حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب بيع الأمة الزانية

عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: «إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يُثَرّب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يُثَرّب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر».

متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (٢١٥٢)، ومسلم في الحدود (١٧٠٣) كلاهما من طريق الليث، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.

عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: «إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يُثَرّب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يُثَرّب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث: عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: «إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يُثَرّب، ثم إن زنت فليجلدها ولا يُثَرّب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر».


1. شرح المفردات:


● الأمة: هنا指 المرأة المملوكة (الجارية).
● فتبين زناها: أي ثبت زناها بالبينة الشرعية (شهادة أربعة شهود عدول) أو بالإقرار.
● فليجلدها: أي يوقع عليها عقوبة الجلد، وهي نصف عقوبة الحرة (خمسون جلدة).
● ولا يُثَرّب: من التثريب، وهو العتاب والتوبيخ والتأنيب الشديد. أي لا يعنفها بكلام قاسٍ أو يعيرها بذنبها بعد إقامة الحد عليها.
● فليبعها: أي يبيعها سيدها ويتخلص منها.
● ولو بحبل من شعر: أي ولو بثمن قليل جدًا، كقيمة حبل مصنوع من الشعر، مما يدل على الاستعجال في التخلص منها لحماية المجتمع من فاحشتها، وعدم التربص لارتفاع ثمنها.


2. شرح الحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث الحكمة التشريعية في التعامل مع الجارية إذا ارتكبت جريمة الزنا، وذلك على النحو التالي:
● المرة الأولى والثانية: إذا ثبت زنا الأمة بشهادة أربعة عدول أو بإقرارها، يقام عليها حد الجلد وهو خمسون جلدة، عملاً بقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. ويؤكد النبي ﷺ على عنصر مهم وهو "ولا يُثَرّب"، أي بعد إقامة الحد ينتهي الأمر، فلا يجوز لسيدها أو لغيره أن يعيرها بذنبها أو يذكره لها لتأنيبها، فالحدود كفارات تطهر صاحبها، ولا يجوز إهانة الإنسان بعد أن طهره الله بالعقوبة الشرعية.
● المرة الثالثة: إذا تكرر منها الزنا بعد عقوبتين سابقتين، فهذا دليل على استمرارها في الفاحشة وعدم تأثرها بالعقوبة البدنية وحدها. هنا يأتي الحل العلاجي الآخر، وهو بيعها. فبيعها يحقق عدة مقاصد:
● حماية المجتمع: من خلال نقلها إلى بيئة أخرى قد تكون فيها أبعد عن معاودة هذا الفعل.
● معالجة السبب: فقد يكون سبب انحرافها هو البيئة أو أصدقاء السوء في مكانها، فتغيير البيئة قد يكون علاجًا ناجعًا.
● التخفيف عن السيد: حيث يعفيه من متابعتها ومعالجة أمرها المتكرر.
- والتأكيد على بيعها "ولو بحبل من شعر" يدل على أن المقصد ليس تحقيق ربح مادي، بل المقصد الأساسي هو التخلص من مفسدتها وحماية المجتمع، حتى لو كان الثمن симвويًا جدًا.


3. الدروس المستفادة منه:


1- رحمة الإسلام ومرونته: شرع الإسلام عقوبات رادعة للجرائم، لكنه في نفسه رحيم بالعباد. ففي هذا الحديث نرى تدرجًا في العلاج (عقوبة بدنية ثم حل اجتماعي) وليس القصاص الفوري القاسي.
2- التطهير لا الإهانة: النهي عن التثريب بعد إقامة الحد من أعظم الدروس، فالعقوبة الشرعية مقصود منها الزجر والتطهير، وليس الإذلال والانتقام. فالمسلم بعد أن يقام عليه الحد يعود نقياً كريماً لا يُعيّر بذنبه.
3- الحكمة من التشريع: التشريع الإسلامي всегда يهدف إلى تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم. فبيع الأمة المصرّة على المعصية يحقق مصلحة أكبر للفرد والمجتمع.
4- التدرج في العقوبات: إعطاء الفرصة للإنسان للتوبة والإقلاع عن الذنب، وعدم اليأس منه، فالعقوبة تكررت مرتين قبل الانتقال إلى حل آخر.
5- مراعاة الأحوال: فرق الشارع بين العقوبة على الحرة والأمة، مراعاةً للفروق في الوضع الاجتماعي والالتزامات، مما يدل على عدالة الإسلام.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
- هذا الحكم خاص بـ "الأمة" (الجارية) في نظام الرق الذي كان قائمًا وقت التشريع، وقد أغلق الإسلام باب الرق بطرق شتى، ولم يعد هذا الحكم عمليًا اليوم بعد انتهاء نظام الرق.
- يستفاد من عموم الحديث معنى تربويًا كبيرًا، وهو وجوب معالجة الأخطاء المتكررة بأساليب متدرجة وحكيمة، وعدم اليأس من إصلاح المخطئ، والبحث عن حلول عملية قد تكون بتغيير البيئة المحيطة به.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢١٥٢)، ومسلم في الحدود (١٧٠٣) كلاهما من طريق الليث، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وقوله: «فليبعها» أي مع بيان عيبها؛ لأن كتمان العيوب لا يجوز من عموم الأدلة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 53 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب

  • 📜 حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب