حديث: أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مسئولية الراعي عن رعيته

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: «صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي، أو لن أشفع لهما: أمير ظلوم غشوم عسوف، وكل غال مارق».

حسن: رواه مسدد (٢١٥٧ - المطالب) عن جعفر بن سليمان، عن المعلى، عن أبي غالب، عن أبي أمامة .

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: «صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي، أو لن أشفع لهما: أمير ظلوم غشوم عسوف، وكل غال مارق».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر فيه من صنفين من الناس لا تنالهم شفاعته يوم القيامة، وهما: الأمير الظالم الغشوم العسوف، وكل غال مارق. وسأشرح هذا الحديث شرحاً وافياً بحسب الكتب المعتمدة لدى أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه:


عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي، أو لن أشفع لهما: أمير ظلوم غشوم عسوف، وكل غال مارق».

شرح المفردات:


● أمير: الحاكم أو المسؤول الذي له ولاية على الناس.
● ظلوم: كثير الظلم، أي مجاوز الحد في البغي والتعدي.
● غشوم: شديد الغشم، أي قاسي القلب، متجاوز في الظلم، لا يرحم من تحت يده.
● عسوف: شديد في العقوبة والتعسف، يستخدم سلطته في القهر والبطش دون حق.
● غال: من الغلو، وهو مجاوزة الحد في الدين أو الخروج عن الاعتدال.
● مارق: الخارج من الدين، النافر منه، كالخارجين على الأمة أو المبتدعة الذين يخرجون عن جماعة المسلمين.

شرح الحديث:


هذا الحديث يحذر من صنفين خطيرين في الأمة، هما:
1- الأمير الظلوم الغشوم العسوف:
- هذا هو الحاكم أو المسؤول الذي يسيء استخدام سلطته، فيظلم رعيته، ويقسو عليهم، ويتجاوز حدود الله في الحكم.
- مثل: من يفرض الضرائب الجائرة، أو يعذب الناس بغير حق، أو يحكم بالجور، أو يمنع الحقوق، أو يستخدم القوة في قمع الناس دون مبرر شرعي.
- هذا الصنف لا تناله شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لأنه ارتكب ظلماً عظيماً، والظلم من الكبائر التي توعد الله عليها بالعذاب.
2- الغال المارق:
- الغالي: هو الذي يتجاوز الحد في الدين، إما بالتشدد الزائد أو بالابتداع في الدين بما لم يأذن به الله.
- المارق: هو الخارج من الدين، النافر منه، كالخوارج الذين يكفرون المسلمين بالمعاصي، أو الذين يخرجون على جماعة المسلمين ويشققون عصا الطاعة.
- هذا الصنف أيضاً محروم من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه خرج عن الاعتدال في الدين، وشق صف الأمة، وسفك دماء المسلمين بغير حق.

الدروس المستفادة من الحديث:


1- تحذير شديد من الظلم: خاصة من أصحاب السلطة، لأن ظلمهم يتعدى إلى الكثير من الناس، والله لا يرضى بالظلم، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
2- العدل في الحكم: على الحكام والمسؤولين أن يلتزموا بالعدل والرحمة، وأن يتقوا الله في رعاياهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».
3- التحذير من الغلو في الدين: الدين يسر، والغلو فيه leads إلى الهلاك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين».
4- الالتزام بجماعة المسلمين: الخروج على الأمة وافتراقها من صفات المارقين، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة وطاعة ولي الأمر في المعروف.
5- شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم: هي خاصة لأهل التوحيد الذين ماتوا على الإسلام، لكن هذان الصنفان محرومان منها بسبب جرائمهم العظيمة.

معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الطبراني في المعجم الكبير، وحسنه بعض العلماء، وهو يدل على عظم خطر هذين الصنفين.
- الشفاعة المقصودة هنا هي الشفاعة الخاصة التي يختص بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، كالشفاعة في بدء الحساب أو في دخول الجنة.
- ليس معنى الحرمان من الشفاعة أنهم كفار، بل قد يكونون من عصاة المسلمين، لكنهم بسبب جرائمهم حُرموا هذه الفضيلة العظيمة.
- على المسلم أن يحذر من أن يكون من هذين الصنفين، وأن يتقي الله في نفسه وفي غيره.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل العدل والاعتدال، وأن يعيذنا من الظلم والغلو، وأن ينالنا شفاعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسدد (٢١٥٧ - المطالب) عن جعفر بن سليمان، عن المعلى، عن أبي غالب، عن أبي أمامة .. فذكره. ورواه الطبراني (٨/ ٣٣٧) من طريق مسدد به نحوه.
وإسناده حسن من أجل جعفر بن سليمان، وأبي غالب فإن كلا منهما حسن الحديث.
وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٣٥): «رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الكبير ثقات».
وأما ما روي عن أنس، عن النبي ﷺ قال: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل على أهل بيته». فالصواب أنه مرسل.
رواه النسائي في الكبرى (٩١٢٩)، وابن حبان (١٠٤٩٢) كلاهما من حديث إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثنا أبي، عن قتادة، عن أنس، عن النبي ﷺ .. فذكره.
إلا أن النسائي رجح كونه مرسلا روي عن معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن الحسن. مثله.
وكذا حكى الترمذي في سننه (١٧٠٥) عن البخاري أنه بعد أن ساق الرواية الموصولة قال: هذا غير محفوظ، إنما الصحيح عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي ﷺ مرسلا وهو الذي رجّحه أيضا الترمذي والدارقطني في علله (١٢/ ١٤٦).
وكذلك ما روي عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته». فالصواب أنه مرسل.
رواه الترمذي (١٧٠٥) عن البخاري - وهو عنده في التاريخ الكبير (٢/ ١٤٠). عن إبراهيم بن بشار الرمادي، عن سفيان بن عيينة، عن بُريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي ﷺ.
ورواه أبو عوانة (٧٠٣٧) من وجوه أخرى عن إبراهيم بن بشار به.
وقال البخاري: «وهو وهم كان ابن عيينة يرويه مرسلا».
وقال الترمذي: «وحديث أبي موسى غير محفوظ».
وقال ابن عدي: «وإبراهيم بن بشار هذا لا أعلم أنكر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه عن ابن عيينة وأبي معاوية وغيرهما من الثقات، وهو مستقيم في غير ذلك، وهو عندنا من أهل الصدق». الكامل (١/ ٢٦٥).
وبمعناه ما روي عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبدًا رعية قلت أو كثرت إلا سأله الله تبارك وتعالى عنها يوم القيامة، أقام فيهم أمر الله تبارك وتعالى أم أضاعه؟ حتى يسأله عن أهل بيته خاصة».
رواه أحمد (٤٦٣٧)، وابن خزيمة في السياسة كما في إتحاف المهرة (٨/ ٢٩٦) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن ابن عمر .. فذكره. قال ابن خزيمة: لم يسمع الحسن هذا الخبر من ابن عمر.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا يونس، عن الحسن قال: نُبّئت أن ابن عمر قال .. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 12 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق

  • 📜 حديث: أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمير ظلوم غشوم عسوف وكل غال مارق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب