حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استحباب الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف العمرة، وفي الطّواف الأول في الحجّ

عن أسلم مولي عمر، أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لِلرُّكْنِ: أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُم الله. ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.

صحيح: رواه البخاريّ في الحج (١٦٠٥) عن سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، به، فذكره.

عن أسلم مولي عمر، أنّ عمر بن الخطاب ﵁ قال لِلرُّكْنِ: أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ، فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَهْلَكَهُم الله. ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا الشرح نافعاً مفيداً.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو يحكي موقفاً تربوياً عظيماً من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يظهر فيه توحيده الخالص، واتباعه الدقيق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعمق فقهه.
وفيما يلي شرح الحديث بتفصيل وافٍ:

أولاً. شرح المفردات:


● الرُّكْنِ: المقصود هنا الحجر الأسود، وهو أشرف حجر في العالم، ويبدأ الطواف منه وينتهي إليه.
● اسْتَلَمَكَ: لمسك بيده وقبَّلك. والاستلام في الطواف: هو لمس الحجر الأسود باليد وتقبيله، فإن لم يتيسر ذلك فإنه يشير إليه بيده.
● الرَّمَلِ: هو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطو في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف. وهو خاص بطواف القدوم (طواف العمرة أو طواف القادم).
● رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ: أي أريناهم بالقوة والبأس بهذا الفعل (الرمل) حين كانوا يظنون أن المسلمين قد ضعفوا بسبب مرضهم بعد صلح الحديبية.


ثانياً. شرح الحديث:


يمكن تقسيم كلام عمر رضي الله عنه إلى جزأين رئيسيين، كل جزء يعبر عن قاعدة عقدية وفقهية عظيمة:
الجزء الأول: قوله: (أَمَا وَالله إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ...)
في هذا الجزء يصرح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بالحقيقة العقدية الجلية، وهي:
- أن الحجر الأسود جماد لا يملك من الأمر شيئاً، لا بذاته ولا باختياره. فهو لا يضر من لم يستلمه أو يقبله، ولا ينفع من فعله ذلك بذاته.
- هذا التصريح هو تأكيد على إخلاص التوحيد لله تعالى، وقطع أي وسيلة قد تختلج في النفوس الضعيفة من أن لهذا الحجر قدسية ذاتية أو تأثيراً مستقلاً. فهو يعظم لأنه شعار من شعائر الله، وليس لذاته.
- ثم يبين سبب استلامه وتقبيله، وهو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ). فهذا هو الدافع الوحيد: الاتباع المحض، وليس اعتقاداً خفياً في الحجر.
الجزء الثاني: قوله: (فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ...)
في هذا الجزء يتساءل عمر رضي الله عنه عن حكمة استمرار فعل الرمل (الإسراع في الطواف) بعد أن زال سببه.
- كان الأصل أن المسلمين فعلوا الرمل في عمرة القضية (عام 7 هـ) بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لإرهاب المشركين وإظهار القوة أمامهم، لأن المشركين كانوا قد قالوا: "سيأتيكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب"، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالرمل ليريهم المشركون قوتهم.
- بعد أن فتح الله مكة وأزال دولة الشرك، تساءل عمر رضي الله عنه: لماذا نستمر في هذا الفعل وقد زال سببه؟!
- ثم يجيب هو بنفسه ويضع القاعدة الذهبية: (شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ).
- أي أن الاستمرار في هذا الفعل لم يعد للسبب الأول (إرهاب المشركين) ولكن لسبب أعظم وأجل، وهو أنه سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وترك السنة لا يجوز لمجرد زوال سببها الأول.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- إخلاص التوحيد والبراءة من الشرك: الموقف يوضح الفرق بين تعظيم الشعائر تعظيماً شرعياً مبنيّاً على الاتباع، وبين تعظيمها تعظيماً جاهلياً مبنيّاً على الوهم والاعتقادات الفاسدة. فالعبد يعبد الله بالشعائر كما شرع، لا لأنها تضر أو تنفع بذاتها.
2- الحكمة من مشروعية بعض العبادات: بعض العبادات قد تشرع لسبب ظرفي خاص، ولكنها تستمر بعد زوال ذلك السبب لكونها أصبحت سنة مستقرة، وهذا من كمال الشريعة ومرونتها.
3- الاقتداء الكامل بالنبي صلى الله عليه وسلم: أصل العبادة هو الاتباع، وليس التعليل والمقاييس العقلية المجردة. فلو تركنا كل سنة زال سببها الأول لضاع جزء عظيم من الدين. القاعدة: كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، فهو مشروع يجب اتباعه، سواء علمت الحكمة أو لم تعلم.
4- فقه عمر رضي الله عنه وعمق استنباطه: فهو لم يترك الرمل مع قناعته بزوال سببه الظاهري، لأنه فهم أن الأصل في التشريع هو التعبد والاتباع، وليس مجرد التعليل بالأسباب الظرفية.
5- جواز التصريح بالحقائق العقدية: من الحكمة التصريح بالحقائق لقطع دابر الشرك والوساوس، كما فعل عمر رضي الله عنه وهو يخاطب الحجر أمام الجميع ليعلم الناس أن تعظيمنا له إنما هو لله وبأمر الله.

### رابعاً. معلومات إض
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٠٥) عن سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، به، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 288 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

  • 📜 حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عمر بن الخطاب يقول للحجر الأسود: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب