حديث: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في فضل الحجر الأسود والمقام

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب».

حسن: رواه ابن خزيمة (٢٧٣١)، والحاكم (١/ ٤٥٦)، والبيهقي (٥/ ٧٥) كلّهم من حديث أيوب بن سويد، عن يونس، عن الزهريّ، عن مسافع بن شيبة الحجبي، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم يصف شيئين من أعظم معالم بيت الله الحرام، الذي جعله الله قبلة للمسلمين ومثابة للناس وأمناً. وها هو شرحه على النحو التالي:
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه، والنسائي في سننه، وغيرهم. وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.

### ثانياً. شرح المفردات
* الرَّكْنُ: والمقصود به هنا الركن الأسود (الحجر الأسود)، وهو الذي يبدأ الحاج أو المعتمر عنده الطواف، وهو من حجر الجنة.
* والمقام: هو مقام إبراهيم عليه السلام، وهو الحجر الذي وقف عليه سيدنا إبراهيم عند بناء الكعبة، وارتفع به حينما ارتفع الجدار، وبقيت قدماه الشريفتان مطبوعتين فيه.
* يَاقُوتَتَانِ: الياقوت حجر كريم شديد الصفاء واللمعان.
* طَمَسَ اللهُ نُورَهُمَا: الطمس يعني المحو والإزالة. أي أن الله سبحانه وتعالى أخفى وشاء أن يزيل النور العظيم الذي كان يصدر منهما.
* لأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ: أي أن النور الذي كان سينبعث منهما لو لم يُطمس لكان قوياً وشديداً لدرجة إضاءة جميع أنحاء الأرض.

### ثالثاً. شرح الحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حقيقتين عظيمتين:
1- أصل الحجر الأسود ومقام إبراهيم: هما في الأصل من حجارة الجنة، وقد خلقهما الله تعالى من الياقوت، وهو من أنفس وأشرف الأحجار الكريمة، التي تتميز بصفائها ونقائها وبريقها الأخاذ.
2- نورهما المُطموس: هذان الحجران كانا يشعان بنور عظيم هائل، هو من نور الجنة الذي لا يشبه نور الدنيا. ولكن الله سبحانه وتعالى قد طمس هذا النور وأخفاه، أي منعه من الظهور والإشراق كما هو في أصله.
3- عظمة النور المطموس: ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم عظمة هذا النور بقوله: «وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ». وهذا بيان لقدرة الله وعظمته، وفيه إشارة إلى أن نور الجنة أعظم مما يمكن لعقل البشر أن يتصوره. فلو ترك الله هذا النور على حاله لكان كافياً وحده لإضاءة العالم كله من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- شرف البيت الحرام ومكانته: في هذا الحديث إظهار لعظمة وشرف بيت الله الحرام وما فيه من الآيات، فحجارته من الجنة، مما يزيد المؤمن تعظيماً لهذا البيت وتقديساً له.
2- الإيمان بالغيب: الحديث يدعونا إلى تصديق كل ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب، حتى لو لم ندرك كنهها بحواسنا.
3- عظمة نعيم الجنة: فيه تذكير بعظمة نعيم الجنة وما فيها من ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فإذا كان حجر من أحجارها له هذا النور الهائل، فكيف بأنوارها وأنهارها وقصورها وثمارها؟
4- حكمة الله تعالى: في طمس الله لهذا النور حكمة عظيمة، منها:
* ألا يتحول اهتمام الناس من عبادة الله تعالى والتوجه إليه إلى التعلق ببريق هذه الأحجار والانبهار بها.
* اختباراً للإيمان؛ حيث يقبل المسلم على تقبيل الحجر الأسود أو الصلاة عند المقام وهو مؤمن بأنه حجر، لا لأنه يضيء أو له خاصية في ذاته، بل امتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة نبيه.
* أن تكون العبادة لله وحده، لا لشيء من مخلوقاته.
5- اتباع السنة: الحجر الأسود والمقام آيتان من آيات الله، ولم يأمرنا الله أو رسوله بعبادتهما، بل أمرنا باستلام الحجر وتقبيله اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة خلف مقام إبراهيم، ففيهما عبرة وذكرى، وليسا مقصودين لذاتهما.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا زيارة بيته الحرام، وأن يتقبل منا الطواف والدعاء عنده، وأن يجعله من أسباب مغفرته ورضوانه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن خزيمة (٢٧٣١)، والحاكم (١/ ٤٥٦)، والبيهقي (٥/ ٧٥) كلّهم من حديث أيوب بن سويد، عن يونس، عن الزهريّ، عن مسافع بن شيبة الحجبي، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث تفرّد أيوب بن سويد عن يونس، وأيوب ممن لم يحتجا به إلا أنه من أجلّة مشايخ الشّام».
وقال ابن خزيمة: «هذا الخبر لم يسنده أحدٌ أعلمه من حديث الزهريّ غير أيوب بن سويد إن كان حفظ عنه».
قال الأعظمي: ليس كما قال، بل أسنده ايضًا أحمد بن شبيب، عن أبيه، عن يونس، عن الزهري، وزاد فيه: «وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي». رواه البيهقيّ.
ووالد أحمد هو شبيب بن سعيد وهو لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه.
وهذا متابع قوي لأيوب بن سويد الذي غالب أهل العلم على تضعيفه إلّا قوله: «وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي» فإنّها زيادة منكرة، لم يتابع عليها.
وروي هذا الحديث من غير طريق الزهري من وجهين آخرين:
فرواه الترمذي (٨٧٨) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا يزيد بن زريع.
والإمام أحمد (٧٠٠) عن عفّان كلاهما -أعني يزيد وعفّان- عن رجاء أبي يحيى، عن مسافع ابن شيبة، قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول (فذكر الحديث).
وفي مسند الإمام أحمد: أنشد بالله ثلاثًا، ووضع إصبعه في أذنيه: لسمعتُ رسول الله ﷺ وهو يقول (فذكره).
وهذا شاهد لحديث الزهري كما قال الحاكم أي متابعًا له.
وصحّحه النووي في «المجموع» (٨/ ٣٦) وقال: «رواه البيهقيّ بإسناد صحيح على شرط مسلم».
قال الترمذيّ: «وقد رُوي عن عبد الله بن عمرو موقوفًا».
قال الأعظمي: كذا قال أيضًا أبو حاتم في «العلل» (٨٩٩)، ولكن من رواية الزهري وشعبة كلاهما عن مسافع بن شيبة. وقال: «وهو أشبه، ورجاء شيخ ليس بقوي».
قال الأعظمي: وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (٢٧٣٢) من طريق أبي يحيى، وقال: «لست أعرف أبا رجاء
هذا بعدالة ولا جرح، ولست أحتجّ بخبر مثله».
فلعلّه لم يقف على كلام أبي حاتم، وكلام ابن معين الذي قال فيه: «ضعيف».
وأما قول أبي حاتم: «رواه الزهريّ وشعبة كلاهما عن مسافع بن شيبة، عن عبد الله بن عمرو موقوف وهو أشبه».
فلعلّه يقصد ما رواه عبد الرزاق (٨٩٢١) عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: أخبرني مسافع الحجبي أنه سمع رجلًا يحدث عن عبد الله بن عمرو أنه قال (فذكر الحديث). وابن جريج مدلس وقد عنعن.
ورواه أيضًا عبد الرزاق (٨٩١٥) عن ابن جريج قال: حدثني عطاء، عن عبد الله بن عمرو وكعب الأحبار أنهما قالا: «لولا ما يمسح به ذو الأنجاس من الجاهلية، ما مسّه ذو عاهة إلّا شفي، وما في الجنة شيء في الأرض إلا هو». وهذا إسناد صحيح؛ لأنّ ابن جريج صرّح به.
وقد جاء مرفوعًا عند البيهقي (٥/ ٧٥) من طريق مسدد، ثنا حماد بن زيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو يرفعه مختصرًا، والله تعالى أعلم بالصّواب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 247 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة

  • 📜 حديث: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب