه محمد بن عباد بأنه:
- رأى عبد الله بن عباس (حبر الأمة وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم) يفعله.
- ثم ذكر أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ثاني الخلفاء الراشدين) يفعله أيضًا.
- ثم اختتم بقوله: "إني لأعلم أنك حجر" أي أنه يعلم أن الحجر لا يضر ولا ينفع بذاته، ولكنه "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله".
فهذا الفعل ليس تعظيمًا للحجر لذاته، بل اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا لشعائر الله تعالى.
3. الدروس المستفادة منه:
1- اتباع السنة النبوية: العمل بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى لو لم نفهم الحكمة الكاملة خلفه.
2- التبرك بآثار النبي وأصحابه: كما فعل محمد بن عباد بتقليده لابن عباس وعمر رضي الله عنهما.
3- التوحيد الخالص: قوله "إني لأعلم أنك حجر" يؤكد أن تعظيم الحجر ليس لذاته، بل لأنه من شعائر الله، وقد سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تقبيله واستلامه.
4- تعظيم شعائر الله: كما قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
5- التسليم للشرع: حتى لو بدا الفعل غريبًا للبعض، فإن الأصل في العبادات التوقيف (أي أننا لا نعبد الله إلا بما شرع).
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند، وحسنه بعض العلماء.
● السجود على الحجر ليس سجودًا للعبادة، بل سجود شكر لله أو تعظيمًا لشعائره، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم كما في هذا الأثر.
- الفعل ليس واجبًا، بل هو سنة مستحبة لمن تيسر له ذلك دون مشقة أو أذى للغير.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على جواز التبرك بآثار الصالحين إذا كان ذلك على وجه الاتباع لا الابتداع.
الخلاصة:
الحديث يدل على استحباب استلام الحجر الأسود وتقبيله والسجود عليه، اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، مع اليقين بأن التعظيم ليس للحجر نفسه، بل لأنه من شعائر الله التي أمرنا بتعظيمها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
إلّا أنّ أبا داود نسب جعفر هذا إلى جده عثمان، كما أنّ البزار قال: جعفر بن محمد، وأنه أيضًا لم يذكر فيه ابن عباس.
وإسناده حسن من أجل الكلام في جعفر بن عبد الله بن عثمان وهو القرشيّ الحميديّ المكي، قال العقيليّ في الضعفاء (٢٢٨): «في حديثه وهم واضطراب». وساق الحديث من وجه آخر عن جعفر بن عبد الله ولكنه جعله من مسند ابن عباس ثم قال: «ورواه أبو عاصم، وأبو داود الطيالسيّ عن جعفر فقالا: عن ابن عباس، عن عمر مرفوعًا».
ثم رواه عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٨٩١٢) - عن ابن جريج قال: أخبرني محمد بن عباد ابن جعفر أنه رأى ابن عباس قبّل الحجر وسجد عليه، وقال: «حديث ابن جريج أولى» انتهى.
قال الأعظمي: اختلف على جعفر بن عبد الله بن عثمان فمنهم من جعله من مسند ابن عباس، ومنهم من جعله من مسند عمر، والذي عليه الرواة الثقات عنه أنه من مسند عمر بن الخطاب مرفوعًا.
ومن قال غير ذلك فالوهم منه، فإن جعفر بن عبد الله بن عثمان وإن قال فيه العقيليّ في حديثه
وهم واضطراب، فقد وثقه الإمام أحمد وأبو حاتم، فلا يترك من حديثه ما اجتمع عليه الثقات، وقد يكون الوهم من دونه في جعل الحديث من مسند ابن عباس.
وأما ترجيح العقيليّ رواية ابن جريج الموقوفة على ابن عباس فترجيح بدون مرجّح فإنّ محمد ابن عباد بن جعفر لم يسأله لماذا يسجد عليه، وإنما يحكي ما رآه فقط، وهو لا يمنع أن يكون ما فعله مرفوعًا لو سئل لأجاب لا سيما قد جاء من طريق آخر أخرجه البيهقيّ (٥/ ٧٥) من طريق يحيى ابن سليمان الجعفيّ، ثنا يحيى بن يمان، ثنا سفيان، عن ابن أبي حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: رأيت النبيّ ﷺ يسجد على الحجر.
وقال: «لم يروه عن سفيان إلا ابن يمان، وابن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين».
قال الأعظمي: وابن يمان مختلف فيه، فقال ابن معين: أرجو أن يكون صدوقًا.
وقال ابن المديني: كان فلج فتغيّر حفظه.
والظاهر أنه لم يخطئ في هذا الحديث لأنه تابعه فيه غيره في رفعه.
وبهذا تبين أنّ الحديث مرفوع، وهو لا ينزل عن درجة الحسن، والنّفس تطمئن أن يكون من مسند عمر بن الخطاب، ومن قال غير ذلك فإما اختصره أو وهم فيه كما وهم البعض في تعيين جعفر بن عبد الله بن عثمان فقال الحاكم في «المستدرك» (١/ ٤٥٥) بعد أن ساق الحديث من طريق أبي عاصم: جعفر بن عبد الله هو ابن الحكم.
وقال: «صحيح الإسناد» وهذا وهم منه، كما أن محقق مصنف عبد الرزاق أدخل بين محمد بن عباد وبين ابن عباس رجلًا كناه «أبا جعفر» وهذا كلّه وهم أو خطأ من النساخ كما وهم أبو يعلى (٢١٩) في نقله عن أبي داود الطيالسي، فلم يذكر بين محمد بن عباد وعمر بن الخطاب «ابن عباس» فصار الإسناد منقطعًا.
ولكن قال الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٢٤١): عن ابن عمر قال: «رأيت عمر بن الخطاب قبّل الحجر وسجد عليه، ثم عاد فقبّله وسجد عليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ﷺ».
وقال: «رواه أبو يعلى بإسنادين، وفي أحدهما جعفر بن محمد المخزومي وهو ثقة وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه البزار من الطريق الجيد».
قال الأعظمي: البزار أيضًا رواه من طريق جعفر بن محمد المخزوميّ كما سبق. وأما رواية أبي يعلى من طريق جعفر بن محمد ففيها انقطاع كما رأيت أو سقط، وهذا السقط ليس هو ابن عمر، بل هو ابن عباس.
وأمّا الرّواية الثانية عند أبي يعلى فهي كما يأتي من طريق ابن عمر، فالهيثمي وهو آخر من خلّط بين حديث ابن عباس وبين حديث ابن عمر والله المستعان.
وأمّا الرّواية الثانية التي أشار إليها الهيثميّ فهي ما رواه أبو يعلى (٢٢٠) عن زكريا بن يحيى زحموية الواسطيّ، حدّثنا عمر بن هارون، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم بن عبد الله، عن
أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطّاب قبّل الحجر وسجد عليه، ثم عاد فقبّله وسجد عليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ﷺ صنع.
وعمر بن هارون هو البلخيّ، متروك.
وفيه ردّ على البزّار في قوله: «لا نعلمه عن عمر إلّا بهذا الإسناد».
فإنه روي عنه أيضًا بهذا الإسناد الثاني إلا أن يقال: إنه يقصد به الإسناد الصحيح.
وروي عن ابن عباس أيضًا قال: كان رسول الله ﷺ يقبّل الركن ويضع خده عليه. رواه أبو يعلى وفيه عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف كما قال الهيثمي في «المجمع».
ومعنى السجود على الحجر الأسود هو وضع الجبهة عليه كما ورد تفسيره في بعض الآثار، استحبه الشافعي وأحمد بعد التقبيل، وكرهه مالك، فلعله لم تبلغه هذه الآثار.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 270 من أصل 689 حديثاً له شرح
- 245 رسول الله ﷺ يستلم الحجر ويطوف بالبيت ويدعو على الصفا
- 246 الحجر الأسود من الجنة أشد بياضا من اللبن
- 247 الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة
- 248 مسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا.
- 249 من طاف حول البيت أسبوعًا لا يلغو فيه كان كعدل...
- 250 إِنَّ مَسْحَهُمَا يَحُطَّانِ الْخَطِيئَةَ
- 251 مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ
- 252 قبَّلَ عمرُ الحجرَ وقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر...
- 253 إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني...
- 254 رأيت عمر قبل الحجر والتزمه وقال رأيت رسول الله بك...
- 255 رأيت رسول الله يستلمه ويقبله
- 256 رأيت رسول الله على ناقة يستلم الحجر بمحجنه
- 257 قال عبد الله بن عمر: أما الأركان فإني لم أر...
- 258 ما تركت استلام الركن اليماني والحجر
- 259 لم أر رسول الله يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين
- 260 يستلم الركن اليماني والحجر في كل طواف
- 261 لم أر رسول الله يستلم غير الركنين اليمانيين
- 262 ليس شيء من البيت مهجورًا
- 263 لولا حداثان قومك بالكفر لرددت الكعبة على قواعد إبراهيم
- 264 إِنِّي لأَظُنُّ رَسُولَ اللهِ لَمْ يَتْرُك اسْتِلامَهُمَا إِلا أَنَّهُمَا لَيْسَا...
- 265 ما طاف رسول الله بشيء إلا وهو من البيت
- 266 الحجر من البيت؛ لأنّ رسول الله ﷺ طاف بالبيت من...
- 267 أخذ عمر بيدي وقال: إن لك في رسول الله أسوة...
- 268 يقول ما بين الركنين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي...
- 269 وَاللهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا
- 270 استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
- 271 استلام الحجر وتركه أصبت
- 272 أول شيء بدأ به النبي حين قدم أنه توضأ ثم...
- 273 رسول الله ﷺ إذا طاف في الحج أو العمرة أول...
- 274 اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ
- 275 طوف بالبيت قبل الموقف فقد فعله رسول الله ﷺ
- 276 نَعُوذُ بِاللهِ مِن النَّارِ
- 277 سؤال عائشة عن الجدر وسبب ارتفاع باب الكعبة
- 278 ينزل الله على هذا البيت كل يوم وليلة عشرين ومائة...
- 279 لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة
- 280 ابن الزبير يسأل الناس عن إعادة بناء الكعبة بعد احتراقها
- 281 قال رسول الله ﷺ: إني لو لا حداثة عهد قومي...
- 282 لولا حداثان قومك بالكفر لنقضت البيت
- 283 خَبُّ النَّبِيِّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشْيِهِ أَرْبَعَةً فِي الطَّوَافِ الأَوَّلِ
- 284 رمل رسول الله من الحجر إلى الحجر ثلاثًا ومشى أربعًا
- 285 رمل رسول الله ﷺ من الحجر الأسود ثلاثة أطواف
- 286 أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم
- 287 الرمل في الطواف سنة والمشي أفضل
- 288 عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر...
- 289 الرملان اليوم والكشف عن المناكب
- 290 اضطبع النبي واستلم وكبر ثم رمل ثلاثة أطواف
- 291 طاف النبي ﷺ مضطبعًا ببرد
- 292 الرخصة في الطواف راكبة للمرأة المريضة
- 293 يستلم الركن بمحجن في حجة الوداع
- 294 طاف رسول الله ﷺ بالبيت على راحلته يستلم الحجر بمحجنه.
معلومات عن حديث: استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
📜 حديث: استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








