حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب استحباب الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف العمرة، وفي الطّواف الأول في الحجّ
صحيح: رواه البخاريّ في الحج (١٦٠٥) عن سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، به، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا الشرح نافعاً مفيداً.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو يحكي موقفاً تربوياً عظيماً من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يظهر فيه توحيده الخالص، واتباعه الدقيق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعمق فقهه.
وفيما يلي شرح الحديث بتفصيل وافٍ:
أولاً. شرح المفردات:
● الرُّكْنِ: المقصود هنا الحجر الأسود، وهو أشرف حجر في العالم، ويبدأ الطواف منه وينتهي إليه.
● اسْتَلَمَكَ: لمسك بيده وقبَّلك. والاستلام في الطواف: هو لمس الحجر الأسود باليد وتقبيله، فإن لم يتيسر ذلك فإنه يشير إليه بيده.
● الرَّمَلِ: هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطو في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف. وهو خاص بطواف القدوم (طواف العمرة أو طواف القادم).
● رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ: أي أريناهم بالقوة والبأس بهذا الفعل (الرمل) حين كانوا يظنون أن المسلمين قد ضعفوا بسبب مرضهم بعد صلح الحديبية.
ثانياً. شرح الحديث:
يمكن تقسيم كلام عمر رضي الله عنه إلى جزأين رئيسيين، كل جزء يعبر عن قاعدة عقدية وفقهية عظيمة:
الجزء الأول: قوله: (أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ...)
في هذا الجزء يصرح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بالحقيقة العقدية الجلية، وهي:
- أن الحجر الأسود جماد لا يملك من الأمر شيئاً، لا بذاته ولا باختياره. فهو لا يضر من لم يستلمه أو يقبله، ولا ينفع من فعله ذلك بذاته.
- هذا التصريح هو تأكيد على إخلاص التوحيد لله تعالى، وقطع أي وسيلة قد تختلج في النفوس الضعيفة من أن لهذا الحجر قدسية ذاتية أو تأثيراً مستقلاً. فهو يعظم لأنه شعار من شعائر الله، وليس لذاته.
- ثم يبين سبب استلامه وتقبيله، وهو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ). فهذا هو الدافع الوحيد: الاتباع المحض، وليس اعتقاداً خفياً في الحجر.
الجزء الثاني: قوله: (فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ...)
في هذا الجزء يتساءل عمر رضي الله عنه عن حكمة استمرار فعل الرمل (الإسراع في الطواف) بعد أن زال سببه.
- كان الأصل أن المسلمين فعلوا الرمل في عمرة القضية (عام 7 هـ) بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لإرهاب المشركين وإظهار القوة أمامهم، لأن المشركين كانوا قد قالوا: "سيأتيكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب"، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالرمل ليريهم المشركون قوتهم.
- بعد أن فتح الله مكة وأزال دولة الشرك، تساءل عمر رضي الله عنه: لماذا نستمر في هذا الفعل وقد زال سببه؟!
- ثم يجيب هو بنفسه ويضع القاعدة الذهبية: (شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ).
- أي أن الاستمرار في هذا الفعل لم يعد للسبب الأول (إرهاب المشركين) ولكن لسبب أعظم وأجل، وهو أنه سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وترك السنة لا يجوز لمجرد زوال سببها الأول.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- إخلاص التوحيد والبراءة من الشرك: الموقف يوضح الفرق بين تعظيم الشعائر تعظيماً شرعياً مبنيّاً على الاتباع، وبين تعظيمها تعظيماً جاهلياً مبنيّاً على الوهم والاعتقادات الفاسدة. فالعبد يعبد الله بالشعائر كما شرع، لا لأنها تضر أو تنفع بذاتها.
2- الحكمة من مشروعية بعض العبادات: بعض العبادات قد تشرع لسبب ظرفي خاص، ولكنها تستمر بعد زوال ذلك السبب لكونها أصبحت سنة مستقرة، وهذا من كمال الشريعة ومرونتها.
3- الاقتداء الكامل بالنبي صلى الله عليه وسلم: أصل العبادة هو الاتباع، وليس التعليل والمقاييس العقلية المجردة. فلو تركنا كل سنة زال سببها الأول لضاع جزء عظيم من الدين. القاعدة: كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، فهو مشروع يجب اتباعه، سواء علمت الحكمة أو لم تعلم.
