حديث: استعملت فلانا ولم تستعملني

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جور الإمام واستئثاره لا يمنع من السمع والطاعة

عن أسيد بن حضير أن رجلا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله استعملت فلانا ولم تستعملني؟ قال: «إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني».

متفق عليه: رواه البخاري في الفتن (٧٠٥٧)، ومسلم في الإمارة (١٨٤٥: ٤٨) كلاهما من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن أسيد بن حضير .

عن أسيد بن حضير أن رجلا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله استعملت فلانا ولم تستعملني؟ قال: «إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الشريف:
عن أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي؟ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ».
(متفق عليه: أخرجه البخاري ومسلم)


1. شرح المفردات:


● استعملت فلانًا: أي جعلته عاملاً أو واليًا على شيء من أمور المسلمين، كإمارة منطقة أو جباية زكاة أو قضاء.
● أثرة: هي مصدر من آثَرَ يُؤْثِر، أي يُفَضِّل. والمقصود هنا: الأثرة المشؤومة، وهي أن يُؤْثَر بعض الناس على غيرهم في المناصب والولايات لا عن كفاءة أو استحقاق، بل بمحاباة أو محسوبية أو هوى، فيُعطى من لا يستحق ويُحرم من هو أجدر.
● على الحوض: أي حوض النبي ﷺ في يوم القيامة، وهو حوض عظيم ترد عليه أمته، ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل.


2. شرح الحديث:


يخبر الصحابي الجليل أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلاً من المسلمين جاء إلى النبي ﷺ شاكيًا متسائلاً، مستنكرًا أن النبي قد ولَّى شخصًا آخر (فلانًا) على عمل من الأعمال ولم يوله إياه، معتقدًا أنه أحق أو لا يقل كفاءة عنه.
فلم يوبخ النبي ﷺ الرجل على سؤاله، بل أجابه بإجابة حكيمة تذهب من نفسه الغيظ، وتعدّه لما هو آت. فأخبره ﷺ بأن الأمر سيتغير بعد وفاته، وأنه سينشأ ظلم جديد، وهو "الأثرة" في الولايات والمناصب، حيث سيُعطى المنصب لغير أهله بسبب القرابة أو الصداقة أو الهوى، لا بسبب الكفاءة والتقوى.
ثم وجهه ﷺ إلى العلاج الناجع لهذه الفتنة، وهو الصبر. الصبر على هذا الظلم، وعدم الخروج على الأئمة، أو إثارة الفتنة، أو تولية النفس، بل الصبر واحتساب الأجر عند الله، والانتظار حتى اللقاء على الحوض، حيث يُجْزَى المحرومون والمظلومون أعظم الجزاء، وتُوفَّى كل نفس حقها.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- بشريّة الشعور بالحرمان: الحديث يقرر أن الشعور بالغبن أو الحرمان عند تفضيل غيره في منصب هو شعور طبيعي، والسؤال عنه جائز إذا كان ب أدب.
2- النظر إلى المآل: النبي ﷺ لم ينظر فقط إلى حادثة السائل، بل نظر إلى المستقبل وعدَّ الأمة لفترة ستكثر فيها هذه الظواهر، مما يدل على حكمته البالغة وشفقته على أمته.
3- تحذير من فتنة المناصب: الحديث تحذير صريح من فتنة "المحسوبية" و "الوساطة" في تولية المناصب، وهي من أخطر الأمراض على الأمة، لأنها تهدر الكفاءات وتضع الأمور في غير أهلها.
4- العلاج بالصبر: يقدم النبي ﷺ العلاج النبوي لأهل الإيمان عند وقوع مثل هذا الظلم، وهو الصبر وعدم الاندفاع وراء ردود الأفعال التي تسبب الفرقة والفتنة. والصبر هنا ليس سلبية، بل هو قوة، وهو كفُّ النفس عن المعصية (كالخروج أو السب) وحبس اللسان عن الشكوى لغير الله، وحبس الجوارح عن الفعل المحرم، مع الرضا بقضاء الله وقدره.
5- الترغيب في الآخرة: التذكير باللقاء على الحوض هو أكبر مواساة للمؤمن، فمهما فاته من مناصب الدنيا الزائلة، فلقاء النبي ﷺ والورود على حوضه هو الفوز العظيم الذي لا يُقاس به شيء.
6- العدل في التوليَة: يستفاد من الحديث反面ًا وجوب عدول ولي الأمر في اختيار من يوليهم، فيعطي المنصب للأكفأ والأصلح، لا للأقرب أو الأنسب هوى.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من أعلام نبوة النبي ﷺ، حيث أخبر عن أمر غيبي وقع بعده كما قال.
- الحديث يدخل في السياسة الشرعية وموضوع "نصب الولاة" واختيارهم.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على وجوب الصبر على جور الأئمة وعدم الخروج عليهم ما داموا يقيمون الصلاة، لأن الخروج يسبب فتنة وضرره أكبر من ضرر الأثرة. والعلاج يكون بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطرق السلمية المشروعة.
- الصبر المأمور به ليس على الأثرة في المناصب فقط، بل يعم كل أنواع الأثرة والتفضيل الجائر في الأمور الدنيوية.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على الصبر عند البلاء، والشكر عند النعماء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الفتن (٧٠٥٧)، ومسلم في الإمارة (١٨٤٥: ٤٨) كلاهما من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن أسيد بن حضير .. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استعملت فلانا ولم تستعملني

  • 📜 حديث: استعملت فلانا ولم تستعملني

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استعملت فلانا ولم تستعملني

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استعملت فلانا ولم تستعملني

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استعملت فلانا ولم تستعملني

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب