حديث: يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب توصية الإمام لولاته وعماله بالتيسير على رعيتهم
متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٨)، ومسلم في الجهاد (١٧٣٣) كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده (وهو أبو موسى الأشعري) فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل قواعد ذهبية في الدعوة والتعامل مع الناس. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.
الحديث: عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده أن النبي ﷺ بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن قال: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا».
(رواه البخاري ومسلم)
1. شرح المفردات:
* يَسِّرَا: من التيسير، وهو جعل الأمور سهلة ميسرة، وخفض مستوى الصعوبة فيها.
* تُعَسِّرَا: من التعسير، وهو عكس التيسير، وهو جعل الأمور صعبة وشاقة ومعقدة.
* بَشِّرَا: البشارة هي الإخبار بما يسرّ ويُفرح، وهنا تشمل بشارة الناس برحمة الله وثوابه وتوفيقه للطاعة.
* تُنَفِّرَا: من التنفير، وهو جعل الشيء مُبغَّضًا ومكروهًا، مما يدفع الناس إلى الهروب منه وعدم تقبله.
* تَطَاوَعَا: من الطواعية والتعاون، أي تعاونا واتفقا وتساعدا فيما بينكما.
* تَخْتَلِفَا: الاختلاف هنا بمعنى التعارض والتنازع وعدم الاتفاق، مما يؤدي إلى الفشل وضياع الهدف.
2. شرح الحديث:
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم اثنين من كبار أصحابه، هما معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما، إلى اليمن لتعليم الناس الإسلام وأحكامه، ولقضاء حوائجهم. وأوصاهما بهذه الوصية الجامعة التي هي منهج لكل داعية ومعلم وقائد.
* «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا»: هذه وصية في منهج التعليم والتطبيق. أمرهما أن يكونا قدوة في التيسير على الناس في تعليمهم وتفقيههم وفي قضاء مصالحهم. فلا يحيجا الناس بالتشديد والغلو في الدين، أو يطلبا منهم ما لا يطيقون، بل يرياهم السهولة واليسر التي جاء بها الإسلام. وهذا أصل عظيم من أصول الشريعة، كما قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
* «وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا»: هذه وصية في أسلوب الدعوة والترغيب. أمرهما أن يبدآ بالترغيب والبشارة قبل الترهيب والتحذير. أن يبشرا الناس بمغفرة الله ورضوانه وجنته، وبما أعده للمطيعين من الثواب العاجل والآجل. وأن يحذرا من أسلوب التنفير الذي يجعلا الناس ينصرفون عن الدين بسبب غلظة الجواب أو سوء المعاملة أو التخويف الدائم. فالقلوب تُجْنى بالبشارة واللين، لا بالتنفير والخشونة.
* «وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا»: هذه وصية في ضرورة الوحدة والتعاون. أمرهما أن يتعاونا ويتناصحا ويتكاملا في عملهما، ولا يختلفا أمام الناس فيحصل التناقض والاضطراب. اختلاف الدعاة أو الحكام أمام العامة يوهن الثقة في الدين ويشكك الناس ويفرق كلمتهم. فالاتفاق والوئام بين العاملين سبب عظيم لنجاح الدعوة وانتشار الخير.
3. الدروس المستفادة منه:
1- التيسير ورفع الحرج: من أهم قواعد الإسلام، ويجب على كل داعية ومعلم أن يتحلى بهذه الخصلة، فينظر إلى حال الناس وقدراتهم ولا يكلفهم بما يشق عليهم.
2- الترغيب قبل الترهيب: القلب البشري مجبول على حب ما يسره، فإذا بدأ الداعية بالبشارات والوعود الحسنة، انشرحت الصدور لقبول النصح والتوجيه.
3- الحكمة واللين في الأسلوب: اختيار الأسلوب المناسب هو نصف نجاح الدعوة. فالكلمة الطيبة والوجه البشّ يجذبان الناس أكثر من العبوس والجفاء.
4- وحدة الصف وضرورة التعاون: نجاح أي عمل جماعي مرهون بتعاون أفراده واتفاقهم. الاختلاف والتنازع يؤديان إلى ضياع الجهد وذهاب البركة.
5- القدوة العملية: النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجه هذه الوصية فقط، بل كان قدوة في تطبيقها، فكان أيسر الناس وأبشرهم، وكان يعين أصحابه ولا يختلف معهم.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الحديث من "جوامع الكلم" التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في كلمات قليلة معاني كثيرة وعظيمة.
* الوصية في الحديث موجهة لولاة الأمور والقضاة والمعلمين والدعاة وكل من له ولاية على غيره.
* التيسير المأمور به ليس معنى التهاون في الدين أو التفريط في أحكامه، بل هو التيسير في الأسلوب ورفع الحرج المشروع دون المساس بثوابت الشريعة.
* كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار للبعوث والولايات أصحاب العلم والحكمة والخلق الرفيع، مثل معاذ وأبي موسى، مما يدل على أهمية اختيار الأصلح للولايات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 7 من أصل 132 حديثاً له شرح
- 1 على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين
- 2 رجل قلبه متعلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه
- 3 الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به
- 4 ما للخليفة من بعدك؟
- 5 من ولي أمر أمتي فرفق بهم فارفق به
- 6 بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا
- 7 يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
- 8 يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا
- 9 كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
- 10 من استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة لم يجد رائحة...
- 11 إياك أن تكون من شر الرعاء الحطمة
- 12 أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق
- 13 من ولاه الله شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم
- 14 أنا قاسم أضع حيث أُمرت
- 15 نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح
- 16 لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها
- 17 لا نستعمل على عملنا من أراده
- 18 لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه
- 19 نعم المرضعة وبئست الفاطمة
- 20 يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة
- 21 أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة
- 22 يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا
- 23 لا أعمل على رجلين بعدها أبدًا
- 24 إن أمر بتقوى الله وعدل، كان له بذلك أجر
- 25 خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم
- 26 من أكرم سلطان الله أكرمه الله يوم القيامة
- 27 بعث النبي عبد الله بن حذافة في سرية
- 28 بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في اليسر والعسر
- 29 فيما استطعتم
- 30 السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره
- 31 من أطاعني فقد أطاع الله
- 32 اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي
- 33 بايعنا رسول الله على السمع والطاعة فيما استطعتم
- 34 عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فأسمعوا له وأطيعوا
- 35 أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدع الأطراف
- 36 السمع والطاعة، والجهاد، والهجرة، والجماعة
- 37 لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف
- 38 لا طاعة لأحد في معصية الله
- 39 النصح لكل مسلم
- 40 اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم
- 41 السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له
- 42 من أمر بمعصية الله فلا تطيعوه
- 43 طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية الله
- 44 لا طاعة لمن عصى الله
- 45 أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم
- 46 لا تنازعوا الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم...
- 47 من فارق الجماعة شبرًا فمات مات ميتة جاهلية
- 48 استعملت فلانا ولم تستعملني
- 49 عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك
- 50 اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم
معلومات عن حديث: يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
📜 حديث: يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