4- فقه عمر رضي الله عنه وعمق استنباطه: فهو لم يترك الرمل مع قناعته بزوال سببه الظاهري، لأنه فهم أن الأصل في التشريع هو التعبد والاتباع، وليس مجرد التعليل بالأسباب الظرفية.
5- جواز التصريح بالحقائق العقدية: من الحكمة التصريح بالحقائق لقطع دابر الشرك والوساوس، كما فعل عمر رضي الله عنه وهو يخاطب الحجر أمام الجميع ليعلم الناس أن تعظيمنا له إنما هو لله وبأمر الله.
### رابعاً. معلومات إض
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 288 من أصل 689 حديثاً له شرح
- 263 لولا حداثان قومك بالكفر لرددت الكعبة على قواعد إبراهيم
- 264 إِنِّي لأَظُنُّ رَسُولَ اللهِ لَمْ يَتْرُك اسْتِلامَهُمَا إِلا أَنَّهُمَا لَيْسَا...
- 265 ما طاف رسول الله بشيء إلا وهو من البيت
- 266 الحجر من البيت؛ لأنّ رسول الله ﷺ طاف بالبيت من...
- 267 أخذ عمر بيدي وقال: إن لك في رسول الله أسوة...
- 268 يقول ما بين الركنين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي...
- 269 وَاللهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا
- 270 استلام الحجر وتقبيله والسجود عليه
- 271 استلام الحجر وتركه أصبت
- 272 أول شيء بدأ به النبي حين قدم أنه توضأ ثم...
- 273 رسول الله ﷺ إذا طاف في الحج أو العمرة أول...
- 274 اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ
- 275 طوف بالبيت قبل الموقف فقد فعله رسول الله ﷺ
- 276 نَعُوذُ بِاللهِ مِن النَّارِ
- 277 سؤال عائشة عن الجدر وسبب ارتفاع باب الكعبة
- 278 ينزل الله على هذا البيت كل يوم وليلة عشرين ومائة...
- 279 لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة
- 280 ابن الزبير يسأل الناس عن إعادة بناء الكعبة بعد احتراقها
- 281 قال رسول الله ﷺ: إني لو لا حداثة عهد قومي...
- 282 لولا حداثان قومك بالكفر لنقضت البيت
- 283 خَبُّ النَّبِيِّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشْيِهِ أَرْبَعَةً فِي الطَّوَافِ الأَوَّلِ
- 284 رمل رسول الله من الحجر إلى الحجر ثلاثًا ومشى أربعًا
- 285 رمل رسول الله ﷺ من الحجر الأسود ثلاثة أطواف
- 286 أمر النبي أصحابه أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم
- 287 الرمل في الطواف سنة والمشي أفضل
- 288 عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر...
- 289 الرملان اليوم والكشف عن المناكب
- 290 اضطبع النبي واستلم وكبر ثم رمل ثلاثة أطواف
- 291 طاف النبي ﷺ مضطبعًا ببرد
- 292 الرخصة في الطواف راكبة للمرأة المريضة
- 293 يستلم الركن بمحجن في حجة الوداع
- 294 طاف رسول الله ﷺ بالبيت على راحلته يستلم الحجر بمحجنه.
- 295 يستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن
- 296 طاف النبي على بعيره في حجّة الوداع يستلم الركن
- 297 يستلم الركن بمحجن في يده
- 298 يستلم الحجر بمحجنه
- 299 الناس رجلان: بر تقي كريم على ربه وفاجر شقي هين...
- 300 النبي ﷺ يقطع سير الإنسان المربوط ويقول: قده بيده
- 301 الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه
- 302 طواف نساء النبي مع الرجال بعد الحجاب
- 303 طوفي من وراء الناس وأنت راكبة
- 304 افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ
- 305 لِتَخْرُج الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُس
- 306 حاضت عائشة فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت
- 307 إقبال النبي على عائشة وهي تبكي في الحج
- 308 الاستجمار تو ورمي الجمار تو والسعي بين الصفا والمروة تو
- 309 رسول الله ﷺ إذا طاف في الحج والعمرة أول ما...
- 310 قَدِمَ النَّبِيُّ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَ
- 311 جعل المقام بينه وبين البيت
- 312 يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت...
معلومات عن حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
📜 حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








